ارتفاع أسعار الفحم والغاز الطبيعى عبئا جديدا على التكاليف
قذفت الحرب الروسية ضد أوكرانيا بقطاع الأسمنت المصرى فى مهب الريح عقب ارتفاع أسعار الطاقة بصورة غير مسبوقة.
وتجاوزت أسعار الفحم 400 دولار للطن، وهو البديل الرئيسى للشركات، نظرا لارتفاع تكلفة الغاز الطبيعى الحالية، البالغة 5.75 دولار للمليون وحدة حرارية، ما يضع الشركات فى مأزق تراجع هوامش الربحية من جديد أو تحميل جزء من التكاليف على المستهلك، عبر زيادة الأسعار مرة أخرى.
ورفعت شركات الأسمنت الأسعار فى فبراير الماضى بقيمة بين 300 و400 جنيه فى مختلف المحافظات، ليصل الطن إلى نحو 1300 جنيه.
وقالت ريهان حمزة محللة القطاع الصناعى بشركة الأهلى فاروس لتداول الأوراق المالية، إن شركات الأسمنت تعانى من ارتفاع التكاليف لوصول أسعار الفحم إلى مستويات قياسية فى الأونة الأخيرة، ولن تتمكن الشركات من المحافظة على هوامش ربحية العام السابق، إلا إذا اتجهت إلى زيادة الأسعار بالسوق المحلى، خاصة وأن الشركات مقيدة بقرار تخصيص حصصها من الإنتاج، ولا نية لزيادة إنتاجها فى الوقت الراهن.
اتجاه الشركات لزيادة الأسعار بات حتميا للحفاظ على هامش الربح
وتوقعت حمزة تراجع صادرات شركات الأسمنت خلال الفترة المقبلة والتركيز على السوق المحلى فى ظل تدنى أسعار التصدير التى تمكنها من المنافسة مع الدول الأخرى، ما يجعل ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل سببا فى توقف التصدير أو انخفاضه بنسبة كبيرة.
وأشار مصطفى شفيع، رئيس قسم البحوث بشركة عربية أون لاين للأوراق المالية إلى أن صناعة الأسمنت لا يوجد بها مزايا فى المنافسة سوى انخفاض التكاليف وهو ما يجعل دول مثل السودان والجزائر وغيرها أكثر جذبا للمستورد الخارجى، بينما ارتفاع تكاليف الطاقة بصناعة الأسمنت المصرى تجعله غير قادر على المنافسة خارجيا بصورة أفضل.
وطالب شفيع الحكومة بضرورة التدخل لوقف معاناة قطاع الأسمنت والوصول إلى حل جذرى.
حمزة: توقعات بانخفاض الصادرات والاتجاه للسوق المحلى
أوضح أن القرار الأخير بتخفيض حصص الشركات أدى إلى تقليل الإنتاج وأنه يعد مسكنا مؤقتا وليس علاجا جذريا، ولفت إلى أن أسعار الطاقة هى المرض الذى يعمل على تآكل الأرباح ولابد من معالجتها.
وقال إن الشركات ستتجه حتما إلى رفع أسعار الأسمنت وهو ما سيؤدى إلى تراجع المبيعات، نظرًا لانخفاض القوة الشرائية، ما يؤثر بدوره على قطاع العقارات سلبا.
ومن ناحية أخرى، تنفس قطاع الأسمنت بالبورصة المصرية الصعداء خلال عام 2021 وحققت الشركات أرباحا مرتفعة عقب قرار الدولة بتطبيق نظام الحصص على المبيعات المحلية، بجانب برنامج المساندة التصديرية الحكومى، ما شجع المنتجين على تصدير المزيد من الأسمنت والكلينكر من أجل تعويض القدرات الخاملة، وارتفعت الصادرات بنسبة 16% فى النصف الثانى من عام 2021، مقارنة بالنصف الأول العام ذاته لتصل إلى 1.4 مليون طن، بإضافة 2.7 مليون طن خلال العام الماضى، مقابل 1.2 مليون طن خلال 2020.
وأجرت جريدة “البورصة” مسحا للقوائم المالية لشركات الأسمنت المقيدة بالبورصة المصرية، والتى أظهرت تحقيق بعضها طفرة فى الأرباح وتحول الآخر للربحية، ونجاح فريق ثالث فى تقليص جزء من الخسائر، بينما زادت خسائر شركة واحدة.
ارتفعت أرباح شركة مصر للأسمنت قنا بنسبة 656% خلال عام 2021 لتحقق صافى ربح 173.9 مليون جنيه، مقارنة بـ 23 مليون جنيه العام السابق، فيما حققت الشركة نموا طفيفا بالإيرادات بلغت نسبته 4% لتصل إلى 2.53 مليار جنيه، مقابل 2.52 مليار جنيه عام 2020، وتقدر القيمة السوقية للشركة بـ 900.7 مليون جنيه.
وأشار مركز الأبحاث بشركة الأهلى فاروس لتداول الأوراق المالية عبر مذكرة بحثية له إلى انخفاض مبيعات الأسمنت للشركة بنسبة 48% عقب تطبيق نظام الحصص لتصل إلى 574 ألف طن، مقارنة بـ 1.2 مليون طن خلال الربع الرابع من عام 2020 مع انخفاض المبيعات المحلية والصادرات.
ولفت إلى أن الشركة نجحت فى إيجاد مخرج لها عبر بيع الكلينكر محليًا فى النصف الثاني من العام، لتبلغ مبيعاته محليا نحو 171 ألف طن فى الربع الأخير من العام السابق.
وحققت شركة مصر بنى سويف للأسمنت ارتفاعا فى الأرباح بلغ نسبته 121.3% بصافى ربح 169 مليون جنيه بنهاية عام 2021، مقارنة بـ 76.4 مليون جنيه العام الماضى، فى حين تراجعت المبيعات بنسبة 6.2% إلى 1.12 مليار جنيه، مقابل 1.19 مليار جنيه خلال عام 2020، وتقدر القيمة السوقية للشركة بنحو 2.1 مليار جنيه.
وأرجعت المذكرة البحثية لشركة الأهلى فاروس ارتفاع الأرباح إلى استفادة الشركة مثل معظم منتجى الأسمنت، من الزيادة الأخير فى أسعار البيع رغم انخفاض الكميات المباعة.
أشارت إلى أن شركة مصر بنى سويف للأسمنت لديها مركز نقدى جيد يقدر بنحو 1.1 مليار جنيه، وتخلو من أعباء الديون، وزيادة العائد من الفوائد بنسبة 14%.
شافى: يجب تدخل الحكومة بتقديم حلول ناجزة
ونجحت شركة العربية للأسمنت فى التحول للربحية خلال العام الماضي لتحقق صافى ربح 34.2 مليون جنيه، مقابل صافى خسائر 122.8 مليون جنيه عام 2020، على الرغم من انخفاض الإيرادات بنسبة طفيفة 1.3% لتصل الى 2.4 مليار جنيه، مقارنة بـ 2.5 مليار جنيه العام الأسبق، وتقدر القيمة السوقية للشركة بـ 1.5 مليار جنيه.
وتوقع مركز الأبحاث بشركة الأهلى فاروس، أن تضحى شركة العربية للأسمنت بالصادرات ما لم يتم تزويدها بالغاز الطبيعي لتلبية نسبة 20% المتبقية من احتياجاتها، والشركة ملتزمة بموجب اتفاقية تعاقدية بشراء 300 ألف طن من فحم الكوك محليا، وهو ما يكفى لتغطية بين 60 و70% من احتياجاتها من الطاقة، إضافة إلى 10% من أنواع الوقود البديلة منها المرفوضات الصناعية، والتى تفى بنحو 80% من متطلبات الطاقة للشركة كونها بديلا أرخص من الفحم فى ظل ارتفاع أسعاره.
كما نجحت شركة أسمنت سيناء فى تقليص جزء من خسائرها خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضى بنسبة 24% محققة صافى خسائر 323.3 مليون جنيه، مقابل صافى خسائر 425 مليون جنيه الفترة المقارنة من عام 2020، بدعم من زيادة المبيعات بنسبة 67.3% محققة صافى إيرادات 984.8 مليون جنيه، خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2021، مقابل 588.7 مليون جنيه الفترة المقارنة من العام السابق، وتقدر القيمة السوقية للشركة بنحو 826.3 مليون جنيه.
وتكبدت شركة جنوب الوادى للأسمنت مزيدا من الخسائر لتحقق صافى خسائر بقيمة 143.2 مليون جنيه بارتفاع 7.8% خلال التسعة أشهر الأولى من 2021، مقارنة بصافى خسائر 132.8 مليون جنيه الفترة المقابلة من العام السابق، فيما تراجعت الإيرادات بنسبة 30% لتصل إلى 180.8 مليون جنيه، مقابل 258.2 مليون جنيه الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، وتقدر القيمة السوقية للشركة بـ 826.3 مليون جنيه.