«فاينانشيال تايمز» تكتب عمودًا أسبوعيًا عن حياة الشركة الحديثة، بالإضافة إلى ميزات ومقالات أخرى.
بينما كانت الشركات تستعد لقمة المناخ فى جلاسكو العام الماضى، أصدر أحد أكبر البنوك فى أوروبا تحديثًا حول الكيفية التى خطط بها للقيام بدوره فى مكافحة الاحتباس الحرارى، وقالت مجموعة «يو بى إس» السويسرية، إنها أصبحت عضوًا مؤسسًا فى تحالف «نت زيرو« الجديد، وهو نادٍ نظمته الأمم المتحدة يضم معظم البنوك الغربية الملتزمة بإزالة الكربون عن محافظها الاستثمارية.
قال «يو بى إس»: «سننشر خطة عمل مناخية شاملة فى وقت لاحق من العام الحالى لتحديد أهداف قائمة على العلم، بما فى ذلك مستويات مستهدفة على المدى المتوسط»، وكان هذا فى أبريل، ولكن لم تكن هناك خطة عمل جديدة بحلول نهاية العام، ويقول البنك إنه يستهدف الآن شهر مارس، وأحد تفسيرات التأخير هو أن برنامج المناخ يجب أن يتلاءم مع رؤية استراتيجية أوسع لـ «يو بى إس»، والمقرر أن يكشف عنها رئيسها التنفيذى الجديد، رالف هامرز، فى فبراير.
لكن التأخير يعكس أيضاً معضلة أوسع فى القطاع: الحجم الهائل للعمل الذى يتعين على البنوك القيام به فى الوقت الذى تعانى فيه لاستيفاء التزامات صافية صفرية من المقرر أن تجعل 2022 عام يصبح فيه تمويل الوقود الأحفورى أكثر وضوحًا – ومثيرا للمشكلات – من أى وقت مضى، ويقول يورج إيجندورف، رئيس الاتصالات والاستدامة فى بنك «دويتشه»: «إنها مهمة ضخمة».
تتطلب عضوية تحالف «نت زيرو« حساب ونمذجة البصمة الكربونية لمحفظة القروض التى تصل قيمتها لمليارات اليورو، والتى سيكشف البنك الألمانى عنها بحلول نهاية عام 2022، ويقول إيجندورف: «سيؤدى ذلك إلى مزيد من الشفافية والتدقيق من جانب المنظمين والسياسيين والمستثمرين وعامة الناس».
قد لا تعتقد أن هذا سيهم كثيرا. وبالنظر إلى الاتجاه نحو التمويل الأخضر، تلقت مصادر الطاقة المتجددة وغيرها من المشاريع الصديقة للمناخ سندات وقروضا مصرفية أكثر من قطاع الوقود الأحفورى لأول مرة فى عام 2021، وهناك المزيد من الدعم فى طور الإعداد، وبنك «دويتشه» وجيه بى مورجان تشيس» و«إتش إس بى سى» من بين أكثر من 10 بنوك تتجاوز التزاماتها التمويلية الخضراء السنوية الآن دعمها للوقود الأحفورى فى 2020، كما تقول «أوتونموس»، وهى شركة أبحاث مالية.
يمكن أن تكون تعريفات التمويل الأخضر كثيرة جدا، لكن اتجاه السفر الأخضر يبدو واضحًا – باستثناء شيء واحد، وربما تفتح البنوك صنابيرها للتمويل الأخضر، لكنها بعيدة كل البعد عن إغلاقها أمام الوقود الأحفورى إذ استثمر أكبر 60 بنكا خاصا فى العالم أكثر من 3.8 تريليون دولار فى قطاعات البترول والغاز والفحم منذ اتفاقية باريس لعام 2015، وفقًا لأبحاث المنظمات غير الحكومية.
وقد ذهبت أموال كثيرة إلى شركات البترول والغاز التى لديها خطط توسع كبيرة، مع عدم وجود أى علامة على حدوث تغير سريع، وتواجه البنوك صعوبة مزدوجة فى تعريض تمويلها الأحفورى لمزيد من التدقيق – واتهامات بالذنب المناخى – دون أن تظهر كيف يمكن أن تنهى بالأخير استثماراتها الأحفورية، ومن الناحية النظرية، يمكن أن يحل تحالف «نت زيرو« المشكلة، الذى يمثل أعضاؤها البالغ عددهم 98 أكثر من 40% من الأصول المصرفية العالمية.
وينبغى على البنوك وضع خطط لخفض الانبعاثات، وتتمثل المشكلة فى الرياضيات الصارمة، ولقد أثبت العلماء أنه من الأكثر أماناً الحد من ظاهرة الاحتباس الحرارى إلى 1.5 درجة مئوية، لذا فإن انبعاثات الكربون من صنع الإنسان، والتى يأتى معظمها من حرق البترول والغاز والفحم، يجب أن تنخفض إلى النصف تقريبًا بحلول عام 2030 وأن تنخفض إلى صافى الصفر بحلول عام 2050.
والقصة القصيرة الطويلة: يجب على العالم أن يفطم نفسه بسرعة عن الوقود الأحفورى، الذى يشكل حوالى %80 من مزيج الطاقة، والتخلى عن خطط التنقيب عن المزيد، وخفضت البنوك دعمها للفحم بمرور الوقت، لكن القليل من أعضاء تحالف «نت زيرو« قد أصدروا خططًا مفصلة توضح كيف ومتى يمكنهم إنهاء دعمهم للنفط والغاز أيضًا – والقواعد تمنحهم عدة سنوات.
يقر بعض المصرفيين سراً بمخاطر التمسك بالشركات المصممة على الاستمرار فى توليد الكثير من الانبعاثات، ولكن القليل من الإيرادات المصرفية، خاصة إذا بدأ المقرضون المتنافسون فى استغلال المجال الأخضر المربح، ويقول آخرون إنه من الخطورة أن تكون المحرك الأول فى غياب تسعير الكربون المجدى أو السياسات الحكومية الأخرى لتكافؤ فرص التمويل، وما هو الهدف من خروج البنوك المدرجة فى البورصات من مجال الوقود الأحفورى إذا واجه المستثمرون تدخلاً وتدقيقاً أقل؟
تشير التقديرات إلى أن شركات الاستثمار المباشر استثمرت أكثر من تريليون دولار فى صناعة الطاقة منذ عام 2010، معظمها فى الوقود الأحفورى، مما يؤكد الاتجاه التالى الذى ستتجه إليه معركة التمويل الصفرية الصافية، ويقول مايك هوجمان، مدير تمويل المناخ فى «ذا تشيلدرن انفستمنت فونديشين»: «البنوك المتداولة علناً ليست نهاية المشكلة».
وقال إنه يجب أن يطالب مستثمرو الأسهم الخاصة بأن يكون لدى جميع الشركات التى يدعمونها خطط عمل مناخية ذات مغزى، ومنذ وقت ليس ببعيد، كانت هذه الفكرة تبدو خيالية، لكن الزمن يتغير بسرعة وعليك فقط سؤال البنوك عن ذلك.
بقلم: بيليتا كلارك: محررة مشاركة وكاتبة مقالات رأى حول الشركات «فاينانشيال تايمز».
المصدر: صحيفة «فاينانشيال تايمز»