يستطيع المستهلك الآن، الاختيار من بين الكثير من المنتجات التى تقدم له فرصة القيام بما هو أنسب لكوكب الأرض دون أن يخسر، سواء كان ذلك بدائل اللحوم أو السيارات الكهربائية أو الأزياء المستدامة.
فقد بحثت الشركات عن طرق لجعل هذه المهمة سهلة وممتعة، رغم أن سعرها غالبا ما يكون أعلى.
ويفعل التمويل الأخضر الشيء نفسه للمدخرين والمستثمرين، وهو تقديم عائد مع المساعدة فى التحول إلى عالم خال من الوقود الأحفورى.
ومثل المستهلكين المهتمين بالبيئة، يحتاج المستثمر إلى التحقق مما إذا كانت المنتجات التى يشتريها تلبى معاييره الأخلاقية بدلا من أن تكون مجرد مغلفة بشكل جذاب، خصوصا فى الوقت الذى تكثر فيه اتهامات «الغسل الأخضر».
وتثير أحدث صفقة أول سند مستدام دون الدرجة الاستثمارية فى أوروبا الدهشة، والذى أصدرته شركة المرافق اليونانية الكبرى، شركة الكهرباء العامة، التى تستثمر أيضا فى الوقود الأحفورى بجانب تشغيل مصادر الطاقة المتجددة مثل توربينات الرياح.
وقد يصاب أولئك الذين يريدون التأكد من أن صناديق معاشاتهم التقاعدية منخفضة الكربون تماما بخيبة أمل، ومع ذلك، لا ينبغى رفض سندات الشركة اليونانية دون تمحيص.
وفى النهاية، لن يتم تصنيف الدين على أنه «سند أخضر» إلا إذا كانت العائدات تخصص بشكل عام للأغراض الخضراء، ولكن تواجه مثل هذه الأدوات مشكلة أن المال يمكن استخدامه بالتبادل، أى أن انخفاض تكلفة تمويل الأنشطة الخضراء يعنى أن الشركة قد تجد أنه من الأسهل تمويل أنشطتها البنية، إذا قامت بالأمرين معا، وهو ما فعلته العديد من الحكومات والبنوك التى باعت السندات الخضراء.
وقد يجذب ذلك المستثمرين الذين يرغبون فى التأكد من أنهم لا يربحون بشكل مباشر من الوقود الأحفورى بأنفسهم، لكنه يعنى أن السندات الخضراء قد تلعب دورا أقل فى خفض الانبعاثات العالمية.
وبدلا من ذلك، باعتباره «سند استدامة»، يتعين على شركة المرافق اليونانية دفع سعر فائدة أعلى لحاملى السندات إذا فشلت فى تحقيق أهداف الانبعاثات.
ويقدم هذا النوع من حوافز الشركات انعكاسا للفكرة القائلة بأن التمويل الأخضر يدور حول شعور الشركات بالرضا أكثر من قيامهم بعمل جيد، ولكن لدى الشركة سبب يتجاوز الضرر بسمعتها يدفعها للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحرارى، وهو ما يعنى أن المستثمرين «يفوزون» فى كلتا الحالتين – سواء كسب المزيد من الفائدة أو المساعدة فى خفض الانبعاثات.
وتشيع مشكلة ضمان قيام الشركات بما يريده مستثمروها: فقد كان المساهمون قلقون دائمًا من أن الإدارة لها مصالح مختلفة، ويحاولون إلزام الشركة بأهدافهم الخاصة من خلال حزم التعويضات، وكان حملة السندات يستعينون بالمدققين ووكالات التصنيف لمراقبة المدينين والتأكد من أنهم يلتزمون بجانبهم من الصفقة من خلال التعهدات، ويمكن أن تساعد التصنيفات – تصنيف الاستثمارات على أنها خضراء أو بنية أو زيتونية بناء على مدى صداقتها للبيئة – والتغييرات فى متطلبات إفصاح الشركات، ولكن المستثمرين بحاجة إلى مزيد من الأدوات.
وكما هو الحال دائما تكشف التفاصيل الأسرار.
فالأهداف التى وضعتها شركة المرافق اليونانية لنفسها لا تختلف كثيرا عن خطط الاستدامة الحالية، وبالتالى فإن التأثير الهامشى لذلك «الاستثمار المؤثر» قد لا يكون كبيرا، واشتكى محللون آخرون من أن الغرامة التى تواجهها مقابل تفويت هذه الأهداف – 50 نقطة أساس ارتفاعا فى العائدات – هزيلة للغاية.
وساعدت الابتكارات الرأسمالية التى لا هوادة فيها عندما يتعلق الأمر بالسيارات الكهربائية أو الطعام النباتى، المستهلكين على التمتع بنفس جودة السلع أو بمستوى قريب منها وفى الوقت نفسه خفض البصمة الكربونية.
وقام المسوقون باستخدام حماية البيئة لإعادة تسمية العديد من المنتجات المحايدة فى أحسن الأحوال، وتسويقها للعالم على أنها مخفضة للانبعاثات، ويتشكل التمويل الصديق للبيئة.
فى سياق مماثل: سيجد المستثمرون أن غلاف المنتج الجديد لا يمكن أن يحل محل العمل الشاق المتمثل فى التدقيق فيما يتم تقديمه.
ورغم الوعود، فإن صداقة البيئة ليست سهلة أبدا.
بقلم: افتتاحية فاينانشيال تايمز