بعد عقد من العمل فى الخارج، عاد الشيف نيكولاس تسيميداكيس إلى وطنه العام الماضى من دبى، على أمل أن يسهم تعافى اليونان من الوباء وزيادة السياحة فى البحر الأبيض المتوسط فى توفير وظيفة جيدة له.
لكنه أصيب بخيبة أمل مثله مثل الكثيرين، إذ عانى للعثور على عمل يوفر له أمن وأجر لائق، فى ظل تسبب عمليات الإغلاق الجديدة فى تأخير إعادة فتح اليونان وبدء الموسم السياحى.
وعلى مضض، قرر الشيف اليونانى العودة إلى الخليج بعد العثور على وظيفة بأجر جيد فى أبوظبى.
تفسر مثل هذه القرارات التى اتخذها تسيميداكيس، سبب معاناة اليونان الآن من نقص العمالة فى قطاع السياحة، الذى يمثل عادةً خُمس الناتج الاقتصادى.
ويكافح القطاع للاستعداد لموسم الصيف الحيوى حيث يتم ردع المرشحين المحتملين لوظائف المطاعم والحانات بسبب خطر تجدد القيود الوبائية التى تؤدى إلى إغلاق الشركات.
تهدد هذه المشكلة بتشكيل أعباء خطيرة على تعافى البلاد من الوباء، بالنظر إلى الأهمية المركزية للسياحة بالنسبة للاقتصاد، حسبما نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وقال جورج كافاثاس، رئيس الاتحاد اليونانى للمطاعم والمهن ذات الصلة، إن هذه المرة هى المرة الأولى التى يواجه فيها القطاع مثل هذا النقص.
فى الوقت نفسه، واجهت العديد من الدول الأخرى، مثل ألمانيا، صعوبة فى تعيين موظفى الحانات والمطاعم مع بدء انحسار الوباء، لكن الفرق بين تلك الدول واليونان هو الحجم النسبى للقطاع والوزن الاقتصادى.
وعادة ما توظف اليونان أكثر من 432 ألف شخص، أو %10 من القوى العاملة الوطنية، أى نحو ضعف ما توظفه إسبانيا، لذا فإن أى مشاكل يمكن أن يكون لها آثار على الاقتصاد الكلى.
ويتوقع بنك «إتش. إس. بى. سى» أن تؤدى عودة السياحة ككل إلى تعزيز نمو الاقتصاد اليونانى بنسبة %2 هذا العام، بعد أن مثل ثلثى الانخفاض المسجل خلال العام الماضى، والذى كان يزيد عن %8 من الناتج المحلى الإجمالى.
فى غضون ذلك، توقع وزير المالية اليونانى كريستوس ستايكوراس وصول إيرادات السياحة إلى 8 مليارات يورو فى عام 2021، وهو ما يقل عن نصف الـ 18 مليار يورو المسجلة فى عام 2019. ومع ذلك، فهى تعادل ضعف إيرادات القطاع البالغة 4 مليار يورو فى عام 2020.
لكن خبراء الاقتصاد يحذرون الآن من أن نقص العمالة فى اليونان من شأنه عرقلة النمو الاقتصادى وإضعاف التوقعات الاقتصادية والإيرادات. جدير بالذكر أن معدل البطالة فى اليونان بلغ %16.5، ويعتبر أعلى فى الاتحاد الأوروبى.
يقول بعض أصحاب المطاعم إن السياسات الحكومية للتخفيف من التأثير الاقتصادى لتفشى وباء كورونا قد ساهمت فى تفاقم المشكلة، حيث لا تزال الإعانات المدفوعة للموظفين الذين أغلقت مطاعمهم معروضة، نظراً لعدم استئناف تناول الطعام فى الأماكن المغلقة بعد.
كما يعتقد البعض أن نقص الموظفين يُعتبر أحد أعراض مشاكل أوسع نطاقا فى أسواق العمل اليونانية.
يذكر أن الأزمة الاقتصادية فى اليونان، التى دامت عقدا من الزمن، أدت إلى انخفاض الأجور التى لم تتعافى بعد، وبطالة الشباب التى تأتى ضمن أعلى المعدلات فى أوروبا، وهجرة العديد من العمال المهرة.