مستوى التضخم الحالى يشير إلى تثبيت الفائدة وتوقعات الاتفاق مع صندوق النقد تدفع نحو الرفع
البنك المركزى يخفض عمليات السوق المفتوحة خلال أغسطس لأدنى مستوى فى 12 شهر
تباينت توقعات المحللين بشأن قرار لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى والتى ستجتمع نهاية الأسبوع لمناقشة أسعار الفائدة الأساسية على الجنيه.
توقعت زيلا كابيتال فى مذكرة بحثية تثبيت سعر الفائدة، نتيجة استقرار معدلات ارتفاع التضخم، خصوصًا أن معظم أثر الصدمة التى سببتها المعطيات الخارجية قد انعكست بالفعل على معدل التضخم المحلى.
وأضافت الشركة أن مصر بطبيعة اقتصادها وشكل الميزان التجارى الخاص بها وعجز الموازنة، ونسبة الاقتراض للناتج المحلى على مستوى الأفراد والمؤسسات وليس الحكومة، تجعل تأثير رفع الفائدة فى تهدئة التضخم قليلة جدًا.
وواصل التضخم رحلته الصاعدة منذ سنة، وسجل التضخم الأساسى %16.65 فى أغسطس الماضى وهو أعلى معدل له منذ 2018.
وتوقع بنك الاستثمار فاروس تثبيت أسعار الفائدة فى الاجتماع المقبل مع وجود إمكانية للرفع فى ظل استقرار معدلات التضخم وغياب الحاجة لتعريض الموازنة العامة لضغوط خاصة مع استقرار التضخم وهدوء الأسعار العالمية.
وقال بنك ستاندرد شارترد أن البنك المركزى قد يرفع الفائدة %1 فى الاجتماع المقبل، فى ظل تصالح البنك المركزى مع العوائد السلبية حتى مع تغير القيادات، رغم توقعه تراجع الجنيه ما يزيد عن %20.
لكن هناك من يرى الأمور بشكل مختلف، هانى جنينة، المحاضر فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، يتوقع رفع الفائدة %2 دفعة واحدة نهاية الأسبوع، فى ظل ارتفاع التضخم الأساسى خلال شهر أغسطس إلى %16.7، وكذلك نمو نقود الاحتياطى (ما يعرف بالسيولة M0) نحو %24.9، بنهاية أغسطس مقارنة بنهاية مارس 2022 فى ظل لجوء وزارة المالية الى تمويل جزء من عجز الموازنة من مصادر تضخمية فى صورة تسهيلات ائتمانية من البنك المركزى.
ماذا يعنى ذلك؟
حينما يرتفع عجز الموازنة وتكون البدائل التمويلية المتاحة مكلفة لوزارة المالية تتدخل البنوك المركزية بطباعة النقود لتمويل ذلك العجز. و هذا ما حدث بالفعل بداية من شهر مايو 2022 اذا ارتفع إقراض البنك المركزى للحكومة كبديل أقل كلفة نظرا لارتفاع معدلات الفائدة المطلوبة من قبل البنوك فى عطاءات اذون وسندات الخزانة.
وعادة تغطى البنوك المركزية النقود المطبوعة (باعتبارها التزام أو خصوم) بغطاء من العملات الصعبة خاصة فى الدول التى تلتزم بسعر صرف ثابت أو بأصل أقل جودة مثل قروض للحكومة أو البنوك فى الدول التى تتبع نظم صرف اكثر مرونة.
أضاف جنيه أنه إذا ما تم إقراض السيولة الفائضة الناتجة عن إصدار النقد، من قبل البنوك، فإن ذلك يؤدى لارتفاع حجم المعروض النقدى وهو ما يحفز التضخم من جانب الطلب لأن أموال كثيرة تطارد سلع أقل مما يؤدى لارتفاع الأسعار خاصة أن هناك بالفعل نقص فى بعض السلع.
وقال إن «المركزى» يعمل حاليا على تقليص حجم السيولة الفائضة الناتجة عن تمويل الحكومة منذ شهر مايو الماضى وهو أمر محمود جدا، وصور عمليات امتصاص السيولة الفائضة متعددة وتشمل عطاءات الودائع بسعر فائدة ثابت أو متغير بالإضافة الى إيداع البنوك فوائض السيولة فى «الكوريدور» بسعر الإيداع الحالى وهو %11.25.
وبحسب بيانات البنك المركزى فإنه فى الوقت الذى يجدد فيه البنك ودائع ذات عائد ثابت فإنه يربط كميات أقل من الودائع التى يستحق أجلها للبنوك فى آلية الودائع ذات العائد المربوط بالكوريدور وتربط البنوك ودائع بأرقام كبيرة لدى البنك المركزى فى آلية الكوريدور.
وخلال الفترة التى أعقبت رفع الفائدة فى مارس وحتى نهاية يوليو رفضت وزارة المالية أسعار الفائدة الأعلى من التى تستهدفها فى معظم العطاءات للآجال طويلة الأجل فيما التقت رغبتها فى الحصول على التمويل مع تخوف المستثمرين من تكلفة الفرصة البديلة، فى ظل توقعهم ارتفاع الفائدة.
ومنذ بداية العام وحتى مطلع سبتمبر طرحت وزارة المالية عطاءات لأذون الخزانة أجل 91 يوم بقية 330 مليار جنيه قبلت فيها 560 مليار جنيه، ولأجل 182 يوم طرحت 407 مليارات جنيه وافقت منها على 159 مليار جنيه وأجل 273 يوم طرحت 265 مليار جنيه وافقت على 111 مليار جنيه، وفى أجل 364 يوم طرحت 301 مليار جنيه وافقت على 45.2 مليار جنيه.
ولكن فى الفترة الأخيرة سمحت وزارة المالية لأسعار الفائدة على أذون وسندات الخزانة بالارتفاع ما شجع المستثمرين وأكبرهم البنوك على تمويل أذون وسندات الخزانة.
ووصلت الفائدة على أذون الخزانة أجل 364 يوم إلى %16.929 فى عطاء يوم الخميس الماضى، مقابل %14.09 مطلع يوليو، فيما وصلت على أذون الخزانة أجل 273 يوم إلى %16.7 مقابل %15.4، وأجل 182 يوم إلى %16.06 مقابل %15.2 وأجل 91 يوم إلى %15.6 مقابل %15.3.
ويتم إدارة السياسة النقدية فى مصر عبر أكثر من آلية أهم سعر الفائدة وإدارة الودائع لدى البنك المركزى، وفى بعض الأحيان يتم اللجوء للبنوك الحكومية لطرح شهادات مرتفعة العائد.
ويعد الهدف الأساسى للسياسات النقدية هو الحفاظ على استقرار الأسعار عبر إدارة توقعات التضخم لتكون ضمن مستهدفات البنك المركزى عند ما بين 7 و9% لكن فى البيانات الأخيرة للجنة السياسة النقدية بدا المركزى متصالحًا مع ارتفاع التضخم عن الحد المستهدف بسبب ما يشهده العالم من موجة تضخمية تسببت بها الحرب وأزمات سلاسل الإمداد وارتفاع أسعار الطاقة بعد العقوبات على روسيا أكبر منتجى النفط فى العالم.
وقال مدير قطاع الخزانة بأحد البنوك العامة، إن ما حدث هو أن البنوك منذ نهاية يوليو عادت لتمويل الحكومة وإن كانت مازالت حذرة فى بعض الآجال، وهو ما يظهر فى تراجع فائض السيولة المسحوبة من قبل البنك المركزى فى أغسطس.
وبنهاية أغسطس بلغت أرصدة عمليات السوق المفتوحة (تعبر عن مقدار سحب فائض السيولة من السوق) أدنى مستوى فى 12 شهر على الأقل عند 649.2 مليار جنيه مقابل 746.8 مليار جنيه فى يوليو.
وتوقع أن يرفع البنك المركزى أسعار الفائدة %1 حال كانت الحكومة قريبة من إتمام قرض صندوق النقد الدوله، وذلك لأن ذلك قد يسبقه أو يصاحبه عدد من الإجراءات بينها رفع الدعم عن المحروقات كما يحدث فى البلدان المجاورة التى تفاوض الصندوق وكذلك خفض قيمة الجنيه، وهى عوامل ترفع التضخم، فسيفضل المركزى استباقها وكذلك جذب الأموال الساخنة من جديد حتى لو لم يتم الاعتماد عليها، خاصة أن الجميع يتأهب لذروة التشديد النقدى التى ستبدأ بعدها البنوك فى التحول نحو الأصول الرخيصة التى سترتفع أسعارها بخفض الفائدة فى السنوات المقبلة وستكون فى تلك الحالة الأسهم وديون الأسواق الناشئة فى المقدمة.