حذرت مؤسسة جولدمان ساكس العالمية المتخصصة في التحليل المالي واستطلاع حركة الأسواق من ارتفاعات محققة في أسعار النحاس في الأسواق الدولية، وأرجعت ذلك إلى تعثر شبكات الإمداد والتوزيع التي طال تعثرها إمدادات الغذاء حول العالم على خلفية الأزمة الروسية الأوكرانية.
وتوقعت جولدمان ساكس – في تقرير لها – وصول سعر طن النحاس إلى 15 ألف دولار أمريكي للتعاقدات متوسطة الأجل.
وقال نيك سنوداون خبير أسواق المعادن الأولية والمحلل الاستراتيجي في “جولدمان ساكس” إن ما يعزز توقعه، إلى جانب تعثر سلاسل التوريد، ذلك الارتفاع الحاصل في معدلات الطلب العالمي على خام النحاس، وهو ذلك الخام المطلوب لإنتاج توربينات توليد الكهرباء وكوابل شبكات توزيع الطاقة ومشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة التي من بينها توليد الكهرباء من الشمس التي يدخل النحاس في تصنيع خلاياه الضوئية.
وتشير البيانات الصادرة عن “جولدمان ساكس” إلى نمو متعاظم منذ مطلع العام الجاري في الطلب العالمي على النحاس وهو ما أدى إلى ارتفاع سعر الطن منه بواقع ألف دولار منذ بداية شهر يونيو الجاري.
وقالت (جولدمان ساكس) إن بوادر تعافي الاقتصاد الصيني من تداعيات (كوفيد – 19) أعطت إشارات إيجابية لسوق النحاس العالمي بشأن توقعات ارتفاعات الطلب عليه والتي ظهرت بوادرها منذ نهاية مايو الماضي ومطلع الشهر الجاري.
كذلك يرجح نقص المعروض العالمي من النحاس صواب توقعات جولدمان ساكس بصعود محقق في أسعاره؛ حيث تشهد مناجم إنتاج النحاس في بلدين رئيسيين في إنتاجه هما شيلي وبيرو، تصاعدا في أعمال العنف المسلح والاضطرابات التي أثرت سلبا على إنتاجهما من النحاس.
وتعد السيارات الكهربائية أحد العوامل الرئيسية في ارتفاع الطلب على النحاس الذي يعد مكونا رئيسيا كثيف الاستخدام في بطارياتها، وبسبب التوسع في دول مثل الصين والهند في إنتاج السيارات الكهربائية ينتظر أن يقفز استهلاكهما من النحاس بنسبة 16 في المائة بحلول العام 2030 ليصل إلى 5ر25 مليون طن.
وتؤيد التقديرات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة سلامة التوقعات بارتفاع أسعار النحاس نتيجة اتساع المظلة العالمية لإنتاج السيارات الكهربائية على نحو ما تمت الإشارة إليه، فإلى جانب النحاس تدخل مادة الليثيوم في إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية، وقد ارتفع حجم الطلب العالمي على مادة الليثيوم مطلع العام الجاري إلى ستة أضعافه قبل عامين وهو ما سيستتبعه بالضرورة ارتفاع الطلب على النحاس.
وتعد مؤسسة (تيموك كوبر) الكندية هي أكبر مؤسسات استخراج النحاس وتعدينه على مستوى العالم، وقد أعلنت امتلاكها 2ر1 مليون طن من خام النحاس الذي تصل نسبة نقائه إلى 7ر2 في المائة، وعليه تتوقع المؤسسة الكندية إنتاج 79 ألف طن من النحاس النقي سنويا بعد استكمال مشروعاتها التعدينية في شيلي وبيرو وانتهاء التعطل الناتج عن التوترات في مناطق الإنتاج في كلا البلدين.
وتتوقع مؤسسة أنجلو أميريكان كواللافيكو وهي استثمار أمريكي من مؤسسات إنتاج النحاس العالمية الضخمة، أن تنتج 300 ألف طن سنويا من النحاس القابل للتشغيل خلال السنوات العشر الأولى لبدء تشغيل خطوط إنتاجها في بيرو فور الوصول إلى تهدئة للأوضاع هناك، وتعمل أنجلو أميريكان على بدء الإنتاج من استثماراتها في بيرو بنهاية العام الجاري وتلعب الدبلوماسية الأمريكية دورا مهما في تهيئة المناخ الداعم لها، لكن المراقبين يعتقدون أن عملاقي إنتاج النحاس الكندي والأمريكي السابق الإشارة إليهما قد لا يستطيعان الوفاء باحتياجات السوق العالمي المتعاظمة من هذا الخام الاستراتيجي لا سيما وأن العام 2025 سيشهد تراجعا في متوسطات إنتاج مناجم النحاس في عديد من دول العالم بعضها في أفريقيا بسبب استنزاف احتياطي النحاس في المناجم القائمة وبدء حالة من النضوب الحقيقي في إنتاجها.
وفي روسيا تتأهب مؤسسة أودوكان لتعدين النحاس لبدء تعظيم إنتاجها ودخول السوق العالمية بحلول منتصف العام القادم، وتقول أودوكان إنها تضع يدها على مناجم بها ما لا يقل عن 26 مليون طن من النحاس الخام وهي بذلك تعد ثالث أكبر منتج للنحاس في العالم بعد المؤسستين الكندية والأمريكية.
أ ش أ