فى ذروة قيود الوباء فى المكسيك العام الماضى، خفض صاحب عمل لورينا روميرو، ساعات عملها إلى النصف، ولا تزال الأم لطفلين تكافح لإعادة حياتها العملية إلى المسار الصحيح.
تريد روميرو، زيادة ساعات عملها وبحثت فى وظائف مختلفة.. لكن حاجتها إلى رعاية طفليها المراهقين، اللذين لم يعودا بعد إلى المدرسة بدوام كامل، تُصعب عثورها على فرص مناسبة.
تتشابه مشكلة روميرو مع مشكلات عشرات الملايين من النساء خلال الوباء، ففى ظل تضرر قطاعات الخدمات التى تهيمن عليها النساء مثل تجارة التجزئة والرعاية المنزلية بسبب عمليات الإغلاق، فقدت نساء كثيرات وظائفهن، وتوقفت كثيرات عن العمل أو قلصن ساعات عملهن لتحمل مسئوليات المنزل التى تقع على عاتقهن بشكل غير متكافئ.
أوضحت منظمة العمل الدولية، أن الركود المرتبط بالوباء تسبب فى تدمير %4.2 من وظائف النساء حول العالم خلال فترة تفشى الجائحة، مقارنة بـ %3 للرجال، مما أدى إلى تفاقم الفجوة العالمية بين الجنسين، إذ تعمل %43 من النساء فى سن العمل، مقابل %69 من الرجال.
رغم أن ركود عمليات توظيف النساء انتهى تقريباً فى جميع الدول الغربية وبعض المناطق مثل أفريقيا، فإن آثاره الباقية حادة فى أمريكا اللاتينية، حسبما ذكرت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية.
لايزال احتمال فقدان النساء وظائفهن فى فترة ما قبل الوباء أكثر 2.6 مرة من الرجال. وغادر كثير منهن سوق العمل بالكامل، كما أصبحت معدلات مشاركة الإناث فى العمل الآن أسوأ مما كانت عليه قبل الوباء فى كل بلد تقريباً فى المنطقة.
ورغم انخفاض عدد حالات الإصابة بكوفيد الآن، فإن المكسيك لديها واحد من أعلى معدلات الوفيات الزائدة بسبب الوباء فى العالم، كما أن انتعاشها الاقتصادى كان هشاً.
قالت زيمينا ديل كاربيو، رئيس مجموعة ممارسات الفقر والعدالة بالبنك الدولى، إن «الانتعاش كان غير متماثل إلى حد كبير.. بالتالى اتسعت الفجوات فى جميع المجالات»، موضحة أن «النساء اللائى كان حالهن الأسوأ بالمنطقة هن الأمهات اللائى لديهن أطفال صغار».
أما خارج العاصمة، فقد كانت حملة التطعيم فى المكسيك بطيئة ولم يتم تطعيم سوى %50 من سكان البلاد بشكل كامل.
أوضحت منظمة «اليونسكو»، أن أحد العوامل التى أعاقت النساء بشدة فى أمريكا اللاتينية هو أن المنطقة شهدت بعض من أطول فترات إغلاق المدارس فى العالم، فضلاً عن أن الأعراف الاجتماعية المتعلقة برعاية الأطفال والأعمال المنزلية زادت الأمور صعوبة.
وأشارت «فاينانشيال تايمز» إلى أن الافتقار إلى سوق موثوقة وبأسعار معقولة لرعاية الأطفال يعنى أيضاً أن الأمهات المكسيكيات يعتمدن بشكل كبير على الجدات لرعاية الأطفال، لكن الوباء جعل هذه الميزة فى الحياة الأسرية التقليدية أكثر صعوبة.
وأظهرت أحد الدراسات، أن احتمال عمل الابنة ينخفض بنسبة %12 عند موت الجدة المكسيكية فى منزل يعيش فيه ثلاثة أجيال.
وحول الاعتماد على الجدات فى رعاية الأطفال، قال مدير الإحصاءات الاجتماعية والديموغرافية فى المعهد الوطنى للإحصاء والجغرافيا، إدجار فيلما أوروزكو، إن «مشكلة نظام الرعاية فى المكسيك هى مشكلة جوهرية، إذ ينبغى أن يكون هناك نظام رعاية بدلاً من الاعتماد على والدتك للمشاركة فى سوق العمل».
تعد الأرجنتين مثالاً صارخا، فقد كان هناك 2 مليون امرأة عاملة فى وظائف الخدمة فى المنازل قبل الوباء، تمثلن %17 من القوة العاملة النسائية.
لكن عندما تفشى الوباء واجهت العاصمة بوينس أيرس، أحد أطول عمليات الإغلاق وأكثرها صرامة فى العالم، ما أدى إلى شلل الاقتصاد وتدمير الوظائف، ونتيجة لذلك ظلت 350 ألف عاملة منزلية عاطلات عن العمل بحلول مارس الماضى.
وفى محاولة لتحسين الأمور، أطلقت الحكومة الأرجنتينية برنامجا لدعم أجور عاملات النظافة وعاملات المنازل الأخريات، لكن النقاد يقولون إن البرنامج يرسخ فقط الأدوار بين الجنسين التى عفا عليها الزمن، بينما تأمل الحكومة فى توفير فرص عمل مهمة لآلاف النساء.
كان ظهور العمل المرن أثناء الوباء شيئاً جيداً بالنسبة للنساء اللاتى يمكنهن العمل من المنزل، لكن هذا غير ممكن بالنسبة لمعظم الأمريكيين اللاتينيين نظراً لندرة الوظائف الإدارية فى المنطقة نسبياً، وبالتالى غالباً ما يكون لمسؤوليات الرعاية المنزلية الأولوية عن العمل مدفوع الأجر.