” المركزي” يدعم التفاؤل ويتوقع 5% نموا العام الحالي و4.6% في 2022
يتعافى الاقتصاد الأوروبي من تداعيات أزمة فيروس كورونا، إذ تجاوز نمو منطقة اليورو كلاً من الولايات المتحدة والصين في الربع الأخير، فضلاً عن أن أكثر من 70% من البالغين في الاتحاد الأوروبي تلقوا اللقاح بالكامل، وبدأ الاستثمار في الازدهار، والبطالة آخذة في الانخفاض.
مع ذلك، حذرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد ، الأسبوع الماضي، من أن المنطقة لم تخرج بعد من مرحلة الخطر، مسلطة الضوء على عدد من المخاطر خلال الأشهر المقبلة، رغم رفع توقعات النمو للمرة الثالثة على التوالي هذا العام.
يقول الاقتصاديون إن الاقتصاد الأوروبي وصل إلى “نقطة جيدة” بعد أن انتعش من الركود القياسي الذي أعقب الحرب ضد الوباء العام الماضي، لكنهم يحذرون من أن المنطقة تبدو على استعداد لاتباع النمط المسجل في الولايات المتحدة والصين، اللتين تعافيتا بشكل أسرع من أزمة كورونا.
وفيما يتعلق بذلك، قال إريك نيلسن، كبير الاقتصاديين في مصرف “يوني كريدت” الإيطالي، إن منطقة اليورو ستسجل رقم نمو جيد في الربع الثالث، لكن الشتاء يجلب معه مخاطر التباطؤ”.
وتابع: “مؤشرنا الرائد يتراجع حتى نهاية العام، لذلك تظهر إشارات تحذيرية تفيد أن هذا الانتعاش قد لا يكون سلس كما يعتقد الناس”.
تأتي أكبر علامة تحذير من الاختناقات في سلاسل الإمداد العالمية التي جعلت الشركات المصنعة تتصارع مع النقص وارتفاع أسعار كل شيء من أشباه الموصلات والورق إلى الفولاذ والبلاستيك، حسبما ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
واصطف المديرون التنفيذيون في شركات صناعة السيارات، فيمؤتمر “أي إيه إيه موبيليتي” (IAA Mobility) في ميونيخ الأسبوع الماضي للتحذير من عدم وجود نهاية تلوح في الأفق لنقص الرقائق الذي أجبرهم على إغلاق خطوط الإنتاج وترك إنتاجهم أقل بنسبة 30% من مستويات ما قبل الوباء.
عن ذلك، قال الرئيس التنفيذي لشركة “دايملر”، أولا كالينيوس : “أعتقد أن الربع الثالث سيكون عند أدنى مستوياته، وبعد ذلك سنبدأ في الصعود مرة أخرى في الربع الرابع”.
ويقول جيل مويك، كبير الاقتصاديين في شركة التأمين “أكسا”، إن قضايا جانب العرض تشكل مشكلة بالتأكيد، فالفجوة بين الطلبيات والإنتاج في شركات صناعة السيارات الألمانية تعتبر هائلة، ولا يتم سد جزء كبير من الطلب.
وأضاف أن مشاكل سلسلة الإمداد قد تضر بالإنفاق الاستهلاكي إذا أدت إلى ارتفاع التضخم في منطقة اليورو، الذي ارتفع بالفعل إلى أعلى مستوياته منذ عقد، عند 3% في أغسطس، والذي يتوقع استمرار ارتفاعه لعدة أشهر أخرى.
وأوضح: “بدأنا نرى أن ذلك يؤثر على المستهلكين في الولايات المتحدة ويمكن أن يحدث هنا في أوروبا أيضاً”.
ثمة خطر ثاني يهدد تعافي أوروبا وهو ما إذا كان متغير دلتا أو أي سلالة أخرى تسبب موجة ضارة أخرى من عدوى كورونا، رغم ارتفاع مستويات التطعيم.
وقالت لاجارد: “انتشار متحور دلتا حتى الآن لم يتطلب إعادة فرض إجراءات الإغلاق، لكنه قد يبطئ انتعاش التجارة العالمية وإعادة فتح الاقتصاد بشكل كامل”.
في الوقت نفسه، يواجه اقتصاد منطقة اليورو، الذي يركز على التصدير، خطرا آخر وهو أن التباطؤ الأخير في الولايات المتحدة والصين يمكن أن يؤثر على النمو في الكتلة.
ورغم حالة عدم اليقين التي تلوح في الأفق، لا يزال تفاؤل واسع النطاق بأن أسوأ أزمة وبائية ضربت أوروبا قد انتهت وأن المنطقة مهيأة لتسجيل نمو قوي على مدى بضعة أعوام، إذ قال البنك المركزي الأوروبي إن النمو سيصل إلى 5% في عام 2021 و 4.6% في عام 2022.
قالت دانييلا أوردونيز، الاقتصادية لدى “أكسفورد إيكونوميكس”، إن أوروبا وصلت إلى “نقطة تحول” في انتعاشها من أزمة كورونا.
وأضافت أوردونيز: “بدأت المناقشات حول حقبة ما بعد الوباء بالهيمنة حيث بدأ الانتعاش الاقتصادي الآن على قدم وساق”.
خلال الأسبوع الماضي، رفعت وكالة الإحصاء التابعة للاتحاد الأوروبي توقعات نموها في الربع الثاني لمنطقة اليورو إلى 2.2%، وجاءت معظم هذه النسبة من قفزة نسبتها 3.7% في إنفاق الأسر، كما أن الإنفاق الحكومي والاستثمار التجاري كانا مرتفعين أيضاً، بينما كان انخفاض المخزونات هو العائق الطفيف الوحيد.
كذلك، يتوقع معظم الاقتصاديين أن تحافظ الحكومات الأوروبية على سياستها المالية الداعمة في العام المقبل، خاصة أن كل من ألمانيا وفرنسا تستعدان للانتخابات، بجانب دفعة داعمة أخرى من المنتظر قدومها من صندوق التعافي الأوروبي الذي تبلغ قيمته 800 مليار يورو، والذي بدأ يتدفق إلى الخزائن الوطنية.
وقالت لاجارد، إن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو في طريقه لاستعادة مستواه السابق للوباء بحلول نهاية العام، وهو أمراً حققته الولايات المتحدة والصين بالفعل، لكن من غير المرجح أن تصل المملكة المتحدة حتى العام المقبل.