من المتوقع أن ينتعش الاستثمار في الأعمال التجارية بالمملكة المتحدة بقوة عام 2022.
ويرجع الفضل في ذلك إلى الحوافز الضريبية الحكومية السخية والحاجة إلى ترقية الأصول التي تم إهمالها نتيجة حالات عدم اليقين المتعلقة بخروج البلاد من الاتحاد الأوروبي وتفشي الوباء.
ويتوقع معظم الاقتصاديين نمو الإنفاق الرأسمالي بأسرع وتيرة له منذ أعوام في 2022، مما يساعد- بجانب زيادة استهلاك المستهلك- على دفع النمو الاقتصادي، لكن يتوقع كثيرون أن الحوافز المقدمة لعامين، والمقرر انتهائها في مارس 2023- تُعرف باسم “الخصم الفائق” (super-deduction)- لن تؤدي إلا إلى بعض الاستثمار ولن تساعد في خلق قدر كبير من الإنفاق الجديد.
ونتيجة لذلك، توقع الاقتصاديون أن السياسة ربما لا تكون كافية لتعويض الأرض المفقودة.
قال توماس بوغ، الاقتصادي في شركة “أر سي إم” للاستشارات الضريبية بالمملكة المتحدة، إن الاستثمار في الأعمال التجارية سيكون “محركاً رئيسياً للنمو” عام 2022.
وفي ظل وجود شركات تمتلك سيولة قيمتها 140 مليار جنيه إسترليني والتي تزيد بذلك عما كانت عليه قبل الوباء، وتراكم عدد كبير من المشاريع خلال عمليات الإغلاق، فإن تلك الشركات “في وضع جيد للاستثمار”، على حد قول بوغ.
ربما يهدد متحور أوميكرون الانتعاش المتوقع، حتى لو لم يتم فرض قيود جديدة، نظراً لحالة عدم اليقين المتزايدة، حسبما ذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية.
ولكن إذا لم يعطل أوميكرون أنماط الإنتاج والاستهلاك، يتوقع العديد من الاقتصاديين أن تستفيد الشركات من الخصم الفائق للاستثمار.
يسمح الإجراء للشركات بتخفيض فواتيرها الضريبية بمقدار 25 بنس مقابل كل جنيه استرليني تستثمره في المصانع والآلات.
وأوضح كبير الاقتصاديين في المملكة المتحدة لدى “جولدمان ساكس”، ستيفان بول، أن هذا كان أحد أكثر حوافز الاستثمار الحكومية سخاء على مستوى العالم، وأن توقيته جيد لأن الأصول المادية تقادمت بعد أعوام من قلة الاستثمار.
وتماشياً مع توقعات النمو المكونة من رقمين من قبل مكتب مسؤولية الميزانية، يتوقع بوغ نمو الإنفاق الرأسمالي بنسبة 10% العام المقبل، وهو ما يمكن أن يحفز الاقتصاد لتحقيق نمو مستدام أقوى في المستقبل.
ورددت الاستطلاعات الاقتصادية صدى هذا التفاؤل، إذ ارتفع تقييم نوايا الوكلاء الإقليميين للاستثمار التجاري التابعيين للبنك المركزي البريطاني إلى أعلى مستوياته منذ 14 عاماً في الربع الثالث.
وخلال الفترة نفسها، ارتفعت حصة الشركات التي تخطط للاستثمار في المصانع والآلات إلى أعلى نسبة في 33 عاماً، بحسب دراسة استطلاعية أجرتها مجموعة الأعمال “سي بي أي”.
ويتوقع كبار المسؤولين الماليين من الشركات البريطانية، ممن شملهم الاستطلاع الشهري الخاص ببنك إنجلترا، أن يضعف “كوفيد-19” الاستثمار التجاري بنسبة 8% في الربع الأخير من 2021، لكن يتوقع أن ينعكس هذا الانخفاض في الربع الثاني من العام المقبل.
قال بول، إن احتياجات الشركات والسياسات الحكومية، التي تشمل أيضاً الاستثمار في البنية التحتية والمهارات، “يجب أن تكون إيجابية للغاية بالنسبة للإنتاجية والاستثمار التجاري”.
وهذا الأمر سيكون حاسماً إذا كانت الحكومة ستفي بتعهد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون بإنشاء “اقتصاد عالي الأجور، يتسم بمهارات مرتفعة وإنتاجية زائدة”.
مع ذلك، يأتي الانتعاش من مستويات منخفضة تاريخياً، و قال بعض الاقتصاديين إن المملكة المتحدة ستظل في مكانة متخلفة عن الاقتصادات المتقدمة الأخرى.
حتى الربع الثالث، كان الاستثمار في الأعمال التجارية بالمملكة المتحدة أقل بنسبة 10% من مستوى ما قبل الجائحة، وفي المقابل، كان الاقتصاد الأوسع نطاقاً أصغر بنسبة 2.1%. كما أن الإنفاق الرأسمالي في البلاد كان أقل بكثير من المستوى الذي تشهده كل من الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، حيث تجاوز المستويات المسجلة في الربع الأخير من عام 2019.
في المملكة المتحدة، كان الاستثمار التجاري في الربع الثالث لا يزال أقل بنحو 10% من المستوى المسجل في الربع الثاني من 2016، عندما صوتت البلاد لمغادرة الاتحاد الأوروبي، كما أنه نما خلال نفس الفترة بنسبة 8% في منطقة اليورو وحوالي 20% في الولايات المتحدة.
مع ذلك، فإن التوقعات طويلة الأجل للاستثمار في الأعمال التجارية لا تزال غير مؤكدة، خاصة أن المخاوف المتعلقة بالخروج من الاتحاد الأوروبي لم تختف بعد كما أن كثير من الاقتصاديين قالوا إن النمو المتوقع خلال العام المقبل لن يستمر.