أثار الانخفاض الحاد في العملات الآسيوية، مخاوف داخل الأسواق المالية العالمية بشأن أعباء الديون المتزايدة بين الحكومات الإقليمية والشركات المقترضة.
ترفع الدول الآسيوية أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ من الولايات المتحدة، وقد أدى ذلك إلى انخفاض بعض العملات الآسيوية بنسبة 10% أو أكثر مقابل الدولار منذ نهاية مارس، وذلك جنباً إلى جنب مع تدهور الموازين التجارية.
انخفض الوون الكوري الجنوبي بنسبة 17% مقابل الدولار خلال تلك الأشهر السبعة، وتراجع البيزو الفلبيني بنسبة 12%، كما انخفضت الروبية الهندية بنسبة 10%، لتنخفض بذلك إلى ما دون المستوى خلال أزمة العملة الآسيوية في عام 1997.
عندما انخفضت قيمة الدونغ الفيتنامي إلى ما دون مستوى أزمة العملة، وسع بنك الدولة الفيتنامي نطاق تداول سعر الصرف اليومي إلى زيادة أو ناقص 5% من 3%، وربما واجه البنك المركزي صعوبة متزايدة في الدفاع عن العملة الوطنية.
غالباً ما تتحمل الحكومات والشركات في الأسواق الناشئة ديوناً مقومة بالدولار أو بعملات أجنبية أخرى.
ويبلغ إجمالي الدين في كوريا الجنوبية والهند وتايلاند المقوم بالعملات الأجنبية ما نسبته 70%، وفقاً لإحصاءات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، بينما تبلغ الحصة في الفلبين 97%.
أوضحت مجلة “نيكاي آسيان ريفيو” اليابانية أن الدين المقوم بالعملات الأجنبية يُفضل على الديون المقومة بالعملة المحلية بسبب معدلات الفائدة المنخفضة عادةً بالنسبة للأولى.
علاوة على ذلك، فإن الديون المقومة بالعملات الأجنبية تتمتع بفرصة أفضل لجذب المستثمرين بسبب انخفاض مخاطر الصرف الأجنبي.
عادة ما تُحول الأموال المجمعة عبر إصدار الديون إلى العملات المحلية، لكن عندما يحين وقت سداد الدين، فإن العملة المحلية بحاجة إلى إعادة تحويلها إلى الدولار، بالتالي فإن الحكومة أو الشركة تحتاج إلى دفع المزيد بالعملة المحلية لتسوية الديون في حالة ضعف العملة المحلية.
وسط مخاوف من تضخم التزامات الديون، ارتفعت معدلات مبادلة مخاطر الائتمان، وهذه المعدلات بمثابة مقاييس للقلق بشأن عدم سداد الديون.
بدأت تكاليف مبادلة مخاطر الائتمان للسندات الحكومية لأجل خمسة أعوام في الارتفاع، حيث تبلغ المعدلات في الفلبين وإندونيسيا 1.3% و1.4% على التوالي، أي أكثر من الضعف منذ نهاية مارس ووصلت إلى أعلى مستوى لم يشهده منذ عامين ونصف.
وصل معدل مبادلة مخاطر الائتمان لسندات الحكومة الكورية الجنوبية إلى 0.7%، وهو مستوى شوهد آخر مرة في نوفمبر 2017.
قال تورو نيشيهاما، كبير الاقتصاديين في معهد داي إيتشي لأبحاث الحياة: “يحذر المستثمرون من تدهور الجدارة الائتمانية بسبب انخفاض قيمة العملات”.
بالنسبة للمستثمرين الدوليين الذين يتداولون في الأصول المقومة بالدولار، فإن الانخفاض في قيم العملات الآسيوية يعني تناقص العوائد على أساس الدولار.
بما أن آسيا تعد مركز تصنيع عالمي، فإن العملات الأضعف تؤدي عادةً إلى زيادة الصادرات وتحسين أرباح الشركات، لكن رفع أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم فتح مخاوف بشأن الركود الذي من شأنه أن يقوض أداء الأعمال.
في الصين، الشريك التجاري الرئيسي للعديد من الدول، أدت عمليات الإغلاق المرتبطة بكوفيد إلى تباطؤ اقتصادي.
من غير المتوقع أن يهدأ الضغط الهبوطي على العملات الآسيوية في المستقبل المنظور، حيث تركز الأسواق الآن على انخفاض احتياطيات العملات الأجنبية عبر آسيا، علماً بأن احتياطيات كوريا الجنوبية انخفضت بنحو 12% من الذروة في يوليو من العام الماضي، كما تقلصت الاحتياطيات في الهند وإندونيسيا وماليزيا بنحو 10% من ذروتها أيضاً.
انخفض احتياطي العملات الأجنبية في تايلاند بنسبة 30% عن الذروة في ديسمبر 2020، وذلك نتيجة تدخل البلاد للدفاع عن البات.
من المتوقع الحفاظ على احتياطيات العملات الأجنبية عند مستويات معينة ، إذ يتم استخدام هذه الأموال أيضاً لسداد الديون الخارجية.