يشهد قطاع النقل البحرى خلال الفترة الحالية اضطرابات عديدة فى أسعار الشحن من دول آسيا إلى بقية دول العالم وانعكس على أسعار السلع الاستهلاكية الاساسية حول العالم ويعد النقل البحرى الشريان الأساسى للاقتصاد العالمى حيث يمثل %90 من عمليات التبادل التجارى حول العالم.
وارتفعت أسعار النقل البحرى العام الجارى 2021 بسبب استمرار جائحة كورونا العالمية والتى ادت إلى تباطؤ سير السفن ونقص الحاويات.
طلحة: أسعار شحن الحاويات زادت 10 أضعاف مقارنة بما قبل كورونا
وقال هيثم طلحة عضو الشعبة العامة للمستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية وعضو منتدى رجال الأعمال العرب بالصين إن أزمة ارتفاع الشحن بدأت مارس 2020 مع ظهور فيروس كورونا فى الصين والتى تعد المُصدر الأكبر عالميا.
ولفت إلى أنه مع وصول الشحنات منها بكامل طاقتها الاستيعابية إلى دول العالم مع تطور انتشار الفيروس بالدول الأخرى حدث تكدس فى الموانئ نتيجة اغلاق تلك الدول لموانيها فى النصف الثانى للعام الماضى كما ظهرت وليست كل الفوارغ وبالتالى حدث ارتفاع متكرر وتضاعف فى أسعار الشحن مع نقص أعداد الحاويات.
وأوضح أنه أحدث مشكلة كبيرة فى سلاسل الإمداد والتوريد آنذاك وبالتالى حدث زيادة على الطلب.
وذكر أن أسعار الشحن ما قبل كورونا من الصين وبلاد الشرق الأقصى لبلدان الشرق الأوسط وحوض البحر المتوسط ومنها مصر زادت 10 أضعاف سعرها، حيث بلغت للحاوية العشرين قدم نحو ألف دولار وألفى دولار للحاوية الـ40 قدما ما قبل كورونا مقارنة ب 10 آلاف دولار حاليا للحاوية 20 قدما، بينما اصبحت سعر الحاوية الـ 40 قدما نحو 20 ألف دولار.
وأوضح طلحة أن الارتفاع الجنونى فى أسعار نوالين الشحن البحرى على مستوى العالم ربما يكون مدعوماً ببعض التحالفات من شركات الشحن الكبرى بخلاف أزمة الكورونا.
وتابع عضو منتدى رجال الأعمال العرب بالصين أن التاثير على حجم التجارة العالمية تسبب فى ارتفاع أسعار البضائع لنحو %40 كما كان له تاثير أيضا على السوق المصرى المحلى بتضرر عدد كبير من المستوردين فى مصر بسبب الارتفاع المبالغ فيه لأسعار الشحن والذى تسبب فى ارتفاع أسعار المنتجات بنسبة %20.
وقال إن هناك علامات على أن أسعار الشحن المرتفعة تزيد تكلفة بعض المواد الغذائية كارتفاع أسعار السكر الأبيض ثلاثة أضعاف فبراير الماضى كما أن تأخر شحنات فول الصويا الغذائى من الولايات المتحدة قد يؤدى إلى ارتفاع أسعار منتجاته للمستهلكين فى آسيا.
وتابع طلحة أن هناك بعض الدول لجأت إلى تعطيل حركة الشحن ما تسبب فى زيادة الأزمة فضلا عن وجود اتفاق بين التوكيلات العالمية المالكة للسفن لرفع الأسعار لتعويض خسائرها الناتجة كورونا إضافة لتحقيق وتعظيم ربحية أعلى.
وأشار إلى أن هذا الوضع غير المسبوق ضاعف من الصعوبات التى شهدها القطاع فى الأعوام العشرة الماضية.
من ناحية أخرى لفت إلى أن ارتفاع أسعار الشحن من الصين والشرق الأقصى قد ينعكس إيجابيا على المصدرين المصريين لانخفاض تكلفة الشحن من مصر للدول المجاورة وهو ما يمثل فرصة جيدة للمنتج المصرى لمنافسة المنتجات العالمية.
وأرجع طلحة ارتفاع أسعار الشحن من الصين بوجه خاص يعود إلى 4 أسباب فمن أبرزها ارتفاع الطلب على البضائع الصينية خاصة وأن هناك بعض البلدان فى أوروبا متأثرة بفيروس كورونا ولم تبدأ فى الإنتاج حتى اليوم بالإضافة إلى انخفاض عدد الحاويات ومؤخرا أصبحت الحاوية تذهب للدول ولا تعود مرة أخرى.
وأضاف أن السبب الثالث هو بعض شركات الشحن والحاويات فى الصين تريد تعويض حجم الخسائر التى لحقت بها خلال أزمة فيروس كورونا 2020 مما دفعها لرفع أسعار الشحن أما السبب الرابع فهو متعلق أن بعض البلدان لم تأخذ خطوة حتى اليوم فى فتح الأسواق ومازالت مغلقة بسبب توابع كورونا.
أحمد: التوكيلات الملاحية استغلت قرار تطبيق التسجيل المسبق للشحنات الواردة من الخارج
وأضاف محمد أحمد رئيس لجنة الشحن الجوى، أن هناك اختلافا بين أسعار الشحن الجوى والشحن البحرى، حيث ترتفع فى الأولى عن الأخيرة وهو ما يفسر اتجاه المستوردين للشحن البحرى بديلا عن الشحن البحرى فى الوقت الحالى فضلا عن انخفاض نشاط غالبية المستوردين نتيجة فروق العملة وتذبذب الأسعار العالمية.
وأشار إلى أن التوكيلات الملاحية العالمية بدأت تستغل انخفاض تداول الحاويات بين الدول ورفعت أسعار تداول الحاويات بين %200 و%300 وهو ما أثر على ارتفاع أسعارالمنتجات التى يتم استيرادها من الخارج.
ولفت إلى أن التوكيلات الملاحية استغلت كذلك قرار وزارة المالية بالتسجيل المسبق الشحنات الواردة من الخارج نتيجة التزاحم على تسجيل الشحنات قبل موعد القرار بهدف تحقيق أعلى ربح وعلى سبيل المثال ارتفعت أسعار بعض الشحنات الواردة من الصين من 2000 دولار إلى 10 آلاف دولار.
وحول تأثير ارتفاع أسعار الشحن على المصدرين قال إنه من المتوقع أن يتأثر المصدرون سلبيا وخاصة مصدرى الخضروات والفاكهة، وتعرضهم لخسائر كبيرة نتيجة ثبات الأسعار وارتفاع سعر الشحن العالمى.
ودعا رئيس اللجنة إلى تكاتف الدولة والمصدرين للوصول إلى أقل تكلفة للشحن الجوى من الخارج ووجود نظرة مختلفة لقطاع الطيران فضلا عن توفير الدعم المادى للمصدرين لعبور الأزمة الحالية الناتجة عن ارتفاع تكلفة أسعار الشحن الجوى وكذا التوسع فى إنشاء محطات لوجستية فى الخارج وخاصة قارة أفريقيا.
وتابع ان هناك مطالبات من دولة كينيا الى الحكومة المصرية لتعزيز سبل التعاون اللوجيستى بتأسيس مناطق لوجيستية فى كينيا لتوسيع دائرة التبادل التجارى بين البلدين خلال الفترة المقبلة.
مينا: مشكلة فوارغ الحاويات ساهمت فى ارتفاع أسعار الشحن عالميا فى الصين واليابان وتركيا
ومن جهتها قالت مى مينا الرئيس التنفيذى لشركة الندى للشحن والخدمات اللوجيستية، إن أزمة ارتفاع أسعار الشحن الجوى بدأت مع تداعيات انتشار فيروس كورونا والتى تسببت فى تراكم الحاويات فى الموانئ لإخضاعها للكشف بالأشعة وفقا للإجراءات الاحترازية التى وضعتها الدول للحد من انتشار الفيروس.
وأضافت أن تلك الإجراءات تسببت فى تزاحم الشاحنات بالموانئ عالميا وظهور مشكلة كبيرة فى الحاويات الفارغة ما تسبب فى زيادة أسعار الشحن بقيمة قد تفوق ثمن البضاعة المنقولة، وهو ما دعا ملاكها إلى رفض استلامها وتقوم الجهات المسئولة ببيعها بالمزادات العالمية أو إعدامها داخل الموانئ.
ونوهت إلى ارتفاع أسعار الشحن فى بعض الموانئ مثل موانئ دمياط وبورسعيد مما اضطر المستوردين والمصدرين إلى اللجوء لميناء العين السخنة لانخفاض التكلفة وهو ما دفع الوكلاء لاستغلال تلك الميزة فى رفع أسعار الشحن على العملاء لترتفع من600 دولار إلى 6000 ولار فى بعض الأحيان على سبيل المثال.
وتابعت ان المستفيد الرئيسى حال وجود مشكلات فى تطبيق العمل بنظام التسجيل المسبق هو التوكيلات الملاحية العالمية التى تلجأ لفرض غرامات على المصدرين والمستوردين.
ومن جانبه أوضح خليل عبدالهادى رئيس مجلس إدارة شركة كارجو ستار أن بعض الأسباب الرئيسية التى أدت إلى نقص الحاويات وارتفاع أسعار الشحن العالمى تعود إلى قيام شركات الملاحة العالمية بوقف تشغيل أكثر من %50 من بواخر الحاويات.
كما أوضح عبد الهادى أن التأثير الأكبر محليا سيكون على الاقتصاد والاستثمار المصرى والذى يتركز فى نقل البضائع المنقولة من الصين إلى مصر والتى تعتمد عليها بشكل رئيسى فى استيراد مختلف السلع خاصة ان حركة البضائع من الصين الى مصر بلغت نحو 12 مليار دولار كصادرات من الصين الى مصر وبلغت حجم الواردات من مصر الى الصين مليار دولار
وقال الدكتور محمد عبدالغفار رئيس مجلس إدارة شركة «ايه اى ام» إن ارتفاع أسعار الحاويات كان أبرز أسباب
الخسائر الفادحة التى هددت السوق الملاحى الفترة الحالية حيث ارتفعت الاسعار بنحو %30 عن سابقها نظرا إلى تعطيل بعض سفن الخطوط العالمية.
وأضاف أن شركات الشحن تمتلك ما يقرب من نصف الحاويات فى العالم والباقى مملوك لشركات متخصصة فى تأجير الحاويات وحيث ان معدلات التأخير للحاويات الجديدة ارتفعت أكثر من %75 فى الربع الثانى من هذا العام 2021 وهذا يعتبر أحد العوامل التى اثرت على ارتفاع أسعار الشحن البحرى.
وتوقع عبد الغفار خلال العام المقبل رؤية فرصة للتحسن والتعافى للسوق الملاحى بنسبة %40 اعتبارا من الربع الثانى من العام المقبل 2022 مع تزايد كبير فى الانتاج وعودة ثقة المستهلكين فى السوق وارتفاع الطلب وزيادة حركة التجارة العالمية وجذب العديد من الاستثمارات التى قضت عليها تلك الجائحة.
وأشار المهندس محمد الـوزان رئيس مجلس إدارة شركة سى آند إير إلى أن أسعار الشحن الجوى ارتفعت هى الأخرى بنسبة %50 كما ارتفعت أسعار النقل البحرى بنسبة %40 فيما شهد شحن الحاوية الـ45 قدماً قفزة جنونية من 1000 دولار حتى وصلت فى الوقت الحالى بنحو 15 ألف دولار أو أكثر
وذكر الوزان أن ارتفاع أسعار الحاويات جاء بناء على قرارات الخطوط الملاحية العالمية كميرسك وسى إم إيه وغيرهما بتعطيل جانب من سفنهما لمدة عـام بسبب تداعيات أزمـة كورونا.
ولفت أحمد عوض رئيس مجلس إدارة شركة سيما لوجيستيك ان المستفيد من ارتفاع اسعار الشحن البحرى هم الخطوط الملاحية العالمية خاصة ان إجمالى أرباح تسعة خطوط ملاحية تضاعفت ثلاثة أضعاف ففى عام 2019 كان إجمالى أرباح الخطوط التسعة 4.8 مليارات دولار بينما فى العام الماضى بلغ 15.1 مليار دولار.