أطلقت الحكومة حزمة تحفيزية من القرارات، خلال مؤتمر رئيس مجلس الوزراء الذى عُقِد مؤخراً، وتناول خطة الحكومة لتحفيز سوق المال المصرى عبر استكمال برنامج الطروحات الحكومية لتنشيط التداولات، فضلاً عن حوافز ضريبية وتصديرية لدعم القطاع الصناعى، لا سيما جذب المزيد من الاستثمارات.
وتأتى تلك التحفيزات الحكومية فى ظل ارتفاع مستويات التضخم فى مصر؛ نتيجة تبعات تفشى «كورونا»، وصولاً للحرب الروسية الأوكرانية التى ألقت بظلالها السوداء على الاقتصادات العالمية، ما أثر بصورة مباشرة على اقتصادات الأسواق الناشئة، ومن ضمنها مصر.
وتحاول الحكومة السيطرة على حالة الركود التضخمى وتحاول فرض سطوتها من خلال تلك الحزم التحفيزية.
وقامت «البورصة» برصد آراء المراكز البحثية، ومدى تأثير تلك القرارات على القطاعات، لا سيما القطاع الصناعى المصرى.
يرى عمرو الألفى، رئيس قسم البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية، أنَّ مؤتمر رئيس الوزراء الأخير الذى تناول الصمود فى وجه الأزمة الاقتصادية العالمية، بمثابة خطة لعب جديدة. وأضافت «الألفى»، فى ورقة بحثية، أن الحكومة تتبنى خطة عمل جديدة؛ إذ قامت بتقديم حوافز مهمة للمستثمرين على وجه الخصوص، على رأسها خفض فاتورة الواردات المصرية.
وتستهدف الحكومة دعم الصناعات التى تنافس السلع المستوردة، ما يخفض فاتورة استيرادها بنحو 20 مليار دولار.
وأوضح «الألفى»، أن هذا سيؤدى إلى سلسلة من العواقب على الاقتصاد.
ومن المرجح أن يرتفع التضخم المستورد فى المدى القصير، ما يتسبب فى انخفاض مستوى المعيشة حتى تستفيد المصانع الجديدة من وفورات الحجم، فضلاً عن ارتفاع الناتج المحلى الإجمالى؛ حيث يزداد الإنتاج والدخل الإضافى نتيجة انخفاض معدل البطالة.
ولفت إلى أن التأثير أيضاً سيشمل تحسن عجز الحساب الجارى خصوصاً مع تخطيط الحكومة لزيادة قدرتها التصديرية لإحلال واردات معينة، وتشجيع الصناعات داخل أسواق عالمية قوية، إذ تتمتع فيها مصر بميزة نسبية مثل المنسوجات.
ولفت «الألفى»، إلى أن المحور الثانى المهم يتمثل فى تحفيز نشاط البورصة المصرية؛ حيث تم الإعلان عن بيع حصص فى 12 شركة مملوكة للدولة، عبر دمج أكبر سبع موانئ فى مصر، وأعلى سابع فنادق أداءً، ما يجلب بدوره الكثير من السيولة والزخم التى تحتاجها البورصة المصرية.
وأوضح، أن المحور الثالث المهم يتمثل فى تدابير خفض التضخم والتى تهدف إلى تخفيف حدة الأزمة؛ حيث وعدت الحكومة بمزيد من الدعم للمساعدة فى السيطرة على التضخم.
وأكد رئيس قطاع البحوث، أن الحكومة تهدف إلى خلق بيئة أكثر ملاءمة للمستثمرين، إذ أكدت إزالة كثير من الإجراءات الروتينية القديمة عبر إصدار «ترخيص ذهبى» خاص للمشاريع التى تعتبر ذات أهمية قومية عالية، فضلاً عن إضافة حوافز جديدة مثل إعفاءات ضريبية لمدة تتراوح بين 3 و5 سنوات للشركات الجديدة التى تعمل فى قطاعات استراتيجية.
ولفت إلى أن الحكومة تعمل على تشجيع الاستثمار الأجنبى فى قطاعات التكنولوجيا الحديثة؛ مثل معالجة مراكز البيانات التى بدأت مصر بالفعل العمل عليها من خلال الشركة المصرية للاتصالات. وترغب الحكومة فى تحسين وترسيخ فكرة حقوق النشر، وحقوق الملكية الفكرية بالمضى قدماً لتأمين المستثمرين من حيث حماية أعمالهم بموجب القانون، وفقاً لـ«الألفى».
ويرى «الألفى»، أن مصر فى وضع جيد لتصبح مركزاً للطاقة على النفاذ عالمياً، خاصة مع تحول أوروبا عن الطاقة الروسية، خاصة أن تلك الدول نجحت فى إيجاد بدائل مستدامة ومتسقة للوقود الأحفورى، لافتاً إلى أن مصر لديها موقع مميز من حيث القرب والقدرة التوزيعية للطاقة المتجددة.
وقال مصطفى شفيع، رئيس قطاع البحوث بشركة عربية أون لاين لتداول الأوراق المالية، إنَّ الحكومة تعمل على خلق محفزات للاستثمار وهو ما ظهر جلياً فى مؤتمر رئيس الوزراء الأخير، خاصة مع الظروف والمتغيرات الاقتصادية عالمياً، وتبعات الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصادات.
وأضاف «شفيع»، أن من أبرز القرارات التحفيزية تعليق ضريبة القيمة المضافة على بعض الآلات وأدوات الإنتاج، ما يمثل عاملاً إيجابياً من على كاهل الشركات ويحافظ على هوامش ربحيتها خاصة مع ظروف تباطؤ حركة التجارة العالمية.
وأكد أن مصر استفادت بصورة مباشرة من تبعات الأزمة خاصة بعد تمكنها من تصدير الغاز للاتحاد الأوروبى، إذ تعد البديل الأمثل للغاز الروسى، فضلاً عن استفادة قطاع البتروكيماويات بشكل عام والذى شهد انتعاشة صادراته كبديل عن الروسى والأوكرانى.
وتابع، أن الحكومة لم تنس سوق المال فى القرارات التحفيزية خصوصاً أنه يعانى من قبل تفشى فيروس «كورونا»؛، حيث تخطط الحكومة لاستكمال الطروحات الحكومية، وهو ما من شأنه أن يحفز البورصة المصرية خلال الفترة المقبلة.
ويرى «شفيع» أن ظروف السوق الحالية غير مواتية لاستقبال الطروحات الحكومية، خصوصاً أن هناك أسهماً تتدول بأقل من قيمتها العادلة، فضلاً عن استقبال تلك النوعية من الطروحات الكبرى وعلى رأسها شركتا إنبى، وبورسعيد لتداول الحاويات اللتان تحتاجان إلى سيولة جديدة.