تعمل مصر على تنفيذ مشروع جديد لترميم وتطوير القاهرة التاريخية التي تغطي مساحة كبيرة أصبحت موقعا أثريا عالميا يرجع تاريخه إلى ألف عام كان مسرحا دارت فيه أحداث بعض حكايات ألف ليلة وليلة وذلك بعد أن ظهرت عليه أعراض التداعي السريع.
تهدف الخطة لإحياء القاهرة والترويج لها كمزار سياحي في الوقت الذي تتأهب فيه الحكومة للانتقال إلى عاصمة جديدة تقيمها في الصحراء.
وتعطي الخطة دفعة جديدة لجهود يبذلها معماريون ومرممون متخصصون لإنقاذ المباني القديمة التي يخشون أن تختفي بسبب البيروقراطية والفساد والقيود القانونية.
قال المهندس محمد الخطيب استشاري مشروع تطوير القاهرة التاريخية لوكالة رويترز، إن مباني سكنية منخفضة الارتفاع ستقام في الأراضي الفضاء في المنطقة التاريخية التي سيتم نقل السكان والورش منها ريثما يعاد بناء وترميم المباني المتداعية.
وأضاف أن الميزانية لم تعد تمثل مشكلة لكنه لم يذكر تقديرا للتكلفة. وقال إن الحكومة أبلغته أنه ستتم الموافقة على أي ميزانية للقاهرة التاريخية.
وسيبدأ العمال قريبا العمل في تحسين واجهات المباني القديمة حتى المباني التي ليست مسجلة باعتبارها تاريخية وذلك لمطابقتها بما كانت عليه في القرون السابقة.
وقال الخطيب إن الخطة تقضي أيضا بتحويل بعض الوكالات، أو ما كان يطلق عليه الخان حيث كان يقيم المسافرون وقوافل التجار، إلى فنادق صغيرة وهي فكرة حققت نجاحا في مواقع أخرى في الشرق الأوسط.
وأضاف “بدأنا فعلا في العمل على قطع الأراضي. انتهت المفاوضات مع السكان وبدأنا”.
وأوضح أن الحكومة تعتزم ترميم حوالي عشرة في المئة من المنطقة في مرحلة أولى تستمر عامين وأنها تدرس مقترحات لإنشاء كيان (SE:2350) واحد للقاهرة التاريخية التي تبلغ مساحتها تقريبا 30 كيلومترا مربعا.
وسيتركز جانب كبير من العمل في البداية على تطوير الأحياء حول ثلاث بوابات عريقة بناها الفاطميون الذين حكموا مصر قرنين من الزمان بعد فتح القاهرة في سنة 969 ميلادية.
كان باب زويلة أحد هذه البوابات وشارع سكة الحبانية إلى الجنوب منه مسرحا دارت فيه أحداث بعض حكايات ألف ليلة وليلة.
وتعج القاهرة التاريخية بالورش والأسواق والبيوت القديمة والحرف التي استقرت في بعض شوارعها منذ مئات السنين.
قال جيف آلن من الصندوق العالمي للآثار الذي يعمل على ترميم مجمع ديني للمتصوفين يرجع تاريخه إلى القرن السادس عشر ويقع جنوبي باب زويلة “مدن قليلة في العالم بها كل هذه الطبقات من التاريخ وتمتد لفترات بعيدة كهذه”.
ويشعر بعض المرممين والمعماريين بالقلق أيضا من تعقيد عملية الترميم وكلفتها واحتمال أن تتحول المباني التاريخية إلى ما يشبه المباني التي تقيمها ديزني (NYSE:DIS) تقليدا لآثار عريقة.
ويقول الخطيب إنه سيتم الحفاظ على طابع المنطقة.
قال علاء الحبشي المعماري والمرمم المتخصص في العمارة الإسلامية الذي طُلب منه المساهمة في وضع خطة التطوير إن الحكومة تأخذ في اعتبارها الآن السكان والحرف والنسيج التاريخي والبنية التحتية دون التركيز على الآثار وحدها.
وأضاف أن التغيير كبير وأنه كان مطلوبا منذ مدة طولة.
غير أن التنفيذ هو المفتاح. فقد قال إنه يخشى حدوث تأخير كما يخشى من تعديل المبادئ التي صيغ المشروع بأسره على أساسها أثناء التنفيذ.
وفي نهاية المشروع سيتحول قطاع كبير من القاهرة التاريخية إلى مناطق للمشاة فقط.
وقال الخطيب إن المرحلة الثانية ستمثل بداية التعامل مع المباني التاريخية وليس المقيدة في قوائم المباني التاريخية الرسمية فقط. وأضاف أنه سيتم توثيق جميع المباني وترميمها وإعادة استخدامها.