قال الدكتور محمد عمران، رئيس الهيئة العام للرقابة المالية، إنَّ التكيف مع الواقع العالمى الجديد الذى يهتم بنهج الاستدامة والتعامل مع مخاطر تغييرات المناخ، فرض على الهيئة تحديد أولوياتها خلال الفترة المقبلة بدءاً من ربط سياسات الاستدامة بالرقمنة والتكنولوجيا المالية، وتعزيز دور التكنولوجيا فى التصدى لمخاطر المناخ والتنبؤ بها فى القطاع المالى غير المصرفى، مع الاستمرار فى حث الشركات على إصدار الأدوات المالية الخضراء والمستدامة.
كما يجرى تشجيع إنشاء صناديق استثمار خضراء بالتعاون مع المنظمات الدولية، ومطالبة استثمارات قطاع التأمين التى بلغت 131.5 مليار جنيه بنهاية العام المالى 2021 بمراعاة الاستدامة فى سياساتها الاستثمارية.
وقال تقرير الاستدامة السنوى للهيئة العامة للرقابة المالية الذى حصلت «البورصة» على نسخة منه، إنه نظراً إلى أهمية أدوات الدين فى أسواق المال واعتماد الشركات عليها كإحدى الآليات التمويلية المهمة لتطوير مناخ الاستثمار والتمويل ولدورها فى مواجهة تحديات التغير المناخى والتحول نحو الاقتصاد الأخضر والمشروعات صديقة البيئة، وافق مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية على مشروع إجراء تعديل على بعض أحكام المواد المنظمة للسندات وسندات التوريق والصكوك باللائحة التنفيذية لقانون رأس المال رقم 95 لسنة 1992، وإدراج 4 أدوات تمويل جديدة تتضمن السندات الاجتماعية وسندات الاستدامة والسندات المرتبطة بالنواحى البيئية والمجتمعية والحوكمة والسندات المتعلقة بالمساواة بين الجنسين وتمكين المرأة.
وأوضح التقرير، أن مجلس إدارة الهيئة وافق على منح خفض مقابل الخدمات المستحق عن فحص ودراسة طلبات إصدار وطرح السندات بما فيها سندات التوريق والصكوك فى الحالات التى تتعلق بتحقيق أهداف التنمية المستدامة أو الأهداف ذات البُعد المجتمعى بنسبة 50% عما يتم تحصيله حالياً فور صدور تعديلات اللائحة التنفيذية لتصبح الدولة المصرية الأولى أفريقياً وصاحبة الريادة فى إصدار الريادة فى إصدار سندات التنمية المستدامة.
ووافق مجلس إدارة الهيئة على إمكانية مزاولة 3 أنواع من صناديق الاستثمار لمجالات التنمية المستدامة والبعد المجتمعى وتمكين المرأة والأنشطة البيئية، وهى صناديق الملكية الخاصة أو صناديق الملكية الخاصة المتخصصة والتى تتيح الاستثمار المباشر فى نمو أو إعادة تمويل المشروعات الخاصة بالتنمية المستدامة والبعد المجتمعى وتمكين المرأة والأنشطة البيئية، وأخيراً الصناديق الخيرية والتى تستهدف سياستها الاستثمار فى الأدوات والأوراق المالية المتعلقة بجميع مجالات التنمية المستدامة، وقد تم منح الثلاثة أنواع من صناديق الاستثمار تخفيضاً قدره 50% فى مقابل الخدمات المستحقة عن فحص ودراسة طلبات وثائق الاستثمار عما يتم تحصيله حالياً.
وأضاف «عمران»، أنه فى سياق استضافة مصر قمة المناخ الدولية القادمة COP27 فى شرم الشيخ، رصد التقرير الخروج بمبادرة الرقابة المالية فى توطين الاستدامة وإفصاحاتها بالأنشطة المالية غير المصرفية من النطاق المحلى إلى العالمى.
ولفت إلى مطالبة جميع مراقبى أسواق المال فى الدول النامية بسرعة الانتهاء من إصدار معايير إعداد الشركات لتقارير إفصاحات الاستدامة والتغير المناخى داخل أسواقهم كى تصبح أكثر جاذبية أمام العديد من المؤسسات الاستثمارية الدولية والتى قامت بإعادة صياغة استراتيجياتها لمواجهة تحديات التغير المناخى وتبنت مبادئ الاستدامة والتحول نحو دعم الاقتصاد الأخضر والمشروعات صديقة للبيئة.
وأوضح رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، أن تقرير الاستدامة تضمن ولأول مرة إفصاح الهيئة كمؤسسة عن مدى توافقها مع المعايير البيئية والمجتمعية والحوكمة المتعلقة بالاستدامة (ESG)، كأول جهة أو هيئة عامة تقوم بذلك فى إطار تقديم نموذج يُحتذى به فى هذا المجال، وحرص الهيئة على إعداد التقرير وفقاً للمبادرة الدولية لإعداد التقارير GRI والتى تتطلب استطلاع آراء ومشاركة الأطراف ذات العلاقة فى تحديد الموضوعات ذات الأولوية للهيئة وللأسواق المالية غير المصرفية على حد سواء، وربطها باستراتيجية الهيئة للتنمية المستدامة.
وأضاف أن الهيئة مستمرة فى تحمل مسئولية توطين ودمج مبادئ وممارسات التنمية المستدامة فى عمليات القطاع المالى غير المصرفى الذى شهد إصدارات للأوراق المالية «أسهم وسندات وصكوك» بقيمة 280.3 مليار جنيه فى عام 2021، متضمنة قيمة أول إصدار لسندات خضراء فى سوق رأس المال فى مصر لإحدى الشركات بقيمة 100 مليون دولار.
تابع: «امتدت المسئولية إلى مواكبة تقارير الإفصاح الدورية لـ500 شركة اعتباراً من أول يناير 2022 كى تتحدث إفصاحاتها بنفس لغة تقارير الإفصاح للشركات العالمية عن ممارساتها البيئية والمجتمعية والحوكمة المتعلقة بالاستدامة والآثار المالية الناشئة عن التغيرات المناخية».
قال «عمران»، إن التقرير حرص على رصد تجربة الرقابة المالية وتفاعلها مع ما شهده العالم خلال العامين الماضيين من تداعيات لجائحة فيروس كورونا، وأثرها فى إبطاء وتيرة تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وقيام الهيئة بإجراء عدة اجتماعات مع الأطراف ذات العلاقة لتحديد أهداف التنمية المستدامة ذات الأولوية للهيئة، وتحديدها فى أربعة أهداف هى العمل المناخى، والمساواة بين الجنسين، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد، والاستهلاك والإنتاج المسئولان كركائز للاستدامة بالهيئة كى تتواءم مع الواقع العالمى المؤلم. بالإضافة لربط تلك الأهداف بموضوعات جوهرية ذات أهمية نسبية تتفق مع اهتمامات أصحاب المصلحة لأولوية تأثيرها على الاقتصاد والبيئة والمجتمع لعام 2021، وتتمثل فى تعزيز الإفصاحات غير المالية، والتمويل الأخضر والمستدام، وقيادة تمكين المرأة والذى شهد ارتفاعاً فى عدد أعضاء العنصر النسائى فى مجالس إدارات الشركات الخاضعة لإشراف ورقابة الهيئة إلى 715 كادراً نسائياً فى 2021 قفزاً من 374 سيدة فى عام 2019، وبنسبة نمو تصل إلى 91%.
وقفزت نسبة تمثيل العنصر النسائى فى مجالس إدارات الشركات المقيدة بالبورصة من 191 سيدة فى عام 2019 إلى 283 سيدة بنهاية عام 2021، وبنسبة نمو قدرها 48%.
قال «عمران»، إنَّ الهيئة تحملت مسئولية بناء قدرات العاملين بالقطاع المالى غير المصرفى والهيئة من خلال تدشين مجمع المعرفة للثقافة المالية التابع لها.
وأوضح أنه تم تنفيذ 86 برنامجاً تدريبياً متخصصاً فى الحوكمة من خلال مركز المديرين المصرى، و34 برنامجاً لصقل الخبرات فى الأنشطة المالية غير المصرفية نفذها معهد الخدمات المالية، استفاد منها ما يقرب من ثمانية آلاف من العاملين بالقطاع خلال عام 2021، بالإضافة إلى 14 ندوة أعدها المركز الإقليمى للتمويل المستدام للتعريف بتقارير الإفصاح عن الممارسات البيئية والمجتمعية والحوكمة المتعلقة بالاستدامة، وتقديم الشرح لمؤشرات الأداء الخاصة بالإفصاحات البيئية والمجتمعية والحوكمة المتعلقة بالاستدامة والإفصاحات المتعلقة بالتغير بالمناخى.