410 مليارات دولار ارتفاعا فى احتياطيات أكبر 10 اقتصادات فى آسيا.. باستثناء الصين
يمكن أن يكون ثمة سبب للاحتفال، خصوصا أن تايوان أظهرت بالفعل أداء اقتصاديا مميزا فى عالم يتفشى فيه وباء كورونا، ولايزال هذا الأداء الرائع مستمرا، بفضل مبيعات أشباه الموصلات.
وارتفعت الطلبيات على صادرات أشباه الموصلات، بنسبة %49 فى الشهرين الأولين من عام 2021، مقارنة بـ 2020، بحسب بيانات صادرة فى 22 مارس الماضى، وثمة عقبة واحدة فقط.
فقد أصبحت قوة التصدير محرجة بالنسبة للمسئولين فى تايبيه، لأنها تجذب انتباها غير مرغوب فيه، إذ وضعت وزارة الخزانة الأمريكية تايوان بالفعل على «قائمة المراقبة» للدول التى تشتبه فى أنها تتلاعب بأسعار صرف عملاتها، خصوصا أن ازدهار البلاد يزيد من المراقبة الشديدة.
وإذا كان هناك أى عزاء لتايوان، فهو أنها ليست البلد الوحيد الذى تُوضع فى مثل هذه القائمة، فقد ارتفعت احتياطيات النقد الأجنبى فى جميع أنحاء آسيا، وهو مؤشر جيد على إمكانية التدخل فى العملة.
وباستثناء الصين- حيث يصعب تفسير البيانات- ارتفعت الاحتياطيات الأجنبية فى الاقتصادات الآسيوية العشرة الكبرى بنحو 410 مليارات دولار العام الماضى، وهى أكبر قفزة سنوية على الإطلاق، وفقا لحسابات مجلة «ذى إيكونوميست» البريطانية.
وتعتبر بعض الدول الأخرى، ومنها تايوان، جزءا من مجمع التصنيع الآسيوى الذى استفاد من الطلب الخارجى المرن على الإلكترونيات والسلع الاستهلاكية وسط عمليات الإغلاق المفروضة للسيطرة على الوباء.
وفى فيتنام، على سبيل المثال، نمت الصادرات بنسبة %6.5 العام الماضى، ومع عملتها الدونغ الفيتنامى المرتبطة بشكل فضفاض بالدولار، فإن الكثير من هذه الإيصالات التجارية تشق طريقها إلى احتياطيات النقد الأجنبى الرسمية، حيث يصدر البنك المركزى الدونغ الفيتنامى لشراء الدولارات الزائدة من البنوك التجارية بسعر صرف شبه ثابت.
وسجلت دول أخرى تدفقات كبيرة من العملات الصافية فى ظل ظروف أكثر صعوبة. فقد تراجعت الصادرات فى الفلبين والهند، لكن الواردات انخفضت بشكل أكثر حدة أيضا، وبالتالى تحول كلا البلدين من عجز الحساب الجارى إلى تسجيل فوائض كبيرة العام الماضى.
ويدور السؤال المثير للجدل هنا حول ما إذا كان تراكم الاحتياطيات سيئا من منظور عالمى، لكن الفكرة هنا هى أن الاحتياطيات تنبع من الجهود المبذولة لقمع ارتفاع العملة، وبالتالى فإنها تمثل سياسة تجارية تعرف باسم «إفقار الجار»، لأن الدول تعمل على تعزيز صادراتها على حساب الآخرين.
ومع ذلك، هناك أيضا أمر آخر متعلق بالاحتياطيات، وهو أن الدول الصغيرة المفتوحة يمكن أن تستهدف الحد من التقلبات التخريبية لأسعار الصرف، وليس الحفاظ على سعر العملة عند مستويات منخفضة.
أما الدول النامية، فتعتبر الاحتياطيات بمثابة دعامة للسيولة إذا جف رأس المال الأجنبى، كما حدث فى العديد من الدول العام الماضى.
ويعتبر هذا التباين هاما فى آسيا، حيث يبدو من العبث إلقاء اللوم على بعض الدول الفقيرة.
وخلال «نوبة الغضب التدريجى» عام 2013، عندما انتشرت موجة بيع فى الأسواق الناشئة بسبب مخاوف من تشديد السياسة النقدية الأمريكية، كانت الهند وإندونيسيا ضمن تلك التى يُنظر إليها على أنها ضعيفة بسبب اعتمادهما على التمويل الخارجى، لكن هوامش الأمان الكبيرة يجب أن تجعلها أكثر استقرارا.
وإذا تمكنت تلك الدول من السيطرة على الوباء هذا العام، فمن المحتمل انتعاش وارداتها وتقلص فوائض حساباتها الجارية، كما ستبدو الزيادة فى احتياطياتها وكأنها انحراف صحى، وليس اتجاها خبيثا.
وتبدو المكاسب التى تحققت فى الدول الأغنى، خصوصا الصين وكوريا الجنوبية وتايوان، موضع اعتراض بشكل أكثر، ويبدو أنها على دراية بهذا الأمر.
وتعتبر الصين من أبرز الدول التى يمكن ملاحظتها، خصوصا أنها اتخذت خطوات لإخفاء حظها الجيد، إذ ارتفعت الاحتياطيات الأجنبية الخاصة ببنكها المركزى بمقدار 97 مليار دولار منذ بداية عام 2020، وهو ما أدى إلى زيادة متواضعة نسبيا بنسبة %3.
وكانت هناك أيضا قفزة ملحوظة فى صافى الأصول المقومة بالعملات الأجنبية فى النظام المصرفى للصين، وارتفعت بمقدار 133 مليار دولار، أو %80، فى الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، وبالتالى فإن أحد الاحتمالات هو أن المقرضين التجاريين عملوا كوكلاء لإدارة الاحتياطيات.
ويقول تجار العملات فى الصين، أن البنوك الكبيرة المملوكة للدولة كانت بالفعل من كبار المشترين للدولار فى لحظات القوة الكبيرة لعملة اليوان.
وكان أفضل دفاع لهذه الدول الثلاث، هو رغبتها فى التحقق من سرعة ارتفاع عملاتها، خصوصا بالنظر إلى أوجه عدم اليقين بشأن الوباء.
وحتى مع وجود احتياطيات أجنبية كبيرة، ارتفعت عملات الصين وكوريا الجنوبية وتايوان بنحو %5 مقابل الدولار الأمريكى منذ منتصف عام 2020، ومن المقرر لها مواجهة المزيد من الضغوط التصاعدية إذا استمرت طفرة الصادرات.