قبل خمس سنوات فقط، أعلن الزعيم الصيني، شي جين بينغ، أن مبادرة الحزام والطريق هي “مشروع القرن”.
الآن البرنامج الضخم لبناء بنية تحتية جيدة في البلدان النامية يتحول إلى عملية لمكافحة الحرائق المالية على نطاق واسع.
بلغت القيمة الإجمالية للقروض من المؤسسات المالية الصينية لمشاريع في دول مبادرة الحزام والطريق التي كان لابد من إعادة التفاوض عليها في عامي 2020 و2021 52 مليار دولار، وفقًا للبيانات التي جمعتها مجموعة “روديوم”، وهي مجموعة بحثية مقرها نيويورك، وهذا يمثل أكثر من ثلاثة أضعاف مبلغ الـ16 مليار دولار في العامين الماضيين.
وبهذه الطريقة، تحولت خطة شي، لأول أزمة ديون خارجية للصين، عمليات إعادة التفاوض – التي شملت في الغالب شطب قروض وجداول سداد مؤجلة وتخفيضات في أسعار الفائدة – كانت ضرورية بسبب تدهور الأوضاع المالية في البلدان المدينة، بالإضافة إلى مشاكل خاصة بالمشروع.
ويعطي حجم مبادرة الحزام والطريق هذه القضية أهمية عالمية، وتُصنف الصين كأكبر مصدر في العالم للائتمان الإنمائي لبقية العالم، بعد أن تفوقت على البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. كما تقدم قروض التنمية الخارجية أكثر من الأعضاء الـ 22 في نادي باريس مجتمعين.
لا شك أن التدهور الحاد في محفظة قروض مبادرة الحزام والطريق في عامي 2020 و2021 كان مدفوعاً إلى حد كبير بالوباء. ولكن يجب أن تدرك بكين أيضًا أن العيوب في تصميم البرنامج – بما في ذلك الافتقار العام للشفافية ، وإدارة المخاطر غير الكافية في المشاريع ومشاركة العديد من الدول المدينة الأكثر خطورة في العالم – قد أثرت أيضًا.
غالبًا ما تكون دراسات الأثر البيئي والاجتماعي غائبة عن مشاريع البنية التحتية لمبادرة الحزام والطريق التي يمولها بنكان سياسيان كبيران في الصين وبنوكها التجارية المملوكة للدولة. في حين أن هذا قد يؤدي إلى تسريع التنفيذ، إلا أنه يزيد من المخاطر بشكل أكبر.
أعاقت الاحتجاجات العامة والتأخيرات المزمنة ومزاعم الفساد العديد من مشاريع مبادرة الحزام والطريق رفيعة المستوى.
ويعد اختيار المدينين الرئيسيين المحفوفين بالمخاطر – مثل باكستان وفنزويلا وروسيا وأنغولا والإكوادور والأرجنتين وسريلانكا وزامبيا وإيران – هو عيب آخر في التصميم، ومع تفجر قروض المشاريع، أصبحت بكين ملزمة بتقديم “عشرات المليارات” من الدولارات في شكل “قروض إنقاذ” لبلدان مبادرة الحزام والطريق لتفادي التخلف عن السداد، وفقاً لبحث أجرته المجموعة البحثية “إيد داتا”.
تتمثل القضية الملحة الآن بالنسبة للصين والمدينين في مبادرة الحزام والطريق الذين تخلفوا عن سداد ديونهم بالفعل – مثل سريلانكا وزامبيا – هي كيفية حل الأزمات بسرعة إلى جانب الدائنين الزملاء مثل البنك الدولي، والمقرضين متعددي الأطراف الآخرين وحملة السندات الدوليين.
رغم أن التعاون مع المقرضين متعددي الأطراف يتعارض مع التصميم الثنائي لمبادرة الحزام والطريق، يجب على بكين أن تسعى إلى الالتزام بمبدأ التكافؤ الواسع.
وبدلاً من وضع نفسها كدائن ذي أولوية، ينبغي أن توافق الصين على سداد القروض بشروط متكافئة مع البنك الدولي والهيئات المتعددة الأطراف الأخرى، وأن تتخذ موقفاً مماثلاً في السداد، وهذا من شأنه تسريع القرارات وتقليل الضائقة الاقتصادية في الدول المتعثرة.
على المدى الطويل، يتعين على الصين أيضًا إصلاح الطريقة التي تقدم بها قروض التنمية من خلال مبادرة الحزام والطريق، وهنا، أيضًا، يجب أن تتبنى نهجًا أكثر تعددية، والتعاون مع بنوك التنمية متعددة الأطراف وإجراء دراسات كافية لإدارة المخاطر قبل تقديم التمويل.
في ذلك، لديها نموذج حقيقي لاتباعه إذ يجري البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وهو بنك متعدد الأطراف مقره في بكين وتقوده الصين، مجموعة كاملة من دراسات إدارة المخاطر قبل منح القروض.
في السنوات الست التي انقضت منذ تأسيس البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، كان صاحب أحد أعلى محافظ القروض جودة في العالم.
افتتاحية صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية