الفحم مصدر الطاقة الأنسب لصناعة الأسمنت مع تراجع أسعاره عالمياً
السوق يتطلب إعادة هيكلة شاملة للرخص والضرائب والأراضى والرسوم
طالب مدحت إسطفانوس، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، الدولة بتغيير هيكلى لمنظومة الصادرات ودعم الصناعة، وتوفير شبكة خطوط ملاحية قوية تساعد على النفاذ بالمنتجات المصرية للأسواق الخارجية، حتى تحقق صادرات مصر من الأسمنت الطفرة المنشودة.
وأضاف إسطفانوس فى مقابلة مع «البورصة» أن تحقيق مصر هدفها الاستراتيجى بمضاعفة الصادرات إلى 100 مليار دولار سنويا، لا يحتاج إلى مجرد برنامج لدعم الصادرات الحالى، إنما تغيير هيكل التكلفة يساعد فى خروج منتج قابل للمنافسة، ويفتح أسواق تصديرية جديدة، واستغلال الطاقات الكامنة الموجودة، والتى لم تصدر بسبب ارتفاع التكلفة، وتصبح قادرة على التصدير والاستثمار فى طاقات زيادة لفتح أسواق.
وقال: «السوق يحتاج لإعادة هيكلة تشمل كل شيء من أول رخصة المصنع، مرورا بالأرض المقام عليها المنشأة الصناعية، والجمارك والضرائب المفروضة على المصنع، وأسعار الخامات، لابد أن يتلاشى كل ذلك فى المراحل الأولى للإنتاج ويتحول لضريبة قيمة مضافة على المنتج النهائى، بالتالى يخرج المنتج بتكلفة معقولة، ويتم استرداد حق الدولة أيضا».
شدد على ضرورة تطوير مصر لخطوطها البحرية، حتى تساعد فى تحقيق خطة الدولة بزيادة الصادرات إلى 100 مليار دولار سنويا.
وأوضح اسطفانوس أن صادرات مصر من الأسمنت محدودة ولا ترقى إلى المستوى الذى كانت عليه فى الفترة من 2003-2009، والتى سجلت حينها نحو 12 مليون طن، ولكنها فى العام الحالى ربما لا تتجاوز 2 مليون طن.
وبسؤاله عن مصادر الطاقة الأنسب فى صناعة الأسمنت، والمطالب بالعودة إلى الغاز من جديد قبل ارتفاع أسعاره، قال إسطفانوس إن صناع الأسمنت يبحثون عن مصادر طاقة رخيصة حتى لا تعود بالسلب على المنتج النهائى.
وقال: «قبل 7 سنوات خصوصا فى 2014 طالبنا باستخدام الفحم لأن الغاز لم يكن متوفرا على الإطلاق بغض النظر عن سعره آنذاك، وكان لابد من إيجاد بديل، ولكن مع تضاعف أسعار الفحم منذ بداية العام الحالى، دفع المصانع لتجديد مطالبها بالعودة لاستخدام الغاز، والذى لم تكن الحكومة قد رفعت أسعاره إلى 5.75 دولار للمليون وحدة حرارية، وبالتالى أصبحت التكلفة متساوية بالنسبة لمصدر الطاقة سواء الغاز أو الفحم».
وأضاف اسطفانوس أن الارتفاعات فى أسعار الفحم دفعت إلى زيادة فى سعر تكلفة إنتاج طن الأسمنت منذ بداية العام الحالى بقيمة 300 جنيه.
وذكر أن الاعتماد على الغاز كمصدر بديل للفحم فى توليد الطاقة بمصانع الأسمنت غير مجد فى الوقت الحالى، خاصة مع ارتفاع سعر الغاز الطبيعى للنشاط الصناعى كثيف الاستهلاك إلى 5.75 دولار للمليون وحدة حرارية.
تابع: «من المتوقع تراجع أسعار الفحم خلال النصف الأول من العام المقبل، بعد أن ارتفع إلى مستويات قياسية وسجل 240 دولارا للطن ، وبدأ يتراجع مسجلا نحو 170 دولارا للطن إلا أنه لم يصل إلى مستوياته السعرية الطبيعية قبل ذلك عند 80 دولارا للطن ، منذ بداية العام».
كما رجح إسطفانوس توافر الفحم خلال الفترة المقبلة، خاصة مع توقيع بروتوكول فى قمة المناخ، التى عقدت قبل أسبوعين بمدينة جلاكسو البريطانية، يلزم عددا من الدول بتحجيم استخدام الفحم فى محطات الكهرباء، والتى تعد أكبر مستهلك للفحم فى العالم، ومع الوعود التى منحتها روسيا باستئناف ضخ الغاز لأوروبا، وهو ما يترتب عليه توافر الفحم واستقرار أسعاره.
ونفى إسطفانوس ما تردد حول توقف بعض الدول عن استخدام الفحم تماما، وبرر ذلك بأن مستخدم الفحم الملوث للبيئة هو محطة الكهرباء، لأن الفحم فى صناعة الأسمنت أصبح جزءا من مكون الأسمنت وبالتالى غير ملوث، ولا ينتج عنه أى مرفوضات.
وقدر إسطفانوس متوسط واردات مصر من الفحم سنويا بنحو 6 ملايين طن توجه لمصانع الأسمنت، ولم تتأثر الواردات.
وقال إن مصر لا تحتاج فى الوقت الراهن إلى مصانع أسمنت جديدة، وربما تحتاج إلى إضافة خطوط إنتاج جديدة حينما يصل التعداد السكانى إلى 250 مليون نسمة، أو بحلول 2040، خاصة مع معدل استهلاك الفرد الحالى والذى يصل إلى نحو 450 كيلو سنوياً».
ووفقا لإسطفانوس يعمل فى مصر نحو 22 مصنعا للأسمنت بطاقات إنتاجية 85 مليون طن سنويا وحجم الاستهلاك 47 مليون طن سنويا، ولا يوجد فوائض فى صناعة الأسمنت إنما هى استثمارات معطلة بحسب وصفه.
وقال إسطفانوس إن أسعار الأسمنت فى 2022 ستكون إنعكاسا للتكلفة الحقيقية فى السوق سواء زادت أو نقصت، مع توقعات لموجة تصحيحية للأسعار خلال الفترة المقبلة.
كانت أسعار الأسمنت شهدت تذبذبا خلال الفترة الماضية، بسبب ارتفاع أسعار الفحم، والموجة التضخمية العالمية، ونقص سلاسل الإمداد.
وقال إسطفانوس إن قرار جهاز حماية المنافسة بالسماح لمصانع الأسمنت بالخفض التدريجى للطاقة الإنتاجية، جاء لتقنين وضع قائم، وحماية لمصانع القطاع، ولم تخفض المصانع طاقاتها الإنتاجية ولم ينخفض المعروض.
تابع «أصبح من واجب الدولة تنظيم عمل مصانع الأسمنت لأن مصانع الأسمنت كانت على وشك الإفلاس، خاصة مع تجاوز الخسائرحجم رأس المال، وتراجع القيمة السوقية للمصانع المدرجة فى البورصة إلى الخُمس، ومن ثم كان لابد من إصدار القرار».
وأعلن جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية فى يوليو الماضى عن موافقته على تخفيض استخدام الطاقة الإنتاجية فى 23 شركة أسمنت عاملة فى السوق المصرية، فى استجابة لطلبها، على أن يتم تطبيق القرار اعتبارًا من 15 يوليو، ولمدة عام.
وذكر إسطفانوس أن المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» جريئة وغير مسبوقة ومردودها إيجابى على المجتمع ككل، فالغرض من المبادرة التشغيل والتنمية ورفع مستوى المعيشة، ويصعب تحديد الكميات التى وردتها مصانع الأسمنت لتلك المبادرة، لأنه يتم السحب مباشرة من الموزعين، عكس المشروعات القومية الأخرى، يكون التعاقد مع المصانع مباشرة.
وقال إن مصانع الشعبة ساهمت فى مشروع أنفاق قناة السويس، والبشاير بالإسكندرية، ومشروعات أخرى فى القاهرة تحت إشراف الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة، ومستعدة للمساهمة فى مزيد من المشروعات».
وقال اسطفانوس، الذى تولى رئاسة شعبة الأسمنت لمدة 20 عاماً، إنه لم يشارك فى انتخابات الدورة الانتخابية الجديدة للاتحاد رغبة منه لإتاحة الفرصة أمام وجوه ودماء جديدة تتولى إدارة الملف.