2022 تشهد مزيدًا من التعهدات للتحول العالمى للاقتصاد الأخضر
ستاندرد آند بورز: 960 مليار دولار إصدارات الديون المستدامة العام الماضى
رصد تقرير صادر عن شركة ستاندرد آند بورز جلوبال اتجاهات التمويل الأخضر خلال العام الحالى مع تزايد الدعوات للإسراع بعملية التحول نحو الاقتصاد الأخضر للسيطرة على التغيرات المناخية.
وقال التقرير إن الزخم غير المسبوق فى السوق والسياسات التى تسعى إلى الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية فى عام 2021، دفع المستثمرين ومجالس إدارات الشركات والقادة الحكوميين لرفع توقعاتهم بشأن التعهدات المتعلقة بالمناخ لعام 2022.
وإلى جانب قضايا المناخ والتنوع البيولوجى والمخاوف البيئية الأخرى، فإن القضايا الاجتماعية مثل التنوع والمساواة والإدماج ورفاهية العمال، تبقى من ضمن القضايا الجوهرية، لا سيما مع اجراء مناقشات موسعة بشأن الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية التى تتم على نطاق عالمى.
وحددت ستاندرد آند بورز الاتجاهات الرئيسية المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية التى ترى أنها ستقود الحوار لعام 2022.
وترى أنه فى ظل أزمة التغير المناخى سيزداد الضغط على مجالس إدارة الشركات والقادة الحكوميين لتعزيز مهاراتهم فى مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
ووفقًا للتقرير ستتنامى الضغوط على مجالس إدارة الشركات والقادة الحكوميين لإثبات أنهم مهيأون بشكل كافٍ لفهم قضايا الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والإشراف عليها بدءاً من قضايا تغير المناخ وقضايا حقوق الإنسان وصولاً إلى الاضطرابات الاجتماعية.
وستشمل مسئوليات مجلس الإدارة داخل الشركات مزيدًا من التركيز والالتزام بالتوقيت الزمنى للوفاء بواجباتهم الائتمانية.
ومن المتوقع أن تنمو الضغوط المفروضة على مجالس الإدارة لدعم أوراق الاعتماد الخاصة بمجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، حيث يطالب المستثمرون بمزيد من المسئولية من قبل الجهات العليا والتركيز المتزايد على الاستدامة.
وتقول ستاندرد آند بورز إن نشاط المساهمين فى هذا المجال قد ارتفع فى عام 2021، كما تزايد التصويت ضد مديرى الشركات لعدم وجود خطط عمل مناخية ذات مصداقية. ومن المقرر أن يتسارع هذا الاتجاه خلال موسم الاجتماعات السنوية 2022.
وستستمر الجهود المبذولة لتنويع مجالس الإدارة ووضع السياسات التى تعزز التنوع الهادف والمساواة والشمول والتحول من أسلوب «وضع علامة فى صندوق» والذى يعد إجراء عديم القيمة يتمثل فى تنفيذ الإجراءات لمجرد الالتزام بالقواعد، إلى أسلوب التقدير الشامل لكيفية تأثير الاختلافات فى الهويات والخبرة وأساليب القيادة على النمو والابتكار.
ويتعرض قادة الحكومات والشركات للضغط لتحسين مهاراتهم فى مجال الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية والسعى لدمج مفهوم الاستدامة فى سياساتهم واستراتيجيات التخطيط الخاصة بهم.
وستسعى الحكومات والشركات إلى إضافة تدابير التكيف والمرونة إلى خططها الاستثمارية وسط التأثير الاقتصادى المتزايد لتغير المناخ. وشهدت الولايات المتحدة وحدها فى عام 2021 نحو 20 عاصفة وصلت الخسائر لكل منها ما يتجاوز 1 مليار دولار.
هل لاستراتيجية الغسيل الأخضر بقاء خلال عام 2022؟
أوضحت مؤسسة ستاندرد آند بورز جلوبال أن العديد من الشركات الكبرى تضع أهدافًا للاستدامة وتنشر البيانات المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية فى عام 2021، كما يمارس المستثمرون والجهات التنظيمية وعامة الناس قدرا كبيرا من عمليات الفحص والتدقيق فيما يخص جهود الاستدامة التى تبذلها الشركات، والتى تلجأ إلى ما يعرف باستراتيجية «الغسل الاخضر» الصديقة للبيئة.
ويعود جزء كبير من هذه الشكوك إلى مخاوف من أن الشركات قد تستخدم البيانات والعلامات المتعلقة بالاستدامة على المنتجات والخدمات كأداة تسويقية لتبدو أكثر استباقية بشأن هذه القضايا مما هى عليه بالفعل.
وستستمر المعايير العالمية الجديدة المتعلقة بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية فى التطور فى عام 2022، فى حين يمكن لهيئات وضع المعايير العالمية مثل المجلس الدولى لمعايير الاستدامة الذى أنشىء حديثاً، أن يساعد فى معالجة ما قد يشكل أكبر عقبة أمام المساءلة: وهو عدم وجود أساسيات مشتركة لمعايير الكشف التى تتسق مع الهيئات القضائية والصناعية.
وتبلور الاتفاق على المقاييس الرئيسية وأطر إعداد التقارير الخاصة بالعوامل البيئية بوتيرة أسرع مما كان عليه الحال فى السابق فيما يخص العوامل اجتماعية، لكن يمكن أن يجلب عام 2022 تقارب متزايدًا بشأن متطلبات البيانات والمقاييس وإعداد التقارير الأكثر صلة بالقضايا الاجتماعية، إلى جانب الضغط المتزايد لضمان مدى جودة قياس هذه المقاييس للتأثير، وليس فقط للمدخلات.
اقرأ أيضا: تأسيس اتحاد أسواق رأسمالية مفتاح التحول الأخضر لأوروبا
ويبقى التحدى الأكبر فى تحويل التعهدات بصافى الصفر انبعاثات إلى إجراءات فعلية على المدى القريب.
ووفقا لما ذكرته مؤسسة ستاندرد آند بورز جلوبال، شهد عام 2021 ارتفاعاً فى عدد الحكومات والشركات الكبيرة التى تضع أهدافًا للوصول إلى صافى انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، لكن هذه التعهدات غالبًا ما تفتقر إلى أهداف مؤقتة لخفض الانبعاثات أو خطط للحد من الانبعاثات غير المباشرة التى تحدث على مدى سلسلة التوريد.
وتتوقع ستاندرد آند بورز أن يشهد عام 2022 مزيدا من الضغط من قبل المساهمين وأصحاب المصلحة الآخرين على تلك الكيانات لتطوير خطط ملموسة وقريبة المدى والبدء فى العمل لمعالجة الانبعاثات عبر سلسلة القيمة الكاملة.
ووجد تقرير صدر عام 2018 عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخى التابعة للأمم المتحدة أن تحقيق صافى صفر انبعاثات على الصعيد العالمى بحلول عام 2050 أمر بالغ الأهمية لتجنب بعض أسوأ الآثار المتوقعة لتغير المناخ.
ففى عام 2021، أصدر فريق الأمم المتحدة الحكومى الدولى المعنى بدراسة تغير المناخ تقريراً بارزاً بشأن المناخ أطلق عليه الأمين العام للأمم المتحدة وصف «الرمز الأحمر للبشرية».
وسوف يصدر الفريق الحكومى الدولى المعنى بتغير المناخ تقارير جديدة خلال العام الجارى، والتى ستكون قادرة على إعادة ضبط السرعة التى يتعين على العالم أن يتحرك بها لمنع تجاوز هدف الحد من الاحتباس الحرارى العالمى لهذا القرن بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية نسبة إلى مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وتتوقع ستاندرد آند بورز جلوبال أن يطالب المستثمرون بما هو أكثر من مجرد تحديد التعهدات المناخية طويلة الأجل، فى ظل ارتفاع المخاطر إلى هذا الحد.
كما تتوقع المؤسسة أن الحكومات والشركات ستكون ملزمة بأن تقدم مؤشرات جديرة بالثقة وقابلة للتحقيق فى الأمد القريب على مسارها نحو التخلص من الانبعاثات الكربونية.
وبغض النظر عن التركيز على خفض الانبعاثات، فإن الاهتمام الأكبر سوف يمتد إلى الكيفية التى تدير بها هذه الكيانات التعرض للمخاطر المادية للمناخ. وستتجه هذه التوقعات إلى تحميل الكيانات المسؤولية عن تعهداتها وتساعد فى معالجة توقعات السوق بشأن الغسل الأخضر.
سيكون للقضايا الاجتماعية ظهور قوى فى استراتيجيات التحول المناخي
وذكرت ستاندرد آند بورز أن التوقعات من الحكومات والشركات لإحراز تقدم ملموس فيما يتعلق بتعهداتها المناخية فى عام 2022، كما أن الحكومات ستسعى لتنفيذ ذلك فى ظل مناخ اقتصادى وجيوسياسى أوسع نطاقاً يتسم بالاتجاهات التضخمية، وارتفاع تكاليف الطاقة، وتشديد السياسة النقدية، وسوف تتحدى هذه التحولات أجندة المناخ وتزيد من الاهتمام بإدارة الآثار الاجتماعية لعملية التحول المناخى.
كما قد تتعطل الجهود المبذولة لتعزيز الاقتصاد منخفض الكربون فى غياب خطط ذات مصداقية لتعزيز الإدماج الاقتصادى والاجتماعى، والوصول إلى الخدمات الحيوية بأسعار معقولة.
ووقعت ما يتجاوز 30 دولة فى مؤتمر الامم المتحدة السادس والعشرين للمناخ، تعهدات لدعم العمال والمجتمعات المتضررة من التحول إلى الاقتصاد الأخضر.
وترى ستاندرد آند بورز أنه مع مواجهة التوقعات بشأن حدوث أزمات اقتصادية، سيؤثر الدعم المقدم إلى الاقتصادات الناشئة فى تحقيق التوازن بين أهداف المناخ وأهداف النمو الاقتصادى والتخفيف من حدة الفقر، والذى بدوره سيؤثر بشدة على الاستقرار الاجتماعى والزخم فى جدول الأعمال العالمى المتعلق بالمناخ.
اختبار الإجهاد المناخى وشبكة تخضير النظام المالي
وقالت ستاندرد آند بورز إنه على المستوى التاريخى، تركز اهتمام المستثمرين فيما يتعلق بقضايا التغير المناخى على الشركات غير المالية، وخاصة قطاع الطاقة.
ورغم ذلك، بدأت المؤسسات المالية الكبرى وصانعو السياسات فى الاعتراف بما يرتبط بذلك من تهديدات للاستقرار المالى على المدى الطويل.
وبدأت هذه المؤسسات بإدراك الدور الحيوى الذى سيلعبه التمويل فى تسهيل التحول إلى الاقتصاد القائم على خفض الانبعاثات الكربونية وضمان مرونته فى ظل التغيرات المناخية.
وبدأت البنوك المركزية، وبناءً على عمل ما يسمى بشبكة تخضير النظام المالى، فى إدارج مخاطر المناخ كسمة لاختبار الاجهاد المناخى للبنوك وشركات التأمين.
وأظهر اختبار البنك المركزى الأوروبى للإجهاد المناخى على نطاق الاقتصاد فى عام 2021 حاجة البنوك إلى تعزيز تقييم تعرضها لمخاطر التحول المناخى والمخاطر المادية على حد سواء من أجل إدارتها بشكل مسبق.
ويقوم بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى بموازنة الأثار المرتبطة بالمخاطر المناخية بالنسبة للمؤسسات المالية والنظام المالى وأطلق على تحليل السيناريو المقبل بأنه «أداة تحليلية رئيسية معدة خصيصاً لهذا الغرض».
كما تدرس الصين السبل الكفيلة بإدراج مخاطر التغير المناخى فى اختبارات الإجهاد التى تجريها على المؤسسات المالية.
ويأتى القدر الأكبر من العمل فى مجال اختبارات الإجهاد المناخية من خلال العمل التعاونى على مستوى العالم من قبل البنوك المركزية، وهو ما سيستمر فى عام 2022. كما تتخذ هيئات التأمين خطوات لدمج الاستدامة، لاسيما المخاطر المناخية، فى أطرها التحوطية.
وقالت مؤسسة «ستاندرد آند بورز جلوبال» :»نحن نعتبر اختبار الإجهاد المناخى نقطة انطلاق جيدة حيث تعمل الشركات على قياس مخاطر التغير المناخى. ورغم ذلك، نتوقع أن يكون هناك تطوير مستمر من الناحية النوعية لاستكمال هذه التقييمات».
سترتفع أهمية تقييم مخاطر رأس المال الطبيعى والتنوع البيولوجي
ووفقا لما ذكرته ستاندرد آند بورز، بدأت الحكومات والشركات فى إحراز تقدم بشأن الالتزامات بالحفاظ على التنوع البيولوجى والطبيعة خلال عملياتها المباشرة. وبالنسبة للشركات، أصبح التقييم والإدارة عبر سلاسل التوريد الخاصة بها ليس بالأمر الهين، حيث يتم الحصول على المواد والمدخلات بصعوبة.
ويظل توافر البيانات وجودتها وكذلك منهجيات القياس المتفق عليها بشكل عام من التحديات الرئيسية. ولايزال الغالبية العظمى فى عالم الشركات يفتقر إلى الاجراءات الإلزامية لوقف إزالة الغابات رغم سهولة قياسها مقارنة بمخاطر رأس المال الطبيعى الأخرى، ويرجع ذلك فى الأساس إلى سوء الفهم لكيفية تقييم فوائد الحفظ.
وفى مناطق أخرى، ستستمر أهمية الحلول القائمة على الطبيعة، مثل الحفاظ على الأراضى الرطبة والغابات والسواحل، فى الحصول على ميزة كونها استراتيجيات فعالة للمساعدة فى التكيف مع الآثار المادية لتغير المناخ.
وقالت ستاندرد آند بورز إنه ينبغى أن تساعد العديد من المبادرات الجديدة والهامة لعام 2022 فى الجهود المبذولة لإعطاء الأولوية للتنوع البيولوجى.
وسيعقد حدث تاريخى فى كونمينج، بالصين، فى أواخر أبريل إلى أوائل مايو، وهو مؤتمر الأمم المتحدة المقبل للتنوع البيولوجى.
وتستهدف الحكومات فى هذا الحدث إلى الاتفاق على مجموعة من الأهداف الجديدة خلال العقد المقبل، كجزء من اتفاقية التنوع البيولوجى، وبالنظر إلى أن الأهداف السابقة المحددة لعام 2020 لم تتحقق، فى ظل هذه الخلفية، سيكون النص النهائى للإطار الجديد مؤشراً هامًا لتحديد الأولويات والمساعدة فى تعزيز الطموحات وقياس مدى التقدم أو عدمه.
وستقترح مجموعة العمل المعنية بالإقرارات المالية المتعلقة بالطبيعة، إطار عمل للكشف عن المعلومات المتعلقة بالطبيعة، بما فى ذلك المعايير والمقاييس، بالإضافة إلى متطلبات البيانات، والتى ستجعل تعهدات التنوع البيولوجى والطبيعة محور الاهتمام فى الفترة المقبلة.
ستحظى القضايا الاجتماعية فى سلاسل التوريد بمزيد من الاهتمام
وذكرت «ستاندرد آند بورز جلوبال» أن الشركات أصبحت تدرك بشكل تام هشاشة سلاسل التوريد الخاصة بها خلال العام السابق. وهناك توقعات باستمرار هذا الاتجاه خلال العام الجارى فى ظل تعافى الاقتصاد العالمى من الوباء ومع تركيز فرق الإدارة على ارتفاع تكاليف سلسلة التوريد ومخاطر توقف الامدادات.
وبغض النظر عن مرونة سلاسل التوريد، من المقرر أن تحظى القضايا الاجتماعية فى سلاسل التوريد باهتمام موسع، خاصة مع تنامى الجهود للحد من انتهاكات حقوق الإنسان وتحسين ظروف العمل.
وأشارت ستاندرد آند بورز إلى أن التشريعات الحالية والمقترحة ستتيح من إمكانية تتبع سلسلة التوريد وإدارة المخاطر الاجتماعية خلال العام الجارى.
ورغم التأخير فى إصدار الاتحاد الأوروبى لتوجيهاته الخاصة بالحوكمة المستدامة للشركات فى عام 2021، سوف تعمل التشريعات الإلزامية، الخاصة ببذل العناية الواجبة فيما يتصل بحقوق الإنسان على المستوى الوطنى فى الدول الأعضاء مثل ألمانيا وهولندا وفرنسا، على دفع شريحة كبيرة من الشركات إلى تحديد انتهاكات حقوق الإنسان فى سلاسل التوريد لديها والعمل ضد هذه الانتهاكات.
هل سيثمر الجدل حول سحب الاستثمارات مقابل المشاركة؟
وقالت ستاندرد آند بورز إن عام 2021 شهد تبنى المزيد من مالكى الأصول الكبار ومديرى الأصول والبنوك استراتيجيات فحص سلبية أوما يسمى، استبعاد أو سحب استثمارات الشركات ذات التعرض العالى لمخاطر الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية.
وتم تطبيق هذا النهج بشكل ملحوظ على الوقود الأحفورى والشركات الأخرى عالية الكثافة الكربونية وكذلك الكيانات التى تواجه المخاطر العالية للمخاطر المناخية المادية الحادة والمزمنة.
وتوقعت أن يصبح الفحص السلبى أكثر انتشارًا خلال عام 2022، لا سيما لإزالة الكربون عن المحافظ الاستثمارية ودفاتر القروض، حيث تسعى شركات الخدمات المالية إلى بناء محافظ استثمار وإقراض موازية لباريس، مما يزيد من أهمية الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية فيما يتعلق بالائتمان.
وقد يكون لسياسات الاستبعاد آثار سريعة على الحد من البصمة الكربونية لمحافظ الإقراض أو الاستثمار، ولكن يظل لهذا النهج عيوبه.
ويرى المدافعون عن سياسات المشاركة أن قطع العلاقات مع الشركات عن طريق سحب الاستثمارات أو الاستبعاد لا يشجع على التغيير ويمكن أن يؤدى إلى بيع تلك الأوراق المالية للمستثمرين الذين هم أقل اهتمامًا بقضايا البيئة والمجتمع والحوكمة.
ويفضل مؤيدى المشاركة استخدام استثماراتهم للتأثير على التغيير من خلال المشاركة مع الشركات فى تناول مواضيع رئيسية تتعلق بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية مثل التحول المناخى أو تحسين ظروف العمل فى سلسلة التوريد.
وسواء تم اتباع نهج الفحص السلبى أو المشاركة، سيواجه المقرضون والمستثمرون مزيد من الضغط لشرح كيفية توصلهم إلى قراراتهم. وقد يتعرضوا لضغوط لإجراء قياس يتمتع بقدر من المصداقية وإمكانية الكشف عن النتائج الملموسة للنهج الذى يتم اتباعه.
وقالت «ستاندرد آند بورز جلوبال» إن إجمالى إصدارات الدين المستدام حققت رقماً قياسياً فى عام 2021 وهو مهيأ لمواصلة النمو فى عام 2022.
وسيكون التحدى الرئيسى للمشاركين فى السوق فى العام المقبل هو إدارة هذا النمو بطريقة تكافح المخاوف المتزايدة بشأن الغسل الأخضر».
وذكرت ستاندرد آند بورز أنه وفقًا للتقديرات الأولية من قاعدة بيانات السندات المالية البيئية، بلغ إجمالى إصدارات الديون المستدامة فى عام 2021 مستوى قياسيًا ليصل إلى ما يقرب 960 مليار دولار. ويشمل هذا الرقم السندات الخضراء والاجتماعية والمرتبطة بالاستدامة ويمثل زيادة بنسبة %61 فى عام خلال عام واحد.
وسيكون التحدى الرئيسى للمشاركين فى السوق فى العام المقبل، هو إدارة هذا النمو بطريقة تحافظ على شرعية أدوات التمويل هذه وتكافح المخاوف المتزايدة بشأن الغسل الأخضر.
وقالت إنه فى الواقع قد يستمر التنويع والابتكار فى أدوات الديون المستدامة، مما قد يؤدى إلى زيادة الفصل بين جهات الإصدار والأدوات والقطاعات والمعايير.
وعلى سبيل المثال، مع الأدوات المرتبطة بالاستدامة، والتى تستعد لنمو قوى فى عام 2022، يجب أن يكون المشاركون فى السوق يقظين لضمان قيام جهات الإصدار بوضع أهداف أداء طموحة بشكل مناسب والحفاظ على الشفافية على مدى عمر الأداة من خلال الكشف الدورى عالى الجودة.
وستكون الجهود المبذولة لمزيد من إنشاء وتشجيع تبنى معايير وأطر واضحة أكثر حسماً فى عام 2022 لحماية سلامة سوق الديون المستدامة حال بلوغها مستويات جديدة.