مربو الماشية والأسماك يبيعون الإنتاج قبل انتهاء الدورات ويلجأون إلى مغذيات بديلة
تباينت أساليب تعاطى مستثمرى الثروة الحيوانية مع تفاقم أسعار الأعلاف ومدخلات الإنتاج الأخرى، وأجبرت زيادات الأسعار مزارع تعمل فى تسمين الماشية على بيع عدد من الرؤوس بغرض تخفيض المصروفات، وتوفير سيولة تمكنهم من استكمال دورة التسمين على الرؤوس المتبقية.
بينما قررت بعض المزارع بيع جميع الرؤوس عند أوزان تتراوح بين 400 و450 كيلوجراماً للرأس الواحد، والتحول لشراء رؤوس صغيرة السن تتراوح أوزانها بين 120 و140 كيلو، إذ إن الرؤوس الصغيرة تستهلك كميات أقل من الأعلاف، ولم يمكنهم تحديد أى رؤى مستقبلية للسوق حالياً.
قال مؤمن عبدالحكيم، صاحب مزرعة لتسمين الماشية، إنَّ ارتفاع أسعار الأعلاف مع بداية العام الجارى، دفع المزرعة إلى بيع ما يقرب من 2500 رأس ماشية، كانت تمثل 50% من الطاقة الإنتاجية، لتدبير سيولة لشراء الأعلاف، واستكمال باقى الدورة.
أضاف: «مدة دورة التسمين فى المزرعة تصل إلى 7 أشهر كاملة تنتهى بموسم عيد الأضحى المبارك، لكن زيادة الضغوط والأعباء أجبرتنى على بيع نصف الرؤوس قبل انتهاء الدورة بدلاً من التعثر بشكل كامل والاضطرار إلى بيع الدورة كلها».
أوضح: «ارتفعت أسعار لحوم القائم وتجاوزت حاجز 70 جنيهاً حالياً، لكن نتوقع خسائر مستقبلية؛ بسبب تصاعد تكاليف الإنتاج، خاصة أن الفترة الحالية تشهد نقصاً فى المعروض من العجول التى تتراوح أوزانها بين 350 و400 كيلو».
وفقاً لمؤشرات أسعار الأعلاف فى السوق، تتراوح أسعار منتجات الماشية الحية حالياً بين 7540 و8500 جنيه للطن، وتختلف من منطقة لأخرى، ومن شركة لأخرى، لكن بشكل عام قفزت خلال الأسابيع الأخيرة بأكثر من 2000 جنيه فى الطن.
قال عادل زكريا، صاحب مزرعة الأصدقاء، بطريق إسكندرية الصحراوى، إنَّ أغلب المزارع قلقة من حالة ركود مرتقبة جراء ارتفاع أسعار الماشية من جهة، والأعلاف من جهة أخرى، خاصة أن الأعلاف تمثل 70% من إجمالى تكلفة دورة التربية.
أضاف: «المزرعة تعمل وفق برنامج غذائى معين تستهدف من خلاله الحصول على أوزان تقترب من 550 كيلوجراماً للرأس الواحد، لكن ارتفاع أسعار الأعلاف يجعل من الصعب تحقيق أى هامش ربح عند الوصول إلى هذا المعدل خلال الشهرين المقبلين».
تابع: «بدأنا عمليات بيع الرؤوس مبكراً، مطلع شهر رمضان الجارى، وذلك للأوزان التى تتجاوز 400 كيلو وإجمالى المبيعات حالياً وصل 25% من الدورة، ونتوقع الانتهاء من كامل الدورة نهاية شهر مايو المقبل، وقدر الطاقة الاستيعابية للمزرعة بنحو 30 ألف رأس 50% منها عجول محلية والباقى مستوردة».
قدر محمد وهبة، رئيس شعبة القصابين بغرفة القاهرة التجارية، الزيادة فى أسعار اللحوم القائم بـ5 جنيهات فى الكيلو، لتصل إلى 72 جنيهاً للكيلو، مقارنة ببداية العام؛ بسبب قلة المعروض.
أضاف: «زيادة التكاليف وأسعار الماشية انعكست على اللحوم الحمراء بجميع أنواعها بارتفاع يتجاوز 40 جنيهاً فى الكيلو لتتراوح بين 170 و220 جنيهاً للكيلو، وأتوقع ارتفاعات سعرية جديدة حال بقاء أسعار الأعلاف عند المستويات الحالية، واستمرار قلة المعروض من العجول الجاهزة للذبيح الفورى».
ذكر أن مربى الماشية يحتاجون إلى قروض بدون فائدة خلال الفترة المقبلة، لشراء احتياجات مزارعهم من الأعلاف والعلاج وذلك بعد انخفاض قيمة الجنيه مقابل الدولار، وارتفاع تكاليف استيراد الخامات.
وبالنسبة لصناعة الدواجن، اختلفت ردود الأفعال بين شركات كبيرة تمثل نحو 30% من الإنتاج السنوى للدواجن، والمزارع الصغيرة التى تزيد أعدادها على 25 ألف مزرعة وتنتج الجزء الأكبر لاحتياجات مصر.
ومع الأزمة الروسية الأوكرانية، بدأ بعض المستثمرين التفكير فى زراعة الذرة الصفراء وفول الصويا؛ لضمان وفرة المنتج محلياً، بدلاً من الاضطرار إلى استيراده بأسعار مرتفعة كما هو حاصل حالياً.
اقرأ أيضا: الحرب تضغط على هوامش أرباح مصانع “الزيوت” و”الأعلاف” وتقلص طاقات التشغيل
وقال مصطفى الكويرى، رئيس مجلس إدارة شركة العلمين للاستثمار الداجنى، إنَّ المستثمرين فى صناعة الدواجن يسعون إلى الحصول على عناصر تغذية بأقل تكلفة ممكنة وتحقيق هامش ربح مُرضٍ بنهاية كل دورة.
أضاف أن ارتفاع أسعار الأعلاف خلال الشهور الماضية، دفع العديد من الشركات إلى الاعتماد على مدخلات إنتاج أقل جودة وتركيبات علفية لا تُعطى التحويلات المطلوبة لانخفاض سعرها، وخوفاً من تذبذب السوق عند البيع.
أوضح: «اشتريت 50 فداناً بمحافظة البحيرة لزراعتها بمحصول الذرة لتلبية احتياجات مصنع الأعلاف التابع للشركة، ولتربية نحو 500 ألف طائر سنوياً، وأعتقد أن توفير الخامات من السوق المحلى سيعزز عمل المشروع».
قال محمد أبوغالى، رئيس شركة النهضة لصناعة الأعلاف، إنَّ أكثر من 80% من مكونات الأعلاف مستوردة، وتضييق عمليات الاستيراد فى الفترة الأخيرة يخنق صناعة الأعلاف والدواجن فى مصر.
أضاف: «الشركة تمتلك 10 أفدنة كانت تزرع محاصيل متنوعة، ولكن التقلبات العالمية فى سوق الحبوب حفزها على زراعة تلك المساحات بالذرة الصفراء كتجربة أولية، وحال نجحت ستتوسع فى زراعة الذرة، وستقدم على قرض فى مبادرة القروض بفائدة 5% لاستصلاح أراضٍ بمحافظة الوادى الجديد».
وتتجاوز الاستثمارات العاملة فى صناعة الدواجن 100 مليار جنيه، ويصل الإنتاج السنوى من التسمين إلى 1.4 مليار طائر، بالإضافة إلى 13 مليار بيضة، بما يمثل نحو 97% من الاكتفاء الذاتى لمصر، وفقاً لبيانات وزارة الزراعة.
ظهر رد الفعل على قطاع الأسماك بصورة أخرى، إذ لجأ عدد من المزارع إلى استخدام «زرق الدواجن- السبلة» بكثرة فى التغذية، وذلك فى محاولة لتقليل الاعتماد على الأعلاف التى ارتفعت أسعارها خلال الأسابيع الأخيرة إلى مستويات غير مسبوقة.
قال وحيد ناهى، صاحب مزرعة أسماك بمحافظة كفر الشيخ، إنَّ المزارع تفضل الأعلاف الجاهزة المخصصة لتغذية الأسماك، وذلك لاحتوائها على جميع العناصر اللازمة لزيادة معدلات التحويل، لكن ارتفاع أسعارها أدى إلى إدخال إضافات جديدة لخفض تكاليف الإنتاج.
أوضح أن مزرعته خفضت استخدامها للأعلاف بنسبة 40% خلال الشهور الماضية واستبدلت ذلك «زرق الدواجن» وهى عبارة عن بواقى أعلاف وروث، ورهن التخلى عن ذلك بزيادة سعر الأسماك محلياً، أو تراجع أسعار الأعلاف، وإلا ستتكبد المزرعة خسائر كبيرة.
ذكر أن طن «زرق الدواجن» يتراوح بين 1000 و1200 جنيه، بينما تتراوح أسعار أعلاف الأسماك بين 9 و20 ألف جنيه للطن، والفارق فى التكلفة كبير، لذا قررت التعامل بالأرخص.
أشار إلى أن الاستزراع السمكى فى الأراضى الطينية يبدأ من شهر مارس، ويستمر حتى شهر ديسمبر ويكون لدورة واحدة فى السنة، لذلك لا بد من محاولة البحث عن حلول سريعة لتوفير الأعلاف بأسعار رخيصة للمربين خلال الدورة الحالية.
تحتل مصر المركز الأول أفريقياً والسادس عالمياً فى الاستزراع السمكى، كما تحتل المركز الثالث عالمياً فى إنتاج البلطى بعد الصين وإندونيسيا.
وبحسب بيان الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء لعام 2019، بلغ حجم الاستهلاك المحلى من الأسماك بجميع أنواعها نحو 2 مليون طن، منها 1.6 مليون طن من إنتاج المزارع السمكية، و250 ألف طن من البحار والنيل والبحيرات، وبلغ حجم الواردات 200 ألف طن ما بين أسماك مبردة ومصنعة.
قال مصطفى الراوى، صاحب مزرعة أسماك بمدينة برج مغيزل، التابعة لمحافظة كفرالشيخ، إنَّ نجاح مشروع الاستزراع السمكى يعتمد فى الأساس على عنصر التغذية، لذلك فإنَّ دعم الحكومة للعاملين فى القطاع يحافظ على بقائهم لفترة طويلة بدلاً من تعرضهم للخسارة والخروج من السوق.
أوضح أن عدداً كبيراً من المزارع بدأت تتجه إلى بيع الأسماك عند وزن 300 جرام للسمكة، وهذا بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف والخوف من حدوث أى اضطرابات مفاجئة فى السوق على المدى البعيد قد يتعرض المربون على أثرها لخسائر فادحة.
قال عبده عثمان، نائب رئيس شعبة الأسماك بغرفة القاهرة التجارية، إنَّ الأعلاف هى الركيزة الأساسية لمشروع الاستزراع السمكى، وإن تغيرها بالزيادة أو الانخفاض ينعكس على سعر البيع للمستهلك.
أوضح أن الأعلاف تستحوذ على 70% من تكاليف إنتاج الأسماك، وبالتالى لا بد من دعمها خلال الفترة المقبلة، حتى لا يتعرض صغار المربين إلى خسائر فادحة.