يعمل قطاع إنتاج الألبان على مواكبة خطة الحكومة بالتنمية المستهدفة بحلول عام 2030 التوجه عبر زيادة الطاقات الإنتاجية لسد الفجوة الاستيرادية، وتشجيع المستثمرين على التوسع فى النشاط.
وتعكف جمعية منتجى الألبان، على وضع استراتيجية وطنية تستهدف منها مُضاعفة استثمارات المزارع النظامية إلى 30 مليار جنيه، لكن الرؤية الاقتصادية لم تكتمل بعد، خصوصاً وسط العقبات الكثيرة التى تعرقل عملية النمو فى القطاع، وفى مقدمتها تكاليف الإنتاج التى تتفاقم بمرور الوقت، وسط الأزمة الاقتصادية العالمية التى ظهرت مع تفشى فيروس كورونا.
كما توجد بعض الممارسات الضارة التى تؤثر على القطاع محلياً، منها عملية استصدار التراخيص، وطول مددها، وارتفاع تكاليف رسوم تحويل النشاط من أرض صحراوية إلى مزارع إنتاج ألبان. فبالرغم من أنها ضمن القطاع الزراعى، فإنَّها لا تُعامل بالشكل نفسه.
يأتى ذلك بخلاف مجموعة من العقبات الأخرى، وأبرزها الضريبة العقارية، وعدم توافر مدخلات إنتاج محلية.
«البورصة» استضافت أعضاء جمعية منتجى الألبان؛ لندوة تناقش حال القطاع، ومستقبله، والمشكلات التى تواجهه.
قال أعضاء الجمعية، إنَّ رؤيتهم الاقتصادية لدعم القطاع تأتى مصحوبة بأفكار جديدة للمساهمة فى إنجاز العديد من الملفات التى تعمل الدولة عليها المرحلة المقبلة، ومنها ملف ترقيم الماشية، وإنشاء مراكز لتجميع الألبان، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من الألبان وتصدير الفائض إلى الدول المجاورة.
وشارك فى الندوة، محمد الطاروطى، رئيس مجلس إدارة الجمعية، ونادر حسين، المدير التنفيذى للجمعية، وأشرف سرور، الأمين العام للجمعية، ويسرى الضوى، أمين صندوق الجمعية.
استهل حسين عبدربه، رئيس تحرير جريدة «البورصة»، الندوة بتوجيه سؤال إلى محمد الطاروطى: «ما استراتيجية عمل جمعية منتجى الألبان؟».
قال «الطاروطى»، إنَّ الجمعية يرجع تاريخها إلى 25 عاماً، والأعضاء الحاليون هم الجيل الثانى وليس المؤسس. وأبرز أهدافها إنتاج ألبان مطابقة للمواصفات المحلية والعالمية، والعمل على تطوير القطاع عن طريق التوسع فى المشروعات القائمة، وجذب استثمارات جديدة؛ لسد عجز الإنتاج فى السوق المحلى.
أضاف: «أحد أهم الأنشطة التى تقوم بها الجمعية، أيضاً، هو التواصل مع الجهات المعنية بغرض حل المشكلات التى تواجه المزارع النظامية وغيرها، بالإضافة إلى مطالبة الرعاية البيطرية بتوفير التحصينات اللازمة إلى مزارع الماشية، خاصة إذا كان السوق يواجه مرضاً معيناً».
كما أن الجمعية تسهم فى وضع سياسة تسعيرية استرشادية لسوق الألبان من خلال تفاوضها مع شركات تعبئة، وتصنيع الألبان التى تورد لها، وفى مقدمة تلك الشركات شركة جهينة، وتُحدد الأسعار بناءً على مدخلات الإنتاج كالأعلاف، والكهرباء، والمياه، والمتابعات البيطرية.
لذلك تعتبر الممثل الشرعى للمزارع التى تنتج «لبن» درجة أولى مطابقاً للمواصفات بواسطة محالب آلية دون تدخل بشرى وتضم «تنكات» تبريد، وأنظمة بيطرية لرعاية الحيوان، وهو اللبن الذى تعتمد عليه الشركات المصنعة للمواد الغذائية بشكل مباشر فى صناعة منتجات الألبان من زبادى وأجبان وألبان مبسترة، ويدخل أيضاً فى صناعة بعض المنتجات مثل الشيكولاته.
<< «الطاروطى»: الجمعية تسهم فى وضع سياسة تسعيرية استرشادية للسوق
<< 250 مزرعة نظامية لديها خطط توسع لسد الفجوة بين الاستيراد والإنتاج
<< مطالب بإنشاء اتحاد خاص بمنتجى الألبان
وأوضح أنَّ الجمعية تضم نحو 250 مزرعة نظامية، يمثل حجم إنتاجها %15 من إجمالى الحصيلة المنتجة، وتخطط الجمعية لمضاعفة تلك النسبة عن طريق التوسعات المستهدف تنفيذها خلال السنوات الخمس المقبلة من جانب المزارع.
وأكد «الطاروطى»، أنَّ السوق المصرى من أبرز الأسواق الواعدة فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا فى قطاع الألبان؛ نظراً إلى الفجوة الكبيرة بين الإنتاج والاستهلاك، والتى تحتاج إلى دخول استثمارات جديدة للسوق، أو تشجيع المزارع الحالية على التوسع.
وبحسب بيان لوزارة الزراعة، فإنَّ نصيب المواطن المصرى من استهلاك الألبان يقدر بحوالى 23 كيلو سنوياً، مقابل 100 كيلو جرام نصيب الفرد عالمياً، ويرتفع إلى 180 كيلو فى الولايات المتحدة الأمريكية.
ويبلغ إنتاج مصر من الألبان نحو 7 ملايين طن سنوياً، فى حين تُقدر الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج بنحو 2.2 مليون طن سنوياً يتم تعويضها عن طريق استيراد ألبان البودرة، التى تتراوح قيمتها بين 500 مليون دولار ومليار دولار سنوياً، وفقاً لغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات.
تحديات صناعة الألبان أثناء الجائحة.
تساءلت «البورصة» عن تأثير جائحة «كورونا» على قطاع الألبان، وكيف تعاملت الجمعية مع الأزمة؟
أجاب «سرور»، أنَّ جائحة كورونا أثرت سلباً على مزارع الألبان منذ وصولها مصر مطلع عام 2020، وتسببت فى تراجع الطلب على اللبن محلياً بنسبة %15 نتيجة إغلاق المدارس والفنادق خلال ذروة الأزمة.
أضاف: «أحد التداعيات السلبية للجائحة، أنها فتحت باباً لشركات الصناعات الغذائية، ولاستيراد كميات كبيرة من لبن البودرة؛ نظراً إلى انخفاض سعره فى الأسواق الخارجية، مقارنة بالألبان الطازجة فى السوق المحلى، وأدى هذا إلى إرباك حركة التوريدات لتلك الشركات، وتكبيد المزارع خسائر كبيرة».
ووفقاً لهيئة الرقابة على الصادرات والواردات، ارتفعت واردات مصر من اللبن البودرة من 121 ألف طن فى 2019 إلى 423 ألف طن عام 2020.
وتدخل المهندس يسرى الضوى، أمين صندوق الجمعية، ليوضح أن جائحة كورونا لم ينعكس تأثيرها على تراجع الطلب على الألبان فقط.. بل دفعت عدداً كبيراً من المزارع وصغار المربين إلى بيع الأبقار الحلابة بأسعار زهيدة فى سوق اللحم؛ لتقليل حدة الخسائر لعدم قدرتهم على تسويق الألبان.
<< «سرور»: شركات الصناعات الغذائية استغلت انخفاض أسعار لبن البودرة وأغرقت السوق
<< %15 تراجعاً فى الطلب خلال ذروة الجائحة بسبب إغلاق المدارس والفنادق
<< الأعلاف والمصروفات غير المباشرة يتحكمان فى سعر الألبان صعوداً وهبوطاً
وقدَّر «الضوى»، الخسارة فى رأس الحلاب الواحد خلال فترة الجائحة بحوالى 30 ألف جنيه، مفسراً ذلك بأن البقرة يتم استيرادها بـ55 ألف جنيه، ويتم إنفاق 20 ألف جنيه عليها لحين تجهيزها للولادة لتصل قيمتها السعرية إلى 70 ألف جنيه.. لكن يتم بيعها بنحو 40 ألف جنيه.
وأوضح أنه مع بداية العام الحالى، ارتفعت أسعار الماشية وتحديداً الحلاب، بدعم من تعافى السوق المحلى من التداعيات السلبية للجائحة، وعودة بعض المزارع إلى العمل مجدداً، وهذا يفسر كون مخزون ألبان البودرة على وشك النفاد، وتوجه الشركات نحو السوق المحلى لشراء احتياجاتها.
واقترح «الطاروطى»، على رئيس الوزراء فرض رسوم إغراق على ألبان البودرة المستوردة؛ لحماية الثروة الحيوانية المحلية، مؤكداً أن استمرار استيراد ألبان البودرة يشكل تهديداً للإنتاج الحيوانى فى مصر، وسيؤدى إلى تخارج بعض المزارع فى السوق.
وتابع: «المواشى الحلابة هى المفرخ الوحيد للحوم فى مصر، ويمكن الاستغناء عن استيراد اللحوم المجمدة وألبان البودرة، حال وضعت وزارة الزراعة استراتيجية هادفة، من شأنها الإسهام فى تنمية القطاع، وتحقيق الاكتفاء الذاتى من جميع الاحتياجات. والجمعية مستعدة للتعاون معها فى إعداد تلك الاستراتيجية».
ما تقييمكم للعلاقة بين المنتجين وشركات تصنيع الألبان؟
قال المهندس نادر حسين، إنَّ الجمعية تلقت شكاوى كثيرة من المزارع تفيد بامتناع شركات الألبان عن استلام الكميات المتعاقد عليها، وظلت سيارات الألبان أمام المصانع ثلاثة أيام حتى تدخلت الجمعية، وتم حل تلك المشكلة.
وأشار إلى أن غياب تعاون الجهات الحكومية مع القطاع الخاص تسبب فى تأخر تطوير الثروة الحيوانية بشكل عام، وقطاع الألبان بشكل خاص.. لذلك تسعى الجمعية إلى التقارب مع تلك الجهات بغرض ضبط عمل السوق وتنظيمه عبر إطلاق استراتيجية وطنية تُسهم فى تطوير عمل القطاع.
كيف تُسعَّر الألبان فى مصر؟
تساءلت «البورصة» عن آلية تسعير الألبان، والعوامل المحددة لذلك، فأجاب أشرف سرور، أنَّ المعادلة السعرية للألبان كانت تتم من طرف واحد، وهى الشركات والمصانع خلال فترة ما قبل 2014.
وكان أبرز الأطراف، جهينة، وبيتى، وإنجوى، وتمت إدانتها من قِبل جهاز حماية المنافسة بعد رفع قضية احتكار ضدها من جانب الجمعية آنذاك.
وتابع: «الأسعار حالياً تحدد بشكل تفاوضى مع الشركات بناءً على شقين؛ الأول وهو حساب الأعلاف، وذلك تتم مراجعته كل شهرين صعوداً وهبوطاً، أما الشق الثانى فهو المصاريف المباشرة غير التغذية مثل الكهرباء، والعمالة، ومصاريف التكاليف، والرعاية الصحية، وهذا تتم معالجته من خلال بيانات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، وربط الزيادة فى هذا الشق بناء على معدل التضخم».
وتدخل «الطاروطى»، ليوضح أن الجمعية تجتمع بشكل سنوى مع شركة جهينة؛ لتحديد سعر استرشادى للبيع، وذلك باعتبارها تمتلك حصة سوقية بنسبة %65 فى سوق الألبان المصرى، ويعتبر السعر المتفق عليه استرشادياً وليس إلزامياً، أى يزيد وينقص بنسب تتراوح بين 3 و%4 على أقصى تقدير.
وذكر «سرور»، أنَّ التغذية الرئيسية للمواشى تعتمد على 3 أنواع من الأعلاف؛ هى الذرة الصفراء، والصويا، والبرسيم الحجازى، وبناءً عليه يتم وضع سيناريو بزيادة سعر اللبن أو غير ذلك، وهذا تم بالفعل خلال الشهرين الماضيين، إذ قامت الشركة بزيادة السعر إلى 8.5 جنيه، مقابل 8.25 جنيه حالياً؛ بسبب ارتفاع الأعلاف.
هل ستنخفض أسعار الألبان قريباً؟
توقع «سرور» أن تنخفض أسعار الألبان خلال شهرى نوفمبر وديسمبر المقبلين بنحو 35 قرشاً فى الكيلو؛ نظراً إلى وفرة المعروض.
وبالنظر إلى شهرى يناير وفبراير، فمن المتوقع أن تُثبّت الأسعار؛ لكونها تدخل فى إطار الفترة التى تتزايد فيها الكميات المطروحة.
وتدخل يسرى الضوى، ليوضح أن السنة تنقسم إلى 3 مواسم بواقع 4 أشهر للموسم؛ فالأسعار تشهد ثباتاً فى أشهر نوفمبر، وديسمبر، وأبريل، ومايو، أما باقى المواسم فتتأثر صعوداً وهبوطاً بناءً على متغيرات السوق.
وأكد «الطاروطى»، أنَّ العودة إلى لجنة التسعير مرة أخرى، وتدخل وزارة الزراعة أو جهات معينة، يعتبر «رِدَّة» عن وضع السوق الحر، وسيضر بقطاع الألبان.
وبسؤاله عن تفاوت أسعار الألبان السائبة لدى المحلات والسوبر ماركت، أوضح «الطاروطى»، أنَّ الجمعية لا علاقة لها بتلك الأسعار، واللبن المورد لتلك السلاسل التجارية أقل جودة من لبن الجمعية، وهذا يستوجب متابعة من قِبل الجهات الرقابية خلال الفترة الحالية.
وكشف «سرور»، أنَّ مزارع الألبان كانت تتعرض لخسائر كبيرة قبل عام 2014؛ نظراً إلى عدم وجود عقود إلزامية بينها وبين الشركات بالكميات الموردة، الأمر الذى كان يؤدى إلى التخلص من الفائض إمَّا إعدامه وإمَّا بيعه فى السوق المحلى بأقل من قيمته الحقيقية.
خطة الدولة لترقيم الماشية
سألت «البورصة» عن برنامج ترقيم الماشية الذى تعمل عليه وزارة الزراعة، حالياً، ومساهمته فى النهوض بقطاع الثروة الحيوانية، فأجاب «سرور»، أنَّ أحد أهم العوامل التى تُسهم فى نجاح الثروة الحيوانية فى مصر، هو سرعة الانتهاء من ترقيم الماشية؛ لمعرفة العدد الحقيقى أو التقريبى؛ للوقوف على المشكلة الرئيسية، والعمل على معالجتها.
وتابع: «وزارة الزراعة بدأت تجارب ترقيم رؤوس الماشية فى مصر لحصر أعدادها.. لكنَّ تلك الفكرة لم تُعمَّم على جميع المحافظات حتى الآن، وبدأت الزراعة بترقيم المزارع النظامية، وهذا خطأ تقع فيه بشكل متكرر؛ لأن تلك المزارع أعداد الماشية فيها معروفة، والمستهدف من هذا البرنامج هو معرفة أعداد الماشية لدى صغار المربين والفلاحين باعتبارهم الفئة الأكبر المسيطرة على الثروة الحيوانية.
وتدخل «الطاروطى»، ليوضح أنَّ جميع الأرقام المتداولة لأعداد الماشية فى مصر تقديرية، وليست أرقاماً حقيقية، ويرجع ذلك لعدم سرعة تفعيل عملية الترقيم، وبالتالى سيظل القطاع يواجه التحديات الحالية ما لم يُعرف أعداد وسلالات الأبقار الموجودة فى مصر، وكمية الألبان المنتجة، وما احتياجات الدولة من هذه الثروة.
وقال نادر حسين، إنَّ الترقيم سيساعد على وضع خريطة للثروة الحيوانية تفيد فى مجال الخدمات البيطرية من خلال إعداد الدراسات والخرائط الوبائية للأمراض الحيوانية المعدية، وطرق السيطرة عليها بناءً على التوزيع الجغرافى للماشية وأنواعها ودلالاتها، والتنبؤ بانتشار الأمراض، وتحديد حجم المشكلات والخسائر.
<< «حسين»: مطالب للبرلمان بإعادة النظر فى الضريبة العقارية
<< سرعة تنفيذ برنامج ترقيم الثروة الحيوانية يعجل بحل مشاكل القطاع
<< مراكز التجميع تلعب دوراً كبيراً فى الحفاظ على المواصفات والجودة
واستطرد، أنَّ الترقيم سيكون له مردود إيجابى على تقدير الكميات المنتجة من اللحوم والألبان، وتحديد الكميات الواجب استيرادها؛ لسد العجز، وتلبية احتياجات السوق المحلى، ما يضمن الأمن الغذائى، بالإضافة إلى توافر تلك البيانات عن الثروة الحيوانية لمتخذ القرار، أو المستثمرين الجدد الراغبين فى الاستثمار بهذا القطاع.
ورهن يسرى الضوى، نجاح الترقيم بتثقيف صغار المربين؛ لأنهم لا يسمحون لأحد بالدخول إلى مزرعهم، بالإضافة إلى تخوف الفلاح من فرض ضرائب عليه بعد عملية الترقيم، لذلك لا بد من عمل حوافز تشجيعية تُقدَّم له للتمكن من تنفيذ هذه الآلية.
وذكر أشرف سرور، أنَّ الحل الأمثل للتعامل مع موضوع الترقيم هو مراقبة أسواق الماشية، على أن تكون بداية الترقيم من خلاله.. وبالتالى تستطيع الدولة تنفيذ %50 من هذا البرنامج خلال فترة زمنية قصيرة.
أبرز معوقات تنمية إنتاج الألبان فى مصر
طرحت «البورصة» سؤالاً حول أبرز المعوقات التى تواجه عمل مزارع الألبان.
أوضح يسرى الضوى، أنَّ مصر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتى من الألبان، وتحقيق فائض يمكن تصديره، أو إقامة صناعات عليه سواء مصانع أجبان أو تجفيفه وتحويله إلى لبن بودرة، بالإضافة إلى الجودة العالية للبن المصرى، وتنافسيته الكبيرة فى الأسعار، وهو ما يمنع دخول الألبان السائبة إلى السوق.
وتابع أنَّ أبرز التحديات التى تواجه عمل القطاع حالياً هو طول فترة الحصول على تراخيص، سواء لإنشاء مزرعة جديدة أو عمل توسعات للمزارع القائمة، وهذا الأمر يحجم الاستثمارات الجديدة التى ترغب فى دخول هذا النشاط.
ورداً على تفعيل نظام الشباك الواحد الذى أطلقته رئاسة الوزراء نهاية 2014 والذى يناط به سرعة إصدار التراخيص خلال شهر على أقصى تقدير، أجاب بأن بداية التقديم للحصول على الترخيص تكون فى المركز التكنولوجى بالمحافظة التابع لها، والأمر يستغرق نحو 12 شهراً وأكثر حتى إنهاء جميع الإجراءات الروتينية فى هذا الصدد، والحصول على الترخيص.
وأوضح أنَّ الجهة المانحة للترخيص تطلب من مستثمرى القطاع ومن لديهم الرغبة فى التوسع، إعادة تقنين الأرض عند التقدم بطلب للحصول على ترخيص وتحويلها من النشاط الزراعى إلى الاستثمارى عن طريق عقد جديد بالرغم من ملكية الأرض للمستثمر.
<< «الضوى»: المزارع تخلصت من الأبقار الحلابة بأسعار زهيدة وقت «كورونا»
<< مصر قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الألبان وتصديرها
<< الجهة الترخيص تطلب رسوماً مبالغاً فيها عند التوسع أو إنشاء مزرعة جديدة
واستطرد أمين صندوق الجمعية، «إنَّ الجهة المانحة للترخيص وضعت تسعيرة لإعادة تقنين الأرض قيمتها 250 جنيهاً للمتر إذا كانت الأرض قريبة من الطريق الصحراوى، وهو الأمر الذى يتطلب توفير نحو مليون جنيه لتغيير النشاط، والبدء فى ضخ استثمارات جديدة».
وتدخل نادر حسين، المدير التنفيذى للجمعية، ليوضح أن النشاط الحيوانى مكمل للنشاط الزراعى، والجمعية لديها فتوى من مجلس الدولة بذلك، وأن مشروعات الثروة الحيوانية هى مشروعات زراعية فى المقام الأول، وهذا القانون معمول به فى وزارة الزراعة فقط، وغير مُفعَّل فى باقى الجهات الحكومية.
وأكد أن عدم معاملة قطاع الثروة الحيوانية كنشاط زراعى ينعكس فى شكل زيادات فى أسعار الكهرباء، والمياه، بالإضافة إلى فرض ضرائب عقارية عليهم، بالرغم من أن تلك المشروعات هى إنتاجية، وليست شققاً سكنية.
أضاف أنَّ مشروعات الإنتاج الحيوانى كانت معفاة من الضريبة العقارية حتى 2014، بموجب القانون، لكنَّ المُشَرّع أسقط الإعفاء الضريبى لمشروعات الثروة الحيوانية، وبالتالى يوجد حالياً ازدواج ضريبى، وهى دفع ضريبة الأطيان مع الضريبة العقارية، وهذا الأمر غير قانونى، ونطالب البرلمان بإعادة النظر مرة أخرى فى هذا التشريع؛ حتى لا يؤثر ذلك على عمل المزارع القائمة.
وتساءلت «البورصة»: «معنى ذلك أن هناك آلية لاحتساب الضريبة العقارية على المزارع؟»
أجاب «سرور»، أنَّ القيمة المالية التى تُحصَّل من المزارع تحت مسمى (الضريبية العقارية)، يتم تقديرها وفقاً للمأمورية المكلفة بتحصيل الضرائب، وتتفاوت من مزرعة لأخرى، وليس معروفاً حتى الآن هل تحصل الضريبة على المساحة داخل سور المزرعة أو خارجها.
وتدخل «الطاروطى» قائلاً: «مصر قبلة جيدة للاستثمار فى مزارع الألبان، ونسعى إلى التوسع فى هذا القطاع، ونأمل فى تدخل الرئيس لحل التحديات التى تواجه هذا القطاع».
مطالب بإنشاء اتحاد خاص بـ«منتجى الألبان»
تساءلت «البورصة» عن أهم الملفات التى تعمل عليها الجمعية ضمن ملف التشريعات خلال المرحلة.
قال «الطاروطى»، إنَّ الجمعية تقدمت بمشروع قانون إلى البرلمان بشأن إنشاء اتحاد لمنتجى الألبان على غرار اتحاد الدواجن. وتمت مطالبة وزارة الزراعة بتحريك هذا المشروع؛ لسرعة مناقشته والبت فيه.. لكنَّ الأمر لا يزال عالقاً منذ 12 عاماً.
واستطرد: «أطالب القيادة السياسية بالاطلاع على مشروع القانون لسرعة إصداره رغبةً فى تحسين وضع سوق الألبان فى مصر وتنظيم عمل القطاع والوقوف على المشكلات التى تواجهه لمحاولة تذليلها وإحداث طفرة تنموية تتماشى مع خطة الدولة المستهدفة بنهاية 2030».
وتدخل «سرور»، ليوضح أنَّ إنشاء الاتحاد سيُسهّل عمل استراتيجية موحدة لتنظم عمل القطاع بدلاً من العمل فى جزر منعزلة، منتجو الألبان فى اتجاه، وشركات تصنيع الألبان فى اتجاه آخر. كما سيتيح الاتحاد للمربى الصغير الدخول تحت مظلته والعمل على حل مشكلاته.
ويتكون مشروع القانون، من 33 مادة تتضمن آليات تشكيل الاتحاد، الذى تكون له شخصية اعتبارية، ويضم أعضاؤه الخبراء والمشتغلين بقطاع الألبان سواء من القطاع الخاص أو العام أو التعاونى أو الجمعيات الأهلية.
وتنص المادة الثالثة من القانون، على أن دور الاتحاد هو حماية وزيادة معدلات إنتاج واستهلاك الألبان ومنتجاتها وتنمية الاستثمار فى الأنشطة المختلفة طبقاً لمواصفات الجودة العالمية، والمساهمة فى وضع المواصفات القياسية الفنية والصحية للألبان ومنتجاتها، ووضع سياسات الاستيراد والتصدير والمساهمة فى وضع سياسات توفير مستلزمات الإنتاج من الخامات والأعلاف لتنمية الإنتاج، واقتراح شروط وقواعد الحصول على تراخيص مزاولة الأنشطة المتعلقة بإنتاج الألبان ومواصفات المزارع المنتجة وللألبان وقنوات التسويق والاستيراد.
وطبقاً للقانون الجديد فإنَّه سيتم إنشاء نظام تحكيم اتفاقى لفض المنازعات بين الاتحاد والجهات المتعلقة بأوجه نشاط الاتحاد، والتنسيق مع الجهات المختصة للاستفادة من القروض والمعونات فى مجالات إنتاج الألبان وتداولها، وإبداء الرأى فى القوانين والقرارات المتصلة بنشاط الاتحاد واقتراح القوانين المتعلقة بذلك النشاط.
وتتكون موارد الاتحاد من حصيلة رسوم القيد فى عضوية الاتحاد والاشتراكات السنوية والغرامات والإيرادات الناشئة عن ممارسة الاتحاد لنشاطه وعائد مشروعاته والهبات والمِنح والتبرعات والإعانات المحلية والأجنبية التى يقبلها مجلس إدارة الاتحاد ويوافق عليها الوزير المختص، وتعتبر أموال الاتحاد من الأموال العامة وفى حالة صدور قرار بحل الاتحاد أو بطلان تنظيماته يصدر الوزير المختص قرارات بالإجراءات التنفيذية لتصفية أمواله وممتلكاته بما لا يتعارض مع اللائحة التنفيذية للقانون.
ويتكون مجلس إدارة الاتحاد من 11 عضواً، وتنتخب الجمعية العمومية 9 من الأعضاء يمثلون جميع المجموعات النوعية، ويصدر بتعيين الاثنين الباقيين قرار من الوزير المختص، وينتخب مجلس الإدارة فى أول اجتماع لهيئة المكتب من بين أعضائه المنتخبين، وتشكل هيئة المكتب من رئيس مجلس الإدارة، ونائب للرئيس وسكرتير عام الاتحاد وأمين الصندوق.
ولا تعتبر اجتماعات المجلس صحيحة إلا إذا حضرها أكثر من نصف عدد الأعضاء، وتحدد اللائحة مواعيد وإجراءات الترشيح والانتخاب لمجلس الإدارة وهيئة مكتبه، وتكون مدة عضوية مجلس الإدارة 4 سنوات وتجرى الانتخابات خلال 60 يوماً السابقة على انتهاء مدة المجلس.
كيف ترون جاذبية السوق لشركات التصنيع؟
أجاب أشرف سرور، أن أغلب منتجات الجبن فى المتاجر والسوبر ماركت مكتوب عليها أنها جبن طبيعى، رغم أنها تعتمد فى الأساس على زيوت نباتية، وهذا غير مطابق للمواصفات العالمية والتى تعتبر أن أى تغير فى منتج اللبن يعتبر منتجاً معدَّلاً.. وهذا النهج يعيق دخول شركات جديدة تعتمد على الألبان الطازجة فى تصنيع الجبن بجميع أنواعه.
وأضاف: «مصر من أبرز الدول التى تستخدم زيوت النخيل فى تصنيع الجبن، رغم منع الدول الأوروبية استخدامه للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 12 عاماً. لكن الشركات المصرية تروج له تحت مسمى منتج تم تصنيعه من ألبان طبيعية».
وأوضح أن بعض الشركات المحلية كانت لديها الرغبة فى الدخول فى تصنيع الجبن من الألبان الطبيعية، لكنها تراجعت؛ بسبب صعوبة المنافسة مع شركات الجبن التى تعتمد على زيوت النخيل فى عمليات التصنيع.
وتدخل «الضوى»، بأن منتجات الألبان هى البروتين الأرخص، وبالتالى فإنَّ تصنيعه وفق المواصفات العالمية بجودة عالية دون أى تعديلات فى خواصه ستنعكس إيجابياته على مصر فى الصحة العامة للمواطنين، وفى جذب استثمارات جديدة للعمل فى هذا القطاع.
كيف ترون خطوة ضخ استثمارات جديدة فى مراكز تجميع الألبان؟
أجاب «الطاروطى»، أنَّ توجه الدولة خلال الفترة الحالية إلى زيادة عدد مراكز تجميع الألبان هو خطوة متأخرة، لكنها بداية الطريق الصحيح نحو إنتاج لبن مطابق للمواصفات والجودة العالمية.
وتابع: «إحدى أهم المميزات لمراكز التجميع هى تقييم الألبان التى تُجمَع من الفلاحين بقيمتها العادلة على حسب جودتها، بدلاً من انخفاض السعر فى الأرياف والقرى رغم جودته العالية، بالإضافة إلى الحفاظ على اللبن وعدم افتقاد خواصه الحسية».
وتدخل نادر حسين، ليوضح أن تلك المراكز ستقلل من دور الوسطاء فى القرى، وبالتالى سترتفع الأسعار، ويكون ذلك محفزاً على زيادة أعداد رؤوس الأبقار الحلابة بدعم أن القطاع بات مربحاً ويحقق مصدر دخل مجزياً للمربى، بالإضافة إلى انعكاسه على وفرة عجول القنية وبدورها ستقلل الفاتورة الاستيرادية من اللحوم الحمراء.
وأوضح «الضوى» أن الفارق بين مركز التجميع المجهز وغير المجهز، وهو احتواؤه على الحلابات النقالة (الحلابات المزدوجة) ووحدة الشيلر (تبريد مفاجئ لخفض درجة حرارة اللبن) وفلاتر تنقية اللبن من الشوائب وأجهزة قياس اللبن وغيرها من المستلزمات الحديثة.
واستطرد قائلاً: «يجب أن يكون الهدف من مراكز التجميع ضبط عمل قطاع صغار المربين، وهو القطاع الذى يمتلك %90 من حجم إنتاج الألبان، إذ إنَّ هذا القطاع يهدر كميات كبيرة من الألبان فى تحويلها إلى جبن ومنتجات أولية وهى تعتبر أعلى عائد من بيعه (سائب) وفق تقديراتهم».
واقترح «الضوى» على وزارة الزراعة إلزام صغار المربين والفلاحين بأن يتجهوا إلى التلقيح الصناعى، وتحديداً من السلالات ذات الجودة العالية؛ لرفع إنتاجية الألبان من 500 كيلو لبن فى السنة للبقرة الواحدة إلى 1500 كيلو.
وأكد أن جوهر البقر الحلاب لا يقتصر فقط على أعداده الموجودة فى مصر، بل على قدرته الإنتاجية من الألبان، ويجب النظر إلى الدول الرائدة فى هذا المجال ومحاولة تقليدها للنهوض بقطاع الألبان فى مصر.
وبلغ إجمالى أعداد مراكز تجميع الألبان نحو 826 مركزاً، وذلك وفق الإحصائية التى نفذها قطاع الثروة الحيوانية والداجنة بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، مؤكداً أنها كانت تعمل بمعزل عن الدولة حتى تم إصدار قرار وزارى فى عام 2020 بتنظيم ترخيصها حتى تعمل طبقاً لمواصفات وضوابط سلامة الغذاء والصحة العالمية.
كما جرى التنسيق بين وزارة الزراعة والبنك المركزى لاعتبار مراكز تجميع الألبان ضمن المشروعات المتوسطة والصغيرة للاستفادة من مبادرة البنك المركزى %5 لتطوير ورفع كفاءة المراكز وإنشاء مراكز جديدة فى أماكن يتمركز فيها صغار المربين.
ووجه الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، بتحمل الدولة تكلفة إصدار شهادة الاعتماد الدولية لمراكز تجميع الألبان، موضحاً أن المرحلة الأولى من تطوير المركز على مستوى الجمهورية تشهد تطوير كفاءة 205 مراكز، وهى على وشك الانتهاء، وسيتم إنشاء 50 مركزاً لأول مرة فى مراكز وقرى المشروع الرئاسى (حياة كريمة).