ماجرينا: بيع أراضي طرة قد يستغرق سنوات بسبب البيروقراطية
مشروع جديد لـ “مجموعة السويس للأسمنت” يخفض انبعاثاتها الكربونية 40 ألف طن سنوياً
تواصل شركة السويس للأسمنت برنامجها لتخفيض الانبعاثات الكربونية، حيث استثمرت 20 مليون دولار لتوليد الكهرباء من الحرارة المهدرة بمصنع حلوان، فضلاً عن تحويل 65 شاحنة نقل مملوكة لشركة أسطول التابعة لشركة راية القابضة، والتي تخدم عمليات السويس للأسمنت للعمل بالغاز الطبيعي.
حاورت البورصة، الرئيس التنفيذي لمجموعة السويس للأسمنت، خوسيه ماريا ماجرينا، للكشف عن بخطة الشركة للحياد الكربوني والاستثمارات الموجهة لصناعة الأسمنت في السوق، فضلاً عن توقعاته للطلب على الأسمنت والمعوقات التي تواجه الصناعة، وكيفية التغلب عليها خلال الفترة المقبلة.
وأوضح ماجرينا، أن نظام استعادة الحرارة المهدرة والذي أقرته الشركة في مصانعها، سوف يساعد في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من خلال تقليل انبعاثات انتاج ونقل الكهرباء إلى مصنع حلوان وليس الانبعاثات المباشرة من المصنع. وأضاف “هذا سوف يحدث عندما نقوم بتقليل إمدادات الكهرباء للمصنع عن طريق الشبكة القومية”.
وقدر كمية خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 40 ألف طن سنوياً، ومن المتوقع أن تتراوح فترة استرداد استثمارات المشروع البالغة 20 مليون دولار ما بين 4 إلى 5 سنوات.
وأضاف، أنه من العوامل الرئيسية للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لدى مجموعة السويس للأسمنت هو الاعتماد على أنواع الوقود غير الأحفورية. كما أن دمج الوقود البديل في مزيج الطاقة يمكن أن يساعد في ضمان انتقال منخفض للكربون وهو ما يكون مجدياً تجارياً وجذاباً اقتصادياً.
وقال، إن استخدام الوقود البديل في مصر هو أيضاً مدعوم بعدم اليقين المستمر بشأن توافره بسبب ديناميكيات السوق الخارجية وضغوط العملة الأجنبية والجدل السياسي حول انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. حيث تلتزم مجموعة شركات السويس للأسمنت بزيادة استخدام أنواع الوقود البديل في إطار سعيها للامتثال للالتزامات التي تم التعهد بها لخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون لدى المجموعة الأم.
وأوضح أن جميع الأفران العاملة في المجموعة مجهزة للتغذية بمواد الوقود البديل. وعلاوة على ذلك، فإن السويس للأسمنت هي أول شركة أسمنت تقوم بتغذية مواد الوقود البديل في المحارق الرئيسية. كما تستخدم المجموعة حالياً ما بين 250 إلى 300 ألف طن من الوقود البديل كل عام، وتهدف إلى زيادة هذه الكمية.
ويرى ماجرينا، أنه لسوء الحظ، توجه الشركة مشكلة التوافر، “ببساطة لا يوجد ما يكفي من النفايات البلدية المعالجة أو غيرها من أنواع الوقود البديل لزيادة معدل الإحلال (نسبة الوقود البديل مقارنة بإجمالي أنواع الوقود الأخرى المستخدمة)”.
وأشار إلى استثمار السويس للأسمنت حوالي 189 مليون جنيه مصري في مصانع (القطامية والسويس وحلوان) ليصل معدل الإحلال الفني إلى 16.5% في عام 2019، كما سيتم استثمار أكثر من 100 مليون جنيه مصري للوصول بهذه النسبة إلى 30% في عام 2025.
ومع ارتفاع أسعار الفحم مؤخراً، باتت صناعة الأسمنت، وأي صناعة أخرى تعتمد على الفحم/الفحم البترولي، عاصفة كبيرة. وقال ماجرينا، إن انخفاض توافر الامدادات بشكل كبير ساهم في ارتفاع الأسعار، فضلاً عن التكاليف الضمنية لعمليات الشحن والتي تساهم بنسبة كبيرة في ارتفاع الأسعار.
وأوضح أن أسعار الفحم والفحم البترولي بات أعلى 3 أضعاف في مصر، عما كانت عليه قبل 18 شهر، وهو ما دفع بعض شركات الأسمنت في المطالبة باستخدام الغاز لأن سعر الغاز حالياً أقل من طاقته المكافئة في الفحم أو الفحم البترولي.
وكشف ماجرينا، أنه عند التواصل مع شركة توزيع الغاز وشركة ايجاس، “قالوا إنهم لا يفكرون في الوقت الحالي في توريد الغاز لصناعتنا”.
وأضاف “أنا شخصياً أعتقد أن هذه هي الخطوة الصحيحة – احتفظ بالغاز لتزويد الصناعات الأخرى التي يمكن أن تولد قيمة مضافة أعلى أو قم بتصدير هذا الغاز الآن للسوق الدولية التي رفعت سعره بشكل كبير”.
ويرى أن من الأفضل اقتصادياً للدولة استخدام الغاز في الصناعات البتروكيماوية أو التصدير للاستفادة منه والحصول على قيمة مضافة بدلاً من حرقه في مصانع الأسمنت.
و لست من المدافعين عن استخدام الغاز في صناعتنا. ومع ذلك ، فإن أسعار الغاز أقل من أسعار الفحم في الفترة الحالية. فالسعر العالمي للغاز هو 5.48 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، بينما سعر الفحم المستورد من جنوب أفريقيا إلى مصنعنا هو 7.15 دولار أمريكي لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.
وقدر ماجرينا متوسط استهلاك الفحم السنوي في مصانع الأسمنت في مصر بنحو 5 إلى 6 ملايين طن يتم استيرادها سنوياً.
وعن أسعار الأسمنت قال ماجرينا، إن مصر تمتلك أول أو ثاني أقل سعر للأسمنت في العالم. وفي حين ارتفعت جميع الأسعار بسبب التضخم الناتج عن انخفاض قيمة العملة في عام 2016، ظلت أسعار الأسمنت عند نفس المستويات أو حتى أقل من ذلك. و”بالقيمة الحقيقية، فنحن نبيع حالياً بسعر أقل من السعر الذي كنا نبيع به في عام 2015″.
وأضاف أن الأسعار تستند في المقام الأول إلى المنافسة والتكلفة. وفي حالة الأسمنت، تمثل الطاقة حوالي 60-70% من إجمالي التكاليف. مشيراً إلى تضاعف أسعار الطاقة وحدها ثلاث مرات في العام الماضي. وضرب مثالاً بسعر طن الفحم قبل العام والذي كان يبلغ 55 دولار للطن، أما الأسعار الحالية فتبلغ 150 دولار للطن.
ويرى ماجرينا، أن قرار جهاز حماية المنافسة والمتعلق بنظام الحصص كان ضرورة لاستقرار السوق، إلا أن السبب في ارتفاع أسعار الأسمنت محلياً خلال الفترة الأخيرة يعود بشكل أساسي إلى تضاعف تكلفة الطاقة والمواد الخام والتضخم الطبيعي في جميع المدخلات الأخرى.
وكانت صناعة الأسمنت في مصر تعاني من وجود فائض كبير في الإنتاج يزيد عن 30 مليون طن سنوياً. وفي الوقت نفسه، كان هناك انخفاض متتالي في الطلب السوقي على مدى السنوات الخمس الماضية منذ عام 2016. وقارن ماجرينا بين سعر طن الأسمنت في عام 2016 والبالغ نحو 730 جنيهاً مصرياً أو 92 دولار قبل التعويم، فيما يعادل حالياً أقل من 80 دولار للطن.
وقد عجزت أسعار الأسمنت عن تغطية تكاليف الإنتاج، الأمر الذي أدى إلى تكبد خسائر مالية كبيرة للعديد من الشركات. وقال ماجرينا: “لهذا السبب اتخذ جهاز حماية المنافسة وهيئة التنمية الصناعية خطوة شجاعة وجريئة لإنقاذ الصناعة من خلال تقديم نظام رشيد يقلل من الطاقة الانتاجية الزائدة، حيث أدركوا أنه إذا تكبدت الشركات مزيد من الخسائر، فإنها سوف تختفي. وإذا لم ننقذ التعددية في الصناعة الآن، فلن ينجو في المستقبل سوى عدد قليل منهم ومن ثم سيسيطرون على السوق كما يحلو لهم…وهذا سيناريو سيكون رهيب عندئذ”.
وتوقع أن يحتاج السوق مرور 3 إلى 4 سنوات لبناء طاقات إضافية، خاصةً وقد أظهرت الجهات التنظيمية بعد نظر وفهم لديناميكيات هذه الصناعة.
وأكد الرئيس التنفيذي لشركة السويس للأسمنت، حقيقة أن مصر تتمتع باستهلاك صحي بالنظر إلى عدد سكانها الحاليين، حيث يزيد حجم الاستهلاك السنوي عن 450 كجم/للفرد، وهو معدل مرتفع بشكل معقول بالنظر إلى متوسط الدخل، إلا أن الصناعة كانت تواجه مشكلة في زيادة الطاقة الإنتاجية بشكل مفرط.
وبالنظر إلى توقعات نمو الاقتصاد والطلب غير المخدوم لجزء كبير من السكان المصريين، فنحن نتوقع ارتفاع الاستهلاك خلال السنوات القليلة القادمة. وعلاوة على ذلك، فبينما نعتقد أن الاستثمار في البنية التحتية الأساسية ربما يكون في ذروته، لا يزال الاستثمار الخاص منخفضاً وسينمو بالتوازي مع الانتعاش الاقتصادي.
على الجانب الأخر اتخذت مجموعة السويس للأسمنت قرار بإغلاق مصنع طره بشكل مؤقت في عام 2019 بسبب ظروف السوق، بعد تراكم خسائره حتى بلغت مستوى لم يعد يُحتمل. وقال ماجرينا، إنه عند الحديث من الناحية الفنية، فقد كانت شركة مفلسة.
وتدرس مجموعة السويس للأسمنت بيع بعض أصول مصنع طرة، وأوضح ماجرينا، إن الإجراءات تتم بشكل بطيء جداً. حيث تعمل محافظة القاهرة، بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية ذات الصلة، بإعادة تأهيل استخدام أرض مصنع طرة 1، وكذا الأرضي المقام عليها الخطوط الإنتاج القديمة الرطبة. حيث يجب أن يتم تغيير نشاط الأرض رسمياً حتى يمكن تطويرها.
وفي الوقت الذي يعتبر فيه ماجرينا الأمر بالإجراء الطبيعي، إلا أنه أشار إلى معاناة من التأخيرات والبيروقراطية والتي تحول دون تحصيل الحكومة مئات الملايين من الرسوم المحتملة.
واستطرد ماجرينا، “من ناحية، عليك التقدم بطلب للحصول على رخصة الهدم (ويجب إزالة خطوط الإنتاج القديمة قبل استخدام الأرض). والشيء الذي يبدو بسيطاً ظاهرياً ولكنه بالفعل إجراء طويل ومعقد وبيروقراطي للغاية. حيث طُلب من الشركة الحصول على 10 تراخيص مختلفة. وبعض المستندات المطلوبة تعود إلى عام 1940”.
وبالتوازي مع ذلك، يجب على المحافظة تشكيل لجنة لتقدير قيمة الأرض على ضوء طلب الشركة حتى تتمكن من دفع رسوم التحويل، وأكد على أن هذه الخطوة يمكن أن تدر مبلغ كبير لحزينة الدولة.
وقال نأمل أن يتم تشكيل اللجنة في أسرع وقت، حيث طلبنا ذلك مراراً منذ سنوات. وهذه مشكلة يمكن حلها في غضون أسابيع، ولكن الأمر يستغرق سنوات.