أصبح مألوفاً، قول إن القرن الـ21 سيكون القرن الآسيوي، خصوصاً أن كل العوامل اللازمة لتحقيق ذلك متوفرة بالفعل.
ومن شأن معدل النمو المتوقع للصين ودول الجوار، خلق الظروف المناسبة للحاق بالناتج المحلى الإجمالى للغرب، ويمكن أن نتوقع أيضاً تسجيل ارتفاع مماثل فى دخل الفرد خلال الثلاثين عاماً المقبلة.
ويعتبر هذا الأمر حقيقة بالفعل بالنسبة لليابان، القوة الاقتصادية العظمى، وسيتحول لحقيقة فى الصين قريباً، ثم سيتحقق بعد ذلك فى الهند وإندونيسيا والفلبين وفيتنام وماليزيا.
لكن القضية التى تفوق جميع القضايا الأخرى، هى القوة العسكرية الصينية المتصاعدة.
فكما هو الحال مع الهند وباكستان، فإنَّ قدرات الصين الدفاعية فى مجالات مثل الذكاء الاصطناعى والتكنولوجيا الحيوية وتقنية النانو والفضاء، لا بد أن تؤخذ بشكل أكثر جدية.
وبعد النجاح العالمى للسيارات والسلع المنزلية اليابانية والكورية الجنوبية، بدأت العلامات التجارية الصينية تؤخذ أيضاً على محمل الجد وستشق طريقها قريباً إلى الأسواق الغربية، كما أن عملة الصين يمكن أن تصبح عملة احتياطية تضاهى الدولار واليورو والين.
وذكرت مجلة «نيكاى آسيان ريفيو» اليابانية، أن القوة الناعمة التى تتمتع بها هذه الدول، فضلاً عن كوريا الجنوبية المبدعة بشكل لا يصدق والمؤثرة عالمياً، لها تأثير كبير على خيال الأجيال الشابة فى العالم.
ويظهر كبرياء وغرور المفكرين الآسيويين بشكل أكثر من السياسيين هناك، فهم يقولون «هيمنة الغرب انتهت».
ومن المؤكد أن القرنين الزمنين، عندما سحقت أوروبا ثم الولايات المتحدة فيهما آسيا تحت وطأة الاستغلال الساخر والوحشى، تم وضع حد لهما حتى لا يتكرر هذا الوضع.
ويقول المفكرون الآسيويون، إن التوازن القديم للعالم تمت استعادته، فقد كانت الصين أعظم قوة فى العالم، فى حين كانت المجتمعات الآسيوية الأخرى أكثر تحضراً بشكل أكبر من البرابرة فى أوروبا وأماكن أخرى.
وكثيراً ما يقول هؤلاء المفكرون: «كن مطمئناً، هيمنتنا لن تكون استعمارية، كما كانت هيمنتك، بل إنها ستكون هيمنة مادية تتيح لنا الوصول إلى أكثر المواد التى نفتقر إليها، وهى الإنتاج الزراعى، حتى لو كان ذلك يعنى شراء أراضٍ فى بلدك وأفريقيا وأمريكا اللاتينية وحتى فى الولايات المتحدة».
وعلاوة على ذلك، يدرك كثيرون فى جميع أنحاء آسيا نقاط ضعفهم، وهى التركيبة السكانية، التى تجعلهم يتقدمون فى العمر قبل أن يصبحوا أغنياء، وانحطاط قدر المرأة مما يحرمها من كثير من الإمكانات اللازمة لتحقيق الإبداع والثروة، فضلاً عن الانقسامات العديدة.
والأسوأ من ذلك، أن الاضطرابات السياسية التى سيعقبها حتماً ارتفاع مستويات المعيشة، ستكشف غياب الديمقراطية.
وأخيراً، تدرك الفئات الأخرى أنه من حسن حظ آسيا تجنب مخاطر نموذج التنمية فى الغرب والتقدم فوراً نحو التطور الإيجابى، كما أنهم يشيرون إلى أن آسيا ستنهض بمختلف قطاعات اقتصاد الحياة وستصبح قوة مهيمنة فى تلك القطاعات قبل أن يتمكن الغرب من إعادة ضبط نموذجه الاقتصادى القديم.
وفى هذه الحالة، تظهر اليابان التى ستلعب دوراً رئيسياً هنا، باعتبارها أول دولة آسيوية تقوم بإضفاء الطابع العصرى على نفسها.
ولا يزال هناك كثير من الأمور يتعين القيام بها لإقناع آسيا بأخذ أوروبا على محمل الجد كشريك، وليس كعدو أو فريسة.
فاليابان، بشكل خاص، لديها الكثير لتتعلمه من الثقافة الأوروبية، والعكس صحيح.