«الوكيل»: المنتجات التى تعتمد على المكون المحلى أكثر استفادة من انخفاض قيمة الجنيه
تباينت اهتمامات القطاعات التصديرية المختلفة فى أساليب تنمية عائدات التصدير فى مداخل كثيرة، لكن اتفقت جميعها على أهمية توطين صناعة المواد الخام الأولية والوسيطة محلياً، والتوسع فى الإنتاج على مختلفة الأصعدة، للقدرة على تحقيق مستويات قياسية فى الصادرات بصورة سنوية.
تزداد أهمية التوطين لصناعة المواد الأولية والوسيطة، بعد أزمتين عالميتين مرت بهما مصر كباقى الدول فى الأعوام الأخيرة، وهما «كوفيد- 19»، و«الغزو الروسى على أوكرانيا»، لكن مصر تأثرت ربما أكثر من غيرها، وربما كان الغزو صاحب الأثر السلبى الأكثر على الصناعة والصادرات المصرية، والتى زادت من تحديات سلاسل الإمداد والتوريد وتغيرات فى أسعار الصرف المحلى، بصورة ضخمت من تكاليف الإنتاج مع قلته، وضغطت على التنافسية الدولية للمنتجات المصرية.
جودة المنتجات وتوافر كميات كبيرة منها للتصدير، اثنان من أبرز الاشتراطات التى اتفق عليها المُصدرون فى القطاعات المختلفة، والتى ستدعم خفض تكالف الإنتاج الداخلية للصناعة التى أصبحت بمثابة طوق يخنق الصادرات فى الشهور الأخيرة، وعلى أثرها فقد الكثير من القطاعات قدراً كبيراً من طموحاته للعام الجارى.
قطاعياً، اختار مصدرون فى «الصناعات الغذائية» عنصر الترويج للمنتجات المصرية عبر المعارض والبعثات التجارية الدولية، كإحدى أولويات الاهتمام لتنمية الصناعة.. واختار آخرون عنصر جذب التكنولوجيا العالمية المدعومة بالاستثمارات الأجنبية مع المصرية بالتأكيد، لكن بشرط تأهيل البيئة الاستثمارية محلياً، وأولاً.
وفى قطاع «مواد البناء»، اختار مصدرون الاهتمام بدعم الشحن على أصعدة مختلفة، فى ضوء الآثار الإيجابية للدعم، والتى شهدها القطاع فى أسواق القارة السمراء الفترة الأخيرة.. واختار مُصدرون بقطاع «الحاصلات الزراعية» أهمية زيادة الإنتاج للتصدير مع خفض رسوم التصدير التى ظهرت الفترة الأخيرة لتحقيق مزيد من التنافسية.
ترى القطاعات الصناعية، أنَّ توطين الصناعة المحلية للمراحل المختلفة من المنتج بمثابة نقطة الانطلاق الحقيقية لزيادة الصادرات بمختلف القطاعات، وتعتبر المنتجات ذات نسبة المكون المحلى المرتفع الأوفر حظاً فى الاستفادة من انخفاض قيمة العملة، مع التراجع المستمر فى سعر صرف العملة الصعبة مقابل الجنيه.
قال علاء الوكيل، عضو المجلس التصديرى للصناعات الغذائية، إنَّ المنتجات التى تعتمد على مدخلات تصنيع محلية حظيت بفرص أقوى فى زيادة الصادرات خلال السنوات الأخيرة، بدعم من ضعف تأثرها بتوترات سلاسل الإمداد والتوريد العالمية بداية من وباء كورونا فى 2020، وصولاً إلى الغزو الروسى لأوكرانيا، الذى تسبب فى تراجع كبير فى الواردات المهمة، وتكدس الكثير منها فى الموانئ.
أوضح «الوكيل»، أن زيادة الصادرات تتطلب استخدام جميع أذرع الترويج الخارجية للمنتج المحلى، وفى مُقدمتها المشاركة فى المعارض الدولية المتخصصة، واختيار أماكن جيدة للأجنحة المصرية فى المناسبات المختلفة؛ لتحقيق الهدف المنشود، وهو تسليط الضوء على قوة المنتج المصرى، والوصول لأكبر عدد من المشترين الدوليين من خلال هذه المعارض.
اقرأ أيضا: توقعات بموسم استثنائى لصادرات الموالح المصرية
أشار إلى أن زيادة تنظيم البعثات التجارية للدول الأفريقية كان لها مردود إيجابى على زيادة الصادرات، وضمان استمرار نمو الصادرات إلى أسواق القارة السمراء، لذا يجب الحفاظ على تنظيم البعثات لدول أخرى خارج حدود أفريقيا، وهذا بالتوازى مع المشاركة بالمعارض.
أضاف أن انخفاض قيمة العملة المحلية من المفترض أن يُسهم فى زيادة الطلب على المنتج المصرى فى الخارج، لكن تلك الاستفادة مرهونة باكتمال العمل بباقى الأذرع الترويجية للمنتج فى الدول المستهدفة، وبعض العوامل الأخرى.
أشار إلى أهمية وضع خطة متكاملة للمشاركة فى المعارض الدولية تشمل اختيار جهات تنظيم على قدر عالٍ من الكفاءة بالتنسيق مع المجالس التصديرية التى تُمثل الشركات المصدرة، لتحقيق أقصى استفادة من هذه المعارض.
«شكرى»: زيادة عائدات العملة الصعبة تحتاج لاستراتيجية هدفها «التصنيع من أجل التصدير»
قال محمد شكرى، عضو غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إنَّ تعظيم الصادرات يحتاج إلى منظومة جديدة تعتمد على هدف رئيسى هو التصنيع من أجل التصدير، بشرط أن تتم مُطابقة الإنتاج مع المواصفات الدولية والتى تظهر من قياسات أذواق المستهلكين فى كل دولة.
اعتبر «شكرى»، أن رفع جودة المنتج المحلى والاهتمام بالمخرجات النهائية وفقاً لحاجة المستهلك، والسلامة الصحية فى الغذاء مثلاً، مع اتخاذ أساليب عرض متقدمة، وتطبيق السرعة اللازمة فى الإنتاج، هى ما ستدعم تنافسية المنتج المصرى فى مختلف الأسواق أمام المنافسين الدوليين.
قال «شكرى»: «فى القطاع الغذائى، ووفقاً للوضع الحالى، نجد أن رفع عائدات الصادرات يقتضى عدم الاقتصار على تصنيع المنتجات الزراعية المحلية فقط؛ نظراً إلى احتياج الزراعة إلى عدد كبير من الخامات المستوردة، لكن ربحية المنتجات المعتمدة على مدخلات مستوردة أقل مقارنة بالمنتجات التى تعتمد على خامات محلية».
تابع: «ينقلنا ذلك إلى أهمية التوسع فى توطين صناعة الخامات محلياً، قدر الإمكان، لكن ذلك يحتاج إلى بيئة جاذبة للاستثمار تشمل جميع الجوانب، من الأراضى والتراخيص وتوافر الخامات الأولية نفسها، وتيسير الإجراءات وتوفير التمويل وغيرها للتشجيع على عملية التصنيع».
»الصياد«: نقص الخامات فوَّت فرصاً قوية على مصر للاستفادة من الطلب العالمى
قال شريف الصياد، رئيس المجلس التصديرى للصناعات الهندسية، إنَّ المتغيرات الكثيرة التى طرأت على الساحتين المحلية والعالمية أثبتت أهمية تسريع عملية توطين صناعة مستلزمات الإنتاج المستوردة بشكل أساسى.
أشار »الصياد«، إلى أبرز تحديات الصناعة المصرية التى تعانى منها حالياً، وهو نقص الخامات التى فوتت على الصادرات المصرية فرصة الاستفادة من قوة الطلب العالمى على السلع الهندسية فى الشهور الأخيرة، والتى ظهرت على خلفية ندرة المعروض منها، وتوقف بعض المصانع فى كبرى الدول المنتجة.
اعتبر أن توطين الصناعة هو البوابة الرئيسية للتصدير، وبمثابة عامل أمان للصناعة، ويسهم فى سرعة التصنيع، وخفض تكلفة الإنتاج، كما أنه يعتبر إحدى آليات توفير السيولة لدى الشركات.
قال إنَّ الشركات المصنعة تلجأ إلى استيراد كميات كبيرة من الخامات، مع تجميد مبالغ ضخمة كسيولة نقدية مهمة مقابلها، ولو كانت هذه المدخلات متوفرة محلياً، لأخذت كل شركة ما تحتاجه فقط أولاً بأول وبمبالغ أقل.
أشار إلى أهمية جذب الشركات العالمية بتكنولوجيا التصنيع لديها إلى السوق المصرى، لكنها تحتاج إلى توافر مجموعة من الحوافز والتسهيلات لتشجيعها على الاستثمار فى مصر.
أوضح أن الشركات العالمية عندما تدخل مصر تُقلل الفاتورة الاستيرادية، كما تدعم تنافسية المنتج المصرى فى السوق العالمى، فضلاً عن أنها ستصبح إحدى أدوات زيادة الصادرات إلى دول منطقة الشرق الأوسط والدول المحيطة، لتكون مصر نقطة تصدير رئيسية بالمنطقة.
طالب «الصياد»، بضرورة وضع اعتمادات استيراد الخامات للمصانع المُصدرة كأولوية أمام الجهات المعنية، ما سيدعم التصدير والقدرة التنافسية لمنتجات مصر، ويضمن لها استمرار الأعمال، ومن ثم استيراد خامات جديدة من عوائد التصدير، بصورة تدعم جاهزية القطاعات بشكل أكبر للتصدير والتوسع بعد ذلك فى عدد أكبر من الأسواق.
«كريم»: دعم الشحن لأفريقيا أثر إيجابياً على صادرات الأسمنت
وقال أحمد شيرين كريم، رئيس شعبة الأسمنت بغرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، إنَّ زيادة دعم الشحن على الصادرات المصرية إلى أسواق أفريقيا ضمن برنامج دعم الصادرات حققت طفرة فى صادرات الأسمنت، والصناعة أمامها فُرص جيدة فى القارة السمراء.
أشار »كريم«، إلى استفادة قطاع الأسمنت المصرى من تحرير أسعار الصرف، وانخفاض قيمة الجنيه أمام سلة العملات الأجنبية، والتى رفعت من تنافسية المنتج أمام الدول المنافسة فى الأسواق المستهدفة.
«نعمان»: خفض تكاليف الإنتاج واحد من العوامل الرئيسية للتنمية
قال سمير نعمان، نائب رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء، إنَّ انخفاض قيمة العملة بعد تحرير سعر الصرف يُعطى فرصة أكبر لزيادة المنتجات مرتفعة المكون المحلى مثل الرخام والجرانيت والأسمنت، فى الوقت نفسه نجد أن المنتجات التى تعتمد على خامات مستوردة مثل الحديد والألومنيوم أقل حظاً.
شدد «نعمان»، على أنه لتحقيق استفادة قصوى من تخفيض قيمة العملة المحلية، تحتاج القطاعات الصناعية إلى خفض تكلفة الإنتاج، وسرعة توفير الخامات للمصانع لمساعدتها فى الحفاظ على أسواقها التصديرية والعملاء فى الخارج، فضلاً عن سرعة حصول الشركات على دعم التصدير لتعزيز السيولة لديها.
اقرأ أيضا: 7.3 مليار دولار قيمة التبادل التجاري بين مصر والولايات المتحدة في 9 أشهر
على مستوى الحاصلات الزراعية، أشار فهمى رمضان جليلة، رئيس شركة جليلة للحاصلات الزراعية، إلى أهمية تشديد الرقابة على جودة الحاصلات الزراعية المُصدرة للحفاظ على سمعة المنتج المصرى فى السوق العالمى، ومن ثم زيادة صادرات القطاع مع مرور الوقت.
شدد «جليلة»، على أهمية خفض الرسوم المفروضة على الحاصلات المُصدرة إلى الخارج، لدعم تنافسيتها فى السوق العالمى، فضلاً عن تيسير وسرعة إنهاء الإجراءات التى من شأنها زيادة الاستفادة من الموسم وتصدير كميات أكبر خلال مواسم التصدير للمنتجات المتنوعة.
«النجار»: انخفاض قيمة العُملة يعزز الصادرات سعرياً ولكن هناك تحديات أخرى
قال هشام النجار، العضو المنتدب لشركة الوادى للتنمية الزراعية واستصلاح الأراضى «دالتكس»، إنَّ تراجع قيمة العملة عادة يؤثر إيجابياً على الصادرات من حيث زيادة التنافسية السعرية، لكن الصادرات المصرية تواجه تحديات أخرى مثل صعوبة توفير مستلزمات الإنتاج الزراعى، وارتفاع تكاليف الإنتاج نفسه عبر أسعار المحروقات والأيدى العاملة والأسمدة، وكذلك أسعار مواد التعبئة والتغليف.
أوضح »النجار«، أن الأسعار أصبحت متغيرة بشكل سريع جداً فى الفترة الأخيرة، ولا توجد معايير تحكم التسريع، بل إن كل مستورد يُحدد أسعاره وفقاً لسعر دولار مختلف عن الآخر، ما يربك السوق وينعكس على الصادرات فى النهاية.
أشار إلى أن الحكومة تسعى جاهدة لتوفير بيئة قوية ومنافسة فى الاستثمار والصناعة، لكن تبقى بعض التحديات فوق طاقة الدولة، وهو ما يجب أن يتفهمه مجتمع الأعمال.
اقترح ألا تدخر الحكومة جهداً مهما كان بسيطاً، لدعم القطاعات الإنتاجية، حتى تُدر السيولة الدولارية للسوق المصرى ككل، مثل تأجيل زيادة أسعار الطاقة، وتخفيض الرسوم؛ لأن الصادرات هى طوق النجاة فى الوضع الراهن.
«شكرى»: أسعار الخامات وارتفاع التكاليف يُهددان الالتزام بالعقود التصديرية
قال محمود شكرى، نائب رئيس مجلس إدارة شركة رويال بالاس، المتخصصة فى صناعة الأجهزة المنزلية، إن استمرار الإنتاج «مهدد»؛ بسبب صعوبة تدبير الخامات، وارتفاع أسعارها بشكل مُتكرر.
أوضح «شكرى»، أنه فى ظل عدم قدرة الصناعة على تدبير خامتها، من الصعب أن تلتزم بطلبات تصدير؛ لأنها لن تستطيع تسعير منتجاتها، فضلاً عن كونها لا تضمن استمرارية الإنتاج؛ بسبب نقص الخامات، وتذبذب أسعارها أسبوعياً.
أشار إلى أن الدولة يجب أن تبحث عن حلول غير تقليدية لتقليل أعباء الصناعة والقطاعات الإنتاجية والقطاع السياحى كإحدى الصناعات الجالبة للعملة الصعبة.
تطرق إلى زيادة عملية الإنتاج المهم الذى يُنشط المبيعات محلياً، ويحرك عجلة التنمية، لذلك يجب أن يكون هدف الدولة فى المرحلة المقبلة هو زيادة الإنتاج بكل الطرق الممكنة.
قال »شكرى”، إن ارتفاع سعر الدولار بصورة مُستمرة، دفع المصانع للبيع بنظام الكاش وتقليل كمية المبيعات، ولم يعد السوق يعمل بنظام الآجل فى أى عقود، خاصة أن قيمة السيولة أصبحت سريعة التغير، وأصبح تراكم المديونيات يغير القيمة الفعلية بالسلب بالنسبة لصاحب البضاعة.
وأشار إلى أن عدم استقرار أوضاع السوق يهدد الصادرات حتى وإن أصبحت منافسة من الناحية السعرية ومن ناحية الجودة، ولكن الالتزام بمواعيد التسليم هو أمر فى غاية الأهمية ولكن أصبح غير مضمون حالياً.
«وديع»: نحتاج لرقابة حكومية قوية على المستوردين وعمليات تسعير الخامات
قال نادر وديع، رئيس شركة أوليف جاردن، المُتخصصة فى إنتاج زيتون المائدة، إنه يجب أن يكون هناك رقابة حكومية على مستوردى وتجار الخامات؛ لأنه لا توجد معايير ثابتة يتبعونها للتسعير، فقد يتغير السعر كل 3 أيام مرة، ما يُربك حسابات المنتجين والمصدرين.
أضاف «وديع»، أن تراجع قيمة الجنيه، قد يُعزز تنافسية منتجات مصرية فى الصناعات الغذائية عدة، مقابل المنتجات الدولية المنافسة، لكن المُصدر سيصطدم بصعوبة تدبير الخامات، مع ارتفاع تكاليفها السريع بمجرد تحريك أسعار الدولار مقابل الجنيه، ما يمتص الأثر الإيجابى الذى قد تحصده الصادرات.