أبهرت مصر العالم فى حفل نقل المومياوات، دون تحيز لبلدنا العظيم مصر، وان كنت افخر بهذا التحيز، وبكل تأكيد هذا الإبهار لم يأت من فراغ.. بل كان نتاج العمل بأسلوب علمى، إذ تم مزج الجهد والتعب والتخطيط والتنفيذ والمتابعة وتقييم المخاطر وتجهيز الخطط البديلة «إدارة سليمة للعمل معاً«، فضلاً عن تضافر جميع الجهود ومشاركة جميع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والأفراد والمجتمع المدنى الذين كانوا يعملون لتحقيق الهدف المنشود.
ونجاحنا فى هذا الحدث العالمى، يعزز قدرتنا وتحدياتنا لاقتحام مجالات أخرى لتوحيد أهدافنا وتضافر جهودنا لنحقق المصلحة العامة للدولة (الهدف) والتى ستعود على الجميع بتحقيق أهدافهم.
ودائماً ما كنت أقول إن تحقيق المصلحة العامة هو السبيل لتحقيق الجميع أهدافه سواء كان قطاعا خاصا أو حكوميا او مجتمعا مدنيا، او حتى افراد، دون تعارض.
والفشل دائما حليف الباحثين عن مصالح شخصية متفرقة متعارضة.
هذا الأمر الملهم جعلنى أتساءل: «كيف نستفيد من ذلك ونحدد طريقا واضحا للقطاع الخاص للقيام بدوره فى التنمية المستدامة عن طريق تبنيه لاستراتيجية المسئولية الاجتماعية للشركات؟»
ولذا.. فإن النظر إلى المفهوم الموسع للمسئولية الاجتماعية للشركات وفقاً للمعيار الدولى «أيزو 26000» والذى يضع معايير عالية لقدرة الشركات على تحديد الاحتياجات الاجتماعية ومشاركة العديد من الجهات أصحاب المصالح لمعالجة قضايا التنمية المستدامة، وإن كان الأمر على نحو ما سبق يتطلب وجود أطر نظرية وإدارية متكاملة لتحديد أثر المسئولية الاجتماعية للشركات على أهداف التنمية المستدامة حتى تتحقق التنمية بمحاورها الثلاث(المحور الاقتصادى، والمحور الاجتماعى، والمحور البيئى) أو ما يطلق علية(TBL) (Triple Bottom line) فى نفس الوقت وبشكل متوازن دون تغلب محور على محور آخر حتى لا يحدث الخلل الذى يعانى منه العالم الآن.
لكن أهداف التنمية المستدامة توفر منهج عمل متكامل للمسئولية الاجتماعية للشركات الموجهة نحو المستقبل، وتعد فرصة فريدة لاستخدام هذه الأهداف كإطار عام لتطوير المسئولية الاجتماعية للشركات لخلق القيمة المشتركة، وتقييم الآثار الإيجابية لأهداف التنمية المستدامة مثل (تخفيف حدة الفقر وسبل العيش والصحة والتعليم والحد من الآثار السلبية من استهلاك الموارد والتلوث وانتهاكات حقوق الإنسان).
ولذلك ترى كثير من الابحاث العالمية، أن اهداف التنمية المستدامة هى إطار لتحسين مشاركة شركات القطاع الخاص فى المسئولية الاجتماعية بطريقة تسهم فى تحقيق التنمية.
ومما لاشك فيه أن للقطاع الخاص دورا كبيرا مهما ضمن خطة التنمية الشاملة التى وضعتها الدولة المصرية وأطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسى، ومن أهمها محور تنمية الريف المصرى «حياة كريمة» والذى حدد لجميع الأطراف أدوارا فى غاية الأهمية.
فنجد الدور المهم الذى يقوم به اتحاد الصناعات المصرية لتنسيق جهود جميع شركات القطاع الخاص الصناعية التى تقوم سواء بتنفيذ أو توريد أعمال البنية التحتية أو من خلال إدارة المصانع التى سوف تطور المهنة الرئيسية لهذه القرى، أو من خلال تدريب أهالى هذه القرى، أو من خلال العديد من الأعمال الأخرى.
ومما لاشك فيه أنها فرصة حقيقية ليقوم اتحاد الصناعات بدور آخر مهم، بالإضافة إلى الأدوار الهامة التى يقوم بها خلال هذه المبادرة، وهذا الدور هو توحيد جهود المسئولية الاجتماعية للشركات والمصانع المنتسبة إليه للمساهمة بدور جديد يدعم جهود الدولة فى تنمية الريف وفى مجالات أخرى.
ونظراً لتقارب دور القطاع الخاص فى المسئولية الاجتماعية للشركات والتنمية المستدامة، فإنه يجوز لنا أن ننظر إلى المسئولية الاجتماعية للشركات وأهداف التنمية المستدامة على أنها وجهان لعملة واحدة فيما يخص دور شركات القطاع الخاص وخاصاً أنها أهداف عامة تحقق منافع مباشرة لجميع الأطراف، وإن كانت الأولى تحقق منافع مباشرة وواضحة ومرتبطة بشكل مباشر بما تقدمة هذه الشركات للمجتمع.
بقلم دكتور/ أحمد سمير فرج عضو مجلس إدارة جهاز حماية المنافسة
[email protected]