قال مستثمرين القطاع الصناعى، إن مواكبة الثورة الصناعية الرابعة ضرورة لا مفر منها حتى لا تخرج مصر من المنافسة العالمية، وطالبوا بتحركات تدعمها الحكومة، أبرزها تقديم حوافز خاصة للاستثمارات الأجنبية المباشرة لنقل الخبرات العالمية إلى مصر فى الصناعات المتقدمة، والتى تحتاج خبرات متقدمة مثل صناعات الذكاء الاصطناعى وصناعات الروبوت والأقمار الصناعية.
وكل هذا يحتاج إلى قوانين وتشريعات من نوع خاص جاذبة لهذا النوع من الاستثمارات، حتى تصبح مصر مركزا للثورة الصناعية الرابعة فى الشرق الأوسط.
قالت نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة، فى تصريحات الشهر الحالى، إن القيادة السياسية تولى اهتماما كبيراً بتحفيز القطاعات الاقتصادية المختلفة لتبنى مفاهيم التحول الرقمى والثورة الصناعية الرابعة.
ولفتت جامع إلى أن الدولة المصرية تمتلك العديد من المقومات والفرص التى تؤهلها للدخول فى عصر الثورة الصناعية الرابعة، تشمل ظهور جيل جديد من الشباب المصرى ورواد الأعمال قادر على اختراق الأسواق الخارجية بمنتجات وتطبيقات الجيل الرابع من الصناعة.
ووقعت وزارتا الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتجارة والصناعة، مذكرة تفاهم بين هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات، ومركز تحديث الصناعة، وشركة سيمنز مصر لإنشاء وتجهيز أول مركز إبداع فى الجيل الصناعى الرابع فى مصر وذلك بمدينة المعرفة بالعاصمة الإدارية الجديدة.
ويستهدف المركز التوعية بتقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتطبيقاتها العملية بالمصانع الذكية، وتبنى التكنولوجيا المتقدمة فى التصنيع المحلى، فضلًا عن التدريب على تقنيات الأتمتة والرقمنة، وتقديم الدعم اللازم فى مجالات تحفيز الابتكار الصناعى وتصميم المصانع الذكية بما يسهم فى نقل المعرفة، وتطوير القطاع الصناعى.
قال محرم هلال، رئيس اتحاد المستثمرين، إن جذب مواكبة الثورة الصناعية الرابعة ونقلها إلى مصر، يتطلب وجود بنية تحتية قوية فى قطاع الاتصالات وتكون على خطى أحدث التطورات العالمية، لتبديد أى تخوفات من المصنعيين المصريين من تحديث مصانعهم وتطويرها بالنظم الحديثة، كما ان الإنترنت سيكون فى الجيل الرابع أحد العناصر الصناعية.
أضاف هلال، أن الثورة الصناعية الرابعة ستسهل عملية حصر اقتصاد الظل، إذ إن إلزام العملاء بالدفع الالكترونى سيوضح تحركات الأموال وسيُجبر اقتصاد الظل على مواكبة التغيرات الحديثة وهو ما سيوفر قيمة ضخمة من الضرائب.. لذلك من مصلحة الدولة المصرية، مواكبة الرقمنة وإنترنت الأشياء وتشغيل المصانع بتكنولوجيا الجيل الرابع، حتى يتم ربط كل الأطراف ببعضهم على شبكة الإنترنت ونظام عمل يتيح للسلطات تتبع الأموال ومُجريات الاقتصاد داخل مصر.
وقال الدكتور شريف الجبلى، رئيس غرفة الصناعات الكيماوية، إنه من الضرورى أن تسعى الدولة لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة، والاستفادة منها، إذ إنها تتيح إدارة المصانع عن بعد من خلال التطبيقات وتتبع حركة الإنتاج بشكل أدق، بما يزيد من إنتاجية وجودة المنتجات.
وشدد الجبلى على ضرورة التعاقد مع الشركات العالمية الكبرى لنقل تكنولوجيا المصانع الذكية إلى مصر، مُشيرًا إلى أن بعض الشركات بدأت تتجه تدريجيا للاعتماد على التطبيقات فى إدارة أعمالها، وهو ما يُعد الخطوة فى مواكبة الثورة الصناعية الرابعة.
وتطرق إلى أن الاعتماد على الذكاء الاصطناعى وإنترنت الأشياء، وإدارة المصانع من خلال تطبيقات الهواتف الذكية، سيقلص فرص العمل داخل المصانع، وهى أحد أبرز السلبيات التى تتسم بها الثورة الصناعية الرابعة، لأن بعض الأعمال داخل المصانع سيتم عن بُعد.
وقال الدكتور سمير صبرى، الرئيس التنفيذى لشركة صناعات مواد البناء، إن مصر تحتاج فى الوقت الحالى، لجذب استثمارات فى مجالات الصناعية الخاصة بالجيل الرابع، منها الذكاء الاصطناعى، والأقمار الصناعية، وذلك يتطلب حوافز من نوع خاص.
أضاف أن هذة الحوافز يجب أن تكون قوية لتجذب الخبرات التكنولوجية الأجنبية، والتى ستكون الأساس الذى ستقوم عليه صناعات الجيل الرابع، وأبرز تلك الحوافز هو طرح أراضى بأسعار مخفضة جدا أو بالمجان، وتقديم تمويلات بأسعار فائدة مميزة، بالإضافة إلى حوافز ضريبية قوية مثل الإعفاء لفترة طويلة.
وأكد أن استقطاب الاستثمارات فى مجالات التكنولوجيا الحديثة، يتطلب الإسراع فى تقديم تلك الحوافز، لان ذلك هو السبيل الوحيد للوصول لتكنولوجيا الجيل الرابع، وحتى تصبح مصر مركز للاستثمارات المنتجة لتكنولوجيا الجيل الرابع من المصانع فى الشرق الأوسط.
وتابع: «الحوافز الاستثمارية المميزة التى ستمنح لصناعات تكنولوجيا الجيل الرابع لا تحتاج لتغيير قوانين أو لوائح ولكن ممكن تنفيذها فى المنطقة الاقتصادية بقناة السويس لأن لها بنية التشريعية مختلفة».
وشدد صبرى، على ضرورة إحداث ثورة فى التعليم الفنى فى مصر، لتأهيل كوادر من العمالة الفنية قادرة على تشغيل المصانع التى تعمل بنظام الجيل الرابع، على أن تمتد الثورة التعليمية، لكل العمالة بمختلفة درجاتها فى سوق العمل، لأن مواكبة الثورة الصناعية الرابعة تتطلب كوادر من نوع خاص غير موجود حاليا فى مصر إلا قليلا.
وتطرق إلى أهمية تطوير بنية قانونية لكافة الاستثمارات الصناعية التى تقدم منتجات تخدم نظام الجيل الرابع، وخلق كيانات ومناطق اقتصادية بطبيعة خاصة لتشجيع الاستثمار فيها.
وقال حسن مبروك، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات المصرية، إن مواكبة الثورة الصناعية الرابعة لا مفر منها خلال المرحلة المقبلة، وستصبح متطلبا تصديريا فى المستقبل القريب.. لذلك يجب السعى فى هذا الاتجاه، وهو ما يتطلب تغيير التشريعات والقوانين التى تناسب التغير الجديد، ومراعاة الحقبة الزمنية المقبلة لأنها تختلف تمامًا عن أى وقت مضى.
وقال هشام النجار العضو المنتدب لشركة دالتكس للحاصلات الزراعية، إن الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة فى الزراعة يحتاج طرح تمويلات بأسعار فائدة أقل من المطروحة فى السوق حاليًا، لتمتص ارتفاع أسعار الخامات والمنتجات فى السوق العالمى، وللاعتماد على آلات زراعية متقدمة سواء لتوليد الطاقة الشمسية أو لحفر الآبار أو لتجديد شبكات الرى أولتصنيع مبردات أحدث نمو الشركات الزراعية.
أضاف النجار، أن مخاطر القطاع الزراعى مرتفعة نسبيا.. والعائد الاستثمارى قد يصل إلى 10 سنوات ويزيد إلى 15 سنة فى بعض الأصناف.. لذلك فإن تطوير القطاع واعتماده على التكنولوجيا الحديثة، يحتاج تمويلات مرنة تتناسب مع طبيعة القطاع الزراعى.
وأوضح أن أحدث سبل الزراعة المستدامة فى الوقت الحالى، والتى تسمى الزراعة الدقيقة، غير متاحة حاليا فى مصر، كونها تعتمد على صور الأقمار الصناعية و«الدرون» أو الطائرات المُسيرة، وهى أدوات غير مُصرح باستخدامها فى مصر لاعتبارات أمنية، لذلك اقترح النجار إدخال تلك التكنولوجيا تحت إشراف أمنى كامل وبالتنسيق مع مؤسسات الدولة المختلفة، حتى يتم مواكبة التكنولوجيا الزراعية الحديثة دون الإخلال بأمن البلاد.
وأشار إلى انه يمكن الاستفادة من التجربة الروسية فى هذا الشأن إذ إنها تحدد مسارات بعينها لتحرك «درون – الطائرات المسيرة» لتصوير المساحات الزراعية وكذلك تحدد ارتفاعات معينة وتتيحه فى بعض مناطق ويتم حظره فى أخرى، تحت إشراف أمنى كامل.
وقال هانى برزى، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الغذائية، إنه منذ بداية العام يعمل المجلس على رقمنة الخدمات التى يقدمها للشركات، ويقوم المجلس حاليا بإنشاء بنية تحتية قوية تتماشى مع الرقمنة، وتقديم كافة الخدمات أون لاين وتدريب الشركات لمواكبة التطورات التكنولوجية العالمية.
أضاف برزى أن جائحة كورونا أجبرت الجميع على الاعتماد على الإنترنت بصورة أكبر، وأصبح السوق منتقى تلقائيا للقادرين على مواكبة الرقمنة وهو ما أجبر الجميع على تطوير نفسه حتى لا يخرج من السوق نهائيا