يرى مديرو سلسلة التوريد، عيد الميلاد على أنه مثل «دفع الخنزير داخل الثعبان»، وتضغط الزيادة الموسمية فى مشتريات الطعام واللعب والهدايا – تقدر مؤسسة التجزئة الوطنية الأمريكية أن حوالى خمس المبيعات تتم فى الشهرين الأخيرين من العام – على نظام تم إعداده للتعامل مع أحجام أصغر بكثير.
وسيزداد الأمر صعوبة العام الحالى بسبب الاختناقات، وهو ما يرجع جزئيًا إلى نقص العمالة واضطرابات الطقس، ولكن أيضا بسبب تناقص الطلب والعرض أثناء الوباء.
وثمة القليل من الإصلاحات قصيرة المدى.. لكن المستهلكين الذين يخططون لعيد الميلاد قبل حلوله يمكنهم جعل الإنفاق أكثر سلاسة، ما يجعل الخنزير أكثر قابلية للهضم.
اضطر المديرون بالفعل إلى إدخال العديد من الحيوانات الإضافية عبر الثعبان فى العامين الماضيين، وأدى الذعر المتمثل فى شراء الطعام والإمدادات الأساسية مثل ورق التواليت فى الأيام الأولى للوباء، وكذلك تحول المستهلكين من تناول الطعام فى المطاعم إلى تناول الطعام فى المنزل، إلى زيادة الطلب بشكل أكبر من المعتاد.
فى غضون ذلك، كان العديد من الموظفين لا يعملون بسبب المرض، وكانت النتيجة الرفوف الفارغة، وأدى التحول إلى العمل فى المنزل إلى زيادة الطلب أيضًا على معدات العمل والأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية لمن يبحثون عن مصدر إلهاء، وعندما انفتحت الاقتصادات، ظهرت معضلة أخرى.
انخفض الاستهلاك خلال فترة الإغلاق، لكنه انتعش بعد ذلك، إذ أنفقت الأسر المدخرات التى تراكمت لديها، هذا على الأقل إذا كانت قد احتفظت بوظائفها أو كانت مداخيلها محمية من قبل البرامج الحكومية.
وتواجه الشركات المصنعة للسيارات، التى خفضت الطلبيات والإنتاج أثناء الوباء اعتقادا منها أن الركود سيقلل الطلب على منتجاتها.. تواجه الآن ارتفاعا فى الطلب.
مع شراء أشباه الموصلات لاستخدامها فى الإلكترونيات، لم يكن هناك ما يكفى من المعروض، وارتفعت أسعار السيارات المستعملةـ وتظهر أعراض عسر الهضم الآن بشكل أوضح فى موانئ العالم، وفى سبتمبر، كان عدد قياسى من السفن ينتظر الوصول إلى ميناء لوس أنجلوس، نقطة الدخول الرئيسية للبضائع من آسيا إلى الولايات المتحدة.
فى بريطانيا، تفاقمت المشاكل بسبب النقص فى سائقى الشاحنات لالتقاط الحاويات بمجرد تفريغها، ووصلت فترات الانتظار فى روتردام، مركز الشحن الرئيسى فى قارة أوروبا، إلى ستة أيام، وهذا سيجعل ضمان وجود سلع كافية على الرفوف لعيد الميلاد أكثر صعوبة.
سيكون أحد الخيارات هو تنمية الثعبان، إذ أبرم الرئيس الأمريكى، جو بايدن، صفقة مع العمال فى ميناء لوس أنجلوس لإبقاء المنشأة مفتوحة لساعات أكثر، مما قد يوفر بعض المساعدة على المدى القصير، ولكن على المدى الطويل قد تكون هناك حاجة إلى نهج مختلف لسلاسل التوريد، وبدلا من تقليل التزاحم والسعى إلى الكفاءة، يجب أن تكون تجربة الوباء حافزا للشركات للاستثمار بشكل أكبر فى القدرات، وإعادة تنظيم سلاسل التوريد حول مبدأ «تحسبا» بدلا من «فى الوقت المناسب».
يمكن دائما إدارة القدرات الحالية بشكل أفضل، ويؤدى الافتقار إلى التفكير المشترك والصناعة المجزأة والمنعزلة إلى صعوبة التخطيط للصدمات على مستوى النظام، ويمكن للحكومات والشركات، فى المستقبل، وضع سيناريوهات الحرب أو اختبارات تحمل للبنية التحتية، وكما هو الحال فى القطاع المالى، فإن التركيز على عقبات قليلة فقط يزيد من مخاطر الفشل.
من غير المرجح أن ينقذ هذا عيد الميلاد العام الحالى، وإنما قد يكون الخيار الأفضل هو محاولة إطالة الخنزير إذ يمكن لذوى الدخل المتاح البدء فى التسوق فى وقت أبكر من المعتاد لتخفيف الضغط على إمدادات شهر ديسمبر، وقد يكون من السابق لأوانه تخزين الديك الرومى أو لحم الخنزير فى عيد الميلاد، لكن الألعاب الكلاسيكية متوفرة بالفعل، وقد يكون الخيار الآخر هو القيام بعيد الميلاد المخفف، والتركيز بشكل أكبر على إعطاء الخبرات وليس الإفراط فى تناول الطعام فى العيد، وبطريقة أو بأخرى، سيتم اختبار الجهاز الهضمى للثعبان إلى أقصى حد.
افتتاحية صحيفة «فاينانشيال تايمز».