«رفع الدعم وتخفيض سعر الصرف والتخارج من الشركات» 3 اشتراطات يضعها الصندوق للموافقة على القرض
زيادة الاستثمارات الأجنبية فى مصر مرهون بالتوصل لاتفاقية مع صندوق النقد
لا تزال الضبابية وحالة عدم اليقين تسيطر على المشهد الاقتصادى العالمى وبالتبعية على الاقتصاد المصرى، منذ انتشار جائحة «كورونا»، وما تبعها من أحداث مضطربة جراء الحرب الروسية الأوكرانية التى ألقت بظلال سوداء على العالم من تهديدات بالأمن الغذائى، وأزمة طاقة وارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية.
وتشير توقعات الحكومة المصرية إلى احتمالية استمرار التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد المصرى خلال العام الجارى، إذ تكبدت الحكومة نحو 465 مليار جنيه تأثيرات مباشرة وغير مباشرة منذ اندلاع العملية العسكرية الروسية فى أوكرانيا نهاية شهر فبراير 2022.
فيما صرح رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، بأن الاقتصاد المصرى تكلف نحو 130 مليار جنيه تأثيرات مباشرة للأزمة الروسية الأوكرانية تمثلت فى أسعار السلع الاستراتيجية والوقود بالإضافة إلى أسعار الفائدة والسياحة، فقد تكبد الاقتصاد المصرى فاتورة تقدر بنحو 335 مليار جنيه كتأثيرات غير مباشرة ممثلة فى زيادة الأجور والمعاشات والحماية الاجتماعية بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية.
وعلى الرغم من أن مصر ليست الدولة الوحيدة المتأثرة من الأزمة القائمة بين روسيا وأوكرانيا، لكنها تعد حالة خاصة بسبب الصلات التجارية والسياحية التى تربط مصر بدول الأزمة وأوروبا.
وأجرت «البورصة» حوارًا موسعًا مع الدكتور فخرى الفقى رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب للتعرف على خطة الحكومة فى هذا الشأن، وعلى توقعات اتجاه الأزمة.
وقال الفقى، إن أزمتى «كورونا»، و«الحرب الروسية الأوكرانية» على النقيض، حيث تتعلق الأزمة الأولى بالإغلاق وانكماش النشاط، ومع بدء التعافى من الأزمة وعودة الحياة لطبيعتها ومباشرة النشاط بصورة مستمرة وتعويض الأعمال عن خسائرها، ظهرت أزمة سلاسل الإمداد والتوريد العالمية، ثم دقت طبول الحرب التى فاقمت تلك الأزمة مع اضطراب حركة التجارة بسبب الحرب خاصة أزمة السلع الغذائية.
105 مليارات دولار حصيلة متوقعة من النقد الأجنبى لمصر خلال العام
وسجلت واردات الحبوب القادمة إلى مصر من روسيا وأوكرانيا نحو 42% من إجمالى واردات مصر من الحبوب خلال عام 2021، فى حين بلغ التبادل التجارى بين مصر و(روسيا وأوكرانيا) خلال نفس العام نحو 4.4 مليارات دولار.
وأوضح، أن سلاسل الإمداد والتوريد ليست متعلقة بتوصيل المنتجات بل بحركة تصنيع المنتج ذاتها، خاصة أن المنتجات أصبحت متعدية للجنسيات وليست متعددة الجنسيات، ويتم تصنيع المنتج الواحد فى عدة بلدان تمتد من الصين، وتايوان، وأمريكا، وغيرها لمنتج واحد مما فاقم الأزمة، ثم يأتى دور سلاسل التوزيع إلى الموانئ ثم إلى الوكيل والموزع وأخيرًا المستهلك، مما يعنى وقتًا مضاعفًا بسبب التوترات العالمية فى المنطقة.
وتزامنت تلك الأزمات مع ظهور أزمة الرقائق الإلكترونية والتى تعتبر العمود الفقرى لتصنيع أغلب الأجهزة، ما يخلق خللا فى قوى العرض والطلب، خاصة أن العرض لم يعد كافيا للالتزام بالمطلوب، مما تسبب فى ظهور التضخم المتسارع الذى شهدته مصر منذ نهاية عام 2021، وحتى الوقت الحالى.
وأشار إلى أن التضخم تسارع حتى سجل فى يناير الماضى نحو 8%، وقفز إلى 10.1% فى فبراير الماضى، وتصاعد فى مارس الماضى مسجلاً نحو 12.1%، و14.9% فى أبريل، ليصل إلى قمته فى مايو الماضى مسجلاً 15.3%، وبدأ فى التراجع فى يونيو الماضى مسجلاً 14.7%.
وكان البنك المركزى المصرى يستهدف معدل تضخم عند 7% (بزيادة أو نقصان 2%).
وتابع الفقى، أن ارتفاع معدلات التضخم تزامنًا مع تسجيلها مستويات قياسية فى أمريكا دفع الفيدرالى الأمريكى لتبنى سياسية رفع أسعار الفائدة أثر بصورة مباشرة على الأسواق الناشئة، وهو ما دفع المركزى المصرى لرفع أسعار الفائدة 3% خلال العام الجارى، موضحًا أن كل ارتفاع بنسبة 1% فى أسعار الفائدة واستمراره لمدة عام يقابله زيادة فى فوائد الدين المحلى تقدر بنحو 28 مليار جنيه وبالتالى زيادة العجز الكلى فى الموازنة.
الدين الخارجى فى مستويات آمنة ويمثل 35% من الناتج المحلى الإجمالى
لفت إلى أن التضخم فى مصر «مركب» من 3 مكونات، الأول مستورد، والثانى ناتج عن زيادة تكاليف الإنتاج والاثنان يمثلان ما بين 50 و60% من معدل التضخم العام وهما خارج سيطرة السياسة النقدية لمصر، خاصة وأن مصر دول مستوردة للمواد البترولية والمواد الخام والمكون الثالث يتمثل فى التضخم الناتج عن زيادة السيولة النقدية فى جسم الاقتصاد أى الطلب الكلى على السلع والخدمات، مما يدفع البنك المركزى لزيادة أسعار الفائدة لامتصاص التضخم.
أشار إلى أن ارتفاع فاتورة الواردات بسبب زيادة الأسعار عالميًا، وتأثر السياحة الأوكرانية التى تشكل نحو %30 من السياحة الوافدة إلى مصر، أثرت بشكل ملحوظ على تدفقات النقد الأجنبى لمصر، لافتًا إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة من الدول العربية فى مصر قد تعوض جزء من نقص تدفقات العملة الأجنبية.
وفيما يخص دخول الاقتصاد العالمى فى مرحلة ركود تضخمى، أشار «الفقى» إلى أن شبح الركود التضخمى يطارد العالم بأكمله، و أوروبا تعانى بشدة خلال الشهور الأخيرة، فى حين أن اليابان متحفظة فى رفع أسعار الفائدة، بينما إنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية مستمران فى رفع أسعار الفائدة وهو ما نتج عنه استجابة وتراجع فى معدلات التضخم.
وتابع أن تباين مستويات التضخم فى الدول الكبرى وآليات معالجته تشير إلى أن الدخول فى ركود تضخمى مستبعد حاليًا، والنصف الأول من العام الجارى شهد معدلات تضخم هى الأعلى منذ أربعين عامًا، إلا أن الاحتياطى الفيدرالى قادر على السيطرة على معدلات التضخم المرتفعة.
وأشار إلى أنه فى حال ارتفاع أسعار الفائدة مرة أخرى ليس من الضرورى أن تصدر البنوك شهادات مرتفعة العائد، ومعظم حصيلة شهادات الـ18% التى طرحها بنكا الأهلى ومصر فى مارس الماضى وأغلقاها فى مايو والتى جذبت نحو 750 مليار جنيه، جاءت من كسر ودائع وشهادات قديمة بالبنوك، والباقية من السيولة المتداولة خارج القطاع المصرفى.
ولفت إلى ضرورة زيادة التناغم بين السياسات المالية والسياسات النقدية، خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن العام الجارى شهد خروج نحو 20 مليار دولار أموال ساخنة من استثمارات الأجانب فى أدوات الدين، مقارنة بـ18 مليار دولار تخارجات من قبل الأجانب فى أزمة كورونا، وصعوبة الوضع الحالى سببها ندرة النقد الأجنبى، وأن عودة الاستثمارات الأجنبية فى أدوات الدين مرهونة باستقرار سعر الصرف.
وأشار إلى أن التزامات الجهاز المصرفى بما فيها 38 بنكا مطروحا منها الاحتياطى النقدى سيصبح الناتج «سالب»، واحتياطى النقد الأجنبى لدى البنك المركزى بلغ 33.1 مليار دولار، والانخفاض الطفيف فى الاحتياطى مؤقتًا بسبب تراجع أسعار الذهب بمعدل 0.2%، وعلى الرغم من ذلك استطاعت مصر الحفاظ على تصنيفها الائتمانى لدى ستاندر آند بورز، وموديز بنظرة مستقبلية مستقرة، إلا أن «فيتش» خفضت توقعاتها لمصر فى جانب النظرة المستقبلية متعلقة بمخاطر.
وخفّضت وكالة «موديز» نظرتها المستقبلية من مستقرة إلى سلبية، وحذرت من أن البلاد لا تزال معرضة للخطر حتى بعد حصولها على الدعم من حلفائها الخليجيين والسعى إلى إبرام برنامج مع صندوق النقد الدولى.
وأبقت «موديز» تصنيف ديون مصر عند «B2»، وهى درجة مخاطرة غير استثمارية، وعلى قدم المساواة مع بوليفيا وجامايكا ورواندا، فيما تصنف «ستاندرد آند بورز» مصر عند نفس المستوى، فى حين تمنحها وكالة «فيتش» درجة ائتمانية أعلى.
ولفت الفقى، إلى أن الفجوة التمويلية لمصر تصل إلى نحو 25 مليار دولار، منها 15 مليار دولار أقساط وديوان واجبة السداد خلال العام الجارى، والباقية من العجز فى ميزان المدفوعات، والتى ترجع بصورة كبيرة إلى ضعف الإدخار المحلى الذى تمثل 13% فقط من الناتج المحلى الإجمالى، موضحًا أن الفجوة التمويلية هى الفرق بين الإدخار والاستثمارات المستهدفة لمصر والتى تمثل %16 من الناتج المحلى الإجمالى.
أوضح، أن العجز فى الموازنة الجارية يعود إلى أن الادخار ثابت مقابل مصروفات آخذة فى الزيادة خاصة أن متوسط دخل الفرد فى الدول النامية ضعيف عن الدول المتقدمة، مشيرًا إلى أن 12.5% عجز فى الموازنة سابقًا، وحاليًا بلغ نحو 6.1%، وفى ختام السنة الماضية كان نحو 6.7%.
وبنظرة سريعة حول زيادة عدد السكان مقابل النمو السنوى نجد أن الزيادة السكانية تصل إلى 2.2%، فيما تحقق الدولة نمو بمعدل 2% مما يعنى أن النمو الحالى لا يواكب الزيادة السكانية فى مصر، مؤكدًا أن مصر بحاجة إلى استثمارات طموحة فى الخطة لتحقيق معدل نمو ضعف معدل نمو السكان، حتى تكون قادرة على تحسين مستوى المعيشة.
ولفت إلى أن الاستثمار فى مصر يمثل نحو 16.5% من الناتج المحلى الإجمالى وفقًا للخطة والموازنة، مقارنة بـ18% قبل الأزمة الحالية، ويمثل الناتج المحلى الإجمالى لمصر نحو 440 مليار دولار.
توقعات بوصول تكلفة الواردات المصرية إلى 90 مليار دولار خلال العام الجارى
وحول تسوية الفجوة التمويلية، تابع الفقى أنه يتم تسويتها بأكثر من طريقة أولها جذب استثمارات أجنبية مباشرة سواء عن طريق التأسيس، أو استحواذ على كيانات قائمة، والاستثمارات الخليجية تبحث عن الكيانات الموجودة بالفعل.
وأشار إلى أن الصندوق السيادى الإماراتى ضخ مليارى جنيه فى شركات قائمة وهو استثمار أجنبى مباشر، وحصيلة تلك الأموال توجهها مصر سواء لمشروعات جديدة أو لسد الفجوة التمويلية، أو تخفيض الديون من أجل الحفاظ على التصنيف الائتمانى.
وتطرق إلى أن الحكومة تستهدف بيع أصول من أنشطة معينة وقطاعات بقيمة 10 مليارات دولار سنويًا لمدة 4 سنوات، من أجل توفير سيولة دولارية، مع خطة لصادرات بترولية بقيمة تتراوح بين 2 و3 مليار دولار، مما يعنى أن مصر تستطيع توفير نحو 12 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية.
وأكد أن تفعيل مذكرات التفاهم التى تم توقيعها مع الدول الخليجية فى انتظار توصل مصر لاتفاقية بشأن صندوق النقد حتى تسطيع ضخ المزيد من الاستثمارات، لافتًا إلى أن الودائع الخليجية فى مصر تصل إلى نحو 20.3 مليار دولار مقسمة إلى 10.7 مليار دولار لصالح السعودية، و5 مليارات لصالح الإمارات، و4.3 مليار دولار لـ«الكويت».
وتابع، أن الصندوق يتفاوض حاليًا على 3 محاور تشمل رفع الدعم عن المنتجات بشكل كامل، وتحرير سعر الصرف، والطروحات الحكومية وتخارج الحكومة من بعض القطاعات لصالح القطاع الخاص من أجل الموافقة على القرض.
اقرأ أيضا: الموازنة تسجل فائضًا أوليًا بنسبة 1.3% من الناتج المحلى فى 2021-2022
وبتناول جانب الدعم سنجد أن مصر انتهت من رفع الدعم عن المحروقات، وقامت بتأجيل رفع أسعار الكهرباء لمدة 6 أشهر، متبقى جزء طفيف من الدعم فى السولار وأنبوبة البوتاجاز، حيث ارتفع الدعم من 18 مليار جنيه فى الموازنة السابقة لـ28 مليار جنيه فى الموازنة الحالية، من الممكن أن يقبلها الصندوق خاصة فى ظل ارتفاع أسعار البترول عالميًا.
ولفت إلى أن الأموال التى توفرها الحكومة من الدعم تقوم بإعادة توجيهها إلى مبادرة حياة كريمة، والتى تمثل نحو 18 مليار جنيه من الموازنة العامة، والمقرر زيادتها إلى 21 مليار جنيه عبر زيادة 450 مليون أسرة ليرتفع إلى 4.1 مليون أسرة، ومع توجيهات رئاسة الجمهورية لزيادة الأسر نحو 5 ملايين أسرة ستتحمل الموازنة 6 مليارات جنيه إضافية.
وحول الاحتياطى العام فى الموازنة وقيام وزارة المالية بوضع 133 مليار جنيه احتياطى للموازنة، أوضح الفقى أن الموازنة راعت التطورات على الساحة العالمية، خاصة أن القانون ينص على مناقشة الموازنة فى البرلمان بنهاية مارس، وحدث التصادم بين روسيا وأوكرانيا فى نهاية فبراير ومع ضبابية المشهد دفعت المالية لزيادة الاحتياطى بالموازنة العام بزيادة المبلغ التحوطى لنحو 130 مليار جنيه نظرًا لتسارع التطورات على الساحة العالمية، لافتًا إلى أن أزمة كورونا دفعت المالية حينها لرفع الاحتياطى النقدى فى الموازنة لنحو 100 مليار جنيه، مع مراعاة أن الحرب الروسية الأوكرانية أشرس.
25 مليار دولار الفجوة التمويلية ويتم تسويتها عبر جذب الاستثمارات
ووجه الرئيس السيسى بزيادة الاحتياطى العام حتى أصبح اليوم 170 مليار جنيه، وعندما جاءت الأزمة الروسية الأوكرانية، أدت الى ارتفاع أسعار القمح، حيث تم اعداد الموازنة بالنظر إلى أسعار القمح فى الأسواق العالمية، وكانت تبلغ نحو 250 دولار للطن، ليتجاوز السعر اليوم 400 دولار، وبتقديراتنا من الممكن أن يحدث زيادة فى بند شراء القمح بنحو 15 مليار جنيه، ولكن لدينا احتياطيات متوافرة.
وتابع الفقى، أن الحرب الروسية الأوكرانية تهدد بأزمة طاحنة فى أسعار القمح وأسعار النفط نظرًا لتبعات الحرب، مشيرًا إلى ارتفاع الأسعار العالمية لكل الحبوب والسلع الغذائية، إلا أن مصر استطاعت توفير مخزون لمدة 8 أشهر من القمح المحلى تزامنًا مع جنى المحصول حينها.
وتستورد الدول العربية مجتمعة 60% من احتياجاتها للحبوب من روسيا وأوكرانيا، إضافة إلى فرنسا ورومانيا، لكن لروسيا وأوكرانيا ثقل دولى خاص فى توريد العالم العربى بالحبوب؛ نظرا لسعرها المنخفض فى البلدين، حيث تعد أوكرانيا رابع أكبر مصدر للقمح وللذرة الصفراء على مستوى العالم، وصدرت وحدها 17% من كمية الذرة والشعير التى سوقت للتجارة العالمية فى 2020، و40% منها إلى دول عربية، فيما تعتبر روسيا مصدرا رئيسيا للقمح إلى مصر.
أما فى جانب دعم رغيف العيش الذى يمثل نحو 54 مليار جنيه من الموازنة العامة للدولة، لفت إلى أن دعم السلع التموينية يصل إلى 36 مليار جنيه، بإجمالى 14 مليون بطاقة تموينية ومع الزيادة السكانية تزداد التكلفة على الدولة، لافتًا إلى ضرورة توجيه الدعم فى الطريق الصحيح فى تلك المنظومة عبر تقليل الإهدار فى جانبى الدقيق، والسلع التموينية.
وأشار إلى أن زيادة الهدر عادة ما تكون فى المناطق الريفية، وكذلك الهدر فى النقل والمطحن، والفرن، ووزن الرغيف وغيرها من طول سلسلة المنظومة.
وتوقع أن يتم إعادة هيكلة المنظومة مرة أخرى خاصة وأن التطوير على تلك المنظومة مطروح منذ عام 2016، عبر كارت موحد يستقبل عليه الفرد إجمالى الدعم عبر آلية موحدة يتم زيادتها حسب التغير فى تكاليف المعيشة، لافتًا إلى أن رفع سعر الخبز خطوة صعبة للغاية.
ولفت إلى أن وزارة التموين تسعى جاهدة لتطوير المنظومة، للتركيز على السلع الأساسية مرجحًا أن دعم لخبز لن تكون ضمن المحاور الأساسية لمفاوضات صندوق النقد مع مصر للحصول على القرض.
والمحور الثانى الذى يتفاوض عليه الصندوق هو مرونة سعر الصرف وهو مهم للتوصل لاتفاق مع صندوق النقد من أجل الحصول على تمويل لسد الفجوة التمويلية مما يرفع من تصنيف مصر الائتمانى ما يدفع بدوره بيوت التصنيفات الائتمانية العالمية بإعادة النظر فى نظرتها المستقبلية، خاصة أن التوصل لاتفاق حول قرض هو بمثابة شهادة ثقة لاقتصاد الدولة.
وأكد الفقى ضرورة التعاون مع شركاء التنمية حول الحصول على تمويلات فى برنامج حياة كريمة لسد جزء من الفجوة التمويلية، لتصبح تمويلاتهم ضمانة تأمينية أمام صندوق النقد من أجل الحصول على القرض وإجراء الإصلاح الاقتصادى والهيكلى، خاصة وأن مصر أكبر مساهم فى البنك الأوروبى لإعادة الأعمار والتنمية، ومساهم فى البنك الدولى لإعادة الإعمار، ومن مؤسسى صندوق النقد الدولى، ومن الممكن أن تحصل مصر على تمويلات من شركاء التنمية بقيمة 10 مليارات دولار، ومن الممكن أيضًا التوجه نحو طرح صكوك سيادية.
وأعلن وزير المالية محمد معيط فى منتصف يونيو الماضى، أن مصر قد تؤجل إصدار أول صكوك سيادية لها إلى السنة المالية الجديدة، نظرًا إلى اضطرابات الأسواق العالمية فى أعقاب الحرب الأوكرانية.
وحول رؤيته للأوضاع الاقتصادية الإقليمية فى الوقت الراهن، أشار الفقى، إلى أن 3 أحداث هامة حدثت فى الفترة الأخيرة، أولها زيارة الرئيس الأمريكى جو بايدن إلى المملكة العربية السعودية – أكبر منتج للبترول فى العالم- والتى تنتج نحو 11 مليون برميل نفط يوميًا، وهو ما يؤكد على استقرار العلاقات بين أكبر دولة مصدرة للبترول وبين أمريكا، مما دفع أسعار البترول إلى الانخفاض دون الـ 100 دولار للبرميل.
تقليل الهدر فى منظومة السلع التموينية والخبز بات ضرورة
لفت إلى أن الموازنة العامة لمصر تضع سعر مبدئى لبرميل البترول عند 85 دولارا خلال العام المالى الحالى، ومع ارتفاع الأسعار إلى نحو 130 دولارا لبرميل النفط، وضع الدكتور محمد معيط وزير المالية احتياطى فى الموازنة بقيمة 130 مليار جنيه ترقبًا لاستمرار أسعار النفط مرتفعة.
أما الحدث الثانى فيتمثل فى حضور الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، لتركيا لحضور التوقيع على اتفاق من شأنه أن يفتح طريقا لأحجام كبيرة من الصادرات الغذائية التجارية من ثلاثة موانئ أوكرانية رئيسية لتخفيف العبء عن البلدان النامية التى تقف على حافة الإفلاس وعن السكان.
وأوضح أن الحدث الثالث يتمثل فى اجتماع محافظى البنوك المركزية ووزراء المالية لمجموعة السبع فى بالى، تخوفًا من أن تؤدى الأزمات الحالية إلى مزيد من الاضطراب فى إمدادات الغاز الطبيعى إلى أوروبا وتدفع عديد من الاقتصادات إلى الركود وإحداث أزمة طاقة عالمية، مما يتطلب سعى هذه الدول لخفض معدلات التضخم المرتفعة، لعدم الدخول فى ركود تضخمى.
كما شدد على أهمية أن تساعد السياسة المالية جهود البنك المركزى لخفض التضخم، وستحتاج البلدان التى تواجه مستويات ديون مرتفعة أيضاً إلى تشديد سياستها المالية، وسيساعد هذا فى تقليل عبء الاقتراض المتزايد واستكمال الجهود النقدية للحد من التضخم.
وحدد المحور الثالث فى مفاوضات صندوق النقد والمرتبط بتخارج الحكومة من بعض القطاعات لصالح القطاع الخاص، وبدأت الحكومة بالفعل خطة بيع الأصول، فضلاً عن وثيقة الدولة للشراكة مع القطاع الخاص.
وحدد الفقى 3 أبواب للخروج من الأزمة الحالية أولها ضرورة التفاوض مع الصندوق والحصول على القرض حتى يتأكد النظرة الإيجابية لمصر، فضلاً عن التفاوض الناجح مع شركاء التنمية من المؤسسات الدولية الكبرى لتمويل التنمية.
ضرورة خفض الدين لتحسين التصنيف الائتمانى لمصر
والباب الثانى يتمثل فى جذب الاستثمارات الأجنبية خاصة تلك الاستثمارات الخليجية لا سيما أن مصر استطاعت جذب نحو 3.2 مليار دولار من صندوق أبوظبى السيادى، وصندوق الاستثمارات العامة السعودى عبر بيع أصول مملوكة للحكومة فى شركات مدرجة بالبورصة المصرية، وتنتظر استقبال نحو 5 مليارات دولار من جهاز قطر للاستثمار.
وأكد أن الاستثمار عبر التأسيس يحتاج إلى بنية تحتية متطورة وشبكات الجيل الرابع، والكابلات الفايبر حتى يستطيع المستثمر التوصل حول العالم من مكان واحد، لافتًا إلى جاهزية العاصمة الإدارية الجديدة لاستقبال استثمارات نظرًا للبنية التحتية التكنولوجية المتطورة.
كما شدد على ضرورة تفعيل برنامج الطروحات الحكومية خاصة وأن الحكومة أعلنت منذ فترة طويلة عن نيتها التخارج من شركتى «صافى» و«وطنية»، وكذلك النية لطرح بنك القاهرة والتى تعد طروحات قوية قادرة على اجتذاب استثمارات، ولكن لابد من وضع مدى زمنى واضح لتنفيذ الطروحات المرتقبة.
ولفت «الفقى» إلى أن الصندوق يحتاج إلى ضمانات لمنح قرض كبير، حيث أنه يمنح القرض بشروط ومراجعة دورية كل 6 أشهر، وآليات الخروج من الأزمة حاليًا تتمثل فى جذب الاستثمارات الأجنبية.
وذكر أن دول الخليج الشقيقة وقعت مذكرات تفاهم للاستثمار فى مصر بمبالغ كبيرة، حيث تم توقيع 14 اتفاقية بين مصر والسعودية بـ 7.7 مليار دولار على هامش زيارة ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان، إلى مصر، إذ تتوزع الاتفاقيات الموقعة على عدة مجالات هى البترول والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر وتكنولوجيا المعلومات والتجارة الإلكترونية والأدوية والبنية التحتية والأمن السيبرانى، والبنية التحتية والخدمات اللوجستية وإدارة الموانئ والصناعات الغذائية وصناعة الأدوية.
وأشار إلى توقيع اتفاقيات شراكة صناعية بين الإمارات ومصر والأردن، حيث تم الإعلان عن «الشراكة الصناعية التكاملية لتنمية اقتصادية مستدامة» بين الدول الثلاث، التى تشمل الصناعات الزراعية والحيوانية وأنشطة أخرى على المدى البعيد، حيث خصصت القابضة ADQ صندوقا استثماريا بقيمة 10 مليارات دولار للاستثمار فى المشروعات المنبثقة عن هذه الشراكة فى القطاعات المتفق عليها.
ويأتى الجزء الثالث والخاص بالديون وضرورة خفض مستويات الدين الحالية والتى بلغت سواء عن طريق تحويل الديون إلى سندات يتم بيعها فى السوق الثانوية وتداولها عالميًا، أو تحويل الديون إلى أسهم فى مشروعات عبر مبادلة الدين بحقوق ملكية.
وأوضح أن الدين الخارجى لمصر مازال فى مستويات آمنة حيث يمثل بين 30 و35% من الناتج المحلى الإجمالى، حيث يبلغ حجم الدين الخارجى لمصر نحو 157 مليار دولار، وطالما أدنى من 50% من الناتج المحلى الإجمالى يظل فى المستويات الآمنة.
وتوقع الفقى زيادة تكلفة الواردات إلى 90 مليار دولار بعد أن كانت تبلغ 75 مليارًا، مشيرًا إلى أن هذا ليس نتيجة زيادة الواردات وإنما بسبب زيادة الأسعار العالمية، موضحًا أهمية فتح الاعتمادات المستندية للسلع الأساسية من غذاء وأدوية.
ورجح أن تبلغ حصيلة مصر المتوقعة من النقد الأجنبى خلال العام نحو 105 مليارات دولار، منها صادرات سلعية 45 مليار دولار شاملة صادرات الغاز الطبيعى، ونحو 30 مليار دولار تحويلات المصريين بالخارج، و12 مليار دولار من السياحة، و 8 مليارات دولار من قناة السويس، وأخيرًا 10 مليارات دولار استثمارات أجنبية مباشرة.
أعده: مرام أشرف