لم يكن أكثر المتفائلين فى السوق يتوقع عودة نشاط القطاع العقارى بهذه القوة فى 2021 بعد فترة أربكت الحسابات بسبب “كورونا” وأثرت على الشركات بانخفاض المبيعات نتيجة الإجراءات الاحترازية والتباعد الاجتماعى.
ولعل المتابعون لمجريات الأحداث التى يشهدها السوق العقاري فى المناطق التى تشهد عمليات تنمية، يرجحون بل يؤكدون أن يعاود القطاع الانتعاش سريعا مقارنة بباقى الدول المحيطة التى مازالت تعاني من تبعات كورونا وتوقف الأنشطة الاقتصادية فيها وفى مقدمتها القطاع العقارى.
وهنا يكمن الفارق فى السوق العقارى المصرى الذي خالف التوقعات نظرا لحالة الاستقرار التى يتمتع بها وجاذبيته لرؤوس الأموال المحلية والأجنبية عبر عوامل مؤثرة أهمها ثقافة الاستثمار فى العقار والزيادة السكانية وتحفيز الدولة للقطاع الذى يعد قاطرة اقتصادية لأنشطة متعددة.
على مدار العام الماضى حاولت الشركات امتصاص الصدمات التى تواجهها ومنها تحرك أسعار مواد البناء وتراجع القوى الشرائية وزيادة المعروض من العقارات بمختلف أنواعها إلا أن ثمة عوامل لا يمكن تجاهلها أو التغاضي عنها وهى اللجوء للعقار بصفة مستمرة باعتباره مخزنا للقيمة وسلعة ضرورية سواء للسكن أو الاستثمار.
ورغم دراسات مراكز الأبحاث المتخصصة في تحليل القطاع العقاري عن وجود مخزون عقارى ضخم في السوق المحلى نتيجة لحجم المشروعات التي يتم تدشينها من جانب الحكومة أو شركات التطوير العقارى إلا أن عمليات البيع بهذه المشروعات ما زالت تسجل أرقاما جيدة ومبشرة وتبرهن عن طلب دائم على العقار وفي مقدمتها مشروعات الدولة التي نجحت في جذب شرائح جديدة من العملاء وأحدثت انتعاشا فى باقي السوق.
ومع عودة المعارض العقارية يظهر نشاط السوق مجددا حيث يشهد القطاع ترقبا لنجاح تجربة جديدة فى صناعة المعارض العقارية المصرية الكبرى، ألا وهى”ذا ريل جيت” الذى جذب عددا كبيرا من المطورين للمشاركة ويعكس ثقة العاملين بالقطاع شركات تطوير عقارى وشركات تسويق وعملاء بنجاح هذه التجربة.
وهنا يجب التركيز على عدد من النقاط الهامة ومنها أن الدولة محل ثقة للجميع ومشاركتها فى هذا الحدث العقارى تعطى انطباعا إيجابيا ومؤشرا مهما على أهمية هذا القطاع الحيوى الذى ترتبط به أكثر من 100صناعة مختلفة والنقطة الثانية هي إصرار كبار المطورين على المشاركة ما يعكس حرصهم على استمرار ونشاط السوق وبالتالي تشجيع تدفق رؤوس أموال جديدة ممثلة فى دخول مطورين جدد وتشجيعهم علي الاستثمار في القطاع العقاري سواء المدن الجديدة التي تدشنها الدولة أو المناطق السياحية والساحلية والتي مهدت الدولة دخول المستثمرين فيها من خلال تجهيز بنية تحتية قوية ووضع آليات وضوابط تحفظ استثماراتهم وتأتي التسهيلات والامتيازات التي تمنحها الدولة للمستثمرين واتباع استراتيجية التحفيز لجذب مستثمرين جدد وخاصة من منطقة الخليج العربي لضخ استثمارات في هذا السوق الواعد بعد توقفها هناك وتعرضها لحالة ركود من المتوقع أن تستمر وقتا ليس قليلا.
وتستحق صناعة المعارض الوطنية التوقف عندها ورغم أن التجربة تأخرت خلال السنوات الماضية لكن من الجيد أنها بدأت ليكون لمصر معرض عقاري على مستوى عالمى يضمن المنافسة والنجاح فى التواجد محليا وعربيا خلال الفترة المقبلة ويكون الممثل الرسمي للدولة في المحافل المختلفة وهذا لايمنع وجود معارض أخري تساهم في تنشيط مبيعات المطورين سواء داخل أو خارج مصر فالسوق العقاري يستوعب المزيد من هذه الصناعة الهامة.
وبنظرة أخيرة على حركة التطور التي يشهدها القطاع العقاري وحجم المشروعات العقارية فى المدن الجديدة ومنها العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة وباقي المدن وحجم المعروض فى هذه المناطق يتضح أن السوق في حاجة دائمة للتوسع والنمو بالتوازي مع الزيادة السكانية وحجم الطلب المتنامي للعقار.
يمكن القول أن السوق العقاري في 2021 بدأ التعافى رسميا ومن المتوقع أن يواصل النمو ليصل لمعدلاته الطبيعية وأن يستمر الرواج خلال العام الجاري وتعويض فترات الركود النسبى التي شهدتها الفترة الماضية.