تستفيد الحكومات والشركات، التى تجمع الأموال من خلال السندات الخضراء، من انخفاض تكاليف الاقتراض، وهو ما يسمى بـ «جرينيوم» (greenium)، فى أحدث علامة على طلب المستثمرين الهائل على الأصول المستدامة.
وذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية أن علاوة السعر التى تفرضها هذه الصفقات، تسلط الضوء على النمو السريع فى سوق السندات، الذى يُعرف أيضاً باسم «السندات الخضراء»، لأنها تمول الإنفاق الذى يهدف إلى دعم المناخ أو الأهداف البيئية.
وقال ميتش ريزنيك، رئيس الدخل الثابت المستدام لدى «فيدريتيد هيرمس»: «يتم شراء كل شيء يحمل علامة خضراء بشكل أساسي».
وعادة ما يتم تداول السندات الحكومية الخضراء فى ألمانيا، التى يتم تتبعها عن كثب، لأن سوق الديون فى البلاد يعتبر معيارا إقليميا، بصفة مستمرة بسعر أعلى من نظيرتها التقليدية منذ إصدارها فى سبتمبر الماضى.
ويقل العائد على السندات الخضراء الألمانية بنحو %0.05 من توأمتها التقليدى، وهو مؤشر على أن المستثمرين على استعداد لدفع المزيد للاحتفاظ بالديون صديقة البيئة.
وقال محللون، إن السندات السيادية الخضراء الأولى فى إيطاليا تم تسعيرها الشهر الماضى بسعر أعلى قليلا مقارنة بالسندات الإيطالية العادية ذات تواريخ استحقاق مماثلة.
ومن جانبه، قال الرئيس العالمى للقطاع العام وأسواق رأسمال السندات المستدامة فى مجموعة سيتى، فيليب براون: «أصبح الجرينيوم الآن مفهوما راسخا للغاية».
وذكرت الصحيفة أنه قد يكون من الصعب تحليل الجرينيوم، لأن الجهات المصدرة لا تبيع عادة السندات الخضراء والتقليدية التى لها نفس الخصائص فى الوقت نفسه. لكن هناك دراسة للسندات البيئية، صدرت فى النصف الثانى من 2020، أظهرت أن مبادرة سندات المناخ وجدت علامات متزايدة على هذه الظاهرة.
ووجد تحليل أجرى على 54 نوعا من السندات الخضراء الخاصة بالشركات والحكومة، والتى جمعت سويا ما يصل إلى 62.5 مليار دولار، أن مستوى الطلب القادم من المستثمرين كان أكبر مما يكافئه من السندات العادية.
كما وجدت أن مبادرة سندات المناخ أن العديد من السندات مسعرة بتكاليف اقتراض أكثر ملاءمة مما كان متوقعا للإصدارات ذات الاستحقاق المماثل.
وقالت كبيرة محللى الأبحاث فى مبادرة سندات المناخ، كارولين هاريسون، إن مصادر طلب السندات الخضراء تتزايد بسرعة أكبر من مصادر العرض، مما يجعل الأسعار أكثر تنافسية.
ونظراً لأن التسعير يعتمد عادةً على قدرة الجهة المصدرة على سداد ديونها، فضلاً عن ديناميكيات السوق مثل أسعار الفائدة، فإن الشروط الأكثر ملاءمة التى يحصل عليها المقترضون للسندات الخضراء قد تمثل معدلات إقراض غير منطقية، حسبما قال بعض المحللين.
وقال ريزنيك، من «فيدريتيد هيرمس»: «إنها ليست مخاطرة تنذر بالخطر فى هذه المرحلة، لكن الحاجة إلى الوفاء بتفويضات الاستدامة قد تؤدى إلى سوء التسعير، مشيرا إلى أن الأمر لا يتعلق بتجاهل مخاطر الائتمان، بل عدم تسعيرها بدقة».
ويشعر آخرون بالقلق مما إذا كانت السندات الخضراء سترتقى دائماً للوفاء بوعودها.
فقال كبير الإداريين للاستثمار فى «بلو باى أسيت مانجمنت»، قد قال مارك داودينج: «المقترضون يستخدمون السندات الخضراء للاستفادة من انخفاض تكاليف الاقتراض. لا أرى ما هو الأثر الذى يحدثه ذلك على الإطلاق، ولست متأكداً من أن ذلك يحدث التأثير الذى يود الناس رؤيته».
وأضاف: «بدلا من ذلك، قد يكون من الأفضل رفض شراء سندات بعض الجهات المصدرة أو تشجيع المقترضين على وضع معايير استدامة أكثر صرامة.
ويتوقع بعض المحللين اختفاء الجرينيوم بمرور الزمن، فى الوقت الذى يتعادل فيه العرض مع الطلب ويصبح الاستثمار المسؤول هو القاعدة، وليس فئة استثمارية.