لم تخف اليابان شعورها بخيبة الأمل لخسارة محاولات أحد المقاولين الصينين، بناء خط سكة حديد عالي السرعة بين جاكرتا وباندونج.
وباعتبارها شريكا اقتصاديا قويا لإندونيسيا منذ الطلب الجديد الذي أعقب إدارة الرئيس الإندونيسي السابق محمد سوهارتو- خصوصا في قطاعي البنية التحتية والسيارات- لطالما كانت اليابان واحدة من أكبر 5 مستثمرين أجانب في إندونيسيا، وهذا استمر حتى الربع الأول من 2021، عندما تراجعت اليابان إلى المركز السابع، وقفزت سنغافورة والصين وكوريا الجنوبية والسويد.
وبحسب بيانات الأعوام الخمسة حتى عام 2019، استثمرت اليابان 25.5 مليار دولار في البلاد، وهو ما يجعلها ثاني أكبر مستثمر أجنبي في إندونيسيا بعد سنغافورة، لكن النصف الأول من عام 2020 شهد تقدم الصين لتصبح ثاني أكبر مستثمر في إندونيسيا، وهو منصب تشغله منذ ذلك الحين.
أكد وزير الاستثمار الإندونيسي، باهليل لهاداليا، أن المعاملة التفضيلية لا تُمنح للدول الراغبة في الاستثمار، موضحاً أن منح العقود يستند إلى مبادئ الشمولية ومن يأتي أولاً يُخدم أولاً.
خلال مؤتمر افتراضي عقد في نوفمبر، أوضح لاهاداليا أن المستثمرين الصينيين يحققون نجاحاً أكبر من اليابانيين لأنهم أكثر عدوانية وأكثر انفتاحاً على المخاطرة.
عادةً ما يكون التفاوض على العقود اليابانية أكثر تعقيداً، لكن في معظم الحالات ينتهي المقاولون اليابانيون في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية، حسبما ذكرت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية.
كذلك، يسهل التعامل مع المقاولين الصينيين في البداية، لكن المشاريع لا تنتهي دائماً كما هو مخطط لها، إذ تفضل الصين نموذج الأعمال التجارية منذ البداية، ي حين تفضل اليابان نموذج الحكومة إلى الحكومة وتتحول لاحقاً فقط إلى نموذج الأعمال التجارية.
والمنافسة الشرسة بين الصين واليابان لا تحدث في إندونيسيا فقط، بل عبر جنوب شرق آسيا أيضاً، بما فيها كمبوديا وماليزيا والفلبين وسنغافورة وتايلاند وفيتنام.
وعندما يتعلق الأمر بالاستثمار في البنية التحتية على نطاق واسع، فإن اليابان تتقدم بشكل جيد، إذ تبلغ قيمة مشاريعها 367 مليار دولار لصالح اليابان و 255 مليار دولار للصين.
في إندونيسيا، بينما مُنحت جاكرتا عقداً لتطوير قطار متوسط السرعة بين جاكرتا وسورابايا في عام 2015، فإنها اختارت الصين من أجل بناء خط سكة حديد جاكرتا-باندونج عالي السرعة، وذلك رغم أن اليابان كانت أول من قدم اقتراحاً للتطوير.
مع ذلك، لم تسر الأمور كما هو مخطط لها، إذ أجبرت تجاوزات التكلفة وقضايا أخرى، الحكومة الإندونيسية على التدخل كمستثمر لإنقاذ المشروع، مما خيب آمال اليابان بشكل أكبر لأن المزايا المفترضة لنموذج الأعمال الصيني كانت الأسباب الرئيسية وراء تفضيل الحكومة الإندونيسية الصين على اليابان في المقام الأول.
من هذا المنطلق، ثمة درس مستفاد للحكومة الإندونيسية لا يمكن تجاهله، وهو ببساطة، عندما يتعلق الأمر بالتفاوض بشأن مشاريع البنية التحتية الكبيرة مثل خطوط السكك الحديدية عالية السرعة، فإن التخطيط لمثل هذه المشاريع سيكون مفرطا في التفاؤل وستكون إدارته سيئة وسيواجه صعوبات مرتبطة بالحصول على الأرض التي سيتم بناء الأصل فيها، وباختصار يجب أن تخضع مثل هذه المشاريع لدراسة متأنية.