يبدو أن الاقتصاد الأمريكى، بدأ يتغلب على الأضرار الكبيرة التى لحقت به بفعل تفشى جائحة فيروس كورونا المميت، إذ أظهرت أحدث التقارير أنَّ أكبر اقتصاد فى العالم يسير على طريق الانتعاش القوى.
لكن المؤشرات الحالية تشير إلى أن حجم الانتعاش المدفوع بالاستهلاك قد يكون أكثر دراماتيكية.
وتظهر القطاعات التى تضررت كثيراً بسبب عمليات الإغلاق التى فُرضت للتصدى للوباء- مثل شركات الطيران والفنادق وحتى دور السينما- تحسناً قوياً مع تسارع وتيرة توفير اللقاحات، حسبما نقلت وكالة أنباء «بلومبرج».
وأظهر تقرير التوظيف لشهر مارس، أنَّ الاقتصاد الأمريكى أضاف ما يصل إلى 916 ألف وظيفة جديدة، وهو أكبر عدد وظائف مضاف خلال 7 أشهر، كما أفاد معهد إدارة التوريد بأن نشاط المصانع قد توسع بأسرع وتيرة منذ عام 1983، لكن البيانات الرسمية قد تخفض من هذه التحسنات.
وقال جيسى إدجيرتون، الخبير الاقتصادى لدى مؤسسة «جيه. بى مورجان تشيس» المصرفية: «البيانات البديلة المتكررة ارتفعت بشكل كبير خلال شهر مارس تقريباً، وقد تنبأت بالقراءات القوية التى حصلنا عليها منذ ذلك الحين. وتشير البيانات البديلة بالفعل إلى مكاسب قوية أخرى قى قطاع التوظيف خلال شهر أبريل».
وسلطت «بلومبرج» الضوء على 5 مؤشرات، توضح أن وتيرة تعافى الاقتصاد الأمريكى قد تكون أفضل مما كان يعتقد فى السابق، وكانت تلك المؤشرات كالآتى:
حركة الطيران
تجاوز عدد الركاب الذين يسافرون عبر نقاط التفتيش التابعة لإدارة أمن النقل حاجز الـ1.58 مليون مسافر فى 2 أبريل، وهو أعلى مستوى منذ تفشى الوباء.
كما تجاوزت حركة المرور اليومية حاجز الـ 1.5 مليون مسافر لمدة ثلاثة أسابيع متتالية، بعد أن كانت أقل من مليون طوال فترة الوباء تقريباً، وتتزايد حركة السفر من أجل الأمور الترفيهية أيضاً.
ومن المقرر أن تستأنف شركة «دلتا إيرلاينز» بيع المقاعد المتوسطة فى بداية شهر مايو، فى حين تقول كل من شركتى «أمريكان إيرلاينز» و«يونايتد إيرلاينز هولدينجز» إن طائراتهما ممتلئة الآن بنسبة 80%.
وفى 15 مارس الماضي، قال إد باستيان، الرئيس التنفيذى لشركة «دلتا إيرلاينز»: «يتطلع الناس حقاً إلى استعادة حياتهم الطبيعية».
حجوزات المطاعم
لا تزال حجوزات المطاعم منخفضة بنحو 20% عن مستويات عام 2019، لكن هذا تحسن كبير عما كانت عليه عندما كانت منخفضة بنسبة 40% فى بداية العام الحالى.
وتشمل الولايات التى حققت أعلى أداء فيما يتعلق بحجوزات المطاعم على مدى الأسبوعين الماضيين مناطق الجذب السياحي، مثل فلوريدا وساوث كارولينا ويوتا.
وقال كبير محللى المطاعم فى «ريموند جيمس آند أسوشيتس»، برايان فاكارو: «اتجاهات الصناعة بدأت فى التحسن بالتتابع أواخر فبراير وأوائل مارس، ثم أعقبها زيادة ملموسة منذ منتصف مارس».
ويقول كل من إليزا وينجر، وتوم أورليك، وهما خبيران اقتصاديان لدى «بلومبرج»، إن المستهلكين أصبحوا أكثر ثقة، فحجوزات المطاعم آخذة فى الارتفاع. كما أن الإنفاق يتسارع على معظم الخدمات، مثل حدائق التسلية واللياقة والأفلام، فضلاً عن أمور أخرى.
الفنادق
وعلى غرار شركات الطيران، فإن إشغال الفنادق آخذ فى الارتفاع، إذ يشعر المستهلكون براحة أكبر فى السفر. وارتفاع مستوى إشغال الفنادق فى منتصف مارس إلى أعلى مستوى له فى عام، وظل بالقرب من هذا المستوى فى أوائل أبريل، وذلك حسبما أشارت شركة « إس تى أر» التى توفر بيانات السوق عن قطاع الفنادق فى جميع أنحاء العالم.
وقالت «إس تى آر» إن أسواق المنتجعات، بما فى ذلك تامبا وفلوريدا وميامي، كانت ضمن أعلى مستويات الإشغال فيما يتعلق بالفنادق.
دور السينما
كانت أماكن الترفيه- مثل المسرح الحى والحفلات الموسيقية والصور المتحركة والرياضة- ضمن الأمور الأبطأ فى العودة إلى وضعها الطبيعى خلال فترة تفشى الوباء، لكنها تشهد الآن تحسناً، حيث فتحت أكثر من نصف المسارح فى أمريكا الشمالية أبوابها أمام الجمهور بدءاً من شهر مارس، وارتفع العدد إلى نحو 58% من المسارح أوائل أبريل.
وقال كبير محللى وسائل الإعلام فى شركة «كوم سكور»، بول درجارابديان: «نحن فى طريقنا إلى التعافي».
قوائم الوظائف
بدأ سوق العمل يتحسن بداية من شهر مارس عام 2021، وتشير البيانات الفعلية إلى أنه مجرد بداية لتسارع مستمر.
قال كبير الاقتصاديين فى موقع «إنديد دوت كوم»، جيد كولكو، وهو محرك بحث أمريكى للوظائف: «تُظهر بياناتنا أن التعافى استمر وتسارع منذ ذلك الحين. وانتشرت إعلانات الوظائف بمعدل أسرع فى مارس مقارنة بما كان عليه الوضع فى فبراير».
وذكرت وزارة العمل الأمريكية أن فرص العمل فى الولايات المتحدة ارتفعت إلى أعلى مستوياتها فى عامين خلال فبراير الماضي، وهو ما يعتبر دليلاً آخر على إمكانية ظهور مزيد من فرص العمل فى المستقبل.