علقت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، على بعض التسريبات الصادرة عن البيت الأبيض، والتي أفادت بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن ربما يخفف أخيرا من التعريفات المفروضة على بعض السلع الصينية -بعد 18 شهرا فقط من تولي إدارته، إذ رأت أن هذا التردد الممتد يؤكد أن بايدن ليس لديه سياسة تجارية بشكل أساسي بينما يمضي بقية العالم قدما في إبرام صفقات تجارية جديدة.
وذكرت الصحيفة -في مقال افتتاحي أوردته على موقعها الإلكتروني اليوم الأربعاء- أن سياسة بايدن تجاه الصين توضح أن الرئيس الأمريكي لا يعتمد سياسة تجارية واضحة.
واستشهدت بسؤال وجه لبايدن خلال حملة 2020 عما إذا كان سيبقي على تعريفات دونالد ترامب، عندما أجاب: “لا، من قال إن فكرة ترامب فكرة جيدة؟”، وأضاف أنهم أضروا بالتصنيع والزراعة في الولايات المتحدة، غير أن الرئيس الأمريكي فشل في التصرف، خلال وجوده في منصبه.
وأضافت أنه كان من المفترض أن تكون التعريفات بمثابة أداة نفوذ استراتيجي لتغيير سياسات الصين، لكنها أضرت في الغالب بالمزارعين والمستهلكين والشركات في الولايات المتحدة.
وكبدت الرسوم الجمركية الأمريكية والتعريفات الجمركية المتبادلة في الصين، الأمريكيين حوالي 40 مليار دولار في عام 2018 وحده، وفقا لمعهد التمويل الدولي. وكذلك فشلت بكين في تحقيق هدفها الموعود بشراء المزيد من السلع الأمريكية بمقدار 86 مليار دولار في عام 2021.
وأشارت وول ستريت جورنال إلى أن خفض الرسوم الجمركية على الواردات الاستهلاكية من شأنه أن يساعد في تخفيف التضخم بما يصل إلى 1.3 نقطة مئوية وفقا لأحد التقديرات، كما أنه سيفتح الصين أمام المزيد من الصادرات الأمريكية، مثل طائرات بوينج، إذ تقف نحو 150 طائرة من صنع بوينج تبلغ قيمتها نحو 10 مليارات دولار على مدرج، في انتظار موافقة الحكومة الصينية. ولذا قامت شركة إيرباص الأوروبية بسد الفجوة من خلال تسليم 197 طائرة إلى الصين منذ عام 2021.
وقالت الصحيفة إن التعريفات الأمريكية هي أدوات صريحة تلحق الضرر بالأمريكيين أكثر من إلحاق الضرر بالحزب الشيوعي الصيني.
ورأت أنه يمكن عبر اتباع سياسة أكثر ذكاء أن تشكل تحالفات مع دول أخرى للتركيز على ما وصفته بـ”سلوك شرس محدد” – مثل السرقة الإلكترونية والاتصالات.
وارتأت أن اللعبة الذكية الآن تتمثل في تخفيف الرسوم الجمركية على السلع الاستهلاكية في مقابل تبديد الصين للعقبات أمام الطائرات الأمريكية والصادرات الأخرى.
ورأت الصحيفة أنه في الوقت الذي يتردد فيه بايدن، تواصل دول المحيط الهادئ تعزيز التجارة مع بعضها البعض. فقد رفض الرئيس الأمريكي في نوفمبر الماضي الانضمام إلى الشراكة الشاملة والتقدمية عبر المحيط الهادئ، والتي خلفت الصفقة التي انسحب منها الرئيس السابق ترامب في عام 2017 والتي عززت التجارة المستقلة عن الصين.
ومضت الصحيفة تقول إن بكين تخطو الآن لتتجاوز الفجوة التي خلفها غياب واشنطن، ففي يناير، بدأت الصين وأستراليا واليابان وتسع دول أخرى الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة. وتخفض الصفقة التعريفات تدريجيا ويمكن أن تضيف 186 مليار دولار سنويا إلى الاقتصاد العالمي، وفقا لمعهد بروكينجز.
كما أجرت الإدارة محادثات تجارية بطيئة مع المملكة المتحدة، على الرغم من حماس بريطانيا منذ مغادرتها الاتحاد الأوروبي في عام 2020.
ولكن، أطلقت الإدارة في مايو إطارها التجاري الخاص بمنطقة المحيط الهادئ. واقترحت معايير مشتركة في مجالات مثل الضرائب والطاقة الخضراء غير أنها تفتقر إلى التزامات ملزمة مثل تخفيضات الرسوم الجمركية. ويتضمن إطار عمل الرئيس الأمريكي الوعد بصفقة تجارة رقمية ولكن دون أي تفاصيل.
يسعى حلفاء الولايات المتحدة في آسيا إلى الحصول على معايير محدثة للأمن السيبراني وتخزين البيانات الدولية والتركيبات الأخرى للتجارة في القرن الحادي والعشرين. وتشير الاتفاقية الجديدة إلى هذه القضايا كأولويات لكنها تتخذ خطوات قليلة نحو التوصل إلى صفقة فعلية.
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها بالقول، إن اتفاقيات التجارة الحرة وقواعد التجارة الرقمية تعتبر الأفضل في المصلحة الاقتصادية والاستراتيجية للولايات المتحدة. ومن ثم فإن الانضمام إلى الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة العابرة للمحيط الهادئ وإبرام صفقة بريطانية من شأنه أن يحدث نموا في الاقتصاد العالمي ويعزز التحالفات، كما أن الاتفاق الذي تقوده الولايات المتحدة بشأن تبادل البيانات من شأنه أن يزيد التجارة الرقمية والأمن قبل أن تحدد الصين شروط تلك التجارة.
واعتبرت أن تنازلات بايدن على الصعيد التجاري أمر محير للغاية نظرا للتضخم ومخاطر الركود مع ارتفاع أسعار الفائدة. فهو مثال آخر على وضع البيت الأبيض للحسابات السياسية فوق السياسات التي تحفز النمو الاقتصادي.