الرقابة المسبقة على عمليات الاندماج والاستحواذ تعزز دور مصر فى التنافسية العالمية وتضمن عدالة الاستثمار
الجهاز يعمل على أكثر من 100 قضية وتعاون مع «الخدمات الحكومية» لإصدار كتاب دورى للحد من التواطؤ فى المناقصات والمزايدات
جدول زمنى للرقابة المسبقة على عمليات الاندماج.. يشمل 30 يوما لفحص الصفقة بعد إخطار الجهاز و60 يوما للبت فيها
قال الدكتور محمود ممتاز، رئيس جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، إن الجهاز يراقب جميع القطاعات الاقتصادية سواء التى تمس المواطنين بشكل مباشر أو غير مباشر، ويركز خلال الفترة الحالية على القطاعين الصحى والغذائى.
وأوضح فى مقابلة مع «البورصة» أن استراتيجية عمل الجهاز التى وضعها، منذ توليه منصبه مطلع العام الجارى، والممتدة حتى عام 2025، تقوم على ثلاثة محاور رئيسية هي؛ إنفاذ قانون حماية المنافسة، وتعزيز السياسات والتشريعات التى تدعم حرية المنافسة وتضمن الحياد التنافسى، ورفع وتعزيز ثقافة المنافسة فى المجتمع، فى إطار الخطة الاستراتيجية التى وضعتها الدولة لتحقيق مبادئ وأهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030.
وأضاف أن الجهاز يسعى لتعزيز دور مصر فى التنافسية العالمية، عبر المراقبة المسبقة على عمليات الاندماج والاستحواذ، وتعد مصر رائدة فى دعم سياسات المنافسة بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، لكن ما ينقصها حاليا هو الرقابة المسبقة على أى عملية اندماج».
ووافق مجلس الوزراء على التعديلات بقانون حماية المنافسة للمراقبة المسبقة على عمليات الاندماج والاستحواذ، وهو الآن أمام مجلس النواب.
وقال إن معظم إن لم يكن كل أجهزة المنافسة حول العالم لديها نظام الرقابة المسبقة على عمليات الاندماج والاستحواذ، جميع المنظمات والهيئات الدولية أكدت على ضرورتها كونها إحدى المهام الأساسية لتلك الأجهزة لمنع أى شبهة ممارسة احتكارية بما يؤثر على هيكل الأسواق، إذ إنه من الممكن أن تحد عملية الاندماج بين كيانين من دخول منافسين جدد للسوق، أو تمكن الكيانين من التحكم فى السوق، مما يعد بمثابة حاجز لدخول استثمارات جديدة، وللتأكد من أن المستثمر المحلى والأجنبى على حد سواء».
أضاف ممتاز أن البعض يرى أن الجهاز عندما يقف لمراقبة أى صفقة أنه يسعى للحد من الاستثمارات، وهو العكس تماما، لكن الحقيقة أن الجهاز يضمن وجود عدالة فى الاستثمار، وهى صمام أمان للأسواق، كما أنها تساعد على جذب الاستثمارات الأجنبية، وزيادة نظيرتها المحلية بسبب الكفاءة الاقتصادية للأسواق والتى تساعد على تطوير الشركات منتجاتها، إذا لم يكن هناك منافسة ما كانت تسابقت على سبيل المثال شركتى آبل وسامسونج لتطوير منتجاتهما.
أوضح أن الرقابة المسبقة على عمليات الاندماج والاستحواذ ليست «اختراعا للعجلة»، إنما هى خطوة اتخذها عدد من دول العالم للحد من المخاطر على الأسواق، ولا يرفض الجهاز أى صفقة انما يقوم بالرقابة ويضع شروطا لضمان عدم الاضرار بالسوق.
تابع قائلا:»يكون قرار الجهاز إما الموافقة الكاملة على الصفقة أو موافقة مشروطة، ويرفض فقط الصفقات التى تسبب إضرارا مباشرا بالمستهلك والاقتصاد الوطنى ككل، كما أن الجهاز أعد جدولا زمنيا للرقابة المسبقة على عمليات الاندماج، حيث يحتاج فقط 30 يوما، لفحص الصفقة بعد إخطاره بها، و60 يوما للبت فيها».
أضاف أن الجهاز يراقب حاليا جميع صفقات الاندماج والاستحواذ لكن بعد إتمامها، ويبدى الرأى فيها، وعلى سبيل المثال أبدى الجهاز رأيه فى صفقة اندماج مستشفيات كليوباترا مع ألاميدا، ورأى أنها قد تضر بالتنافسية فى الأسواق، وبالفعل لم يندمج الكيانان.
كما أبدى رأيه أيضا فى صفقة اندماج شركتى أوبر وكريم، للنقل التشاركى، ووافق على الصفقة بناء على شروط وضعها.
أوضح ممتاز أنه وفقا للمحور الثانى لاستراتيجية عمل الجهاز، هو دعم سياسات المنافسة، من خلال مراجعة وإبداء الرأى فى التشريعات أو السياسات أو القرارات التى من شأنها الإضرار بالمنافسة، والحد من تلك التشريعات أو القرارات، ومساعدة الحكومة للموازنة بين دعم الاقتصاد مع الحفاظ على سياسات المنافسة.
أضاف أن تعزيز ثقافة المنافسة، تأتى كمحور ثالث لاستراتيجية عمل الجهاز عبر زيادة الوعى بسياسات وقوانين حماية المنافسة، من خلال الدورات التدريبية وورش العمل المختلفة ونستهدف خلالها 5 فئات أساسية هى مجتمع رجال الأعمال من اتحادات وغرف وغيره، والقضاء وأعضاء النيابة العامة، وطلاب المدارس والجامعات، والإعلام، ويبحث إمكانية تدريس تلك السياسات لزيادة الوعى بها للأجيال القادمة، وإقامة دورات تدريبية لطلبة كلية الاقتصاد، والتنفيذيين فى الجهات الحكومية.
وقال ممتاز إن الجهاز يسعى إلى زيادة الوعى لدى مجتمع الأعمال، حتى يصبح متوافقا مع أحكام قانون حماية المنافسة، مؤكدا أنه لا يهدف أبدا إلى تغريم ذلك المجتمع.
وأوضح أن الجهاز يطور برنامج التوافق مع أحكام قانون حماية المنافسة، وسيتم الإعلان عنه قريبا، وهو يتضمن آليات التعاقد مع الموزعين، والمنافسين، وكيف يقوم المصنع بإبعاد نفسه عن أى شبهة ممارسة احتكارية، وبعد الانتهاء منه سيتم نشره واستعراضه مع منظمات الأعمال، مثل اتحادات الصناعات والمستثمرين والغرف التجارية، ونظيرتها الأجنبية حتى يعرف أصحاب الأعمال مالهم وما عليهم.
اضاف أن الجهاز يعمل أيضا على دليل استرشادى للحكومة ليساعد الوزارات المختلفة كيف تكون قراراتها متوافقة مع قواعد حماية المنافسة، قبل إصدارها، وتمت الاستعانة فيه بالدراسات التى أعدتها منظمة التعاون الاقتصادى والبنك الدولى، وغيرها من الجهات الدولية الأخرى».
و أوضح أن الجهاز يعمل مع هيئة الخدمات الحكومية، لإصدار كتاب دورى أيضا للحد من التواطؤ فى المناقصات والمزايدات، بما يمكن المسئول فى الحكومة من رصد أى شبهة ممارسة احتكارية قد تؤثر على المناقصات.
ما يقوم جهاز حماية المنافسة بحملة «لا للتواطؤ فى التعاقدات الحكومية» والتى تهدف لمواجهة الممارسات الضارة بالمنافسة والمخالفة للقانون والتى من شأنها تقييد المنافسة بين الشركات المتقدمة للجهات الإدارية، خاصة فى ظل الآثار والتداعيات الاقتصادية لأزمة فيروس كوفيد19-، وذلك للحفاظ على المال العام، وضمان العدالة بين المتنافسين، حيث يتم تدريب العاملين بإدارات التعاقدات والإدارات القانونية والهندسية بالوزارة وجميع الجهات والقطاعات التابعة لها على كيفية مواجهة عمليات التواطؤ التى قد تتم بين الأشخاص والشركات المتنافسة أثناء طرح العمليات التعاقدية بأشكالها المختلفة من: مناقصات ومزايدات وممارسات وغيرها. ولا تتوقف الحملة بالجهات والهيئات الحكومية فى العاصمة فقط ولكن تشمل جميع محافظات الجمهورية.
قال ممتاز إن الجهاز بصدد إنشاء إدارتين جديدتين، فى إطار خطته لتعزيز دوره فى منع الممارسات الاحتكارية، الأولى لمراقبة الأسواق، بحيث تتاح قاعدة معلومات لكافة القطاعات الاقتصادية، وإدارة أخرى لسياسات المنافسة والحياد التنافسى، وكيفية وضع جميع العاملين فى السوق على قدم المساواة، والمساواة بين الشركات الحكومية، والقطاع الخاص، والشركات العالمية.
كما يقوم الجهاز بإعادة هيكلة للعنصر البشرى، من خلال السعى لاستقطاب كوادر مؤهلة لإعداد دراسات قوية عن الأسواق وآليات منع الممارسات الاحتكارية مناخ عادل للمنافسة بين الشركات، والكيانات الاقتصادية.
وقال ممتاز، إن الجهاز يعمل حاليا على أكثر من 100 قضية، ويتحرك بناء على شكاوى يتلقاها أو من خلال دراسة ومراقبة القطاعات والأسواق المختلفة، ولا يتوقف على دراسة القضايا فى قطاعى الصحة والصناعات الغذائية، إنما هناك قطاعات أخرى مثل قطاع التكنولوجيا والتجارة الإلكترونية، والأجهزة المنزلية، والحاصلات الزراعية، بجانب قضية تخص قطاع الأسمدة ينظر فيها القضاء حاليا.