أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن الأزمة العميقة التي عانت منها الدولة المصرية خلال الخمسين عاما الماضية تطلبت إجراءات حادة وقاسية وحلولا جذرية ومستمرة لعلاج كافة الاختلالات.
وقال الرئيس السيسي، في كلمته أمام “المؤتمر الاقتصادي.. مصر 2022″، اليوم الأحد بالعاصمة الإدارية، إن مجابهة التحديات ومحاصرة الضغوط كانت تستلزم حلولا حاسمة من الدولة وتفهما من الرأي العام لنتمكن من تمرير مسار الإصلاح.
وأضاف: ” في عام 2015 عندما رفعنا الدعم جزئيا عن الوقود قال الناس إنني أغامر بشعبيتي.. وفي تقديري أنه كان لابد من استثمار الرصيد الموجود لدى الناس من أجل الإصلاح وعدم إهدار هذه الفرصة التي ربما لن تتكرر مرة أخرى لمن يتولى المسؤولية “، مؤكدا أن مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية كان يستلزم وجود دعم شعبي وتقديم تضحيات لم يكن الرأي العام مستعدا لتقديمها.
وأكد الرئيس السيسي أن أي مسار اقتصادي وأية حلول تطرح لابد على متخذي القرار والمسؤولين عنها النظر إلى البيئة السياسية والاجتماعية والثقافية والفكرية وما إذا كانت ستساعده تمرير هذا المسار أم لا؟.
واستطرد الرئيس: “يمكن أن نقول أن كل رجال الاقتصاد والمفكرين يستطيعون وضع خرائط قوية ومهمة جدا والأهم هو النظر إلى تكلفة القرار ولماذا يرفض الناس والأمر ليس شجاعة قرار، وإذا كانت تكلفة القرار أكبر من العائد فلا داعي لاتخاذه”، مشيرا إلى أن هذا كان السبب في تقدير كل المسؤولين خلال الـ 50 ـ 60 عاما الماضية وكان ذلك هو المسار الموجود في فكرهم”.
وتساءل: هل سياعدني المجتمع والرأى العام والسياسيين والمفكرين والمثقفين والبيئة الاعلامية والدينية على ذلك؟، لافتا إلى القرارات الصادرة عام 1977 والتي كانت كاشفة عن أن ردة الفعل بشأنها كانت أكبر من العائد منها الذي يمكن أن يتحقق كبداية طريق إصلاح، وتم التراجع عن الموقف.
وشدد الرئيس السيسي على أهمية أن يحكم المسار الاقتصادي أو أي مسار آخر عوامل متشابكة ومؤثرة على القرار الذي سوف يتم اتخاذه وهي فلسفة الحكم، والمسؤولية، وضرورة أن ينتبه القائم على مسؤولية الدولة والحفاظ عليها وعلى تقدمها ومستقبلها لكل خطوة قبل أن يخطوها.
وقال الرئيس السيسي إن مجابهة التحديات كانت تصطدم بمحاذير الحفاظ على الاستقرار الهش للدولة بدلا من التحرك في مسارات الحلول الحاسمة والتي تتسم بالخطورة، وتساءل: هل توجد علاقة بين الاثنين؟، وأجاب “بالطبع نعم.. أنا أقوم بدراسة البيئة المصاحبة له وعند مناقشة الأمر هل الدولة والرأي العام صلب بقدر يمكنني من التحرك في هذا المسار أم لا؟”.
وأشار إلى أنه في عام 2015 تم رفع الدعم جزئيا عن الوقود والناس تساءلت هل الرئيس السيسي يغامر بشعبيته؟ وقال “أنا في تقديري في هذا الوقت أن الرصيد الموجود لابد من استثماره بأكبر حجم ممكن في الإصلاح والبناء لأن هذه الفرصة لن تعوض أو تتكرر مرة أخرى لمسؤول آخر يتولى المسؤولية ويتوفر له هذا الحجم من الأرصدة التي تدفع الناس للقبول بقراراته”.
واستطرد الرئيس السيسي “أن الفكرة مختلفة تماما لأن متخذ القرار لا بد أن يكون منتبها ويعرف أين يقف وكيف يستفيد من الفرصة سواء لبلده أو لشعبه وتقدمه واستقراره وإن لم يفعل ذلك تكون قد فاتته الفرصة”.
وأضاف أن “محصلة الضغوط الداخلية والخارجية كانت دائما تتطلب دعما شعبيا قويا ومستمرا وتضحيات لم يكن الرأي العام مستعدا لتقديمها في ظل حالة الفقر والعوز التي يعيش فيها لسنوات طويلة”، لافتا إلى أنه تم خلال السنوات الثماني الماضية إنفاق 7 تريليونات جنيه بما يعادل 350 مليون دولار وهذا المبلغ ليس كبيرا ومتواضع جدا، وهذا الرقم تقريبا يساوي موازنة دول أقل منا وليست محملة بديون أو أعباء لخدمة الدين الداخلي.
وتابع الرئيس السيسي: “أنا اقول للمسؤولين -الذين يرددون أننا حققنا الكثير – نحن نعيش على مساحة تصل إلى نسبة 7% فقط من مساحة مصر عبارة عن مستطيل من الأرض تمتد من أسوان إلى الإسكندرية ويقطن عليها 100 مليون نسمة وتسير على طرقاتها 10 ملايين مركبة”.
وأعرب الرئيس عن سعادته لتواجده في المؤتمر الاقتصادي، مشيرا إلى أنه يحريص على متابعة المقترحات خلال النقاش الموضوعي في المؤتمر للاستفادة منها والتحرك على أساسها، منوها إلى أنه تمت الدعوة لإطلاق الحوار الوطني خلال شهر رمضان الماضي لنستمع ونتكلم مع بعضنا البعض ، مضيفا “أريد أن اتحدث معكم كإنسان وليس فقط كرئيس في ظل تجربة حياتي على مدى عمري كله، والتي كانت لي فيها قراءة للواقع الذي تعيشه مصر”.
وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أهمية التوسع وزيادة الرقعة المأهولة بالسكان في مصر، قائلا “لا توجد دولة تكون مساحتها مليون كيلو متر مربع وتعيش فقط على ما بين 60 – 70 ألف كيلو متر مربع فقط من إجمالي مساحتها”.
وشدد على ضرورة زيادة تلك المساحة إلى 120 ألف كيلومتر مربع، وهذا ما يتطلب أن يكون البنية الأساسية التي تنفذ حاليا – والحديث هنا عن شبكة الطرق فقط – يواكب هذه الزيادة بما يعمل على خدمة حركة المجتمع وتحسينها، ليس فقط من أجل الاستثمار ولا لسهولة تداول السلع ولكن لصالح المواطنين الذين كانوا يواجهون صعوبات أثناء الحركة على الطرق بمحافظات الجمهورية، وهذا تحسن بشكل كبير، ونحن مستمرون في تنفيذ هذا المسار.
وأكد الرئيس السيسي، على ضرورة بذل كافة الجهود والتضحيات من أجل توفير متطلبات 100 مليون نسمة، وقال “إن الفكرة ليست فكرة حالة العوز والفقر فقط وإنما احتياجات ومتطلبات 100 مليون نسمة”، مشيرا إلى أن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي كان يتحدث عن ضرورة إضافة 21 ألف فصل دراسي سنويا وأنا أقول أننا بحاجة إلى 60 ألف فصل دراسي سنويا.
ووجه الرئيس حديثه إلى وزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبدالغفار عن حجم الأسرة الموجود في مصر والتي تفي فقط بما نسبته 50% من المطلوب، بما يعني حاجتنا لتوفير ضعف حجم المستشفيات المتواجدة حاليا لمواجهة تلك المتطلبات، وتساءل الرئيس لماذا لم يتم التنفيذ؟، وأجاب قائلا “لا أستطيع، هذا ما تريدون أن تعرفوه، ونحن كمصريين وحتى يتم عمل ذلك كان، لابد أن يكون هناك جهد وتضحية”.
وأوضح أن التحدي يكمن في أن حجم الأطروحات والحلول أقل من حجم التحدي، وضرب مثالا على ذلك بالقول “في كل أسرة بسيطة يوجد حالة ثانوية عامة أو زواج ابنة، ويتم خلال عامين حشد القوى والتنازل عن بعض المطالب من أجل دعم نجاح البنت أو الابن في مساره في الثانوية العامة ونفس الكلام مع زواج الابنة، يتم التنازل عن أشياء كثيرة داخل هذه الكتلة التي تمثل الأغلبية في مصر وهى ليست الكتلة الغنية، وهذا الأمر لم يتغير منذ سنوات طويلة ولن يتغير إلا بعمل وتضحية مستمرة وفهم”.
ونبه الرئيس إلى ضرورة عدم اتخاذ الدولة خصما في مواجهة التحديات التي تواجه المواطنين، قائلا “المواطنون لم تكن لديهم قدرة على الاحتمال ومازالت تقدم تضحيات في ضوء حال الفقر والعوز التي تعيشها منذ سنوات، لكني اتساءل: هل يوجد أب قال لأولاده لا تغضب مني أنا انجبت أربعة أبناء ولا استطيع الإنفاق عليهم، أم يقول أن الدولة لا تستطيع توفير النفقات لك؟ وهل يقول أنا كنت أحب كثرة الأبناء لذلك انجبت، أم يقول “البلد مش نافعة قوم هدها”؟.
واستطرد الرئيس”حتى الميديا ناقشت هذا الموضوع وأنهم يجعلون من الدولة خصما في مواجهة التحديات التي تقابلهم ولا أحد يقول أن قدرة الدولة المصرية ومواردها لا تستطيع أن تلبي ذلك”.
أ ش أ