التحول الأخضر يعنى اختيار أسلوب عمل أكثر كفاءة فى استخدام الطاقة والمواد التى تستهلكها أو تستخدمها الشركات عند الإنتاج أو عند أداء الخدمة، مما يؤدى بدوره إلى تخفيض التكلفة ومن ثم يعظم الأرباح على رأس المال؛ ولكن هناك أربع متغيرات مهمة تأخذها الشركة فى الاعتبار عند التفكير فى تبنى التحول الأخضر:
أولاً: هل أصبح التحول الأخضر ضرورة للحفاظ على قدرة الشركة على المنافسة فى أسواقها، مثلاً فى بعض الأسواق التصديرية او كموردين محليين للشركات العالمية التى تعمل فى مصر وتشترط ذلك.
ثانياً: ما هى الاستثمارات أو التكلفة المطلوبة لتحقيق هذا التحول؟
وثالثاً: ما هى معدلات الزيادة فى الأرباح الممكن تحقيقها؟
ورابعاً: ما هى الفترة الزمنية التى يستغرقها التحول ومتى يتحقق العائد؟
بالنسبة للشركات المصرية العاملة فى السوق المصرى أثبتت الدراسات أن 3 قطاعات أصبح العائد فيها على الاستثمار فى التحول الأخضر مجزى وهى على سبيل الحصر: الطاقة والنقل والتنمية العقارية وذلك لأن تكلفة الطاقة والمواد المستخدمة فى هذه القطاعات جعلت زيادة الكفاءة واللجوء إلى موارد متجددة منها أو إعادة التدوير لاستخدام بعضها عند الامكان اختيار اقتصادى مربح؛ أما بالنسبة للقطاعات التى تكون المنافسة فيها دولية مثل السياحة والتصدير فالوضع يختلف طبقاً للأسواق التى تتنافس فيها الشركة.
وبالإضافة إلى الدوافع الاقتصادية التى جعلت بعض الشركات المصرية تتبنى التحول الأخضر توجد دوافع أخرى تتزايد أهميتها عند العديد من الشركات المصرية مثل أهمية المسؤولية الاجتماعية والسمعة فى الأسواق واجتذاب الموظفين ذوى القدرات والمهارات العالية من الجيل الجديد والذى يفضل نسبة كبيرة منه العمل لدى شركات تمارس مسؤولياتها تجاه المجتمع والبيئة، وكذلك توجد فئة من العملاء سواء شركات أخرى أو مستهلكين تفضل شراء المنتجات أو الخدمات من الشركات الملتزمة بالتحول الأخضر.
ومن الملاحظ بوضوح أن الحراك نحو التحول الأخضر بين الشركات المصرية فى العديد من القطاعات زادت وتيرته منذ أن نفذت الحكومة برنامجها لإصلاح الاقتصاد الكلى وبعض الإصلاحات الهيكلية عام 2016، وهو أمر محمود يعكس نضج عمل الأسواق فى مصر وقدرة القطاع الخاص على التأقلم والتعامل مع الأسعار الحقيقية للموارد التى يستخدمها، وقد أصبح تقديم تقارير من الشركات المدرجة فى البورصة المصرية وشركات الخدمات المالية غير البنكية عن ممارستها البيئية والاجتماعية والحوكمة التزام تشترطه هيئة الرقابة المالية بدأ من هذا العام 2022، وعليه لابد ان نتوقع تسارع أكثر فى الحراك نحو التحول الأخضر، بالإضافة إلى أن استضافة مصر لقمة المناخ هذا العام 2022 فى نوفمبر بشرم الشيخ قد رفع من دراية المجتمع وأجهزة الدولة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والإعلام بأهمية مواجهة التحول المناخى وأولوياتها المصيرية لمصر والعالم سواء من خلال تخفيف المخاطر أو التأقلم.
ومن هذا المنطلق اجتمع «شركاء التحول الأخضر» مع الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية لتوجيه الشكر إليها لدعوة القطاع الخاص المصرى لمواكبة توجه الحكومة نحو زيادة نسبة الاستثمارات العامة الخضراء لتصل إلى %50 من الموازنة العامة عام 2024- 2025 وهى مسيرة استراتيجية حتمية لمواجهة مخاطر التغير المناخى الذى شهده العالم جلياً فى الأعوام الأخيرة، كما عبر شركاء التحول الأخضرعن تقديرهم لرعاية الوزيرة لمبادرتهم وحرصهم على دعوة شركات مصرية أخرى للانضمام إلى المبادرة للإسراع فى تحول الاقتصاد المصرى نحو نماذج خضراء للاستثمار والتنمية.
وتعتبر مبادرة «شركاء التحول الأخضر» تحالف خاص من شركات مصرية يتيح منصة لتقديم رؤيتهم الى الحكومة لتهيئة مناخ الأعمال فيما يتعلق بجدوى تخفيض البصمة الكربونية، وتطلق من خلالها الشركات الاعضاء مبادراتها الخاصة سواء منفردة او مشتركة بينهم وتستكشف فرص التعاون والتبادل وتعلن عن نتائج أنشطتها وإنجازاتها وتتيح المعلومات عن التطور التكنولوجى فى مجال التحول الأخضر وتنشر الوعى حول الجدوى والعائد من الاستثمار فى التحول الأخضر.
وأكدت الشركات المؤسسة لمبادرة «شركاء التحول الاخضر» على التزامها بأهداف للعمل ومبادئ للتعاون يسترشدون بها وهى:
1. القيادة بالقدوة من خلال تحول أخضر قابل للقياس
2. توسيع عضوية شركاء التحول الأخضر إلى أكبر عدد ممكن من الشركات المصرية التى تتبنى التحول الأخضر وتلتزم بقياس وإدارة بصمتها الكربونية
3. مواكبة توجه الحكومة نحو التحول الأخضر والتناسق مع الخطط التنموية الوطنية
4. السعى إلى تحسين مناخ الأعمال بهدف دفع التحول الأخضر وزيادة الاستثمار الخاص فيه
5. الوقوف على التطورات التكنولوجية والابتكارات التى تدعم التحول الأخضر
6. تبادل أفضل الممارسات وتوفير التعلم والتعليم المستمر للأعضاء والمجتمع.
وشارك فى الاجتماع 12 مؤسسة خاصة كبيرة ومتوسطة وتعمل فى 7 قطاعات مختلفة وهى الصناعة والقطاع المصرفى ونقل البضائع والتعليم العالى ونقل الركاب والتنمية العقارية والزراعة والطاقة، وهى أوبشن ترافيل وحمزة جروب وسوديك وتطوير مصر والبنك التجارى الدولى وفورى وشركة السويدى إليكتريك والهندسية للحاويات ومزارع لينة وقرة إنرجى والإسكندرية للعبوات الصناعية (أكيپ) وجامعة النيل والبنك الأوروبى للتعمير والتنمية وجمعية رجال أعمال الإسكندرية.
ومن الجدير بالذكر، إن البنك الأوروبى للتعمير والتنمية قرر الانضمام إلى شركاء التحول الأخضر وإتاحة مساعدات فنية وتمويلية للشركات التى ترغب فى تبنى نماذج عمل خضراء والاشتراك فى تنظيم حوار مع الخبراء والمتخصصين فى التكنولوجيات الخضراء لتيسير وضع خطط الأعمال والتمويل لتتمكن الشركات الراغبة فى التحول الأخضر من تحقيق ذلك.
بقلم شريف الديوانى؛ مستشار مجلس إدارة جمعية رجال أعمال الإسكندرية.