توقع مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن يرتفع عدد سكان مصر إلى 160 مليون نسمة بحلول عام 2050، في الوقت الذي احتلت فيه مصر عام 2020 المرتبة الـ 13 من حيث عدد السكان في العالم، مشيرا إلى أن الزيادة السكانية تشكل في الوقت الراهن تحدياً بشكل خاص.
جاء ذلك في التقرير الذي أصدره مركز المعلومات بعنوان “العالم عام 2050.. كيف سيبدو؟”، تناول من خلاله العديد من الموضوعات التي تغطي مناحي الحياة المختلفة، وتتعلق بالاقتصاد والصحة والسكان والغذاء والتغيرات المناخية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.
وأوضح المركز أن سكان العالم بحلول عام 2050 من المتوقع أن يصل عددهم لنحو 9.74 مليار شخص؛ فقد زاد العدد الإجمالي للسكان بأكثر من الضعف منذ الخمسينيات من القرن الماضي، ولا يزال في ازدياد، وتعيش غالبية سكان العالم في القارة الآسيوية، وخلال 100 عام، وتشير التقديرات إلى أن مستويات السكان في القارة الإفريقية ستصل إلى مستويات مماثلة لتلك التي نراها في آسيا اليوم.
أما بالنسبة للتنبؤ بتطور سكان العالم، فمن المقدر أن تصل الأرقام إلى أكثر من 10 مليارات نسمة بحلول القرن الثاني والعشرين.
وأبرز التقرير التغيرات المناخية وتداعياتها وآليات التكيف معها، وأوضح أنه بالنظر إلى حجم التغيرات المناخية، وحقيقة أنها ستؤثر على العديد من مجالات الحياة، يتعين على اقتصاداتنا ومجتمعاتنا ككل أن تكتسب قدرة أكبر على الصمود في مواجهة تأثيرات المناخ، وتوقع أن يرتفع متوسط درجة حرارة الأرض بمقدار 4 درجات مئوية إضافية إذا ما استمرت مستويات غازات الاحتباس الحراري في الارتفاع عند المستويات الحالية.
وأشار تقرير صادر عن “الأمم المتحدة” إلى أن التغير المناخي يجعل العالم أكثر مرضًا وفقرًا وخطورة في السنوات الـ 18 المقبلة، مع زيادة “لا مفر منها” في المخاطر، كما أشار تقرير “الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ- IPCC” التابعة للأمم المتحدة إلى أن الأرض التي تضربها الحرارة القاتلة والحرائق والفيضانات والجفاف بشكل منتظم في العقود المقبلة ستواجه سيناريو كارثيًّا.
وأوضح مركز المعلومات- في تقريره- أن تزايد عدد سكان العالم وتفاقم ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة، سيؤدي إلى تراجع منسوب المياه العذبة أيضاً، وهو ما يفاقم مشكلة نقص المياه حول العالم.
وسلط التقرير الضوء على إطلاق الدولة استراتيجيتها الوطنية لتغير المناخ 2050 التي تبلغ تكلفتها مليار دولار أمريكي لدعم الاقتصاد المصري، ولتحسين التمويل المناخي والبنية التحتية، وتعزيز البحث في التكنولوجيا الخضراء، وزيادة الوعي لمواجهة التغير المناخي، فضلا عن استضافة مصر الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP27 شهر نوفمبر 2022 بمدينة شرم الشيخ، كما تخطط الدولة لإحداث تغييرات شاملة في قطاع الطاقة بالتركيز على الطاقة المتجددة، وستقود الحكومة تغييرات في قطاعات النقل والنفط والزراعة بدعم من القطاع الخاص.
وفيما يتعلق بالنقل، أوضح التقرير أن مبيعات السيارات الكهربائية الجديدة والهجينة والهجينة الموصولة بالكهرباء ستقفز عالمياً إلى 19% من مبيعات السيارات في عام 2050، مقارنة بنسبة 4% فقط في عام 2017، وتشير التقديرات إلى أن الحصة الإجمالية لمركبات البنزين التقليدية ستنخفض من 95% في عام 2017 إلى 78% في عام 2050 بسبب نمو السيارات الكهربائية، ورغم النمو القوي في السيارات الكهربائية، إلا أنه من المحتمل أن تظل سيارات البنزين التقليدية تهيمن على سوق السيارات بنسبة 71% من المبيعات الجديدة في عام 2050.
وفيما يتعلق بالاقتصاد، أشار التقرير إلى أن قارة آسيا ستعود إلى مركز الاقتصاد العالمي، حيث شكلت آسيا 25% فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في مطلع القرن، أي أقل بكثير من أمريكا الشمالية وأوروبا، ولكن بحلول عام 2050، ستسهم القارة، التي تستضيف بالفعل أكثر من نصف سكان العالم، بأكثر من نصف ناتجها الاقتصادي، وستكون أمريكا الشمالية وأوروبا في حالة تراجع.
وتوقع أن ترتفع حصة الأسواق الناشئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ففي الوقت الذي شكلت فيه الأسواق الناشئة عام 2000 نحو خمس الناتج العالمي، فإنه من المقرر عام 2042، أن تتفوق على الاقتصادات المتقدمة باعتبارها أكبر المساهمين في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وبحلول عام 2050، ستسهم بنحو 60% من الإجمالي.
وأوضح التقرير أن من الأمور التي تدفع للتفاؤل أنه طبقاً للتقديرات يمكن أن يتضاعف حجم الاقتصاد العالمي بحلول عام 2050، وهو ما يفوق بكثير النمو السكاني، وذلك بسبب استمرار تحسين الإنتاجية المدفوعة بالتكنولوجيا.
ومن المتوقع أن تصبح ستة من أكبر سبعة اقتصادات في العالم اقتصادات ناشئة في عام 2050 بقيادة الصين، تليها الهند، ثم إندونيسيا، وبحلول عام 2050، ستقع أكبر الاقتصادات خارج أوروبا وأمريكا الشمالية، لتشمل الأرجنتين وروسيا وجنوب إفريقيا والمملكة العربية السعودية وفيتنام ونيجيريا والمكسيك وبولندا وماليزيا وبنجلاديش وكولومبيا ومصر وإيران وهولندا وباكستان والفلبين وتايلاند، كما ستكون نيجيريا وفيتنام وبنجلاديش والهند والفلبين وإندونيسيا وباكستان وجنوب إفريقيا ومصر وماليزيا وكولومبيا والمكسيك وتايلاند هي الدول التي ستشهد أكبر نمو من حيث الناتج المحلي الإجمالي ودخل الفرد.
وذكر التقرير أن هناك اعترافا متزايدا بالفوائد الاجتماعية والقيمة التجارية لتقنيات الذكاء الاصطناعي، وقد نما التمويل الخاص للذكاء الاصطناعي (باستثناء الروبوتات) من 589 مليون دولار في عام 2012، إلى أكثر من 5 مليارات دولار في عام 2016؛ فهناك ما يصل إلى 2600 شركة مختلفة عملت في قطاع الذكاء الاصطناعي اعتبارًا من عام 2016، مع وجود أكثر من 170 شركة في وادي السيليكون منذ عام 2014، لتصل قيمة سوق الروبوتات وحدها إلى ما يقرب من 135 مليار دولار في عام 2019.
وأشار التقرير إلى هناك إجماع شبه عالمي على أن الذكاء الاصطناعي سيحسن الإنتاجية الاقتصادية، وسيكون مدى زيادة الإنتاجية في القطاعات المختلفة أكثر ارتباطًا بمدى تأثر كل صناعة بتقنيات الذكاء الاصطناعي و / أو الأتمتة، بدلاً من عوامل مثل مستوى الاستثمار أو مستوى التنمية في البلد المعني، حيث يشير أحد التقديرات إلى أن إنتاجية العمالة ستكون أعلى بنسبة تتراوح بين 11% و37% بحلول عام 2035؛ في عينة من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية؛ وذلك نتيجة تطور الذكاء الاصطناعي، كما يخطط نحو 26% من الشركات لاستخدام الواقع الافتراضي، وسيستخدم ما يقرب من الثلث 31% الذكاء الاصطناعي، كما سيستخدم 39% من الشركات علم البيانات؛ وهو ما سيغير مستقبل الأعمال في عام 2050.
وأشار إلى أنه بحلول عام 2050، سيصبح إنترنت الأشياء (Internet of Things, IoT)، حقيقة في كل مكان، وسيتم توصيل العديد من الأجهزة بالإنترنت، وستتمكن من التواصل مع بعضها البعض، ومن المحتمل أن يكون الأفراد قادرين على التحدث مع أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم باستخدام لغة طبيعية، مما قد يؤدي إلى تحول في طريقة تفاعل البشر مع أجهزة الكمبيوتر، وسيبدو العالم مختلفًا بشكل كبير في عام 2050؛ بسبب التقدم التكنولوجي الكبير في العديد من المجالات، ومن بينها: الروبوتات الشبيهة بالبشر، والمدن الذكية التي ستبدأ في الظهور بقوة بحلول عام 2050؛ وسيتم ربطها معًا بشبكة من الطرق والمواصلات ذاتية القيادة، وبناء المصاعد الفضائية؛ والتي تعد أنظمة نقل من كوكب الأرض إلى الفضاء، ولكل منها كابل مثبت على سطح الأرض ويمتد إلى الفضاء؛ وسيتم استخدامها من قبل المؤسسات لتسليم البضائع إلى الفضاء وإعادتها إلى الأرض، إضافة إلى نقل رواد الفضاء والسائحين.
وسلط التقرير الضوء على المدن المستقبلية عام 2050، حيث تشهد المدن في المستقبل مركبات طائرة وجسورًا ضخمة وشوارع شديدة الترابط ومساحات تحت الأرض، وسيتم دعم هذه المدن المستقبلية بالبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء والذكاء الاصطناعي؛ وذلك حتى يتمكن جميع الأفراد من العيش والتفكير.
ولفت إلى أن بعض مشروعات المستقبل التي ستشهدها مدن العالم تتمثل في البناء تحت الأرض؛ وتقدم سنغافورة مثالا ملهمًا على ذلك الأمر، حيث أنشأت مراكز بيانات ومصانع ومرافق ومستودعات ومحطات حافلات تحت الأرض، بالإضافة إلى ذلك، تعمل العاصمة الفنلندية “هلسنكي” على تطوير مدينة تحت الأرض بها مراكز تسوق ومحطات مترو وأحواض سباحة، والتوسع في إنشاء جسور إلى المستقبل أو الجسور المعلقة، والتي تضم المكاتب والمطاعم.
ونوه بأنه مما لا شك فيه سيتغير التصميم المعماري للمدن خلال عام 2050، متوقعا أن تجمع المدن مزيجًا بين القديم والجديد، وستكون المباني الجديدة قيد الإنشاء حاليًا مكونات مهمة لمدن المستقبل.
كما سيتغير شكل مكاتب العمل؛ حيث ستصبح مزيجًا من المكاتب التقليدية ومساحات العمل المشتركة والوجود عن بُعد.
ولفت إلى أنه من المحتمل أن يكون النقل العام خلال 2050 أكثر انتشارًا وأمانًا وبأسعار معقولة وكفاءة عالية، مع انتشار السفر الآلي عالي السرعة، كما سيكون للطائرات بدون طيار دورا بارزا.
وتمت الإشارة إلى مستقبل التعليم خلال 2050، وعرض التقرير العديد من التوقعات المثيرة للتعليم في المستقبل، حيث من المتوقع أن يصل إجمالي الإنفاق العالمي من الحكومات والشركات والمستهلكين معًا إلى 7.3 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2025، وبحلول عام 2050، سيكون هناك نحو 2 مليار من خريجي المدارس والجامعات في العالم أكثر من اليوم.
ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن يتم تخصيص المناهج الدراسية وفقًا لاحتياجات كل طالب وقدراته؛ بعكس بيئة التعليم اليوم، ولن يتم استخدام منهج تعليمي واحد يناسب جميع الطلاب في كل مرحلة تعليمية، وسيكون الذكاء الاصطناعي قادرًا على تحديد نقاط القوة والضعف لدى الطلاب والعمل على تحسينها، كما سيكون التعليم المنزلي المعتمد على الإنترنت هو الوضع الطبيعي الجديد، وسيتم التركيز بشكل أكبر على التنمية الاجتماعية والعاطفية، كما ستمنح الأنظمة التعليمية الجديدة دورا أكبر للوالدين في عملية التعليم؛ لأن التعليم عبر الإنترنت يحدث بشكل أساسي في المنزل، وسيكون للوالدين رؤية أكبر في تعليم أطفالهم وتقدمهم.
وأبرز التقرير الرؤية المستقبلية للنظام الصحي خلال 2050، متوقعا حدوث تغييرات في فروع عدة في الطب، من بينها: الطب الشخصي؛ الطب النانوي؛ البيانات الضخمة والقياسات الحيوية وإنترنت الأشياء (IoT)؛ طب الخلايا الجذعية؛ الصحة الرقمية؛ الهندسة الوراثية والطباعة الحيوية، وقد حدثت في السنوات الأخيرة ثورة في التكنولوجيا القابلة للارتداء بالتزامن مع نمو الإنترنت، حيث يمكن للناس أن يراقبوا بأنفسهم معدل ضربات القلب وضغط الدم والعادات الغذائية والسعرات الحرارية التي يتم حرقها أثناء المجهود، وقد شهد عدد الأجهزة المتصلة بالإنترنت بالفعل ارتفاعًا حادًا، متوقعا أن يصل الرقم بحلول عام 2050 إلى أكثر من 100 مليار، ومن المحتمل أن نرى استخدام “روبوتات الدردشة” المطلعة طبيًا لتزويد المرضى بالمعلومات، وستكون الروبوتات قادرة على إجراء الجراحة، حتى أنه من المتوقع أن يتمكن الجراحون من إجراء العمليات من مكان بعيد.
ووفقًا للأمم المتحدة، فمن المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر بين عامي 2020 و2050، من 703 ملايين إلى 1.5 مليار، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 80 عامًا أو أكثر إلى ثلاثة أضعاف ليصل إلى 426 مليونًا خلال الفترة نفسها.
ويمكن أن تساعد الأجهزة الذكية في تكوين صورة مفصلة لصحة الشخص في الوقت الفعلي، وتنبيه كل من المريض والأطباء إلى علامات اعتلال الصحة قبل تطور المرض بشكل كامل.
وذكر التقرير أنه ليس من السابق لأوانه البدء بالتفكير في شكل الغذاء بعد 30 عاماً من الآن، حيث تُقدر “منظمة الأغذية والزراعة” أن العالم بحاجة إلى زيادة إنتاج الغذاء بنسبة 60% لتلبية الطلب على الغذاء، وسيتطلب إطعام عدد متزايد من السكان على نحو مستدام تحسين كفاءة الزراعة التقليدية وابتكار طرق جديدة لصنع الغذاء، وفي هذا السياق، تمت الإشارة إلى أن المكملات الغذائية قد تصبح ضرورية لتلبية الاحتياجات الغذائية للأفراد، فمع تدهور الأراضي الزراعية على كوكب الأرض، سيكون التحدي الرئيسي هو تكثيف الإنتاج.
وأفاد التقرير بأنه بحلول عام 2050 من المتوقع أن يتم إعمار كوكب المريخ وسيتم بناء أول مدينة بشرية على سطح الكوكب، وستساعد الروبوتات البشر في القيام بالمهام لبناء وتطوير مدينة المريخ، كما ستساعد الروبوتات الأكثر تقدمًا بمستويات متفاوتة من الذكاء العام في الأعمال المنزلية وإعداد الطعام، وستكون معظم المواد الغذائية على كوكب المريخ معدلة وراثيًا، وسيصبح المريخ مركزًا رئيسًا لصناعة التعدين في الفضاء.
وخلال العقود الثلاثة القادمة، سيدخل البشر عالم الفضاء كما لم يحدث من قبل، حيث إنه من المرجح أن تصبح الرحلات الفضائية التجارية، والسياحة الفضائية، والمحطات الفضائية المدارية، حقيقة واقعية، وستبلغ قيمة صناعة الفضاء 3 تريليونات دولار.
أ ش أ