550 دولاراً زيادة فى طن الألومنيوم والنحاس وسط انخفاض المخزونات
تقفز أسعار المعادن فى البورصات العالمية بوتيرة كبيرة منذ اندلاع الحرب الروسية ـ الأوكرانية أواخر فبراير الماضى، وسط مخاوف من تراجع المخزون العالمى، وارتفاع الأسعار، بالتزامن مع استمرار أزمات الشحن الناتجة عن فيروس كورونا.
ووفقاً لمؤشرات البورصات العالمية، قفزت أسعار الألومنيوم بقيمة 550 دولاراً فى الطن خلال الـ14 يوماً الأخيرة، لتصعد إلى 3849 دولاراً للطن، وفقاً لـ«ماركت إنسايدر».
وجاءت قفزات أسعار الألومنيوم بشكل قياسى جديد نهاية الأسبوع الماضى، وسط قلق المستثمرين حول العالم بشأن الصعوبات اللوجستية التى قد تعوق إمدادات المعادن؛ بسبب العقوبات الصارمة على المُنتِج الرئيسى (روسيا)، وفقاً لموقع «مايننج دوت كوم».
وأوضحت بيانات «مايننج» أن سعر الألومنيوم قفز %37 خلال آخر 75 يوماً، مدفوعاً بضعف الإنتاج جراء مشاكل الطاقة، وارتفاع أسعار الغاز لمستويات تاريخية، كما حققت أسعار الألومنيوم ارتفاعات قياسية متتالية بعد الغزو الروسى.
وقال المحلل لدى بنك كومرتس فى فرانكفورت دانييل بريسمان: «نشهد حالياً آثار الجولة الثانية من العقوبات على روسيا؛ بسبب حربها على أوكرانيا، وأتوقع أن تزداد المشكلات اللوجستية، وستكون مشاكل الإمداد مطروحة حالياً».
وأضاف: «لن أتفاجأ إذا وصل سعر الألومنيوم إلى 4000 دولار للطن، خلال الفترة المقبلة، إذ دفعت العقوبات التى فرضها الغرب على روسيا أكبر 3 خطوط حاويات فى العالم إلى تعليق شحنات البضائع من وإلى روسيا فى وقت تنخفض فيه مخزونات الألومنيوم».
وانخفضت مخزونات الألومنيوم فى المستودعات المسجلة ببورصة لندن للمعادن بأكثر من %50 خلال الـ12 شهراً الماضية، نزولاً إلى 809.7 ألف طن، مقابل نحو مليونى طن فى مارس 2021.
وتنتج روسيا نحو %6 من الألومنيوم فى العالم، وتمثل نحو %7 من إمدادات مناجم النيكل العالمية، كما أنها منتج رئيسى للغاز الطبيعى المستخدم فى توليد الكهرباء.
وعلى مستوى المعدن الأحمر، ارتفعت أسعار النحاس إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق، يوم الجمعة الماضى، ويتطلع التجار إلى التخزين؛ بسبب مخاوف من حدوث مزيد من الاضطرابات فى سلسلة التوريد، وفقاً لموقع «مايننج».
وأدت المخاوف بشأن تعطل الإمدادات، وانخفاض المخزونات العالمية تاريخياً، وتكاليف الطاقة المرتفعة إلى إشعال النار فى أسعار المعادن الأساسية، ما أدى إلى تفوق المخاوف بشأن التأثير طويل المدى لغزو أوكرانيا على النمو العالمى، وارتفاع أسعار الفائدة فى العالم المتقدم، وتباطؤ الاقتصاد فى الصين.
وبقدر الزيادة التى طالت الألومنيوم، ارتفعت أسعار النحاس بواقع 550 دولاراً فى الطن، لتصعد أسعار العقود إلى 10.470 دولار للطن، بنمو يتجاوز %10 منذ الغزو الروسى لأوكرانيا، وفقاً لمؤشرات «ماركت إنسايدر».
وعمَّق انخفاض المخزونات فى المستودعات المخاوف بشأن المعروض من المعادن، إذ تراجعت المخزونات المسجلة من النحاس فى بورصة لندن للمعادن إلى 69.825 ألف طن عند أدنى مستوياتها منذ 2005.
وتواصل أسعار المعدن الأحمر الزيادة بالرغم من أن روسيا ليست لاعباً رئيسياً فى صناعة النحاس، إذ تنتج نحو %3.5 فقط من الطاقات العالمية سنوياً، لكن الحرب على أوكرانيا عزّزت المخاوف من تراجع الإمدادات.
وارتفعت المعادن الأساسية عبر اللوحة مع مؤشر LMEX الذى يقيس 6 عقود رئيسية إلى مستوى قياسى، إذ تداول النيكل لفترة وجيزة فوق 30 ألف دولار للطن للمرة الأولى منذ عام 2008.
وقال جيان كلاوديو تورليزى، الشريك فى تى كومودتى للاستشارات: «السوق فى حالة ذعر من حيث العرض، والأسعار ستستمر فى الارتفاع مع استمرار اندلاع الصراع فى أوكرانيا».
وأضاف: «الصراع بين روسيا وأوكرانيا لم يؤدِ إلى نتيجة سوى تأجيج نيران أسواق المعادن الأساسية المرتبكة بالفعل، فجميع أسعار الطاقة تجاوزت الحدود، وسيضيف ذلك المزيد من المخاطر للإنتاج فى أوروبا، ما سيوفر حافزاً للارتفاع».
وعلى مستوى اللوجستيات، أدى التوغل العسكرى الروسى إلى قطع سلاسل التوريد الرئيسية، وبدء التدافع بين الشركات العالمية للامتثال للعقوبات الجديدة على موسكو، وفقاً لتقرير نشرته «ذا نيويورك تايمز».
وأضاف التقرير: «أحدث الغزو هزة فى سلاسل التوريد العالمية التى لا تزال فى حالة فوضى؛ بسبب وباء كورونا، ما زاد من ارتفاع التكاليف، وأطال فترات التسليم، بالإضافة إلى تحديات أخرى أمام الشركات التى تحاول نقل البضائع حول العالم».
وألغى الاشتباك فى أوكرانيا بعض الرحلات الجوية أو تغير مسارها، وهو ما زاد الضغط على سعة الشحن وأثار مخاوف بشأن مزيد من الاضطرابات فى سلسلة التوريد، وسط تعرض الإمدادات للخطر مثل البلاتين والألومنيوم وزيت عباد الشمس والصلب.
كما تسبب الصراع فى إغلاق المصانع فى أوروبا وأوكرانيا وروسيا، وأدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة، وبالتالى رفع تكاليف الشحن إلى معظم الأسواق العالمية.
وتأتى تلك التحديات الجديدة بعد أكثر من عامين من الاضطرابات والتأخيرات وارتفاع الأسعار للشركات المحاصرة التى تستخدم سلاسل التوريد العالمية لنقل المنتجات حول العالم.
وفى حين أن التداعيات الاقتصادية للحرب والعقوبات الشاملة على روسيا لم تتضح بعد، فإن العديد من الصناعات تستعد لتفاقم الأوضاع بشكل أكثر سوءاً.
وقالت لورا رابينوفيتز، المحامية التجارية فى جرينبيرج تراوريج: «سلاسل التوريد العالمية تتضرر بالفعل وتتوتر بسبب الوباء، إذ إنَّ التأثيرات ستختلف بالنسبة لصناعات معينة، وسيعتمد ذلك على طول الغزو، لكن الآثار ستتضاعف؛ بسبب سلسلة التوريد الضعيفة بالفعل».