المستثمرون يدركون أن المحفزات الأمريكية ووتيرة توزيع اللقاحات تتقدمان على أوروبا في الوقت الحالي
ساعد انتشار شركات التكنولوجيا المبهرة والشركات متعددة الجنسيات الأمريكية على تفوق “وول ستريت” بقوة على بقية العالم، لكن تلاشت هذا الجاذبية في الأشهر الماضية، مع تركيز المستثمرين على انتعاش اقتصادي عالمي قوي يستفيد منه نطاق أوسع من الشركات وأسواق الأسهم.
وارتفع مؤشر “فوتسي أول وورلد”، باستثناء مؤشر S&P “ستاندرد آند بورز500″، بمقدار الربع منذ نوفمبر، محققاً مكاسب بمقدار الخمس للمؤشر الأمريكي.
وقال العضو المنتدب في “أبسولوت ستراتيجي ريسيرش”، ديفيد باورز، بعد إصدار أحدث استطلاع ربع سنوي أجرته الشركة على مديري الأصول العالميين: “المستثمرون واثقون جداً من الانتعاش العالمي خلال الأشهر الـ 12 المقبلة، بما في ذلك مزيد من التحسن في ثقة الأعمال وأرباح الشركات”.
وتستمر ترقية التوقعات حول حجم التعافي الاقتصادي الذي يتكشف في المستقبل.
ودفعت الحزمة المالية الأحدث من واشنطن، منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لرفع توقعات نمو الاقتصاد العالمي إلى 5.6% لعام 2021 من 4.2% أواخر العام الماضي، ومن المتوقع أن تحقق الولايات المتحدة نمواً أقوى.
ورفع مسئولو “الفيدرالي”، الأسبوع الماضي، متوسط توقعاتهم للنمو لعام 2021 إلى 6.5% مقارنة بالتقديرات السابقة عند 4.2%.
وأكد رئيس الفيدرالي، جاي باول، أن البنك المركزي سيسمح للنشاط الاقتصادي بالتسارع، ولن يفكر في تشديد السياسة حتى يقتنع المسئولون بأن التضخم مستقر فوق 2%، وأن سوق الوظائف قوي للغاية.
وجاء التراجع في سوق الأسهم جراء هذه التعليقات بعد الاتجاه الحديث المتمثل في تحويل المستثمرين لمراكزهم.
وسجل مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” مستوى قياسياً جديداً في البداية وارتفعت الأسهم العالمية، بدعم من التحول إلى القطاعات الحساسة للدورات الاقتصادية التي تشمل الطاقة والبنوك والمواد والصناعة.
وكانت أسهم قطاع التكنولوجيا أضعف، فتقييماتها العالية جعلتها تبدو أقل جاذبية عندما تزايد زخم التعافي الاقتصادي العالمي. ويقلل ارتفاع عائدات سندات أجل 10 سنوات من القيمة المتوقعة للتدفقات النقدية المستقبلية، وخاصة الآفاق الأكثر مضاربة المليئة بالوعود.. لكن أرباحها الفعلية بعيدة إلى حد ما.
وبالنظر إلى الوزن الضخم لقطاع التكنولوجيا في “وول ستريت” مقارنة ببقية العالم، فمن المتوقع أن يؤدي مزيج النمو القوي والارتفاع المنظم في أسعار سوق السندات إلى تمديد التحول الجاري من أسهم النمو إلى أسهم القيمة، ومع ذلك، يبدو أن ثقة المستثمرين العالميين مستمرة في سوقهم المحلية.
وقال “باورز”، إن النتيجة المفاجئة من استطلاعهم كانت “إحجام المستثمرين عن خفض وزن الأسهم الأمريكية داخل محافظهم العالمية”، وأضاف أن التوقعات ترجح تفوق “وول ستريت” على بقية العالم خلال الـ12 شهراً القادمة باحتمالية نسبتها 46%.
وأوضح “باورز”، أن المستثمرين يدركون أن المحفزات الأمريكية ووتيرة توزيع اللقاحات يتقدمان على أوروبا في الوقت الحالى.
والعامل الآخر هو مرونة الدولار الأمريكي في الشهر الماضي، المدعوم من ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل، وهو ما يجعل الاحتفاظ بالأصول المقومة بالدولار أكثر جاذبية.
وفي المقابل، عادة ما يتخلف “وول ستريت” عن بقية العالم عندما تضعف العملة الاحتياطية على نطاق واسع، وتعزز عملة الولايات المتحدة الضعيفة النمو العالمى وأرباح الشركات من خلال خفض تكاليف التمويل، كما يؤدى ارتفاع العملات المحلية إلى زيادة عوائد المستثمرين العالميين الذين يمتلكون أسهم غير أمريكية، لا سيما في الأسواق الناشئة.
وكتب فريق تخصيص الأصول العالمي في “سيتي” الأسبوع الحالي، أنهم رفعوا أوزان الولايات المتحدة واليابان الموصى بها، وخفضوا وزن أوروبا والأسواق الناشئة.
وأشار البنك إلى “آفاق نمو أعلى بكثير في الولايات المتحدة” نتيجة التحفيز.
وأضاف أن قوة الدولار “عادة ما تكون سلبية تماما للأسواق الناشئة عبر جميع فئات الأصول”، ولكن يعزز الدولار الأكثر قوة أرباح الشركات اليابانية من خلال زيادة قيمة مبيعات الصادرات عند تحويلها إلى الين.
ويجادل مؤسس “لونجفيو ايكونوميكس”، كريس واتلينج ، بأن العزوف عن التحول للأسهم العالمية نتيجة المخاوف من ارتفاع الدولار هي فكرة مضللة، قائلاً: “يبدو الأداء الضعيف لسوق الأسهم الأمريكية مترسخاً بشدة.. وهو ما يعني الاتجاه نحو فترة طويلة من ضعف الدولار”.
وأوضح أنه عندما يزداد الطلب من قبل المستهلك الأمريكى، فإن طلبه على الواردات يفيد المصدرين العالميين في آسيا وأجزاء من أوروبا ومنتجي السلع الأساسية.
ولكن ربما ما يجعل “وول ستريت” وجهة دائمة للمستثمرين هو دورة نمو الأرباح القوية، بما في ذلك تلك الخاصة بأسماء التكنولوجيا الكبيرة العام الحالي، والتي تبرر التقييمات العالية.
ويقول توني ديسبيريتو، كبير مسئولي الاستثمار في الأسهم الأمريكية في شركة “بلاك روك”: “التقييمات أعلى في سوق الأسهم الأمريكية، كما أن أساسيات الشركات الأمريكية الكبيرة في المتوسط أفضل مما تجده في أي مكان آخر”.
ويضيف ديسبيريتو: “قادت الولايات المتحدة جهود التحفيز العالمية وهي تتجه بالفعل نحو انتعاش أقوى للاقتصاد”.
بقلم: مايكل ماكينزي، محرر الأسواق الرأسمالية لدى “فاينانشيال تايمز”.
المصدر: صحيفة “فاينانشيال تايمز”.