يعيد صانعو السياسة فى البنك المركزى الأوروبى تقييم مدى التزامهم بالحوافز الإضافية، مما يعكس الشكوك المتزايدة حول السرعة التى يتوقع أن ينخفض بها التضخم، حيث تتسبب سلالة “أوميكرون” الفيروسية الجديدة فى تعزيز المخاوف المتعلقة بارتفاع الأسعار.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن ثلاثة أحداث أخيرة أثارت حالة من الشك لدى بعض واضعى أسعار الفائدة فى البنك المركزى الأوروبى، الذين توقعوا منذ شهور أن التضخم سينخفض إلى ما دون هدفه ويبرر استمرار سياسات التحفيز الواسعة.
الحدث الأول كان ارتفاع التضخم فى منطقة اليورو إلى 4.9% فى نوفمبر، وهو أعلى بكثير من هدف البنك المركزى الأوروبى البالغ 2%، كما أنه يعد رقم قياسى منذ إنشاء اليورو قبل عقدين من الزمن.
وتبع ذلك ظهور متحور جديد من فيروس كورونا، الذى يهدد بإطالة أمد الوباء وبالتالى التسبب فى مزيد من اختناقات سلسلة الإمداد التى أدت بدورها إلى ارتفاع الأسعار.
وفى أواخر الأسبوع الماضى، قال الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى إنه سيعجل إنهاء برنامجه لشراء السندات لمواجهة التضخم، مما يضغط على البنك المركزى الأوروبى لكبح جماح خططه لشراء الأصول.
وقبل اجتماع البنك المركزى الأوروبى المقرر الأسبوع المقبل، يشعر المحللون بالقلق من أن الأحداث مجتمعة تزيد من فرصة حدوث تحول “متشدد” من قبل واضعى أسعار الفائدة لسحب التحفيز فى وقت أبكر مما توقعه المستثمرون، مما يزيد من احتمالات البيع المكثف فى أسواق السندات الحكومية فى منطقة اليورو.
وقال البنك المركزى الأوروبى: “بالنسبة إلى متحور أوميكرون، فمن الواضح أنه سيبقى التضخم مرتفعاً لفترة أطول لأن اضطراب سلاسل الإمداد سيستمر لفترة أطول، وعلى المدى المتوسط، يمكن أن يكون التضخم أعلى من النسبة التى نستهدفها وبعد ذلك سيتعين علينا اتخاذ إجراء ضده”.
ومن المتوقع أن يعلن البنك المركزى الأوروبى فى اجتماعه المقبل وقف مشتريات السندات الجديدة فى مارس المقدمة فى إطار برنامج الطوارئ البالغ قيمته 1.85 تريليون يورو الذى تم إطلاقه استجابة للوباء، لكن صناع السياسة بالبنك المركزى يمكنهم أيضاً تأخير اتخاذ قرار آخر بشأن عدد السندات الإضافية التى سيشترونها فى عام 2022 حتى أوائل العام المقبل.
واشترى البنك المركزى الأوروبى سندات بأكثر من 2.1 تريليون يورو خلال العامين الماضيين، مما أدى إلى الاستحواذ على أكثر من إجمالى صافى إصدارات حكومات منطقة اليورو فى محاولة لإبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة.
ويعتقد محللو “يونى كريدت” أن هذا الأمر قد يتغير فى العام المقبل، رغم أنه من المتوقع جمع حكومات منطقة اليورو لديون أقل، ما لم يضاعف البنك المركزى كمية السندات التى يشتريها بموجب برنامج شراء الأصول السابق إلى 40 مليار يورو شهرياً من أبريل وحتى نهاية عام 2022.
والتزم البنك المركزى الأوروبى بعدم رفع أسعار الفائدة حتى يتوقف عن شراء الأصول، وهو ما يقول خبراء الاقتصاد أنه أمرا غير مرجح قبل عام 2023، حتى لو استمر فى إعادة استثمار عائدات السندات المستحقة بعد فترة طويلة من ذلك.
وقالت كاتارينا أوترمول، الخبيرة الاقتصادية فى مؤسسة “أليانز”: “يمكنهم إنهاء عمليات شراء الأصول بحلول منتصف عام 2023، ومن ثم يصبح من الممكن رؤية أول ارتفاع فى سعر الفائدة فى أواخر عام 2023”.