مصر أكبر مشترٍ للمحصول فى العالم والأسعار زادت بين 25 و30%
عصفت رياح الأسعار العالمية لمحصول القمح، بالصناعات التى تعتمد على مستخرجاته ومنها المكرونة والمخبوزات، وضغطت على القطاع التصديرى بتحجيم المنافسة الخارجية.
فى الوقت نفسه تُراهن الشركات على البرنامج الجديد للمساندة التصديرية فى تخفيف حدة الأزمة وليصبح طوق نجاة من ارتفاع تكاليف التصنيع المتسارعة، وعدم تقبل الأسواق للزيادات.
%10 نموًا فى تكاليف المكرونة
قال علاء البهى، رئيس مجلس إدارة شركة فانسى فوود المتخصصة فى إنتاج المعجنات المجمدة، إن ارتفاع أسعار القمح والسكر، رفع تكاليف الصناعة بنسبة لا تقل عن %10، وتسعى الشركة لامتصاص الزيادة خصوصا أن السوق لن يتقبلها فى ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
أضاف أن الشركة تعتمد فى مبيعاتها على القطاع السياحى بالدرجة الأولى. ونتيجة للآثار السلبية لجائحة كورونا وتوقف حركة السياحة، تضرر القطاع.
كما تعتمد المبيعات على العملاء من الشرائح الغنية.. لذلك يُفضل استخدام أنواع الدقيق الفاخرة، ولا يُمكن للشركة تقليل التكلفة بتغيير جودة الخامات المستخدمة.
أشار البهى، إلى توقف السوق خلال الفترة الأولى لجائحة كورونا.. لكنه عاد للانتعاش مؤخرًا بفضل السياحة الداخلية والعودة التدريجية لحركة السياحة العالمية، مع العلم أن المبيعات الموجهة للمستهلك النهائى لا تمثل نسبة كبيرة من مبيعات الشركة، لأن ثقافة استهلاك المعجنات المجمدة غير منتشرة فى مصر.
وتابع: «لن تتأثر صادرات القطاع بالزيادات فى أسعار القمح العالمية، إذ تأتى الارتفاعات على كافة الأسواق المنتجة».
لكن التكلفة الإضافية بسبب ظروف الشحن السيئة فى الفترة الأخيرة جراء أحداث كورونا تختلف من دولة لدولة. كما أن تكلفة العوامل الأخرى مثل عملية التصنيع نفسها وفترات توريد الخامات، فى غير صالح القطاع حاليًا.
أسعار أخر مناقصة 339 دولارًا للطن
وقدر أحمد السباعى، مدير عام الشركة المصرية السويسرية المتخصصة فى صناعة المكرونة، ارتفاع أسعار القمح العام الحالى بين 25 – %30 مقارنة بالعام الماضى، وانعكس ذلك سلبًا على الصناعات المرتبطة بالمحصول، خصوصا المكرونة التى تعد سلعة أساسية.
الأزمة تكمن فى أن مصر هى أكبر مشترى للقمح عالميًا، وبلغت أسعار أخر مناقصة طرحتها الهيئة العامة للسلع التموينية نحو 339 دولارًا، وكانت منتصف سبتمبر الماضى.
أضاف: «الوضع المحلى مُغاير لما كان عليه بداية جائحة كورونا، إذ تراجع الطلب وانخفضت القوى الشرائية لدى المستهلكين، وتغيرت العادات الاستهلاكية عمومًا، وأصبح المواطن أكثر حرصًا».
قال السباعى، إن ارتفاع أسعار الخامات لن يتحمله المُصَنِع طويلًا، وسيتم تحميل التكلفة على السلع تدريجيًا، تجنبًا لصدمة المستهلك بالزيادة دفعة واحدة.
وأوضح أن ارتفاع أسعار القمح عالميا بدأ النصف الثانى من العام مطلع يوليو الماضى، وكان سعر الدقيق وقتها 5200 جنيه للطن، زاد إلى 6400 جنيه حاليًا، وهى زيادة غير مسبوقة، وهو ما انعكس على سعر كرتونة المكرونة التى ارتفعت بمتوسط يتراوح بين 3-5 جنيهات، حسب الجودة والوزن.
أضاف: «الوضع نفسه حدث فى الصادرات، خصوصا التى تستوردها الأسواق الأفريقية، وهى تتأثر كثيرًا بتغير الأسعار».
وحاليًا تبحث الشركة عن موردى خامات جدد بأسعار أقل بشرط الجودة، بهدف احتواء زيادة الأسعار المستمرة منذ 3 أشهر. كما تبحث عن سبل التوفير فى سلاسل الإمداد لتقليل التكلفة الصناعية.
أعباء التعبئة والتغليف
قال علاء عزت رئيس الشركة المصرية الإماراتية للصناعات الغذائية، إن سعر طن الدقيق ارتفع إلى 6300 جنيه فى المتوسط متأثرًا بارتفاع أسعار القمح نحو 120 دولارًا وصولًا لـ340 دولارًا شاملة تكاليف الشحن.
أضاف أن ارتفاع أسعار الدقيق جاء متوازيًا مع ارتفاع أسعار مواد التعبئة والتغليف وأسعار الشحن الدولية سواء على مستوى استيراد الخامات أو تصدير المنتجات النهائية.
وأوضح عزت أن السوق غير قادر حاليًا على استيعاب ارتفاع سعر المكرونة سواء محليًا أو فى التصدير، فالمستهلك لا ينظر لتغيرات السوق العالمى وتأثيرها على تكلفة المنتج.. لكنه يهتم أكثر بسعر السلعة التى سيشتريها.
الدعم يخفف وطأة التكاليف
وتابع:» لولا دعم الصادرات لتوقفت الشركة عن التصدير تمامًا نظرًا لارتفاع سعر الطن بمعدلات كبيرة لن يقدر السوق الأفريقى على تحملها».
وإلى أن دعم الصادرات، امتص فارق ارتفاع التكلفة ونجحت الشركة فى زيادة أسعارها بمعدلات طفيفة حتى لا تخسر السوق الأفريقى كسوق رئيسى لصادرات المكرونة المحلية.
وتتراوح التكلفة الفعلية لطن المكرونة بحسب عزت بين 570-580 دولارًا، فى حين أن الأسواق الأفريقية لا تتقبل أكثر من 520-530 دولارًا، إذ كانت تحصل عليه بـ470 دولارًا للطن قبل ذلك.. و100 دولار زيادة فى الطن بمثابة ارتفاع قوى ومفاجئ.
وأكد أن الأمر نفسه ينطبق على السوق المحلى، فالمستهلك لم يعد يتقبل أن كيس المكرونة يرتفع من 3.5 لـ 5 جنيهات، لكنه قد يتقبله إذا ارتفع تدريجيًا إلى 4 جنيهات مثلًا كبداية.
أوضح عزت، أن المنتج التركى لا يزال يحتفظ بسعره القديم، وتكون دائمًا الزيادات بمعدلات طفيفة سواء داخل السوق المصرى أو الأفريقى.
وأرجع ذلك إلى توافر مخزون كبير من القمح بالأسعار القديمة، ومع ارتفاع دعم الصادرات فى تركيا تشتد المنافسة، بخلاف أن تركيا تملك خام القمح من السميولينا والدقيق الخاص بالمكرونة، ما يوفر عليهم تكلفة كبيرة ومؤثرة فى السعر النهائى.
وتعتمد المكرونة التركية على خامات محلية بنسبة %100، وهو ما يُعطيها ميزة نسبية مقارنة بمثيلتها المصرية، إذ تعتمد مصر على دقيق من القمح المستورد.
أضاف أن توفير الخامات محليًا سيكون دفعة قوية لأى مُنتج مصرى، إذ ستلغى تكلفة الشحن الدولى على أقل تقدير، والتى أصبحت متغيرة وباهظة، ومؤثرة بقوة فى التكلفة، بخلاف عدم الارتباط المباشر بالأسعار العالمية وتغيراتها المفاجئة.
سلعة أساسية بهامش ربح منخفض
أكد طارق سامى مدير التصدير بشركة ريجينا، إن صادرات الشركة تأثرت جراء الارتفاعات فى أسعار القمح عالميًا، وظهر التأثير جليًا فى الشهور التسعة الأولى من العام، متوقعا أن يستمر تراجع الطلب الخارجى خلال أكتوبر الحالى.
وأوضح أن المكرونة سلعة أساسية وهامش ربحها منخفض، ولا تستطيع الشركات من خلاله امتصاص زيادات التكلفة مقارنة بمنتجات أخرى متنوعة تباع بالقطعة.
أضاف: «يتصاعد سعر طن القمح ليسجل متوسط زيادة 100 جنيه أسبوعيًا، وهو ما يربك الشركات ويجعلها غير قادرة على احتساب تكلفتها وتغيير أسعارها خصوصا مع ارتباطها بتعاقدات خارجية».
قال سامى، إن زيادات القمح رفعت تكلفة التصنيع لطن «الاسباجتى» من السمولينا الفاخرة إلى 600 دولار مقارنة بقيم تتراوح بين 420-430 دولارًا قبل شهرين.
وأثر ذلك سلبًا على القطاع، إذ قفزت أسعار الشحن من 600 إلى 1600 دولارً للحاوية مما أثر على حجم التصدير خلال الفترة الأخيرة، وجاء فى توقيت سيئ وبالتالى سيفوت الفرصة على الشركات.
وهذه الفترة من العام عادة ما يرتفع الطلب فيها على المنتج فى أفريقيا ومع الاستعداد للكريسماس خلال أشهر أغسطس وسبتمبر وأكتوبر لكى تصل الشحنات قبل شهر نوفمبر.
أضاف أن العملاء لم يستوعبوا الزيادات المتتالية والسريعة فى أسعار المنتجات خصوصا أن منتج المكرونة لم يشهد مثل هذه القفزات فى وقت قصير.
وأوضح أن المزايا التى يوفرها البرنامج الجديد للمساندة التصديرية من دعم للمنتج، فضلا عن توفير دعم الشحن لأفريقيا بنسبة %80 سيحفز استمرار التصدير إلى القارة، خصوصا أن فرص النمو بها جيدة مقارنة بالدول الأوروبية والعربية.
وشدد على أهمية الاستفادة من توجه الدولة لدعم العلاقات المشتركة مع دول القارة السمراء التى ستعطى مع الوقت فرص أكبر للاعتماد على المنتج المصرى وتوسع حصصه هناك.