إلزام المصانع بزيادة المعروض 8% بعد ارتفاع الطلب فى النصف الأول من 2022
مطالب بمد العمل بقرار تقليص إنتاج الأسمنت لـ3 أعوام متتالية وتيسير إصدار تراخيص البناء لمساعدة السوق على النمو
كُريم: استمرار المفاوضات مع “البترول” بشأن السماح باستخدام المازوت بديلا للفحم والغاز الطبيعى
قرر جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، مد العمل بقرار السماح لمصانع الأسمنت بالخفض التدريجى للطاقات الإنتاجية لمدة عام إضافى، من مطلع أغسطس الجارى، على أن يتم زيادة المعروض للسوق بشكل عام بنسبة 8% لمقابلة الطلب المرتفع.
ونص قرار خفض الإنتاج فى يوليو 2021 على أن يكون التخفيض بنسبة 10.69% من الطاقة الإنتاجية بجانب تخفيض آخر نسبته 2.81% لكل خط إنتاج فى الشركة وتخفيض أخر حسب الشريحة العمرية للشركة، وذلك لمواجهة 30% انخفاضًا فى الطلب العام خلال أخر 4 سنوات قبل صدور القرار، وتوقعت شركات وقتها أن تتجاوز نسبة الخفض لديها 25%.
جاء قرار المد، بعد مُطالبة مُصنعو الأسمنت باستمرار العمل به لمدة 3 أعوام تنتهى فى يوليو 2024، لتمكين المصانع من استمرار أعمالها.
واستطاعت عدة شركات أن تُحسن نتائج أعمالها المالية وأرباحها خلال العام الجارى، وبينما قلصت شركات خسائرها، تحول بعضها من الخسارة إلى الربحية، وعظم منتجون آخرون صافى أرباحهم.
مصادر: 18% المتوسط الطبيعى للعائد على الاستثمار فى القطاع ولا يتحقق حاليا
وقالت مصادر، إن العائد الحقيقى على الاستثمار فى الأسمنت يبلغ 18% على أقل تقدير، لذا فإن الأرباح التى تُحققها حاليًا لا تمثل شيئا، وتوقعت أن تُطبق المصانع زيادات جديدة بين 300 و400 جنيه فى الطن قبل نهاية العام الجارى ليقترب السعر النهائى من 1800 جنيه.
وقدرت التكاليف الفعلية لإنتاج طن الأسمنت قرب 2000 جنيه تقريبًا، وذلك بالنظر إلى الارتفاعات القياسية التى طالت أسعار الفحم، التى ارتفعت 6 مرات منذ الإعلان الأول عن تفشى فيروس كورونا، وتضاعفت تكلفة عنصر الوقود الذى يُمثل 50% تقريبًا من إجمالى تكلفة إنتاج الطن.
وذكرت المصادر، أن ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه فى الفترة الأخيرة، كان له عامل إضافى فى زيادة الأعباء على المصانع، ومن هنا سيلجأ المنتجون لزيادة الأسعار الفترة المقبلة.
وقفزت صادرات أول 5 أشهر من العام الجارى بنحو 94% بدعم من ارتفاع الطلب فى الأسواق الكبيرة، لكن المنتج المصرى تعطلت مشحوناته إلى 20 سوقًا مختلفة فى الفترة، فى حين دخل 6 أسواق جديدة.
أكد أحمد شيرين كُريّم، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، أهمية استمرار قرار جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، بالسماح لمصانع الأسمنت بالخفض التدريجى لطاقاتها الإنتاجية لمدة إضافية بعد العام الأول من إصداره.
أوضح كريم، أن استمرار القرار 3 سنوات إضافية سيمكن المصانع من تعويض الخسائر التى تكبدتها بسبب الطفرة الكبيرة فى الطاقات الإنتاجية المتاحة بالسوق المحلى خلال السنوات الأخيرة.
وارتفعت الطاقات التشغيلية المُتاحة لمصانع الأسمنت فى مصر لتقترب من 85 مليون طن تقريبًا قبل عامين، مع إنشاء مصنع حكومى جديد في محافظة بنى سويف بطاقة 13 مليون طن، وباستثمارات 1.1 مليار دولار، لكن لا تستهلك السوق أكثر من 60% من الطاقات الإنتاجية المتاحة .
أضاف كُريّم لـ«البورصة»، أن المصانع استفادت من قرار خفض الطاقة الإنتاجية واستطاعت أن تتعافى تدريجياً من وفورات الأسمنت نتيجة الأزمات الاقتصادية التى نتجت عن جائحة فيروس كورونا.
وتُقدر الطاقة الإنتاجية للمصانع الوطنية من إجمالى صناعة الأسمنت فى مصر بنحو 46%، متضمنة الشركات الخاصة المملوكة لرجال اعمال مصريين برؤوس أموال مصرية، طبقًا للإحصائيات الواردة من وزارة التجارة والصناعة لسنة 2021، وفقًا لغرفة مواد البناء.
وقالت مصادر على صلة بملف الأسمنت، إن جهاز حماية المنافسة طلب من المصانع زيادة المعروض بنسبة 8% خلال عام تطبيق القرار على اعتبار الزيادة النسبية فى الطلب على الأسمنت خلال النصف الأول من العام الجارى.
عزت المصادر، ارتفاع الطلب إلى التعافى النسبى خلال النصف الأول من العام فى السوق، لكنه قد لا يستمر، خاصة مع الارتفاع المستمر فى أسعار السلع بشكل عام على المستهلكين الشهرين الأخيرين، وبالتالى فقد يقل الإنفاق على السوق العقارى.
تقليص الخسائر وتعظيم الأرباح
ووفقا لبيانات الشركات فإن قرار تخفيض الطاقات الإنتاجية حقق الهدف منه، وبالفعل استطاعت عدة شركات أن تُحسن من نتائج أعمالها المالية وأرباحها خلال العام الجارى.
وفقًا لبيانات البورصة المصرية، تحولت شركة العربية للأسمنت للربحية خلال الربع الأول من العام الجارى، إذ حققت صافى أرباح بلغ 58.85 مليون جنيه مُقابل صافى خسارة بلغ 6.33 مليون جنيه خلال الفترة نفسها من 2021، وتضاعفت مبيعاتها أكثر من مرتين إلى 1.06 مليار جنيه بنمو 245% خلال الفترة.
وكانت الشركة توقعت فى إفصاح سابق للبورصة المصرية، أن يحسن قرار خفض الإنتاج التدريجى من أرباحها فى ضوء الارتفاع المتوقع لأسعار الأسمنت.
كما حققت شركة مصر للأسمنت قنا، طفرة فى صافى أرباحها عن الربع الأول من العام الجارى بنمو 161.4% على أساس سنوى، لتصعد إلى 80.85 مليون جنيه، رغم تراجع صافى مبيعاتها بنحو 6%، هبوطًا إلى 668.75 مليون جنيه بنهاية مارس.
وقلصت شركة جنوب الوادى للأسمنت، خسائرها عن الربع الأول من 2022 بنسبة 12.5% إلى 31.2 مليون جنيه من خلال تحسن المبيعات بنسبة 231% صعودًا إلى 206.14 مليون جنيه.
وقالت مصادر فى “جنوب الوادى للأسمنت” لـ«البورصة»، إن الشركة كانت قلصت خسائرها بنهاية العام الماضى بمُساعدة قرار تخفيض الإنتاج ما ساعد على تعديل الأسعار، وتراجع صافى خسائرها بنحو 25 مليون جنيه إلى 225.45 مليون جنيه، وهو ما استمر خلال العام الجارى.
وأظهرت نتائج الأعمال غير المدققة لشركة مصر بنى سويف للأسمنت خلال الربع الأول ن العام الجارى، ارتفاع أرباحها بنسبة 27% صعودًا إلى 47.658 مليون جنيه، مقابل 37.423 مليونًا خلال فترة المقارنة، وكانت حققت صافى ربح مُضاعف فى 2021 وصولا إلى 169.058 مليون جنيه بنمو 121%.
أوضحت مصادر على صلة بملف الأسمنت، أن متوسط الأرباح الطبيعية فى صناعة الأسمنت يجب أن لا يقل عن 18% فى كل الأحوال، ومع افتراض أن استثمارات شركة ما تصل إلى 6 مليارات جنيه فهذا يعنى أنها تحتاج لأرباح سنوية تصل إلى مليار جنيه فى المتوسط للقول بأنها تُحقق عائدا جيدا وطبيعيا على الاستثمار.
أضافت المصادر أن الأسعار مُرشحة للزيادة بقيمة تتراوح بين 300 و400 جنيه إضافية فى سعر الطن قبل نهاية العام الجارى بسبب القفزات القياسية فى أسعار الفحم، ولتحقيق مكسب جيد فهى بحاجة للزيادة بأكثر من 600 جنيه فى الطن.
اعتبرت المصادر، أن الارتفاع فى سعر الدولار خلال الفترة الأخيرة يؤثر على التكاليف، خاصة عنصر الطاقة وهو الفحم الذى يستورد، ويمثل أكثر من 50% من تكلفة إنتاج طن الأسمنت، وبالتالى فالمصانع فى حاجة لزيادة الأسعار من جديد الفترة المُقبلة.
خفض الإنتاج وزيادات الأسعار
قال محمود مخيمر، رئيس شعبة الأسمنت فى غرفة الإسكندرية التجارية، إن مد تخفيض الطاقات الإنتاجية يسمح للمصانع بتطبيق زيادات جديدة للأسعار، خاصة وأن المصانع طبقت زيادات كبيرة للأسعار بالسوق خلال العام الأول من قرار التخفيض.
وارتفعت أسعار الأسمنت منذ صدور القرار الأول لتخفيض الطاقات الإنتاجية للمصانع فى يوليو 2021 بنحو 58.8% لتصعد إلى 1350 جنيهًا للطن فى المتوسط مقابل 850 جنيهًا قبل إصدار القرار مباشرًة.
توقع أحمد شيرين، رئيس شُعبة الأسمنت باتحاد الصناعات، ارتفاعا تدريجيا فى أسعار الأسمنت خلال أغسطس الجارى، وقال إنها قد تتجاوز مستوى 1400 جنيه للطن، نتيجة الارتفاعات المتزايدة فى أسعار الطاقة خلال الفترة الماضية، وذلك مقابل نحو 1300 جنيه للطن فى المتوسط بنهاية يوليو الماضى.
وفقًا لتقديرات غرفة مواد البناء، فإن عنصر الطاقة يمثل نحو 50% من تكلفة إنتاج طن الأسمنت، ولاتزال المصانع تُعانى بسبب ارتفاع أسعار الوقود الأول فى الاستخدام وهو الفحم، وسط مفاوضات للمصانع مع الحكومة بشأن السماح لاستخدام المازوت بديلا للفحم.
أشار إلى استمرار المفاوضات مع وزارة البترول بشأن السماح باستخدام المازوت كوقود بديل للفحم والغاز الطبيعى، خاصة مع ارتفاع أسعارهما عالميًا.
أضاف أن بعض المصانع بدأت تُدخل وقود المازوت تدريجيًا إلى أفرانها بنسب تصل 15% كوقود بديل، فى انتظار توريد كميات إضافية للمصانع خلال الفترة المقبلة، وستتم زيادتها تدريجيًا.
وبدأت مصانع الأسمنت العمل بالفحم بعد الأزمة التى شهدتها مصر من نقص الغاز الطبيعى بعد 2012.
وأخذت أسعار الفحم تقفز منذ الإعلان الأول لتفشى فيروس كورونا فى 2020، وتضاعفت أكثر من مرتين تقريبًا، لتتخطى 150 دولارًا للطن فى العام نفسه، لكنها تفاقمت كثيرًا وتضاعفت مرة أخرى مع إعلان روسيا غزوها فى أوكرانيا نهاية فبراير الماضى.
ارتفعت أسعار الفحم بعد الغزو بأسبوع إلى مستويات تاريخية عند 439 دولارًا للطن، قبل أن تنخفض تدريجيًا إلى 262 دولارًا مطلع أبريل الماضى، لتأخذ منحى صعودى مرة أخرى وصولا إلى 365 دولارا حاليًا.
وفقًا لبيانات غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، فإن شركات الأسمنت التى تمتلك خط إنتاج واحد تحتاج بين 15 و20 ألف طن شهريًا من المازوت، ويعمل فى مصر نحو 42 خط إنتاج، تُشكل خطوط الإنتاج القادرة على العمل بالمازوت بين 20 و25 خط إنتاج من إجمالى الشركات العاملة بالسوق.
ورفعت الحكومة فى يوليو الماضى أسعار الوقود ، ومنها المازوت بزيادة 400 جنيه للطن طن ليصبح 5000 جنيه، لكافة الصناعات عدا الصناعات الغذائية والكهرباء.
وقال فاروق مصطفى، العضو المنتدب لشركة مصر بنى سويف للأسمنت، إن أسعار الطاقة وزيادتها نتيجة الأزمات العالمية تعد أحد أبرز عوائق الصناعة حاليًا، وتؤثر سلبًا على الإنتاج.
أوضح أن صناعة الأسمنت تقاوم الصدمات منذ سنوات طويلة، ومؤخرًا تواجه التغيرات من خلال تقليص الطاقة الإنتاجية للقطاع إلى 60% فقط لتحمل الزيادة السعرية فى أسعار الطاقة، وقال: «أتوقع أن ينعكس تأثير ارتفاع أسعار الطاقة على الأرباح».
وطالبت مصادر بأهمية عودة إصدار تراخيص البناء وتيسيرها فى الفترة المقبلة بعد أن توقفت لأكثر من عامين حاليًا، والتى كانت سببًا كبيرًا فى ضعف الطلب وتراجع قدرات السوق.
تحول واضح فى أوضاع التصدير
ارتفعت صادرات مصر من الأسمنت خلال أول 5 أشهر من العام الجارى بنحو 94%، لتصعد إلى 272 مليون دولار مُقابل 140 مليون دولار خلال الفترة المقابلة من 2021، وتم التصدير إلى نحو 63 سوقًا مختلفة.
ويسعى منتجو الأسمنت للتوسع فى التصدير لتصريف الطاقات الإنتاجية الفائضة مع الركود المحلى، ويستهدفون الأسواق الأفريقية بالدرجة الأولى.
يأتى ذلك رغم أن صادرات الأسمنت المصرى توقفت إلى نحو 20 سوقًا خلال أول 5 أشهر من العام الجارى، اعتادت الوصول إليها خلال السنوات الماضية أخرها 2021، وأكثر من ثُلث هذه الأسواق يقع داخل أفريقيا وهى (الكونغو زائير، وإثيوبيا، ومالى، وبروندى، وجامبيا، وجيبوتى، وسيراليون، وباراجواى)، وفقًا للبيانات الرسمية الصادرة عن المجلس التصديرى لمواد البناء.
أوضحت بيانات المجلس التصديرى أنه رغم الخروج من أسواق معتادة ، لكن صادرات القطاع استطاعت دخول 6 أسواق جديدة خلال العام الجارى وهى (سنغافورة، والبوسنة والهرسك، وكوبا، وكندا، وأنجولا كابيندا، والصين » .
وسجلت صادرات الأسمنت للأسواق الجديدة نحو 176 ألف دولار فقط فى أول 5 أشهر من العام الجارى، وفقدت نحو 1.861 مليون دولار حققتها فى أول 5 أشهر من العام الماضى بالأسواق التى لم تُصدر إليها العام الجارى.
قالت مصادر لـ«البورصة»، إن صادرات الأسمنت المصرية مُضطربة خلال السنوات الأخيرة رغم النمو الكبير الذى حققته أول 5 أشهر من العام الجارى، وعدم التصدير إلى أسواقًا سبق التواجد بها لا يعنى الخروج النهائى منها.
أوضحت المصادر، أن الغزو الروسى فى أوكرانيا غير الأوضاع الاقتصادية العالمية كثيرًا منذ اندلاعه نهاية فبراير الماضى، وأثر كثيرًا على مُعدلات التضخم العالمية، ومعها أوقفت بعض الدول مشترواتها من بعض السلع.