ليس سراً معاناة لندن من تفشي وحشي لوباء كوفيد، إذ خسرت شركات العاصمة منذ مارس 2020 ما يعادل تقريباً ستة أشهر من الإيرادات المتوقعة عادة من زيارات العملاء في المملكة المتحدة بعد فرض عمليات إغلاق متتالية.
مازال نمو العمل من المنزل يلقي بثقله على العاصمة، لكن ثمة لغز: أين ذهبت كل الأموال؟
كانت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية تبحث في موضوع التعافي من الوباء باستخدام مجموعة محددة من البيانات على مدى الأشهر الستة الماضية.
هذه البيانات تتمثل في قاعدة بيانات الإنفاق المحلي التي توفرها مؤسسة “سوشال إنفستمنت بزنس” الخيرية.
وتظهر البيانات قيمة معاملات البطاقات البنكية باستخدام عينة من المستهلكين في المملكة المتحدة المسجلة بحسب مكان حدوث عملية الشراء.
وتوضح هذه البيانات، أن الإيرادات من الزيارات الشخصية للعملاء إلى أي شركة لديها جهاز قارئ للبطاقات في لندن لم تتعاف بعد إلى مستويات ما قبل الوباء.
وبشكل عام، انخفضت الإيرادات بنسبة 2% في مايو، مقارنة بالشهر نفسه من عام 2019، وهو آخر صيف قبل تفشي الوباء.
بالطبع، تخفي هذه البيانات تبايناً محلياً رئيسياً، فمازال الإنفاق الشخصي الشهري في المنطقة 1، وهي منطقة النقل التي تغطي أهم بقعة في مركز المدينة، منخفضاً عن نسبة 9.7%، كما انخفض الإنفاق في منافذ البيع في الحي المالي في لندن بنسبة 31%.
بالنسبة لمنطقة وستمنستر المجاورة، فقد كان أداؤها أفضل، إذ انخفض الإنفاق فيها بنسبة 5% فقط، لكن فقط لأن الشركات في المنطقة كانت قادرة على التكيف مع تغير الأذواق.
قال جيف باراكلاو، عضو مجلس الوزراء لشئون التخطيط والتنمية الاقتصادية: “يوم الأحد هو أكثر الأيام حركة وتكون الحركة أخف في الأمسيات المبكرة من الجمعة، وهذا يعكس الطلب المتزايد على رحلات التسوق، لكنه يعكس أيضاً اهتماماً أقل بكثير في العمل المكتبي لخمسة أيام في الأسبوع”.
حتى الآن، هذا الأمر كله كان متوقعاً، لكن المفاجأة هي أنه لا يوجد ارتفاع واضح يقابل ذلك في الضواحي.
ثمة عنصر آخر في هذا اللغز، حيث تنتعش مناطق أخرى في البلاد بوتيرة أسرع.
لقد ارتفع الإنفاق في المنطقة الشمالية الشرقية، وهي المنطقة الأسرع نمواً من حيث المبيعات، أكثر من 14% مقارنة بعام 2019، بينما ارتفع الإنفاق في اسكتلندا بنسبة تزيد على 12%.
لماذا إذاً ينتعش الإنفاق الشخصي في لندن والجنوب الشرقي بشكل أبطأ بكثير من بقية البلاد؟
هذا لغز نوعاً ما، فمهما كانت الفجوة بين الجنوب الشرقي وباقي المناطق، فقد اتسعت في بداية تفشي الوباء، وظلت ثابتة إلى حد ما، وربما يدور جزءاً من الإجابة حول أن سكان لندن المقتصدون يدخرون أكثر قليلاً.
في حين أن بقية الإجابة قد تكون أن الناس يشترون أكثر عبر الإنترنت، وبالتالي ينفقون أقل على المستوى الشخصي.
هناك بعض الأدلة الأخرى التي تدعم هذا الاستنتاج، فقد قال بول سويني، مدير السياسات والأبحاث في “سنتر أوف سيتيز”، إنه “وجدنا أثناء الوباء أن الأماكن الأكثر ثراءً، خاصة في الجنوب الشرقي للمدينة، كانت تميل إلى إنفاق مزيد من الأموال عبر الإنترنت، وأن هذا الإنفاق ربما كان ثابتاً للغاية”.