قضية تسعير الطاقة في مصر من القضايا الهامة ذات الحساسية في تناولها على كافة المستويات نظراً لتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية.
ونتج عن ثبات الأسعار لمدة طويلة والقرارات المتعاقبة، تشوها كبيرا فى هيكل تعريفة الكهرباء، مما استدعي إلى تحريك الأسعار مع مراعاة عدم المساس بمحدودي الدخل من خلال آلية الدعم العيني الحالية وذلك بعد إجراء دراسات عديدة مثل بحوث الدخل والإنفاق التى تم أعدها جهاز التعبئة العامة والإحصاء.
أجريت دراسات لحساب تكلفة إنتاج ونقل وتوزيع الكهرباء، وتم مراجعة هيكل التعريفة، وإعداد مقترحات رفع الدعم تدريجياً.
تم حساب بعض المؤشرات الاقتصادية والمالية للإنتاج والنقل والتوزيع تنقسم إلى هيكل تمويلي يتضمن إجمالي القروض طويلة الأجل إلى إجمالي الأصول طويلة الأجل، كذلك إجمالى القروض طويلة الأجل إلى إجمالي التمويل.
وأيضاً نسب السيولة “نسب التداول”، ونسب الربحية التى تتضمن صافى ربح النشاط بدون المنح والإعانات، وصافى ربح النشاط بإضافة المنح والإعانات.
وجميع المؤشرات تؤكد ارتفاع نسب القروض إلى إجمالي الاستثمار وخاصة في شركات الإنتاج، وانخفاض نسبة التداول.
ويقول مسئولون حكوميون إن أسعار الكهرباء مازالت مدعمة وستدعم حتى عام 2025 وفقاً لما اعتمده مجلس الوزراء، ولكن طريقة حساب الدعم المقدم وتوزيعه هى مثار الجدل.
تحدد قيمة الدعم على أساس عدة عوامل أهمها، نسبة تغطية أسعار بيع الطاقة الكهربائية للتكلفة، وأيضاً قيمة الدعم المقدم من الحكومة في أسعار الوقود الخاصة بقطاع الكهرباء والتي على أساسها يتم حساب تكلفة تقديم الخدمة، وأيضاً أحمال وكمية الطاقة المستهلكة للمشتركين والهيكل التعريفي.
وإذا تحدثنا على أنواع الدعم ينقسم إلى نوعين مباشر وغير مباشر، والدعم المباشر هو الذي يقدمه قطاع الكهرباء للمستهلكين نتيجة عدم تغطية أسعار البيع للتكلفة، وأيضاً الدعم التبادلي.
أما الدعم غير المباشر هو الدعم الذي تقدمه الدولة لقطاع الكهرباء من خلال أسعار الوقود المدعومة “ويدرج في الحساب الختامي للموازنة ضمن الجزء الخاص بدعم المواد البترولية”.
ولتوضيح الأمر، عندما تم تحرير سعر الصرف عام 2016، لم تستطع الكهرباء سد الفجوة بين تكلفة إنتاج الطاقة وبيعها للمشتركين مما استدعى إلى طلب مخصصات من المالية وأدرجت “كقيمة واضحة” في بند دعم الكهرباء بالحساب الختامي للموازنة في العام المالي 2017- 2018، والعام المالي 2018 و2019.
وعندما تم تدارك الأمر نتيجة برنامج هيكلة أسعار الكهرباء، لم تقدم الدولة أموالا صافية لوزارة الكهرباء في العام المالي 2019-2020، والعام المالي 2020-2021، ولكنها مازالت مدعمة عن طريق سعر الوقود المورد للمحطات “وهذا الدعم مدرج ضمن المخصصات الخاصة ببند دعم المواد البترولية” في الحساب الختامي للموازنة.
ووفقا لبيانات حكومية فإن أسعار الكهرباء مازالت مدعمة من خلال “دعم قيمة الوقود المورد لمحطات الإنتاج” حيث تحصل علي الغاز الطبيعى بنحو 3.25 دولار للمليون وحدة حرارية وهو مدعوم من الدولة، ومدرج ضمن بند “دعم المواد البترولية”.
وأتوقع أن تظهر قيمة دعم صافي للكهرباء مرة أخري في العام المالي 2021-2022 خاصة مع ارتفاع الدولار مرة أخري، بمعنى أن يكون هناك مخصصات “أموال مقدمة للكهرباء مباشرة” لتفادي العجز الذي حدث لارتفاع سعر الدولار، وأيضا سيكون هناك دعم كما هو بالنسبة لمسحوبات الوقود لمحطات الإنتاج من خلال بند “دعم المواد البترولية”.
كل ما سبق يعني أن عام 2025 لن يشهد أي دعم من قبل الدولة لقطاع الكهرباء سواء دعم مباشر “أموال مخصصة” أو دعم غير مباشر “للوقود المورد لمحطات الكهرباء”.
ولكن سيكون هناك دعم تبادلي من كثيفي الاستهلاك إلى الأكثر احتياجا ومحدودي الدخل بمعنى أن من يستهلك كهرباء أعلى سيدفع قيمة أكبر لدعم محدودي الدخل.
وتهدف هذه الإجراءات إلى الوصول بالتعريفة الكهربائية لتغطية التكلفة الفعلية، وتعزيز مبادئ العدل والمساواة بين المشتركين، والوصول إلى التوازن المالي لشركات الكهرباء مما يضمن استمرارها في أداء مهامها.
وإجابة السؤال الذي يلح على العديد من المواطنين، متي ستنخفض أسعار الكهرباء؟، والإجابة تكمن في أن الأسعار ستنخفض بالفعل مع زيادة قدرات الطاقة المتجددة بالشبكة الكهربائية وتقليل الاعتماد على الوقود فى محطات الإنتاج.