مع دخولنا شهر جديد، هناك أيضاً اجتماع آخر لمجموعة «أوبك+» لمنتجى البترول، الذين يسعون لتحقيق التوازن فى سوق البترول من خلال الإعادة التدريجية للإمدادات التى أزالوها منذ ما يقرب من عامين؛ استجابة للموجة الأولى من «كورونا».
وباستثناء اجتماع أو اثنين شهدا استثناءات ملحوظة – كان اجتماع نوفمبر الذى رفضت فيه المجموعة مطالبات العملاء زيادة الإنتاج على ما هو مخطط له هو الاستثناء الأبرز – أصبحت اللقاءات الافتراضية شبه روتينية، وكانت أكبر المفاجآت التى أحدثوها هى الإيجاز.
لكن لا تفهمونى بشكل خاطئ، فأنا أحبذ أن نحظى بقليل من الاجتماعات غير المثيرة.
ومن المتوقع أن تتفق المجموعة على إضافة 400 ألف برميل أخرى يومياً للإمدادات فى مارس، ولديهم بالفعل زيادة مماثلة متفق عليها لشهر فبراير، ولكن من المرجح أن يتراجعوا أكثر عن هدفهم عندما يتعلق الأمر بالإنتاج الفعلى، فقد كانوا يكافحون لمواكبة خططهم لزيادة العرض منذ اعتمادها لأول مرة، وتأخرت الزيادات الفعلية عن المستوى المستهدف فى ثلاثة من الأشهر الخمسة الماضية حتى الآن.
ولقد بدأوا بداية سيئة عندما أضافوا 94 ألف برميل فقط يومياً فى أغسطس، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أعمال الصيانة التى أدت إلى خفض الإنتاج فى كازاخستان، وانتعشت الأرقام بعد ذلك، لكن بحلول نهاية العام لم يضيفوا سوى حوالى 1.8 مليون برميل يومياً من أصل مليونى برميل تم التعهد بها.
وقد لا يمثل ذلك الفارق مشكلة كبيرة لكن التوقيت هو كل شىء.
ولم تكن الزيادة الأكبر من الموعودة فى سبتمبر كافية لتعويض النقص فى الشهر السابق، والذى استمر فعلياً خلال الفترة بأكملها، وإذا نظرت إلى إجمالى كمية البترول الخام التى ضختها المجموعة بين أغسطس وديسمبر، فإنَّ النقص مقابل إنتاجها الذى تعهدت به يقترب من 110 ملايين برميل، وهو ما يكفى تقريباً لتلبية الاستهلاك المشترك لأكبر اثنين من مستخدمى البترول فى أوروبا – ألمانيا وفرنسا – لمدة شهر.
وكان إنتاج «أوبك بلس» أقل بمقدار 640 ألف برميل يومياً عن المستوى المستهدف منذ يوليو.
وبحلول ديسمبر، ضخت 19 دولة ذات أهداف إنتاجية مجتمعة 740 ألف برميل يومياً أقل مما تعهدت به، ومن المرجح أن تتسع الفجوة مرة أخرى فى يناير، وربما فى فبراير أيضاً.
وقد تشكل الدولة الأقل إنجازاً من حيث مواكبة الزيادات المسموح بها مفاجأة، وهى روسيا، ومن بين 525 ألف برميل يومياً سُمح لها بإضافتها إلى الإنتاج بين يوليو وديسمبر، أضافت روسيا 372 ألف برميل فقط، وتأتى نيجيريا فى المرتبة الثانية بعد أن شهدت انخفاض إنتاجها بمقدار 40 ألف برميل يومياً خلال فترة 5 أشهر، بينما كان من المفترض أن يزيد بأكثر من ضعف هذا الرقم.
وأدى التباطؤ فى نمو الإنتاج الروسى إلى انخفاض إنتاجها عن هدف «أوبك بلس» فى ديسمبر للمرة الثانية فقط منذ استحداث التخفيضات فى مايو 2020، فهل يعكس هذا إحساساً جديداً بالمسئولية؟ أو هل يشير ذلك، كما يوحى الكثيرون، إلى أن البلاد تكافح من أجل إضافة البراميل التى أخرجتها من السوق منذ ما يقرب من عامين؟
لا نعرف بعد، لكن شهدنا تباطؤاً مشابهاً فى نمو الإنتاج الروسى بين أبريل ويونيو، ثم استأنف الإنتاج مساره التصاعدى من يوليو، ولكن الآن تضخ شركات البترول الروسية بالقرب من مستويات ذروة الإنتاج قبل الوباء، ويوجد فى البلاد عدد من الآبار العاملة أكثر من أى وقت منذ أبريل 2020، وقال المشغلون بما فى ذلك «لوك أويل» إنهم سيصلون إلى كامل قدرتهم الإنتاجية الفائضة قريباً.
وبالنسبة للعديد من دول «أوبك بلس» الأخرى، فإنَّ التوقعات أكثر وضوحاً، وعانوا، تماماً مثل نظرائها من خارج المجموعة، انهيار الاستثمار اللازم للحفاظ على الطاقة الإنتاجية، ناهيك عن الإنفاق لتعزيزها، ونتيجة ذلك، لن يتمكن معظمها من الوصول إلى مستويات إنتاج ما قبل الجائحة حتى لو تمت إزالة جميع القيود.
ماذا سيحدث الاجتماع المقبل؟ فى جميع الاحتمالات، سيوافق منتجو «أوبك بلس» على إضافة 400 ألف برميل أخرى يومياً إلى الإمدادات فى مارس، وسوف نستمر فى التظاهر بتصديقهم، وسيتراجع إنتاجهم الفعلى أكثر وراء المستويات المستهدفة.
بقلم: جوليان لى، استراتيجى البترول فى وكالة أنباء «بلومبرج»
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»