أوصى البنك الدولي البلدان فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بضرورة إتخاذ اجراءات لخفض الدين العام كنسبة لحجم الناتح المحلى لها بعد ارتفاعه الكبير مؤخرًا لتمويل الاستجابة الحكومية فى مواجهة فيروس كورونا.
وقال البنك فى تقريره:”تفشت جائحة كورونا في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وقت عصيب”.
أضاف:” فقد بدأت بلدان كثيرة بالمنطقة عام 2020 بمعدل نمو منخفض بشكل مزمن، مع استمرار اختللات الاقتصاد الكلي، وتحديات في مجال الحوكمة، بما في ذلك ضعف الشفافية، ولم تكن أنظمة الصحة العامة في بلدان المنطقة مستعدة لمواجهة هذه الجائحة” .
واليوم، لا تزال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مثلها مثل بقية مناطق العالم، تعيش في أزمة.
لكن يمكن أن نرى بصيص أمل مع ظهور بعض الضوء في آخر النفق،إذ يجري حاليا إنتاج لقاحات لمكافحة فيروس كورونا، ويجري نشرها في بعض البلدان بوتيرة سريعة، أما النقص في الإمدادات الطبية فقد بدأت حدته تخف.
وهناك شواهد على أن عمليات الإغلاق والتباعد الاجتماعي التي تسببت في الضائقة الاقتصادية قد ساعدت أيضا في الحد من انتشار الفيروس.
وبعد الانكماش الحاد في إجمالي الناتج المحلي، من المتوقع أن يحدث قدر من التعافي في الاقتصاد العالمي واقتصاد المنطقة عام 2021.
لكن هذا التعافى لن يكون على الأرجح قويًا كفاية لإعادة الناتج فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمستويات ما قبل الجائحة.
كما أن أن القروض الضخمة التي اضطرت حكومات المنطقة إلى استدانتها لتمويل تدابير الحماية الصحية والإجتماعية الأساسية قد أدت لزيادة حجم الديون الحكومية بشكل ملموس.
وتراجعت الايرادات الحكومية المعدلة حسب التضخم بالمنطقة بنسبة 24% عام 2020.
ارتفاع الدين العام فى المنطقة
وأدت أعمال الإغاثة في حالات الكوارث والاحتياجات الضرورية أثناء هذه الجائحة، إلى جانب انخفاض إلايرادات، إلى زيادة تراكم الديون في منطقة كانت تعاني بالفعل من ارتفاع الدين العام.
ويتوقع البنك الدولي أن يرتفع حجم الدين العام من 46% من إجمالي الناتج المحلي عام 2019 إلى 54% بحلول نهاية عام 2021.
ومثل هذه الزيادة تشكل أسرع تراكم للدين العام كنسبة من الناتج في المنطقة في القرن الحادي والعشرين. ومن بين مجموعات البلدان بالمنطقة، فإن البلدان المستوردة للنفط تسجل أعلى مستويات الدين، حيث سيتراوح حول 93% من إجمالي الناتج المحلي عام 2021.
ومع انحسار الجائحة، سيظهر حتماً تعارض بين المكاسب المحتملة على المدى القصير والتكلفة المحتملة إللنفاق العام الممول بالدين على المدى الطويل
تضارب بين الاحتياجات قصيرة الأجل والعواقب طويلة الأجل
قال البنك الدولي، إن تضارب بين الاحتياجات قصيرة الأجل والعواقب طويلة الأجل، فى المنطقة شديدالوضوح، ، فإن مدفوعات سداد الدين ضخمة ومتنامية.
علاوة على ذلك، وعلى الرغم من أن أسعار الفائدة العالمية فى أدنى مستوياتها فإن بعض بلدان المنطفة لا تتمتع بإمكانية الوصول إلى الأسواق لأن جدارتها الائتمانية تعتبر ضعيفة.
فسوء الحوكمة والتوقعات الضعيفة للنمو تمنعها من الاستفادة من شروط الائتمان العالمية المواتية، نتيجة لذلك، قد تجد معظم بلدان الشرق الأوسط عالقة مع فاتورة خدمة الدين التي تستنزف موارد كان يمكن تخصيصها للتنمية الاقتصادية.
ما خطورة ارتفاع الديون
قال البنك الدولي، إن ارتفاع الدين قد يكون خطيرًا على المدى الطويل خاصة فى الاقتصادات النامية، وعندما تقترض الحكومات فإها تزاحم استثمارات القطاه الخاص، لأن ارتفاع الفائدة يزيد من تكلفة رأس المال على القطاع الخاص.
وفى الواقع فإن العلاقة بين الاستثمار الخاص والدين العام كانت سلبية فى بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال العقدين الماضيين.
بالإضافة إلى ذلك تصاحب الديون المرتفعة مدفوعات ضخمة من الفوائد تحد من الحيز المتاح لأولويات الاستثمار العام المحفزة للنمو.
كما أن ارتفاع حجم الدين قد يشكل خطرًا على الجدارة الائتمانية لبلدان المنطقة ويؤثر على قدرتهم فى تمويل أو تمديد الديون المستحقة مستقبلًا، وإذا تحققت تلك المخاطر فقد تؤدى لوضع اقتصادى مؤلم يتسم بالتضخم وخفض قيمة العملة وهروب رأس المال.
تحديد أولويات الإنفاق أثناء الجائحة قال البنك الدولي إن الاستثمار فى مجال الصحة العامة بوصفه استجابة قصيرة الأجل للجائحة قد يحقق مكاسب على المدى الطويل.
وأشار إلى أنه مع توفر اللقاحات من الضرورى التخطيط لحملات تلقيح فعالة وتنفيذها.
ولن يؤدى الاستثمار الملائم فى التلقيح إلى الحد من خطر نشوب أزمة طويلة لأمد وإلى التعجيل بوتيرة التعافى الاقتصاج فحسب، بل سيعزز أيضًا البنى التحتية للصحة العامة على المدى الطويل.
وتشير التقديرات المبدئة لتكلفة ومنافع الاستثمار فى برامج التلقيح والتى ينغى تفسيرها بقدر من الشك إلى أن التكلفة ضخمة حوالي 1:78 إذا قامت منطقة الشرق الأوسط بتطعيم 20% ممن سكانها بالأسعار الجارية التى اقترحتها مرفق إتاحة لقاحات كورونا COVAX.