يرى مستثمرون أن توقف هيئة التنمية الصناعية عن طرح أراض صناعية بمساحات كبيرة ومتفاوتة خلال العام الماضي، تسبب في أزمة للقطاع، في حين يرى آخرون أنها خطوة لا بد منها لضبط آليات الطرح.
ويقول مصدر حكومي، إن الهيئة لن تطرح أراضي إلا بعد حصر القطع غير المستغلة لإعادة طرحها.
وطالب مستثمرون بالتوسع في الطرح بنظام حق الانتفاع ثم التملك لاحقًا ، تيسيرًا عليهم فور بدء المشروع.
كما يطالب المستثمرون بخفض أسعار الأراضي المطروحة لتصل إلى حد التكلفة فقط.
قال مصدر حكومي، إن الهيئة العامة للتنمية الصناعية، تعمل على وضع ضوابط جديدة لإعادة طرح الأراضي الصناعية على المستثمرين خلال الفترة المقبلة.
وأضاف لـ “البورصة” أن الهيئة لن تطرح أراضي صناعية جديدة إلا بعد انتهاء لجنة حصر الأراضي غير المستغلة من أعمالها، تمهيدا لسحب الأراضي من المستثمرين غير الجادين وإعادة طرحها.
وأوضح المصدر الذي رفض نشر اسمه، أن من ضمن الضوابط التي سيتم إعادة النظر فيها، هي الفترات الزمنية الممنوحة للمستثمرين لبدء عمليات التشغيل (فترات السماح)، ومتابعة المشروع حتى بدء تشغيله للتأكد من الجدية والالتزام بالشروط الموضوعة، سواء فيما يخص البناء أو توريد المعدات والآلات وفق طبيعة النشاط الصناعي التي تم تخصيص الأرض له.
سعد الدين: نظام “حق الانتفاع ثم التملك” أفضل آلية للتعامل على الأراضي
وقال محمد سعد الدين عضو مجلس إدارة اتحاد الصناعات المصرية، إن توقف طرح الأراضي من قبل هيئة التنمية الصناعية له جوانب إيجابية وأخرى سلبية.
والجانب الإيجابي أنه كان لا بد من إعادة تنظيم عملية طرح الأراضي و مراجعة منظومة تخصيص الأراضي بهدف الوقوف على مدى جدية المستثمرين في إقامة المشروعات، وسحب الأراضي غير المستغلة لإعادة طرحها من جديد.
أضاف سعد الدين، أن الجانب السلبي هو مرور فترة طويلة دون طرح أراض صناعية بمساحات كبيرة على المستثمرين، ما أدى إلى ارتفاع أسعار المصانع والأراضي خارج نطاق طروحات هيئة التنمية الصناعية.
وأشار إلى أن عملية إعادة تنظيم طرح الأراضي الصناعية، كان يمكن أن تتم بالتوازي مع طرح الأراضي غير المستغلة التي تم سحبها من مستثمرين غير جادين.
ولفت إلى ضرورة التوسع في إنهاء إجراءات استخراج الرخص للمصانع وتخصيص الأراضي الصناعية إلكترونيًا، ما يساهم في تنمية الاستثمار الصناعي والتخلص من البيروقراطية.
وطرحت هيئة التنمية الصناعية أراضٍ صناعية لآخر مرة في يونيو 2020، بواقع 654 قطعة أرض موزعة على المناطق الصناعية بـ 12 محافظة على مستوى الجمهورية.
وجاءت مدينة السادات بمحافظة المنوفية في المقدمة بإجمالي 329 قطعة أرض على مساحة تقديرية 746 ألف متر مربع، وبعدها محافظة قنا بمنطقتي قفط ونجع حمادي بإجمالي عدد 106 قطع بمساحة 156 ألف متر تقريبًا، ثم العاشر من رمضان بالشرقية بإجمالي 51 قطعة أرض على مساحة حوالي 303 آلاف، وتأتي القنطرة شرق بالإسماعيلية بإجمالي 45 قطعة على مساحة 40 ألف متر مربع، والمحلة الكبرى بمحافظة الغربية بإجمالي عدد قطع 37 على مساحة 27 ألف متر مربع تقريبًا، ثم برج العرب الجديدة بالإسكندرية 33 قطعة بمساحة تقديرية 106 آلاف متر مربع، ثم تأتي بورسعيد بمناطق بحري الحوض السمكي و C8 و C9 بـ 19 قطعة أرض بإجمالي مساحة 38 ألف متر مربع، ومنطقة طيبة بالأقصر 9 قطع على مساحة 55 ألف متر مربع، والوادي الجديد بمنطقة الداخلة الصناعية 13 قطعة على مساحة حوالي 2.5 ألف متر مربع، وأسيوط بمنطقة دشلوط 5 قطع على 7 آلاف متر مربع، ومنطقة لقطامية بالقاهرة بإجمالي 4 قطع على مساحة حوالي 7 آلاف متر مربع، وأخيرا المنيا بمنطقة المظاهرة الصناعية 3 قطع بإجمالي مساحة 2.5 ألف متر مربع.
قال سعد الدين إن حصول المستثمرين على الأراضي الصناعية بصيغة حق الانتفاع لعدد معين من السنوات، هي الآلية الأفضل لطرح الأراضي الصناعة.
وهذا النظام يساهم في توفير السيولة للمستثمرين لاستغلالها في شراء الماكينات والمعدات، بدلًا من صرف مبالغ كبيرة لشراء الأراض.
ولفت إلى أنه يمكن طرح أراض صناعية بنظام حق الانتفاع ثم التملك لاحقًا، لضمان عدم بيع الأرض بشكل نهائي إلا بعد ضمان نجاح واستمرارية المشروع.
وأكد ضرورة خفض قيمة الانتفاع بشكل عكسي مع أهمية المنتجات التي يصنعها المصنع للسوق المحلي، مثل مكونات ومستلزمات الإنتاج التي يحتاجها السوق المحلي، للمساهمة في خفض قيمة الواردات.
وأشار نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد المستثمرين، إلى أن خفض قيمة حق الانتفاع يساهم في تحفيز الاستثمارات الأجنبية للعمل في مصر.
وارتفع العجز في الميزان التجاري بنسبة 10% خلال مايو الماضي مسجلا 3.34 مليار دولار مقابل 3.04 مليـار دولار خلال الشهر مـن 2020، بحسب البيانات الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وسجلت الصادرات 3.11 مليار دولار خـلال مايو الماضي مقابل 1.72 مليار دولار، فيما ارتفعت الواردات إلى 6.45 مليار دولار مقابل 4.76 مليار دولار خلال فترتي المقارنة.
شكري: كلما اقتربت منطقة التصنيع من المواد الخام كانت اقتصاديات التشغيل أفضل
وقال محمد شكري نائب رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، إن وزارة التجارة والصناعة يجب أن تأخذ برأي منظمات الأعمال في وضع ضوابط طرح وتخصيص الأراضي الصناعية نيابة عن المستثمرين لأنهم يعتبرون المستهلك الأول لتلك الأراضي.
وأضاف: “كي يتم وضع ضوابط جديدة يجب أن يؤخذ برأي المستثمرين لأنهم الأكثر دراية بالعقبات التي تواجه عملية تخصيص الأراضي، ولا يعقل اتخاذ إجراءات جديدة بدون مشاركته بالرأي على أقل تقدير”.
وأوضح شكري، أن مشاركة المستثمرين في وضع تلك الضوابط سوف يساهم في الحد من ظاهرة تسقيع الأراضي الصناعية من خلال الوقوف على آليات التلاعب وضمان الاستفادة منها، إذ إن الهدف من طرح الأراضي هو توفير فرص العمل وتصنيع منتجات تساهم في تقليل الواردات وتحقيق الاكتفاء الذاتي للسوق.
وتابع أن تحسين الميزان التجاري يتطلب طرح أراضي للاستثمار في الصناعات التي تتميز بها مصر لزيادة صادراتها، فضلًا عن بدء تصنيع مستلزمات ومكونات الإنتاج التي ترتفع قيمة وارداتها.
كما أكد ضرورة إعداد قائمة من قبل الجهات المعنية بالمنتجات التي تتطلب زيادة الاستثمارات بها في القطاعين الصناعي والزراعي، مع الأخذ برأي المستثمرين في إعدادها.
وطالب شكري، الحكومة بالتوسع في طرح الأراضي الصناعية بنظام حق الانتفاع كونه النظام الأفضل للمستثمرين، إلا أن ذلك يتطلب توجه البنوك نحو الإقراض بضمان ممتلكات أخرى بخلاف الأرض مثل الماكينات والمعدات.
قال نائب رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات المصرية، إن طرح الأراضي للقطاع يجب أن يكون في المناطق التي تتواجد بها المواد الخام مثل الدلتا وبعض مشروعات الاستصلاح الزراعي التي بها مساحات منزرعة كبيرة.
وكلما كانت منطقة التصنيع قريبة من مصدر المواد الخام كلما كانت اقتصاديات التشغيل أفضل والفاقد أقل.
أبو المكارم: الأجانب يفضلون حق الانتفاع أو الإيجار لتسهيل عملية التخارج
وقال خالد أبو المكارم رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيماوية، إن توقف طرح الأراضي الصناعية يعد قرارًا غير مناسب وتعطيلا لحركة الصناعة وقيمة الاستثمارات التي تضح بالسوق المحلي.
أضاف أنه يجب أن تطرح بعض قطع الأراضي على المستثمرين بشكل دوري كل شهر، وذلك بمساحات وصناعات متعددة تراعي كافة احتياجات المستثمرين وتعدد المواقع الجغرافية التي تطرح بها.
وطالب الحكومة بالتوسع في إنشاء مناطق ومجمعات صناعية متكاملة بكافة الخدمات في المناطق الحدودية، ولاسيما للصناعات الصغيرة والمتوسطة والحرفية التي تتناسب مع طبيعة المكان.
وتابع : “إنشاء وحدات صناعية كاملة ذات أسعار مخفضة سواء بحق الانتفاع أو الإيجار، سيساهم في توفير مزيد من فرص العمل ومنع الإرهاب الذي يستغل حاجة الشباب للمال نتيجة عدم وجود وظائف”.
وأشار أبو المكارم الذي يشغل عضوية مجلس إدارة غرفة الصناعات الكيماوية باتحاد الصناعات، إلى أن الحكومة ستستفيد أيضًا من خلال تقليل البطالة ودفع الضرائب والتأمينات وغيرها.
فالمستثمر الأجنبي يميل إلى أن يكون المصنع أو الوحدة بنظام حق الانتفاع أو الإيجار لتسهيل عملية التخارج في أي وقت، بعكس المستثمر المحلي الذي يميل إلى تملك المصنع أو الوحدة.
وأوضح أن المستثمر الصغير والمتوسط يميل إلى عدم تحمل أعباء مالية كبيرة في بداية الدخول إلى عالم الاستثمار الصناعي، وبالتالي فإن فكرة الحكومة بالتوسع في المجمعات الصناعية التي تتبنى نظام حق الانتفاع صائبة للغاية لتحفيز الاستثمار من قبل الشباب بالصناعات الصغيرة والمتوسطة.
وأشار إلى أن صغار المستثمرين كانوا سيواجهون صعوبة كبيرة حال عدم وجود وحدات صناعية بالمجمعات واضطرارهم إلى شراء أرض وإقامة مصنع.
قال أبو المكارم، إن هيئة التنمية الصناعية مطالبة بسحب الأراضي من المستثمرين حال عدم استغلالها خلال فترة زمنية محددة، والتي يمكن أن تكون لمدة عام للانتهاء من مرحلة التجهيزات الأولية والرسومات والبنية التحتية، وعام آخر للانتهاء من الإنشاءات، وعام لاستخراج الرخص وشراء الماكينات وبدء التصنيع.
جمال الدين: التملك بالتقسيط على 10 سنوات.. ودراسة الجدوى تقضي على “التسقيع”
وقال وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديري لمواد البناء والحراريات والصناعات المعدنية، إن الأراضي الصناعية بمثابة أزمة مزمنة لدى القطاع الصناعي مستمرة منذ عقود طولية.
وأكد أهمية وجود شفافية في التخصيص، ومنع التربيطات التي تتم من بعض صغار الموظفين، الأمر الذي يتناقض تماما مع توجه الحكومة نحو توفير أراضي للتوسع وإقامة أنشطة صناعية عليها.
أشار جمال الدين إلى ضرورة تسهيل الإجراءات المطلوبة للحصول على أراضي لكي يحصل عليها المستثمر في وقت قصير.
وتابع: “عدم الشفافية في آليات التخصيص يعطي السماسرة فرصة للدخول وشراء الأراضي وبيعها بفرق سعر للمستثمرين الذين تقدموا رسميا لطلب أراض وتم رفضهم، وهي تعتبر أكبر مشكلة تواجه المستثمر في رحلة الحصول على قطعة أرض صناعية”.
قال جمال الدين، إن الأراضي الصناعية يجب ألا تنظر لها الحكومة على أنها وسيلة للربح لكن يجب توفيرها بتيسيرات للمصنعين باعتبارها حجر أساس التنمية الصناعية وتوفير فرص عمل وعملة صعبة من خلال فتح التصدير أمام هذه المنتجات.
وأضاف أن ارتفاع أسعار الأراضي يمكن أن يكون سببًا للتعثر قبل البدء في إنشاء المشروع بعد تجميد رأسماله في الأرض، مؤكدًا أهمية إتاحة الأراضي الصناعية بأسعار رمزية بتكلفة ترفيقها.
واقترح طرح أراض للتملك بالتقسيط على 10 سنوات أسوة بالفترة التي سبقت عام 2010، والتي كانت تعطي راحة للمستثمر عند بدء مشروع فترة سماح 3 سنوات لبدء سداد الأقساط مع الإنتاج، ومن دخل المشروع يتم السداد حتى لا يتحمل عبئا في بداية مشروعه.
ولتفادي ظاهرة “تسقيع الأراضي”، قال إن السماسرة هم من يقومون بهذا الأمر، مؤكدًا أهمية ربط تخصيص الأراضي الصناعية بدراسة جدوى للمشروع.
ولفت إلى ضرورة أن تكون هناك خطوات جادة من قبل المستثمر قبل منح الأرض له لتفادي منحها للسماسرة، وذلك بأن يكون لديه سجل تجاري ودراسة جدوى والحصول على موافقة هيئة الاستثمار على إقامة المشروع بتخصص معين وسحبها بعد عامين أو 3 أعوام في حالة لم يتم البدء في الأساسات بالمصنع.
وفيما يخص توجه الدولة نحو إقامة المجمعات والمصانع الجاهزة قال جمال الدين: “خطوة مهمة تساعد في التيسير على المستثمر في إقامة مصنعه في وقت أقصر، لكنها تتناسب أكثر مع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، فيما تحتاج المشروعات الضخمة مساحات كبيرة”.
وذكر أن الشركات العالمية الراغبة في الاستثمار بمصر يجب أن يكون لها استثناء في تخصيص الأراضي، وأن تتم هذه العملية بسرعة وبسهولة في الإجراءات لضمان دخوله باستثماراته وبدء الإنشاءات حتى لا يخرج سريعا قبل البدء.
ولفت إلى أن مشكلة نقص الأراضي تعتبر أبرز العقبات التي تواجه المستثمر في محافظات الوجه البحري والقاهرة.. لكن في مدن الصعيد المشكلة تعتبر عكسية، إذ إن الأراضي لا تجد من يرغب فيها لأسباب كثيرة يجب وضع حلول لها.
وأوضح أن المنتجات في الصعيد تجد صعوبة في التسويق فضلا عن ضعف الصناعات التي تخدم عليها من الصناعات المغذية، وتوفر العمالة وتوفر المساكن ونقص الخدمات.
بشر: تسعير الأراضي في مصر لا يتناسب مع إمكانيات المستثمرين
وقال حازم بشر، عضو المجلس التصديري للصناعات الكيماوية والأسمدة، إن تسعير الأراضي عادة ما يكون مرتفع ولا يتناسب مع إمكانيات المستثمر.
وأكد أهمية طرح أراضي بنظام التملك لعدد سنوات يصل لـ 15 عاما ودفع مقدم يتراوح بين 5 و10% فقط من سعر الأرض مقابل اشتراط دفع 50% من قيمة الأرض وسداد باقي المبلغ على 5 سنوات فقط.
وأشار إلى ضرورة توفير أراضي مرفقة بأسعار مناسبة للمستثمر ، كي يتمكن من بدء مشروعه فضلا عن أهمية توفير قروض لكي يتمكن المستثمر من إنشاء مشروعه.
وشدد على ضرورة طرح أراضي بأسعار مناسبة في المناطق الصناعية مثل مدينة العاشر من رمضان، والعبور، وبدر، وتوفير المرافق والخدمات لها.
وطالب بشر، بتوفير حوافز للاستثمار بمحافظات الصعيد، بحيث لا يقتصر الأمر على توفير أراضي بحق الانتفاع أو بالمجان بدون توفير الخدمات اللازمة لها، بجانب توفير أماكن لإقامة العمال، وإتاحة إعفاءات ضريبية لمدة 10 سنوات، وتوفير تدريب للعمالة وتقديم الدعم والاستشارات.
وقال حمودة أبو السعود رئيس مجلس إدارة شركة المصرية للعاجين ومركزات الألوان، إن توقف طرح الأراضي الصناعية من قبل الحكومة خلال الفترة الأخيرة جعلت المستثمر يلجأ إلى شراء أراضي بأسعار مرتفعة لكي يتمكن من توسعه نشاطه، ما تسبب في تعطل بعضهم عن رفع طاقتها الإنتاجية خاصة للشركات المصدرة.
وأضاف أن الشركات التي تتوسع في التصدير تحتاج إلى مساحات تخزينية كبيرة لكي تتمكن من تصنيع كامل احتياج العميل بالخارج وتخزينه ثم تصديره دفعة واحدة.
وأوضح أبو السعود، أن تملك الأرض هو الخيار المفضل لدى الشركات المصنعة وتعتبرها ضمانا بدلا من هدر السيولة في نظام حق الانتفاع أو الإيجار.