اقترحت كوريا الجنوبية موازنة لعام 2022 من شأنها الحفاظ على الإنفاق المالى القوى لمحاولة التعامل مع تداعيات الوباء، ويكافح رابع أكبر اقتصاد فى آسيا للتعامل مع ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا.
واقترحت وزارة المالية يوم الثلاثاء إنفاق ما يصل إلى 604.4 تريليون وون «أى 523 مليار دولار» فى عام 2022، بزيادة قدرها %8.3 عن عام 2021، ومن شأن هذه الزيادة رفع الدين الحكومى إلى %50.2 من الناتج المحلى الإجمالى من %36 فى عام 2017 عندما تولى الرئيس الكورى مون جاى إن منصبه.
هذا النهج المالى العدوانى آثار مخاوف بشأن استدامة الإنفاق التحفيزى للبلاد، لكن مون أكد أنه يجب الحفاظ على السياسة للتعامل مع أزمة كوفيد-19 التى تفشت أكثر بسبب نقص اللقاحات، حسبما نقلت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
وقال مون فى اجتماع لمجلس الوزراء: «لايزال أمامنا طريق طويل لنقطعه لتحقيق الانتعاش الكامل ولاتزال هناك حاجة ماسة للدور النشط للإنفاق المالى للتعامل مع التغييرات الهائلة بما فى ذلك إعادة هيكلة سلسلة الإمداد العالمية وتغيير نظام التجارة الدولية».
جاء الإعلان عن الإنفاق القياسى فى وقت تكافح فيه الحكومة لكبح جماح ديون الأسر المتزايدة والتفاوت المتزايد للدخل.
وفى الأسبوع الماضى، أصبحت كوريا الجنوبية أول اقتصاد آسيوى كبير يرفع أسعار الفائدة منذ بداية الوباء فى محاولة لوقف الاختلالات المالية المحتملة الناتجة عن ارتفاع مستويات الديون وارتفاع أسعار العقارات.
يذكر أن الجزء الأكبر من ميزانية 2021 المقترحة سيُنفق على توسيع مزايا الرعاية الاجتماعية وخلق فرص العمل وتطوير التقنيات الناشئة التى يمكن أن تدفع النمو.
تسير كوريا الجنوبية على المسار الصحيح لنمو الناتج المحلى الإجمالى بنسبة %4 هذا العام، حيث ساعدت الصادرات المزدهرة من المنتجات الإلكترونية والسيارات والسفن فى إنقاذ البلاد من ركود العام الماضى.
وبرغم نمو الصادرات، لايزال تعافى سوق العمل بطيئاً، حيث تضرر الاستهلاك المحلى بفعل قيود الوباء الأكثر صرامة حيث تكافح السلطات الصحية مع متغير دلتا الأشد فتكاً.
وأشارت الصحيفة أيضاً إلى أن العديد من العاملين لحسابهم الخاص، الذين يشكلون نحو ثلث القوة العاملة، يتعرضون لضغوط مالية متزايدة بعد أن أدت القيود الوبائية الأكثر صرامة، بما فى ذلك تشديد إجراءات التباعد الاجتماعى، إلى خفض دخلهم.
وقال مون، إن كوريا الجنوبية لديها القدرة على الحفاظ على سياستها التوسعية، فى إشارة منه إلى الوضع المالى الصحى نسبياً للحكومة.
ومن المقرر أن تظل نسبة الدين الإجمالى للحكومة العامة للبلاد أقل من ثلث مثيلتها فى اليابان ونصفها فقط بالنسبة للولايات المتحدة بحلول عام 2025، وفقاً لبيانات صندوق النقد الدولى.
ومع ذلك، آثار بعض الخبراء مخاوف بشأن الوتيرة السريعة للديون المتزايدة حيث تواجه البلاد تحديات طويلة الأجل مثل شيخوخة السكان السريعة وتراجع معدلات المواليد فى العالم إلى أدنى مستوياتها، وهى تحديات يمكن أن تزيد بسرعة الأعباء المالية التى تواجهها كوريا الجنوبية فى العقود المقبلة.
يقول بارك سوك جيل، الاقتصادى فى بنك «جى بى مورجان»: «هذا ليس عامل خطر على المدى القصير حيث لايزال أمام الحكومة المجال لإجراء المزيد من الإنفاق».
وأشار إلى أن نسبة الديون الحكومية لكوريا الجنوبية لاتزال أقل بكثير من مثيلتها فى البلدان المتقدمة الأخرى، لكن يذك قد تضطر إلى تعديل وتيرة زيادة الديون على المدى الطويل، بالنظر إلى أن كوريا الجنوبية يمكن أن تتبع مسار نمو مماثلاً لذلك المتبع فى اليابان.