على خلاف الشعور السائد بأن التضخم قد يشكل أكبر خطر يواجه أسواق الأسهم في 2022 مع رفع أسعار الفائدة، إلا أن بعض الاستراتيجيين لهم رؤى مختلفة.
ويعتقد هانك سميث، رئيس قسم الاستراتيجيات في هافيرفورد ترست، وهى مؤسسة تخطيط مالى أمريكية أن تأثر الأسهم بالمستويات الحالية من التضخم، قد يكون محدودا، بل إن بعض الأسهم قد تشهد أداءً جيدا، خاصةً الأسهم الدورية – الأكثر حساسية للتغيرات الاقتصادية -، إلا أنه يتفق مع التأثر السلبى لباقى الأسهم.
وأكد سميث، على رؤيته مستشهداً بأن الارتفاع الحالى فى العائد على السندات يعني أن السوق يتوقع معدلات تضخم أعلى مع زيادة الطلب القوى في الاقتصاد. وهو الأمر الذى تستفيد منه أسهم القطاعات العقارية والبنوك، حيث يتفاعل المستثمرون مع هذه القطاعات بشكل أفضل، فيما قد تضرر القوة الشرائية والمبيعات في معظم القطاعات الأخري، خاصة السلع الاستفزازية والترفيهية.
لماذا ارتفع التضخم؟
تسببت جائحة كورونا في إغلاق العديد من المصانع بجميع أنحاء العالم منذ أن ضرب الوباء الاقتصاد العالمي في مارس 2020، وأدى إلى انتشار فيروس كورونا بين العديد من العاملين، وبالتالي لمنع التفشى بصورة أكبر اتخذت بعض الشركات إجراءات إغلاق مؤقت أو تخفيض الإنتاج وتقليل ساعات العمل والتجمعات، مما أدي إلي انهيار سلاسل التوريد حول العالم، فضلاً عن إغلاقات كورونا ومنع السفر والانتقال، وحتى منع بعض خدمات الشحن في الموانئ والمطارات، مما قلص بصورة كبيرة حجم الإنتاج العالمي من السلع، ومع عودة الحياة إلي طبيعتها بعد الوباء زاد الطلب المتراكم علي المنتجات مما أدي إلى موجة غلاء في الأسعار.
وفي وقت لم تكن فيه المصانع مستعدة للإنتاج زاد الطلب على السلع، بسبب نقص المواد الخام والمواد غير تامة الصنع، مما أدي إلي تراجع إنتاج السلع، وارتفاع أسعار المنتج بالسوق، فزاد من وتيرة ارتفاع التضخم.
كما شهدت بعض الأسواق مثل أوروبا، قفزة كبيرة فى أسعار الطاقة، وارتفعت أسعار الغاز الطبيعي خلال عام 2021 بنسبة 600%، خاصةً مع تقليص مجموعة أوبك بلس، لسقف الإنتاج خلال موجة الإغلاقات، وحتى بعد فتح السفر الدولي، لم يتم رفع الإنتاج بالصورة الكافية لمقابلة الطلب، فضلاً عن تراجع كبير لمخزونات النفط، والتي كانت قد تكدست خلال الأشهر الأولى من انتشار الوباء، ليصل سعر خام برنت إلى نحو 80 دولارا للبرميل.
وعزز هذا من ارتفاع التضخم فى العالم، إذ زاد التضخم في الولايات المتحدة إلى 6.2% خلال أكتوبر الماضي، وفي الجانب الآخر من العالم ارتفع معدل التضخم إلى 2.3% في الصين.
كما بلغ معدل التضخم السنوى الأساسى بمصر في نوفمبر الماضى 5.8%، مقابل 5.2% في أكتوبر السابق ، والذي لا يزال ضمن هدف البنك المركزى المصرى للتضخم بين 5% و9% خلال الربع الرابع من 2022.
توقعات 2022
وتوقعت رضوى السويفي، مدير قطاع البحوث بشركة فاروس لتداول الأوراق المالية، أن يبلغ متوسط التضخم الأساسي 7.5% خلال عام 2022، فيما تسعى الحكومة إلى توفير كميات من المعروض من القطاعات الدفاعية – الغذاء والدواء – إذ تعتبر أكثر القطاعات التي تتأثر بالتضخم.
فيما قالت، منى بدير، كبير الاقتصاديين بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، إنه من المتوقع ألا يكون هناك مجال للسياسة النقدية بالبنك المركزي لدعم الاقتصاد بشكل مباشر إلا عن طريق السيطرة على محركات التضخم من خلال التحركات الاستباقية لتحركات أسعار الفائدة للتكيف مع مخاطر التشديد النقدي العالمى.
و كشف بنك الاحتياطى الفيدرالي الأمريكي، عن محضر اجتماع لجنة السياسة المنعقدة الشهر الماضي، والتي أظهرت خطط إنهاء سياسة التيسير النقدي، والبدء في خفض برامج شراء السندات، ورفع متوقع للفائدة بنحو 3 مرات خلال 2022، في محاولة لإعادة التضخم إلى مستوى 2% على الأجل الطويل.
تعد سياسة التيسير النقدي إحدى أدوات البنوك المركزية لتحفيز النمو الاقتصادي، وتقضي بضخ الأموال وزيادة السيولة في الأسواق خلال فترات الركود، من أجل تحريك عجلة الاقتصاد.
وتسعي البنوك المركزية فى الدول المتقدمة إلى رفع الفائدة خلال الفترة القادمة، لإنهاء هذه السياسة، وأعلن البنك البريطاني مؤخراً رفع سعر الفائدة من 0.1% إلى 0.25%، فيما ثبّت البنك المركزي المصري سعر الفائدة عند 8.25% للإيداع، و9.25% للإقراض، مع توقعات برفع الفائدة خلال 2022.
وتوقعت السويفي، زيادة أسعار الفائدة 1% خلال 2022، ولكن كحل أخير، حيث أن ارتفاع أسعار الفائدة لا يؤثر في تقليل التضخم، لأنه ناتج عن زيادة تكلفة الإنتاج.
أوميكرون يعمّق الأزمة
وتتزايد عدوى كورونا في جميع أنحاء العالم، وسجلت الولايات المتحدة عدد إصابات قياسي خلال الأيام السبعة الأخيرة وحتى يوم الاثنين الماضي، ما يرفع المخاوف من تجدد الإغلاقات والتأثير السلبي على سلاسل التوريد، ما سيغذي موجة جديدة من التضخم بسبب نقص العرض.
ماذا استفاد السوق المصري؟
وذكرت السويفي، أن مصر استفادت من النقص في سلاسل الإنتاج، خاصة الصناعات التصديرية كالبتروكيماويات، وزاد الطلب على منتجات المصانع المصرية بعد غلق المصانع في أوروبا والصين.
فيما توقعت منى بدير، من برايم، أن يكتسب النمو زخما من تعافي استثمارات القطاع الخاص، ونمو إيجابي لقطاعات سبق أن انكمشت خلال أزمة كورونا السابقة، كقطاع السياحة وقطاعات خدمية أخرى مرتبطة به.
كتب: محمود معتز