الإدارة الحذرة للمالية العامة نجحت فى خفض العجز المالي
جاذبية الدين المحلي.. وارتفاع أسعار السلع أبرز المخاطر على الاقتصاد
توقع بنك بى أن بى باريبا تسارع نمو الاقتصاد المصري إلى 5.6% في السنة المالية الحالية، فى ظل ارتفاع نمو الإنتاج الصناعي منذ نهاية الربع الأول من 2021، وزيادة أجور ومعاشات التقاعد في القطاع العام بما يحفز الاستهلاك.
وقال البنك فى تقرير له، إن النمو الاقتصادي فى مصر ظل قوياً إلى حد ما في العام المالى الماضي، بفضل زخم معطيات الاستهلاك العائلي، والدعم المعتدل للإنفاق العام، بما انعكس فى انتعاش قطاعي التجزئة والبناء.
أضاف أن الإدارة الحذرة للمالية العامة، أدت لتراجع عجز الموازنة خلال العام الماضي هامشيًا، متوقعًا استمرار ذلك الاتجاه رغم الضغوط التصاعدية المحتملة على الإنفاق الجاري.
وذكر أن التحدى الرئيسي أمام خفض أكبر للعجز يكمن في خدمة الديون الحكومية، والتي على الرغم من ظروف التمويل الأفضل، إلا أنها ستخفض بشكل بطىء للغاية، أما بالنسبة للحسابات الخارجية، فالمسألة ليست فقط جاذبية الدين المصري في الوقت الذي يُتوقع فيه أن تبدأ الولايات المتحدة في تشديد السياسة النقدية، ولكن أيضًا ثغرات الحساب الجاري مع استقرار الصادرات وارتفاع الواردات المترافق مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية وذلك بخلاف عدم اليقين بشأن تعافى السياحة.
وقال التقرير، إن النمو الاقتصادى المرتفع سيخفض نسبة العجز المالي خلال العام المالى الحالي إلى نحو 6.8% من الناتج المحلى الإجمالي، رغم الزيادة في فاتورة أجور القطاع العام، لكن تلك التوقعات عرضة لبعض المخاطر من بينها ارتفاع أسعار الطاقة والسلع الزراعية.
وأشار إلى ارتفاع دعم الغذاء الذي يمثل 5% من جملة الإنفاق العام، نحو 10% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الماضي، إذ تعد مصر أكبر مستورد للقمح عالميا، وقد ارتفعت أسعاره بنحو 11% منذ نهاية يونيو 2021.
لكنه أشار إلى أن تأثير ارتفاع أسعار النفط أقل وضوحًا حيث تم إلغاء الدعم على المنتجات البترولية رسميًا في عام 2019، ومع ذلك قد لا تعكس آلية تسعير الوقود الرسمية الربع السنوية الاتجاه في أسعار السوق الدولية.
أوضحت: “بالنظر إلى الزيادة المتوقعة بنسبة 40% في أسعار النفط في العام المالى الحالى، فإن التعديل غير الكافي لأسعار بيعه يمكن أن يؤدي إلى تكاليف إضافية للمالية العامة”.
وقال البنك، إن خدمة الدين ستواصل الانخفاض لكن بوتيرة أبطأ، مع الإنهاء المتوقع من قبل البنك المركزي لدورة التيسير النقدي، بما يجعل عوائد السندات بالعملة المحلية تستقر عند مستويات عالية، رغم ارتفاع متوسط العمر إلى 3.38 سنة فى فبراير الماضي مقابل 2.1 سنة فى يونيو 2016، وذلك، نظرًا لانحدار منحنى العائد لإصدارات الديون بالعملة المحلية (230 نقطة أساس للفارق بين أذون الخزانة لأجل عام وسندات الخزانة لأجل 5 سنوات في نهاية سبتمبر 2021)، ما يعنى أن تكلفة خدمة الدين ستنخفض بشكل تدريجي فقط.
وذكر التقرير، أن مستويات السيولة بالعملة الأجنبية فى مصر مرضية بفضل دعم صندوق النقد الدولي في عام 2020، وإصدارات السندات الدولية المنتظمة، واستثمارات المحافظ المالية، كما بلغت احتياطيات البنك المركزي 40.7 مليار دولار في نهاية أغسطس 2021 تصل إلى 53 مليار دولار عند إضافة الودائع غير المدرجة فى الاحتياطيات، لكنها مازالت أقل بنحو 5 مليارات دولار عن نهاية عام 2019.
وقال إن المخاطر السلبية على السيولة الخارجية محدودة على المدى القصير بالنظر إلى جاذبية الدين المصري، إذ تصل الفائدة الحقيقية على السندات أجل 10 سنوات نحو 9.2%، ومع ذلك، لاتزال البلاد بحاجة إلى تمويل خارجي كبير (أكثر من 30 مليار دولار أمريكي إذا أخذنا في الاعتبار ديون القطاع العام قصيرة الأجل التي يحتفظ بها غير المقيمين، وعلى افتراض أن دول الخليج ستجدد ودائعها لدى البنك المركزي).
وشملت نقاط الضعف أيضا عجز الحساب الجاري المرتفع (يقدر بنحو 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2020/2021، أو أكثر من 16 مليار دولار أمريكي) بسبب جمود الواردات وتراجع السياحة.
وتوقع أن يؤدى النمو المتسارع على المدى القصير، إلى زيادة الواردات، بينما سيزداد توافد السياح تدريجياً، وأن يسهم ارتفاع أسعار النفط فى توسيع عجز الميزان البترولي، خاصة مع عدم اليقين بشأن استدامة نمو صادرات الغاز الطبيعي المسال.