يشير مقرضو بطاقات الائتمان الرائدون فى الولايات المتحدة إلى ثقتهم فى المستهلك الأمريكى، ويكثفون جهود التسويق لجذب مقترضين جدد حتى فى وقت ينزلق فيه الاقتصاد إلى ركود تقنى.
وارتفع حجم الطلبات الورقية والرقمية المرسلة من جهات إصدار بطاقات الائتمان الأمريكية مرة أخرى فى الربع الثانى من 2022، بعد ارتفاعها بنسبة 47% فى الربع الأول، بحسب بيانات أولية من شركة أبحاث التسويق “كومبيسكان”، ما يضعها على المسار الصحيح للوصول إلى مستوى قياسى خلال العام الجارى.
وتأتى موجة العروض فى أعقاب زيادة بنسبة 85% خلال العام الماضى من المستويات المنخفضة لعام 2020، فى وقت قال فيه العديد من مُصدرى البطاقات الكبار خلال تقارير أرباحهم للربع الثانى إنهم كانوا يزيدون الإنفاق على التسويق.
وسلط “جى بى مورجان تشيس”، أكبر مُصدر للبطاقات فى الولايات المتحدة، الضوء على شراسة المنافسة على المقترضين عندما ألقى باللوم على ارتفاع تكاليف اكتساب العملاء فى انخفاض دخل البطاقة فى الربع الثانى بنسبة 45%، كما ارتفعت نفقات التسويق بنسبة 62% عن مستويات العام الماضى وتعهدت بالبقاء قوية.
وقال ريتشارد فيربانك، الرئيس التنفيذى لشركة “كابيتال وان”: “مازلنا نرى فرصاً لحجز الحسابات والقروض التى يمكن أن تولد عوائد مرنة وجذابة، ونستمر فى الاعتماد على التسويق لدفع النمو”، واصفاً المنافسة بأنها “أكثر حدة من مستويات ما قبل وباء كورونا”.
وذكرت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية أن ارتفاع النشاط التسويقى جدير بالملاحظة بشكل خاص فى هذه المرحلة من الدورة الاقتصادية.
وخلال الأوقات غير المستقرة، يرسل المقرضون عادةً عروض بطاقات أقل، والتى تستهدف المقترضين المحتملين الذين حصلوا على أعلى الدرجات الائتمانية، والتركيز على بيع البطاقات المتميزة أو تقديم عروض أخرى للعملاء الحاليين.
ومع ذلك، حتى مع قيام بنك الاحتياطى الفيدرالى برفع أسعار الفائدة الأمريكية لكبح معدلات التضخم التى بلغت أعلى مستوياتها فى أكثر من أربعة عقود، يعتقد مقرضو بطاقات الائتمان أن لديهم مجالاً لزيادة حجم دفاتر قروضهم لأن البطالة منخفضة وتبدو الميزانيات العمومية للمستهلكين صحية.
وارتفعت أرصدة بطاقات الائتمان التى تحتفظ بها أكبر سبع جهات إصدار، وهى “جى بى مورجان”، و”كابيتال وان”، و”سيتى جروب”، و”بنك أوف أمريكا”، و”أمريكان إكسبريس”، و”ديسكوفر آند سينكرونى”، بنسبة 13% لتصل إلى 739.8 مليار دولار مقارنة بالعام الماضى، لكنها ظلت أقل بنحو 9% مما كانت عليه فى نهاية عام 2019.
ورفعت شركة “أمريكان إكسبريس” مؤخراً توقعاتها الإيجابية للإيرادات للعام الجارى، حيث أعلنت عن أرباح أعلى من المتوقع، وقالت إن إنفاقها التسويقى السنوى سيتجاوز التوجيه السابق البالغ 5 مليارات دولار.
وقال ستيفن سكويرى، الرئيس التنفيذى لشركة “ياهو فاينانس”: “لا أرى ركوداً فى أرقامى على الإطلاق.. من الصعب حقاً بالنسبة لى أن أتفهم ذلك فى الربع الثالث أو الربع الرابع فنحن سنواجه تباطؤاً كبيراً”.
ويتبنى المصدرون أساليب مبهرجة لجذب عملاء جدد، فقد أصبحت مكافآت تسجيل الدخول المرتبطة بالسفر أكثر سخاءً، رغم أن المستهلكين يفضلون حتى الآن بطاقات استرداد النقود.
وخلال الربع الأول، كانت هناك زيادة بنسبة 62% فى حجم عروض تحويل الرصيد التى قد تمكن المستهلكين من دمج الديون فى بطاقة ائتمان بدون فوائد لبعض الوقت، وتزداد الشروط سخاءاً، بحسب شركة “كومبيسكان”.
وارتفعت فترة الإعفاء من الفوائد فى المتوسط إلى 16 شهراً خلال العام الجارى من 14 شهراً فى عام 2021.
وقالت سارة راتنر، المحللة فى موقع التمويل الشخصى “نيرد واليت”، إن الجمع بين الأرصدة المتزايدة وارتفاع أسعار الفائدة قد يتسبب فى مشاكل للمستهلكين.
وأضافت راتنر: “إذا كان لديك ديون بطاقة ائتمانية حالياً، أو كنت تدين بدين مقابل عملية شراء كبيرة قادمة، فإن أسعار الفائدة مرتفعة وسترتفع.. يمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة بسرعة كبيرة”.
ومما يعقد المهمة بالنسبة للمقرضين الصعوبة التى يواجهونها فى قياس تأثير التحفيز الحكومى وبرامج تحمل الديون على المستهلكين على المدى الطويل، ويجادل المقرضون بأن أدوات الاستهداف الجديدة وتحليلات البيانات سهلت الإقراض خلال فترة الانكماش الاقتصادى دون تكبد خسائر كبيرة.
ويحلل العديد من المقرضين الآن عوامل مثل التعليم وتاريخ التوظيف والتحقق من أرصدة الحسابات، بالإضافة إلى درجة الائتمان التقليدية لتحديد الجدارة الائتمانية، ما يزيد من مجموعة المقترضين المحتملين، بحسب ميجان سيبرلى، كبير مديرى خدمات العملاء فى “كومبيسكان”.
وكذلك، أصبحت الحوافز، مثل تخفيضات أسعار الفائدة لإعداد المدفوعات التلقائية أو إجراء عدة مدفوعات متتالية فى الوقت المحدد، أكثر شيوعاً للقروض غير المضمونة.